مدحت سيف يكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (لا تتكلم بكل ما تعرف44)

مدحت سيف يكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (لا تتكلم بكل ما تعرف44)
مدحت سيف يكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (لا تتكلم بكل ما تعرف44)

 

يحكى أنّ ثلاثة أشخاص حكم عليهم بالإعدام بالمقصلة، وهم: عالم دين- محامى- فيزيائى.
وعند لحظة الإعدام تقدّم ( عالم الدين ) ووضعوا رأسه تحت المقصلة، وسألوه: هل هناك كلمة أخيرة توّد قولها ؟
فقال (عالم الدين): الله، الله هو من سينقذنى وعند ذلك أنزلوا المقصلة، فنزلت المقصلة وعندما وصلت لرأس عالم الدين توقفت.

فتعجّب النّاس، وقالوا: أطلقوا سراح عالم الدين فقد قال كلمة الله. ونجا عالم الدين .
وجاء دور المحامى إلى المقصلة، فسألوه: هل هناك كلمة أخيرة تودّ قولها ؟فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولكن أعرف أكثر عن العدالة. العدالة هى من سينقذنى.ونزلت المقصلة على رأس المحامى، وعندما وصلت لرأسه توقفت.
فتعجّب النّاس، وقالوا: أطلقوا سراح المحامى، فقد قالت العدالة كلمتها، ونجا المحامى.
وأخيرا جاء دور الفيزيائى، فسألوه: هل هناك كلمة أخيرة تودّ قولها ؟فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولا أعرف العدالة كالمحامى، ولكنّى أعرف أنّ هناك عقدة فى حبل المقصلة تمنع المقصلة من النزول.

فنظروا للمقصلة ووجدوا فعلا عقدة تمنع المقصلة من النزول،
أصلحوا العقدة وانزلوا المقصلة على رأس الفيزيائى وتم قطع رأسه .

عزيزى القارئ، أتصور أن الرسالة واضحة وهى:

 

 عزيزى لا تتكلم بكل ما تعرفه.

 لماذا؟ لأنه ربما

  1.  ما ستقوله قد يستخدم ضدك.

ولعل هذه هى الطريقة التى يتعامل بها بعض الأبناء مع الأباء،فأحيانأً الأباء يلتقطوا الكلمات من فم أبناءهم، ثم ينتقدون أبناءهم بعد ذلك، ومع التكرار يفهم الإبن أوالإبنة السيناريو، فيبتدئ يخفى الحقيقة أو جزء منها، ليتفادى توجيه العتاب واللوم له.

أو أن تكون إجابات الإبن أو الإبنة مقتضبة للغاية؛ كأن يقول: كله تمام، والأُمور على خير ما يكون، وعبارات مشابهة، كل هذا ليحمى نفسه من العتاب أو اللوم.

لذا دعونا نُشعِر الأبناء بالسلام والطمانينة حينما يقولون لنا أى تفاصيل. ويمكننا أن نضع معهم مبدأ:

لا عقاب على ما تقوله لى، تقديراً لشجاعتك الشخصية، ولثقتك فىَّ، ولنفكر فى الحلول معاً.

فهذا سيحمى الأبناء من امور كثيرة، فعلى سبيل المثال قد يتعرض الإبن أو الإبنة لنوع من Bullying ( التهديد أو التحرش) فى المدرسة، ولا يستطيع التحدث مع اسرته، ربما لأنه لا يوجد من يسمعه، أو لأنه يعرف مسبقاً إنه سيتعرض للوم والإنتقاد، مما يدفعه لمحاولة الاستمرار فى الكتمان المستمر، إلى أن تأتى لحظة لا يستطيع فيها تحمل المزيد...، مما قد يدفعه إلى الإنتحار، نعم إلى الإنتحار، وقد قرأنا كثيراَ عن هذه النماذج.

ولعل الأفلام والمسلسلات الأمريكية قد عرضت العديد من هذه النماذج.

فرجاءً، أيها الأباء والأمهات، إمنحوا الوقت الكافى لأبنائكم، لتصغوا إليهم بعناية وتركيز. وإن جاؤا إليكم معترفين بأمور إرتكبوها، فعلِّموهم وإرشدوهم دون أن تكسروهم، وإلا لن يتحدثوا إليكم ثانية...

وعودة إلى عالم الدين والمحامى والفيزيائى، فنؤكد على أهمية أن

عزيزىلا تتكلم بكل ما تعرفه. لأنه قد

  1. يفتح عليك أبواباً قد لا تستطيع غلقها، وموضوعات قد تمس حياتك الشخصية وحياة الآخرين ويبقى أثرها الغير إيجابى لسنوات ولأجيال...
  2.  
  3. يكشف جانباً كبيراً من شخصيتك.

فهل أنت من ذلك الطراز الذى يسيطرعلى الحديث ولا يسمح لأحد بالمشاركة؟

أم أنت من ذلك الطراز الناضج الذى يساعد الآخرين فى التعبير عن أرائهم؟

وأيضا هل أنت من ذلك الطراز الذى يتحدث مع أحد الأشخاص عن شخص آخر غير متواجد معكما بشكل غير إيجابى، و يحمل فى طياته إدانة للآخر؟

وهنا اسمح لى عزيزى القارئ أن أقول: إنك بذلك تؤكد للشخص الذى تتحدث معه أنك غير أهل للثقة، لأنه سيدرك أنه كما تتحدث معه بشكل غير إيجابى عن شخص آخر، هكذا سوف تتحدث عنه مع شخص آخر!

عزيزىلا تتكلم بكل ما تعرفه. لأنه قد

  1. يُحرِج الآخرين.

فى إحدى سنوات الدراسة الجامعية، وكنت جالساً بجانب طالب عبقرى اسمه (أمير موريس)، وما أن بدأ استاذ المادة بمناقشة وحل إحدى المسائل الهندسية، وإذ بذلك الطالب العبقرى يقول بصوت خافت جداً، يكاد يكون يتحدث مع نفسه، ولكننى سمعته لجلوسى بجواره، وقد قال:(مش هتنفع المعادلة بالطريقة ديه)، استمر استاذ المادة فى حل المسألة والطلبة متفاعلة معه، إلى أن إقتربنا من نهاية الحل لنكتشف بعد فترة كبيرة من بدء المحاضرة، أن هناك شيئاً غير صحيح، وبالمراجعة تم معرفة أن (الخطأ الهندسى) كان فى المعادلة التى أشار إليها (أمير) فى بداية المحاضرة.

وبعد المحاضرة سألته: لماذا لم تشير للخطأ الهندسى فى حينه، فأجاب:

أنا فضَّلت إن استاذ المادة يكتشف الخطأ الهندسى بنفسه، فهذا أفضل، حفاظاً على الصورة العامة.

 

أين نحن من هذا الفكر الأميرى؟!

فأحيانأً قد نتصيد الأخطاء للآخرين، ونشير إليها أمام الجميع لنعلن عن وجودنا، ومدى ثقافتنا...

والعجيب أنه:

  • كثيراً ما يبدأ أصحاب الأفكار الصغيرة بمهاجمة أصحاب الأفكار العظيمة!وهكذا
  • من الأفضل أن تبقى فمك مقفلا أحيانا، حتى وإن كنت تعرف الحقيقة .

 

عزيزىلا تتكلم بكل ما تعرفه. لأنه قد

  1. تكون فريسة لكل من يقترب منك.

تصور معى عزيزى القارئ أنك تحكى كل شئ لكل شخص، وكأنك كتاب مفتوح للجميع، حينها ربما تكون يوماً ما فريسة لكل من أراد أن يلتهمك، بل

  • كن حريصاً فيما تقوله ولمَن تقوله.
  • من الذكاء الا تكون ذكياً في بعض المواقف.وكما يُقال
  • ثق فى جارك وإغلق بابك.ودعنىأوصيك عزيزى القارئ أن
  • لا تغضب إذا انفجر البالون فى وجهك، فربما أنت من نفخته وأعطيته أكثر من حجمه.

 

متذكراً معك عزيزى القارئ:

بعض القيم، والنقاط الحياتية التى توصلنا لها من خلال التسع والثلاثون قصة السابقة ومنها:

  1. من يخشى صعود الجبال، يعيش حياته بين الحفر.
  2. هناك مَنْ يصطاد بالصنارة،وهناك مَنْ يصطاد بالشبكة.
  3. لنضع أنفسنا مكان الآخرين ولا نحكم عليهم،فربما لو كنا مكانهم لفعلنا مثلهم.
  4. إذا جعلت نفسك دودة، فلا تلُم الآخرين إن داسوا عليك بأقدامهم.
  5. ليس كل ما يُعرف يُقال، فبعض الكلمات قد تفتح علينا وعلى الآخرين أبواباً قد لا يمكن غلقها.
  6. آن الآوان لنرى أنفسنا بشكل أفضل، ونستثمر إمكانياتنا لتطوير أنفسنا فنعيش الحياة التى نرجوها ونستحقها.
  7. الناس كالسلحفاة إن أردتهم أن ينزلوا عند رأيك فأدفئهم بعطفك، ولا تجبرهم على فعل ما تريد بعصاك.

8.    لا تفترض أنالطرف الآخر سيفهم قصدك، ويرى الأمور كما تراها أنت.  

9.    إعرف طبيعة من تتعامل معه، فهناك من يكفيه نظرة ليعرف أنه أخطأ، وهناك من يحتاج إلى قدر من المواجهة الحكيمة ليعرف مكانه ومكانته.

10.  كن متجدداً، تجنب تكرار ما فعله غيرك وأبدع جديدا لحياتك على الدوام ولا تكن نسخة من شخص آخر، فأنت شخص فريد فى قدراتك وليس لك نظير.

  1. كن أنت التغيير الذى تريد إحداثه فى الآخرين.

12.        عندما تنظر إلى الماضى تعلم منه، وعندما تنظر إلى المستقبل تطلع إليه.

13.  إذا أردت أن تحلق مع النسور،فلا تقضى وقتك مع الدجاج.

14.  إن لم تكن ناضجاً لقبول النقد، فلستَ ناضجاً بعد لقبول المدح.

  1. غالباً ما يكون النجاح حليف أولئك الذين يعملون بجرأة، ونادراً ما يكون حليف أولئك المترددين الذين يهابون المواقف.

16.  عندما تواجه التحديات، كن صلباً لا رخواً.

17.  اعمل من الحجارة التى تواجهك، سلماً للإرتفاع.

  1. النجاح يتطلب منك أن تمشى فى الإتجاه الصحيح حتى لو كان بسرعة السلحفاه.
  2.  لا تظن أن رأيك هو الرأى الصحيح، أو هو الرأى الصحيح الوحيد.

20.  كل حدث تتعرض له، تعلم منه، وخذ أفضل ما فيه، ولا تتباكى بل إمض بقوة.

21.  التحديات التى تواجهها، إما تعطيك دفعة وقوة للأمام أو تتركك جريحاً متقهقراً، وكلاهما من إختيارك.

22.  عليك أن تدفع مقدماً (إعداد وجهد ووقت...) ثمن ما تريد الحصول عليه.

  1. يمكنك بالإرادة القوية أن تعوض ما ضاع، بل تحقق أكثر منه، لأنك الآن أصبحت أكثر خبرة من الماضى.

24.  تظهر شجاعتك عندما تكون أنت من الأقلية.

25.  ما لا يؤخذ كله لا يُترك كله وافعل ما تستطيع فعله الآن.

  1. منع شخص من السقوط هو أفضل من مساعدته بعد السقوط.

27.  أنت حيث تضع نفسك.

28.  وراء كل تحدى (مشكلة)، فرصة عظيمة.

29.     سلوك الشخص الناضج السوى لا يتوقف على سلوك الآخرين، إنما له مبادئه ومعاييره الخاصة.

30.  الإختلاف فى حد ذاته يوسع مجال رؤيتنا للأحداث، وفهمنا للأشخاص.

31.   معلومة بسيطة قد تنقذ حياتك وحياة الآخرين.

32.  لنحيا ونحن على يقين من أن كل الأشياء تعمل معاً للخير.

33.  الحياة تتعامل معك على أساس الإستحقاق وليس على أساس الإحتياج.

34.  إسأل قبل أن تُقدم على أية خطوة جديدة.

  1. أفضل استعداد للغد، هو أن تبذل قصارى جهدك اليوم.
  2. ليس بالضرورة أن تكون عظيماً لكى تبدأ، بل إبدأ لكى تكون عظيماً.
  3. اليد التى تنهضك عند تعثرك، أصدق من ألف يد تصافحك عند الوصول.
  4. النجاح الحقيقى هو أن يكون كل من يتعامل معك ناجحاً مثلك. 
  5. كل ما تستطيع تصوره، يمكنك تحقيقه.
  6. كل مجهود تبذله، ستستفيد منه يوماً ما، وبشكل ما.
  7. وعندما تمنح الآخر، سواء كنتَ تعرفه أو لا تعرفه، من خبرتك وأفكارك، فأنت إنسان رائع...
  8. كلما إزداد الشخص نضجاً، كلما بدأ يتحدث فيما يُعْنى ويهم الآخرين.
  9. علينا أن نشجع ونكافئ أنفسنا غير منتظرين مكافأة من أحد.


تاركين لك عزيزى القارئ، ولتأملاتك الشخصية، ولثرائك الفكرى، وخبرتك الخاصة، إستنتاج العديد من الدروس المثمرة من كل قصة بل وإضافة الكثير إليها، ليصبح لكل قصة، على حدة، معنى عام، ومعانى خاصة تتوقف على مدى ثقافة القارئ العزيز...

     ولدروسنا من التنمية البشرية بقية...