مدحت سيف يكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (78 - اقتراحات ولمسات وإتهامات)

مدحت سيف يكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (78 - اقتراحات ولمسات وإتهامات)
مدحت سيف يكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية  (78 - اقتراحات ولمسات وإتهامات)

عندما تكلمنا عن بعض الدروس من كورونا، أشرنا إلى أنه

1- كشف الشخصيات.

2- كشف ردود أفعال الدول.

3- أوضح مكانة العلم.

4- عمل على توحيد الشعوب.

5-أكد أن دوام الحال من المحال.

6- لا يفرق بين البشر.

7- إنه محنة ومنحة.

8-أهمية الجدية والالتزام.

9- لا للإعتماد على مصدر وحيد للدخل.

10-ضرورة التعامل بحكمة وروية.

11- الإحتياج للصلاة والطب معاً.

12-أهمية التناسب فى العدد، بين المستشفيات ودور العبادة.

وهنا أود أن اقدم للقارئ العزير نقاط رائعة كتبها بيل جيتس، لنستفيد جميعاً، وقد قال:

 

"أنا مؤمن بقوة بأنّ هناك سبباً روحياً وراء كلّ شيء يحدث، سواء كان جيداً أم سيئاً. وبينما أنا أتأمّل في هذا، أريد أن أشارككم ما أشعر أن فيروس كورونا/كوفيد 19 يفعله لنا حقاً"

واعتبر جيتس أنّ "كورونا" يذكرنا بأننا جميعاً متساوون، بصرف النظر عن ثقافاتنا أو أدياننا أو مهننا أو أوضاعنا المالية أو مدى شهرتنا. فهذا المرض يعاملنا جميعاً على قدم المساواة، وربما علينا أن نفعل ذلك أيضاً. وإذا كنتم لا تصدقون، فاسألوا توم هانكس.

كما يذكرنا "كورونا" بأننا جميعاً مترابطون، وأنّ ما يؤثر في شخص سيكون له التأثير الحتمي في شخص آخر، في حين أنّ الحدود الزائفة التي وضعناها، ليست لها قيمة تذكر، إذ إنّ هذا الفيروس لا يحتاج إلى جواز سفر.

 

هذا الفيروس يذكرنا أيضاً بالقمع، بأولئك الذين يقضون حياتهم كلها في الظلم والمعاناة. وهو يذكرنا أيضاً بمدى أهمية صحتنا وكيف أهملناها من خلال تناول المواد الغذائية المصنعة والماء الملوث بالمواد الكيميائية، بل أكثر من ذلك، فهو يذكرنا بقصر عمر الحياة، والأهم مساعدة بعضنا البعض، خصوصاً كبار السن أو المرضى. هدفنا ليس شراء لفّة مرحاض.

ويفتح هذا الفيروس عيوننا على مجتمعنا الذي صار مادياً إلى أقصى الحدود، وكيف أننا ندرك في أوقات الأزمات أهمية الضروريات التي نحتاجها، من غذاء وماء وطب، كي نبقى على قيد الحياة، بعكس الكماليات التي نعطيها قيمة في غير مكانها في بعض الأحيان، إضافة إلى تذكيرنا بأهمية عائلتنا وحياتنا في المنزل ومدى إهمالنا لها. إنه يجبرنا على العودة إلى منازلنا، حتّى نتمكّن من تعزيز وحدة أسرتنا وترابطها.

عملنا الحقيقي ليس عملنا، بل هذا ما نقوم به وليس ما خلقنا من أجل القيام به، وهذا ما يفتح "كورونا" عيوننا عليه، لنكتشف أنّ عملنا الحقيقي هو رعاية بعضنا البعض وحماية بعضنا البعض والاستفادة من بعضنا البعض. ويذكرنا بأنّ نحافظ على أنفسنا، وأنه بغض النظر عن مدى اعتقادنا بأننا عظماء أو كيف يعتقد الآخرون أننا رائعون، فإنّ لهذا الفيروس القدرة على اختراق عالمنا في الخيال، ودحض هذه الاعتقادات.

ويذكرنا "كورونا" أنّ قوّة الحرية في أيدينا. يمكننا اختيار التعاون ومساعدة بعضنا البعض والمشاركة والعطاء والمساعدة، ودعم بعضنا البعض أو يمكننا اختيار أن نكون أنانيين، ونحزن، ونعتني بأنفسنا فقط. في الواقع، إنها الصعوبات التي تبرز ألواننا الحقيقية.

كما يذكرنا أنه يمكننا التحلي بالصبر أو الذعر، وأنه إما أن نفهم أن هذا النوع من المواقف قد حدث مرات عديدة عبر التاريخ وسوف يمر، أو يمكننا أن نشعر بالذعر ونرى أنه نهاية العالم، ما يجعلنا نتسبب في أذى أكبر للآخرين.

ويمكن لـ"كورونا" أن يذكرنا أيضاً بأنّ هناك نهاية أو بداية جديدة، ويجعل وقتنا الحالي مهماً للتفكير والتمعّن في أخطائنا ومسارنا الذي نحن في صدده.

وهذه الأرض مريضة كما يذكرنا "كورونا"، إذ إننا بحاجة إلى النظر إلى سرعة انقراض الغابات بشكل عاجل، تماماً كما ننظر إلى السرعة التي تختفي بها لفائف المرحاض من الرفوف. نحن مرضى لأن بيتنا مريض.

يذكرنا "كورونا" أيضاً أنه بعد كلّ صعوبة، يأتي السهل حتماً، إنها دورة الحياة. وهذه مجرد مرحلة من هذه الدورة الرائعة. لسنا بحاجة للذعر. كل هذا سيمرّ ويمضي.

وفي حين أن الكثيرين يرون "كورونا" كارثة كبيرة، إلا أنني أفضّل رؤيته "مصححاً عظيماً، يتم إرساله لتذكيرنا بالدروس المهمة التي يبدو أننا نسيناها، والأمر متروك لنا، إن تعلمناها أم لا".

إلى هنا انتهت رسالة بيل جيتس، وعلى الجانب الآخركنت قد سألت على حسابى على الفيس بوك قائلاً: كيف يمكننا الاستفادة من هذه الفترة؟ وكانت الإقتراحات رائعة، أذكر منها:

  • يمكن الدراسة أون لاين.
  • قضاء وقت أطول وأفضل مع الأسرة.
  • بدء خطوات الحصول على شهادة مهنية أون لاين.
  • بدء التفكير فى إيجاد مصدر آخر للدخل.
  • إمكانية بدء مشروع توصيل بعض الطلبات والأدوية للمنازل.
  • إمكانية استكمال وتطوير مشروع ما داخل السكن...
  • إمكانية عمل اجتماعات اون لاين (باستخدام Zoom app)
  • بعض الأشخاص بدأوا محاولة الشغل على Amazon اون لاين.
  • أحد الأشخاص بدأ يتعلم لغة جديدة عليه (وسماها لغة الكرونا).
  • يمكن تحديد وقت معين للصلاة مع بعض كأسرة فى البيت.
  • فرصة لإستثمار المواهب وتنميتها. هذا عن الاقتراحات، أما عن اللمسات الجميلة:

 ففي نيويورك:

  • تم توفير ثلاث وجبات يومية لطلاب المدارس، فى أماكن متعددة، بالرغم من أن المدارس مغلقة.
  • وكذلك استعداد الجيش لتوصيل الطعام لمنزل من يحتاج إلى طعام مرتين اسبوعياً.
  • وهناك من يعملون طوال أيام الاسبوع للمساهمة فى التعامل مع هذه المحنة.
  • ومن لمسات الإعتراف بالجميل للعاملين فى المجال الطبى، انه فى المنطقة التى أسكن فيها، أجد كل يوم الساعة السابعة مساء، يخرج المواطنون أمام منازلهم مصفقين بأياديهم، وبصيحات وتهليل لمدة دقائق كعلامة تقدير وشكر وتشجيع للعاملين فى الجال الطبي.
  • وكتابة Thank you فى الأماكن العامة للتعبيرعن الاعتراف بالجميل فى المستشفيات.
  • وعلى Google، هناك تشجيع وشكر يومى لسائقى المواصلات العامة، وللعاملين في السوبر ماركت، وللعاملين في النظافة...

 

وجديراً بالذكر أن نعلم أن كثيرين يعملون كل يوم وفى أى وقت، بما فيها يوم العيد، لأن هؤلاء وضعوا على عاتقهم مساعدة الآخرين، سواء فى المجال الطبى، أو المجال الإدارى الذى يتولى استيراد المستلزمات والاجهزة الطبية من كافة الولايات ومن كافة الدول.

هذا عن لمسات الشكر، أما عن الاتهامات فكانت:

1- بين أمريكا والصين، وكل منهما تتهم الآخرى بأنها مصدر الفيروس.

2- اتهامات من كثيرين لأمريكا على انها تقتنص المستلزمات الطبية من السوق العالمى، واستشهدوا بحادثتين:

الأولى: بانه كان هناك صفقة مستلزمات طبية متجهة لفرنسا، وقامت امريكا بدفع ثلاثة أضعاف سعر هذه الصفقة وأخذتها لنفسها. أما عن الحادثة

الثانية: فتتعلق بشحنة كمامات كانت متوجهة من شركة أمريكية إلى المانيا وقد أوقف الرئيس ترامب تصدير هذه الشحنة.

وأعتقد انه من الأمانة واللياقة أن نعرف الحقيقة، ولا نقبل مجرد إتهامات من جهات وهيئات معروفة بإتجاهاتها العدائية لأمريكا.

ولكى نتفهم الوضع، علينا أن نفرق بين ما تقوم به الحكومة، وما يقوم به القطاع الخاص. وفيما يتعلق بحادثة توجيه صفقة المستلزمات الطبية من فرنسا إلى أمريكا، فقد قام القطاع الخاص بذلك كنوع من المنافسة وطلباً لمزيد من الربح، وليس له علاقة بالحكومة. وهذا ما اعترفت به فرنسا.

أما عن الحادثة الثانية، وهى توقيف صفقة مستلزمات طبية من شركة أمريكية إلى المانيا، فهذا وضع قانونى صحيح قام به الرئيس ترامب، فقانون (التصنيع من أجل الأغراض الدفاعية) والذى صدر عام 1950 يعطى الحق لرئس الدولة فى تحويل الصناعات المدنية الى إنتاج ما تريده الادارة الامريكية من أجل الأمن القومى، سواء أية اسلحة أو أية متطلبات. وما يواجهه الأمن القومى الأمريكى حالياً هو الإحتياج إلى المستلزمات الطبية، وهذا يتعلق بحياة الأمريكيين.

وبمجرد علم الرئيس بهذه الصفقة، أوقفها. ومنع كل الشركات الأمريكية التى تقوم بتصنيع المستلزمات الطبية من تصديرها خارج أمريكا. فما فعله هو تطبيق للقانون، وإن لم يفعل ذلك سيكون تحت اللوم وقد يتعرض للمحاكمة.

ومن الغريب أن العديد من الدول قد فعلت ذلك، ولم يوجه أحد اللوم والنقد لتلك الدول!

فعلى سبيل المثال:

ألمانيا صادرت شحنة مستلزمات كانت متوجهة من الصين إلى سلوفيكيا، إذ دفعت مالاً أكثر.

والغريب أن المانيا كانت تنتقد أمريكا!

3- نظرات إتهام لحامل المرض، وهذا أمر غريب، فمن يحمل المرض، أو من كان يحمله، لا يصح أن نعامله بطريقة خاصة محرجة، سواء بالنظرات أو الكلمات، أو تفادى إلقاء التحية والسلام، أو تغيير خط سيرك إذا تقاطع مع طريقه...، كما لو كان له يد فى المرض.

فالمرض يصل للجميع؛ لرئيس، ولرئيس وزراء، ولأطباء، و... فدعونا نسلك كبشر يشعرون بالبشر.

والأغرب من هذا أن يحاول البعض منع دفن طبيبة كانت تعالج المرضى من الفيروس، بحجة أن الفيروس يمكن أن ينتقل للقرية، وهذا غير صحيح.

4- نظرات التنمر لأصحاب الملامح الصينية، وكأن كل واحد منهم هو وباء، ويتم التعامل معهم بتهكم وعدم احترام ونحن بذلك نصدر للعالم صورة غير انسانية عن أنفسنا.

5- نظرة الخوف والشك للأطباء والممرضات، على أنهم قد يكونوا مصدر للعدوى! أخى الفاضل إن كنت انت خائف على نفسك منهم، فكان بالأولى أن يخافوا هم على أنفسهم من المرضى وبالتالى لا يعالجون أحداً.

6- بعض الحكومات تُتَّهم بأنها ترى الشفافية ضعفاً، والمعلومات حتى لو كانت حذرة تمثل تهديدا للأمن الوطني.

وأن مجرد الإشارة إلى العدد التقديري لحالات الإصابة بفيروس كورونا هى هجوم شخصي وليس أزمة صحية يصارع العالم كله لاحتوائها.

7- ومن الواضح أن بعض الأخطاء ارتكبت في التعامل الأولي مع الفيروس من آسيا إلى أوروبا، إلى الأمريكتين، فقد أُغفلت بعض الإشارات، وأُهدر بعض الوقت. وحُجبت معلومات، وجرى التقليل من أهمية بعضها والتلاعب في البعض الآخر. لقد اهتزت الثقة.

عزيزى القارئ، علينا أن ندعو وأن نتصرف بالالتزام وأخذ كافة الاحتياطات الآن، حتى نبطء وتيرة الوباء ونكسر سلسلة انتقاله، ونقضي عليه بشكل تام.

فلدينا قناعة مفادها أن اختلافاتنا الدينية والمجتمعية تتضاءل مقارنة بمعتقدنا الجمعي المتعلق بقوة الصلاة، وإيماننا بوجود الله، داعيين الله أن يرشد العلماء.

ولدروسنا بقية...