علي محمد الشرفاء يكتب: السلفيون.. احذروهم أينما ووقتما وُجِدوا

علي محمد الشرفاء يكتب: السلفيون.. احذروهم أينما ووقتما وُجِدوا
علي محمد الشرفاء يكتب: السلفيون.. احذروهم أينما ووقتما وُجِدوا

السلفيون يعيشون الماضى ويسقطونه على أرض الواقع والحاضر، ويعتبرون أن خلاص المسلمين وصلاحهم هو بالعودة للقرون الماضية وإحيائها، ليتخذوا سلوكياتهم منهجًا للحاضر، عقيدة وقولًا وعملًا، ولو درسوا التاريخ، واستعادوا الصراع والخلاف الذى نشب بين الصحابة بعد وفاة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وما تسببت فيه النزاعات من تقسيم المسلمين إلى فرق وطوائف تقاتل بعضها البعض.

بدءاً من موقعة الجمل، التى قتل فيها من كبار الصحابة طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وكانت أول فتنة فرقت المسلمين أشتاتا، فلم تمنعهم الآيات التى بلغهم إياها رسول الله، وهم فى حضرته يتلو عليهم آيات القرآن الكريم ويدعوهم إلى أمر الله لهم فى قوله سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).. " سورة آلـ عمران.. الآية 103 ".. ثم يحذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله سبحانه: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).. سورة الأنفال.. الآية 46 ".

فهل اتبع الصحابة أمر الله فى الاعتصام بكتابه وعدم إحداث التفرقة بينهم؟! وهل اتبع الصحابة الذين يجلهم السلفيون واستجابوا تحذير الله فى عدم التنازع بينهم؟!

كلا.. حيث توالت الفتن والحروب بين طوائف المسلمين، تهدمت الدور على ساكنيها، واغتصبت النساء، واستحلوا حقوق الناس، ونهبوا أموالهم، وقتلوا كبارهم، وسقط الآلاف من الصحابة والتابعين منذ حروب ما سمي بحروب الردة، وتلتها معركتا صفين والنهروان، وأعقبها قتل الإمام الحسين ، وحروب بني أمية، والعباسيين، وظلت الصراعات مستمرة بمختلف أشكالها حتى اليوم.

وما نراه يحدث فى سوريا من القتل والتشريد وتدمير المدن تحت شعار الإسلام والخلافة؛ إلا صورة مشمئزة ومكررة لما حدث فى صدر الإسلام من صراع وقتل ودماء سفكت، ونساء ترملت، وأطفال تيتمت وثروات نهبت، وشعائر للعبادات عطلت، فهل يريد السلفيون استعادة الجرائم التى حرمها الله فى كتابه الكريم، وتوعد المفسدين فى الأرض بالعذاب الأليم ليعيد السلفيون تلك الصور الكريهة والمخزية التى تشوه صورة الإسلام ورسالته، فى الدعوة للرحمة والعدل والتعاون والإحسان والسلم وعدم قتل النفس التى حرم الله والتكافل الاجتماعي وحرية الاعتقاد للناس.

فالله هو القيم على عباده، وهو الذى سيحاسبهم على أعمالهم يوم الحساب، ولم يكلف رسولًا ولا نبيا أن يكون وصيًا على خلقه، فالعبادة لله يحاسبهم عليها، والسلوكيات الاجتماعية وما تلحقه من أضرار للناس يحاسبهم عليه القانون وولي الأمر أو القضاء، ولذلك فالله أمر الناس جميعًا باتباع منهج واحد، وإمام واح.

فالمنهاج الإلهي فى قوله سبحانه وتعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ).. " سورة الاعراف.. الآية ٣ ".. وأما فيما يتعلق بإمام المسلمين ورسول الله إليهم فيقول سبحانه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ).. سورة الأعراف.. الآية 158 " .

ذلك هو محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام، جاء رحمة للناس وهاديا ومبشرا ونذيرًا، ذلك هو المنهاج الإلهي الذى سيحاسب الله عليه الناس يوم الحساب، رسالته سبحانه تضمنتها آياته فى كتاب مبين، يهدى الناس للطريق المستقيم، كما أمر رسوله بقوله سبحانه: ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44).. " سورة الزخرف ".

فلا تسامح مع من اتبع أحدا من خلقه، وأضله عن السبيل، حينها يقول لهم الله سبحانه: ( وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ).. " سورة البقرة .. الآية 48 ".. كما يحذر الله سبحانه الذين يتبعون عباده وينسون كتابه، وما فيه من هدي ورحمة، وما يدعو إليه من خير وصلاح للناس، ويحذرهم بما حل لبعض الأمم الذين ظلموا ولم يتبعوا كلماته وعظاته، ولم يلتزموا بتشريعاته من العقاب والعذاب.

لكل ما سبق وغيره، لا مفر أمامنا من اتباع كتاب الله عز وجل؛ دون اتباع ما يُصر عليه السلفيون لبشر مثلهم أضاعوا الأمان وحل - بسبب صراعاتهم مع بعضهم البعض - الخراب والدمار، وسالت الدماء فى القفار، وتمزق المسلمون، وشجعوا بذلك أعداءهم ليتسلطوا على أوطانهم، وينهبوا ثرواتهم، ويستعبدوا فكرهم وأجسادهم ، وهنا نطرح السؤال التالي: هل ذلك ما يريده السلفيون؟؟!!.. بمعني أوضح: هلى يرفضون الاستجابة إلى دعوة الله للناس أجمعين فى قوله سبحانه: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ).. سورة الأعراف.. الآية 3 ".

 

 

بقلم المفكر والكاتب الإماراتي - علي محمد الشرفاء