د. بهي الدين مرسى: دعوة للحوار حول فقه «الأغلبية»

د. بهي الدين مرسى: دعوة للحوار حول فقه «الأغلبية»
د. بهي الدين مرسى: دعوة للحوار حول فقه «الأغلبية»

 

من ملامح العار أن بعض المتعلمين وأرباع الفاهمين يظنون أن لفظ "الاغلبية" مرادف للتفوق العددي بين فصيلين او اكثر.

أدى الفهم الخاطئ لهذا المصطلح الى تغول واستقواء الفئة المميزة عدديا مما تسبب في الظلم المجتمعى وافتراس حقوق الأقليات.

بداية، دعوني اوضح ان الأغلبية لفظا (وعكسها الأقلية) تشير الى التفوق العددي، اما اصطلاحا فقد ذهب البعض بالمصطلح إلى دائرة النفوذ والتسلط والفوز ترجيحا لمطلب "الاغلبية" مقابل "الاقلية".

الأغلبية العددية لا تمنح تفوقا امام الاقلية العددية، ومن ثم لا يجب ان تتمتع بمزايا اكبر او بنفوذ او صلاحيات إختيار يحرم منها في المقابل فريق الأقلية.

لفظ الاغلبية في التصنيف الحقوقي يعنى اتاحة مساحة اوسع للأغلبية للتمتع بالاختيارات، ولكنه لا ينفي ابدا او يتجاهل مساحة تناسب الاقلية، وتعال لنأخذ بعض الامثلة:

1-  يمثل الأصحاء من البشر اغلبية امام القلة التي تستخدم كرسي الاعاقة، ومع ذلك لدي تصميم الارصفة وارتفاعاتها وتصميم بوابات الدخول للمرافق العامة، لا بد من تحديد مسار للكرسي المتحرك حتى وان تضاءل عدد مستخدمي كرسي الاعاقة.

2- في المطاعم هناك كرسي مرتفع مخصص للطفل بحزام حافظ يتيح للأم التمتع بالوجبة (Baby seat) بينما يجاورها الطفل ويحظى برعايتها هو الاخر دون تعطيل ليديها اثناء تناول الطعام. بالرغم من قلة هذا الاحتمال، لا بد من تخصيص وإتاحة هذا المقعد.

يتبنى الفهم الراشد لمعنى الأغلبية إتاحة المساحة الأوسع دوم المساس بمتطلبات الأقلية.

التصويت الاستفتائي في البرلمان هو نوع من الافتراس الحقوقي للبشر، فهو لا يمثل سوى الاستجابة لرغبة "العدد الاكبر" دون التمييز بين صواب الاختيار و سوء الفهم، رأينا في برلمان السلفيين والاخوان في اوج كثرتهم كيف ان التصويت العددى يفوز وهو خال تماما من المنطق.

وجود شخص واحد مريض بالصرع مع اسرة من خمسة اشخاص يتفوق عليهم حقوقيا في ضرورة وضع قيود تؤمن حياته.

وجود مريض بضغط الدم المرتفع وسط عائلة من الأصحاء يمنحه الحق في طهى الوجبة بدون ملح، وعلى كل متذوق ان يضيف الملح لاحقا.

انظر لتخصيص عربتان في مترو الانفاق للسيدات مقابل اثني عشر عربة للرجال والخليط وفق فقه الاغلبية.

في شوارع لندن، يمكنك تجميد حركة الحياة من حولك بالضغط على ذر تبديل اشارة السير لتقطع الطريق على مهل عندما يعوزك الهمة او سرعة الحركة.

لا وافق على فكرة "الكوتة" الفئوية، اذ لا يصح اتاحة الحقوق وفق الاعداد، فالحق منزه عن أعداد المطالبين به.

 

 

د. بهي الدين مرسي