سارة السهيل يكتب: تنمية الصناعات ... وعبور الأزمات

سارة السهيل يكتب: تنمية الصناعات ... وعبور الأزمات
سارة السهيل يكتب: تنمية الصناعات ... وعبور الأزمات

الحروب والإرهاب في منطقتنا العربية أديا إلى أزمات اقتصادية طاحنة، دفعت الحكومات الى اتخاذ اجراءات اقتصادية إصلاحية بغية الخروج من تلك الأزمات ، لكن الإجراءات في الغالب كانت على حساب الطبقات الفقيرة والوسطى كما هو الحال في تونس ومصر وليبيا والمغرب واليمن والعراق ولبنان والجزائر ، بينما صمدت سوريا

بدرجة ما طوال السنوات التسع المنصرمة ، التي شهدت حرب ضروس ودمار ، بفضل تحقيقها الاكتفاء الذاتي من الغذاء ودعمها لصناعتها الوطنية . فسوريا نجحت في انتاج صناعات نافست المنتج المستورد مثل المواد الغذائية والملابس والدواء ومواد البناء فضلا عن المشغولات اليدوية والحرفية ، بينما تراجعت الزراعة والصناعات الوطنية في كل من مصر والعراق وغيرهم من الدول العربية التي انتهجت الاستيراد لأغلب احتياجاتها أسلوباً ، دونما تنمية الزراعة ، وتوظيف المواد الخام التي تزخر بها لتحقيق المواد الخام اللالنهضة الصناعية الضرورية لاحتياجات الانسان المعاصر.   ان مصر المحروسة  تستورد 65 % من غذائها مما رفع اسعار السلع الغذائية بشكل جنوني عندما اتخذت الحكومة المصرية قرار تعويم الجنيه نزولا على رغبة صندوق النقد الدولي ، وحفاظا على احتياطات النقد الأجنبي من التآكل ، لجأت الحكومة الى قرارات حمائية منها حظر استيراد السلع الاستفزازية والكماليات واتجهت مؤخرا الى تنمية الصناعات الوطنية، وهو قرار ان جاء متأخرا فخير من ان لا يأت أبداً . ومعلوم ان مصر كانت رائدة في صناعة عديدة من الحديد والصلب الى مواد البناء ومن النسيج الى الدواء ، بينما اليوم تواجه نقصا في تلك المنتجات وأصبحت تستوردها ما ادى الى ارتفاع اسعارها ، بالإضافة لتأكل الاحتياطي من العملات الأجنبية . وكذلك انشغل العراق بالحروب العبثية عن تنمية انتاجه الغذائي والصناعي ، ما ادى الى زيادة معدلات البطالة وازدياد معدلات الفقر، رغم ما يتمتع به العراق من ثروات طبيعية هائلة من نفظ وغاز فضلا عن الأراضي الخصبة والأنهار والمواقع التاريخية الأثرية ما يجعله محط جذب لحركة السياحة العالمية.

فالحضارات المصرية والاشورية والبابلية القديمة استثمرت ما تجود به الارض الطيبة من مواد خام وابتكروا الاساليب العلمية في الزراعة، وابتكروا الصناعات التي تلائم احتياجات عصرهم فحققوا بذلك اعظم الحضارات  في العالم. ولأن " الحاجة هي أم الاختراع " فان الاجدر بكل من مصر والعراق ان يعملا جاهدين على تشجيع الصناعات المحلية وزيادة عدد المصانع التي تلبي احتياجات المواطنين بدلا من الاعتماد على الاستيراد من الخارج والذي قاد البلاد لهذه الازمات الاقتصادية الطاحنة وخلف الاف العاطلين عن العمل. 

ان البلدان العربية خاصة مصر والعراق غنيه بالغاز والبترول والذهب و التربة الخصبة ، فضلا عن الكم الكبير من العلماء المتخصصيين في المجالات الزراعية والصناعية والخبراء في ادارة الاعمال، مع وفرة الايدي العاملة الرخيصة. إن توافر الثروات الطبيعية  وحسن ادارتها واستثمارها في تحقيق نهضة صناعية قادرة علي المنافسة العالمية كفيل بأن يقضي علي الازمة الاقتصادية، بل ويحقق وفرة غذائية وصناعية تدعم استقرار البلاد أمنيا واقتصاديا وسياسيا، فضلا عن الحضور القوي لبلداننا في المحافل الدولية دون الخضوع للابتزازات الدولية، لاننا في هذه الحالة نكون قد ملكنا قوتنا، ومن يملك قوته يملك قراره وسيادته الكاملة على أرضه ويحقق نهضته وتطوره .