مدحت سيف يكتب: دروس حياتية في التنمية البشرية (اقطع الحبل لكى تنجو)

مدحت سيف يكتب: دروس حياتية في التنمية البشرية (اقطع الحبل لكى تنجو)
مدحت سيف يكتب: دروس حياتية في التنمية البشرية (اقطع الحبل لكى تنجو)

 

في إحدى الأيام أراد أحد متسلقى الجبال الصعود إلى قمة جبل لم يسبقه إليه أحد، و قد بدأ محاولته وحيداً لأنه أراد أن يحقق مجداً لا يشاركه فيه أحد.
وبعد شهور من الإعداد والتدريب وفى ليلة مظلمة شرع فى تسلق الجبل الشاهق رغم احتجاب القمر وانعدام الرؤية. 
و بعد كفاح وحين بدت القمة قريبة، زلت قدماه وراح يسقط إلى الأسفل بسرعة رهيبة، وكانت لحظات لا يمكن وصفها، تراءى له فيها الموت،و أدرك أن الحياة أهم من القمة والشهرة والمجد.
وفجأة، تعلق الحبل المشدود على وسطه فى وتد ضخم كان قد غرسه فى قمة إحدى الصخور وعندما وجد نفسه معلقاً بين السماء والأرض، صرخ طالباً النجدة وفى هذه اللحظة المشحونة بالرعدة والرغبة فى الحياة، سمع صوتاً من بعيد يناديه قائلاً:


    اقطع الحبل لكى تنجو. 

لكنه لم يستجب لهذا الصوت، بل بالغ فى شد الحبل حول وسطه خوفاً من السقوط، وعندما وصل فريق الإنقاذ فى اليوم التالى وجدوا الرجل معلقاً وقد تجمد فى مكانه وهو على بعد متر واحد من الأرض! 
عزيزى القارئ، لقد أعجبنى فى هذا المتسابق المتسلق للجبال نقاط كثيرة، منها:
•    أراد أن يحقق إنجازاً جديدا لم يسبقه إليه أحد، وهذا نوع رائع من الطموحوالرؤية الواضحة.
•    استعد فترة طويلة للهدف الذى يرجو تحقيقه، وهذا من متطلبات النجاح.
•    الوتد الذى سبق وغرسه، هو الذى تعلق به اثناء سقوطه. نعم، فلقد تعلمنا أن 
    الذى يزرعه الإنسان إياه يحصد. فـ
    كل مجهود تبذله، ستستفيد منه يوماً ما، وبشكل ما...
•    طلب المساعدة حين إحتاج لها، لم يمنعه خجله من طلب المعونة وقت إحتياجه لها. ففى أحيانٍ كثيرة يمنعنا خجلنا من طلب المساعدة، ربما لكى نوصِّل  للآخرين رسالة مفادها: نحن مكتفين بأنفسنا ولسنا فى إحتياج لأحد (وهى رسالة غير صحيحة)، أو ربما لا نريد من أحد مجاملة قد تمثل علينا عبئاً لا نستطيع ردهثانية...
وأيضاً، ليس حسناً أن نطلب مساعدة الآخرين فى كل شئ، فهذا نوعاً من إستغلال الآخرين، وعلى سبيل المثال: لا أطلب مساعدة مالية من أحد فى حين اننى أملك بعض المال...كذلك لا أطلب من أحد أن يؤدى لى بعض الأعمال فى حين اننى قادر على إتمامها... كذلك لا استخدم أدوات الآخرين فى حين اننى أملك أدواتى الخاصة...          
إذاً علينا أن نطلب المساعدة فيما لا نستطيع القيام به أو فيما لا نملكه... وهكذا يكون للمساعدة قيمة.
وأعجبنى أنه أدرك أن الحياة أهم من القمة والشهرة والمجد.
فكثيراً ما نهتم بأن نكون على القمة، أو المجد، ولا نرى إلا أنفسنا، وكأننا نملك كل شئ، إلى أن يحدث شيئاً ما لنا أو لأحباء لنا، وعندها تتزلزل الأرض من تحت اقدامنا، فيا ليتنامن الآن
•    نبدأ فى إعادة ترتيب أولوياتنا، فـ
    نعطى الإهتمام لمن يحتاج الإهتمام،و
    نعطى الوقت الفعَّال لمن يحتاج الوقت الفعَّال،و
    نعطى المشاعر النبيلة لمن هم فى أشد الحاجة لها،و
    نعطى المساندة والمشاركة لمن يحتاج المساندة والمشاركة...
قبل أن تزل أقدامنا بإحدى مفاجآت الحياة، وعندها قد لا يكون هناك فرصة لكى ندرك أن
•    الحياة أهم من القمة والشهرة والمجد والمال.
وعلى الجانب الآخر،
•     فربما إختيار المتسابق لليلة مُحتَجَب فيها القمر، قد يكون إختيار جانبه الصواب، لأنه حسناً جداً أن نستخدم ما هو متاح لنا من إمكانيات طبيعية ومادية...أو ربما أراد أن يضيف تحدياً جديداً لنفسه، فيكون إنجازه أكبر... 
•    وكون ان المتسابق "زلت قدماه"، فهذا يعطى فكرة أنه مهما كان الإستعداد رائعاً، فعلينا أن نحترس وننتبه جداً، فالتعثُّر وارد حدوثه فى أية مرحلة...
•     وأخطر ما فى هذه القصة، أنه سمع عبارة:
اقطع الحبل لكى تنجو، ولكنه لم يستجب لهذا الصوت، 
    فيا ليته كانت له الأُذن المدربة على سماع الإرشاد الصحيح والنصيحة المخلصة!
والأكثر من ذلك فهوبالغ فى شد الحبل حول وسطه خوفاً من السقوط.
وهنا سقطت حياته سقوطاً عظيماً...
عزيزى القارئ، هل ما حدث مع المتسابق المتسلق للجبال يذكِّرك بأحداث مشابهة حدثت لك فى حياتك؟!
هل لك عزيزى القارئ الأُذن المدربة على سماع النصائح المخلصة، أم تبالغ فى تنفيذ ما تريد دون الإهتمام بأراء ونصائح الآخرين؟
إن فعلت هذا، فأنت تشد الحبل حول وسطك كالمتسابق المتسلق للجبال!
عزيزى القارئ:
    عندما تعتقد أن رأيك هو الرأى الصحيح الوحيد، فأنت تشد الحبل حول وسطك!
    وعندما تنسب كل الإنجازات لنفسك دون الآخرين، فأنت تشد الحبل حول وسطك!
    وعندما تحاولإلغاء الآخرين لتكون أنت الوحيد فى الصورة، فأنت تشد الحبل حول وسطك!

    وعندما تحاول التقليل من شأن الآخرين فى أثناء تواجدهم (أوعدم تواجدهم)، فأنت تشد الحبل حول وسطك!
     وعندما تُعقِّب على الآخرين وتعطيهم النصيحة بطريقة غير صحيحة،فأنت تشد الحبل حول وسطك!
    وعندما تبنى مجدك على أنقاض الآخرين، فأنت تشد الحبل حول وسطك!
وأوصيك عزيزى القارئ، أن تملك الشجاعة الكافية، لـ
    تقطع كل الحبال التى لا تساعد على بقاء حياتك فى تقدُّم وإنجاز...فـ
•     منْ لا يتقدَّم يتأخر...لذا
•     حسناً جداً أن تقضى وقتاً قليلاً مع الشخص المناسب الذى يدفعك للأمام، من أن تقضى وقتاً طويلاً مع الشخص الغير مناسب الذى يمنعك من التقدم ويدفعك للتقهقر بقوة... 
من فضلك إقطع حبل العلاقة معه لكى تنجو. 
عزيزى القارئ، ليتنا نتأمل معاً فى أن المتسابق دفع حياته ثمناً، لأنه لم يستمع للنصيحة المخلصة.


متذكراً معك عزيزى القارئ:
بعض القيم، والنقاط الحياتية التى توصلنا لها من خلال التسع والثلاثون قصة السابقة ومنها:
1.    من يخشى صعود الجبال، يعيش حياته بين الحفر. 
2.    هناك مَنْ يصطاد بالصنارة،وهناك مَنْ يصطاد بالشبكة.
3.    لنضع أنفسنا مكان الآخرين ولا نحكم عليهم،فربما لو كنا مكانهم لفعلنا مثلهم.
4.    إذا جعلت نفسك دودة، فلا تلُم الآخرين إن داسوا عليك بأقدامهم.
5.    ليس كل ما يُعرف يُقال، فبعض الكلمات قد تفتح علينا وعلى الآخرين أبواباً قد لا يمكن غلقها.
6.    آن الآوان لنرى أنفسنا بشكل أفضل، ونستثمر إمكانياتنا لتطوير أنفسنا فنعيش الحياة التى نرجوها ونستحقها.
7.    الناس كالسلحفاة إن أردتهم أن ينزلواعند رأيك فأدفئهم بعطفك، ولا تجبرهم على فعل ما تريد بعصاك.
8.    لا تفترض أنالطرف الآخر سيفهم قصدك، ويرى الأمور كما تراها أنت. 
9.    إعرف طبيعة من تتعامل معه، فهناك من يكفيه نظرة ليعرف أنه أخطأ، وهناك من يحتاج إلى قدر من المواجهة الحكيمة ليعرف مكانه ومكانته.
10.    كن متجدداً،تجنب تكرار ما فعله غيرك وأبدع جديدا لحياتك على الدوام ولا تكن نسخة من شخص آخر، فأنت شخص فريد فى قدراتك وليس لك نظير.
11.    كن أنت التغيير الذى تريد إحداثه فى الآخرين.
12.    عندما تنظر إلى الماضى تعلم منه، وعندما تنظر إلى المستقبل تطلع إليه.
13.    إذا أردت أن تحلق مع النسور،فلا تقضى وقتك مع الدجاج.
14.    إن لم تكن ناضجاً لقبول النقد، فلستَ ناضجاً بعد لقبول المدح.
15.    غالباً ما يكون النجاح حليف أولئك الذين يعملون بجرأة،ونادراًما يكون حليف أولئك المترددين الذين يهابون المواقف.
16.    عندما تواجه التحديات، كن صلباً لا رخواً.
17.    اعمل من الحجارة التى تواجهك، سلماً للإرتفاع.
18.    النجاح يتطلب منك أن تمشى فى الإتجاه الصحيح حتى لو كان بسرعة السلحفاه. 
19.     لا تظن أن رأيك هو الرأى الصحيح، أو هو الرأى الصحيح الوحيد.
20.    كل حدث تتعرض له، تعلم منه، وخذ أفضل ما فيه، ولا تتباكى بل إمض بقوة.
21.    التحديات التى تواجهها، إما تعطيك دفعة وقوة للأمام أو تتركك جريحاً متقهقراً، وكلاهما من إختيارك.
22.    عليك أن تدفع مقدماً ثمن ما تريد الحصول عليه (إعداد وجهد ووقت...).
23.    يمكنك بالإرادة القوية أن تعوض ما ضاع، بل تحقق أكثر منه، لأنك الآن أصبحت أكثر خبرة من الماضى. 
24.    تظهر شجاعتك عندما تكون أنت من الأقلية.
25.    ما لا يؤخذ كله لا يُترك كله وافعل ما تستطيع فعله الآن.
26.    منع شخص من السقوط هو أفضل من مساعدته بعد السقوط.
27.    أنت حيث تضع نفسك.
28.    وراء كل تحدى (مشكلة)، فرصة عظيمة.
29.    سلوك الشخص الناضج السوى لا يتوقف على سلوك الآخرين، إنما له مبادئه ومعاييره الخاصة.
30.    الإختلاف فى حد ذاته يوسع مجال رؤيتنا للأحداث، وفهمنا للأشخاص.
31.     معلومة بسيطة قد تنقذ حياتك وحياة الآخرين.
32.    لنحيا ونحن على يقين من أن كل الأشياء تعمل معاً للخير.
33.    الحياة تتعامل معك على أساس الإستحقاق وليس على أساس الإحتياج.
34.    إسأل قبل أن تُقدم على أية خطوة جديدة.
35.    أفضل استعداد للغد، هو أن تبذل قصارى جهدك اليوم.
36.    ليس بالضرورة أن تكون عظيماً لكى تبدأ، بل إبدأ لكى تكون عظيماً. 
37.    اليد التى تنهضك عند تعثرك، أصدق من ألف يد تصافحك عند الوصول. 
38.    النجاح الحقيقى هو أن يكون كل من يتعامل معك ناجحاً مثلك. 
39.    كل ما تستطيع تصوره، يمكنك تحقيقه.

تاركين لك عزيزى القارئ، ولتأملاتك الشخصية، ولثرائك الفكرى، وخبرتك الخاصة، إستنتاج العديد من الدروس المثمرة من كل قصة بل وإضافة الكثير إليها، ليصبح لكل قصة، على حدة، معنى عام، ومعانى خاصة تتوقف على مدى ثقافة القارئ العزيز... 
     ولدروسنا من التنمية البشرية بقية...