إدوارد فيلبس جرجس يكتب : تَأمُلات في وجه السماء

إدوارد فيلبس جرجس يكتب : تَأمُلات في وجه السماء
إدوارد فيلبس جرجس يكتب : تَأمُلات في وجه السماء
 
 
 
شاهدت حوارا مع شخص لا يؤمن بوجود الله ، فجرى قلمي بهذه الكلمات ، لأقول له إن لم نؤمن بوجود الله فالبشر جميعا سلالة قرود !!!!!! .
من هو الله ؟! ، قد يبدو سؤالا ساذجا ! أوغبيا ! ، هو بالفعل كذلك لو فُهم بمعناه الحرفي ، لكنه مجرد تساؤل ليس الغرض منه سوى التعظيم لمن نؤمن به ولكى يعرف من لا يؤمن به ! ، أنه في ذاته غير المدركة للحقيقة الساطعة كشمس الظهيرة لا يعدو إنسانا ولد ورؤياه متجهة إلى الأرض ، لم ترتفع مرة واحدة نحو السماء ليسأل عن الساكن فيها وكيف صنعها مرفوعة دون أساسات كأساسات البشر التي مهما قويت يمكن أن تهوي في أي وقت وبدون أسباب !! الله ليس له تعريف محدد أو بداية أو نهاية فهو الأزلي الأبدي ، ليس له وصف محدد ، لم يره أحد ولا نعرف عن هذه الناحية سوى ما جاء في " سفر التكوين ص2 ع 26 " عندما خلق آدم وقال نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا  ، عدا ذلك فلا أحد يعلم شيئا  فهو القائل لموسى النبي عندما طلب أن يريه مجده " سفر خروج " ص 33 ع 20 " لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش  . الله قوة هائلة غير محدودة عقليا أو فكريا ، قوة هائلة لها قدرة غير محدودة ، الحديث عن وجود الله أو عدم وجوده يعتبر حديثاً ساذجاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، الله يُعرف بالإيمان والفكر والقلب ، بسطاء الفهم الذين عاشوا ويعيش بعضهم حتى الآن في البرية أو الخلاء فهموا معنى كلمة " الله " أكثر من أي إنسان متعلم أو حتى دارس للعلوم اللاهوتية ، هذه الخلوة أعطتهم القوة لكي ينظروا ويفكروا ويصلوا إلى نتيجة لكل ما حولهم من أدنى الأشياء إلى أكبرها ومن أصغر المخلوقات حتى الإنسان ومن الأرضيات إلى السماويات ، يمكن أن يفهم وهو غير المتعلم ويتعرف على هذا الخالق العظيم الذي وضع أساسات هذا العالم وهذا الفضاء وهذا الكون ، يعرف من هو المهندس العظيم بعقله وفكره غير المحدودين الذي نظم ورتب كل شئ بهذه الدقة المتناهية والتي أي هفوة فيها يمكن أن تتسبب في نهاية كل المخلوقات ، أستطيع أن استشهد بأيات وكلمات من كل كتب الأديان عن الله الخالق للسموات والأرض وكل ما فيهما وكل ما عليهما ، وهي حقائق بالتأكيد ، أستطيع أن أقول أنني أؤمن بالله بالإيمان المطلق الذي لا تنتابه أي شكوك وهذا هو المفروض على أي إنسان يؤمن بوجوده ، لكن هي دعوة مني إلى كل إنسان يتشكك أو لا يؤمن بوجود الخالق العظيم أن يقف صامتا مفكرا في كل ما حوله وفي الحياة بدءًا من الكيفية التي وُجدت بها المخلوقات من أدناها إلى أعظمها بما فيها الإنسان بالطبع وإلى اسلوب معيشتها وكيف تحافظ على بقائها ، وأن يتأمل نظام الكون شمسه وقمره ونجومه ومتغيراته بين الفصول الأربعة ، والدقة المتناهية في نظامه التي لو اختلت بمقدار متناهي في الصغر ، لاحترقت المخلوقات أو تجمدت ، أو لما استطاعت النباتات بكل أنواعها والتي تنظم وجودها الفصول الأربعة والتي تعتبر الغذاء الرئيسي لكل الكائنات الأرضية أن تنمو وتخرج لنا من الأرض كل هذه الأنواع ، قد يقول البعض أنه الآن يمكن أن يتواجد أي نوع من النباتات طوال العام ، الإجابة لا تحتاج إلى فكر بأنها توجد لأنها ُتعطى لها كل الأمكانيات التي تستلزمها في فصل نموها من حرارة أو برودة أو ضوء وخلافه بالإمكانيات الصناعية ، لكن لي ملاحظة أوجدت نفسها من خلال الحديث بأن هذه الثمار سواء كانت خضارا أو فاكهة ليس لها المذاق والنكهة التي تحملها تلك التي تنموا طبيعيا في فصولها ، الفكر البشري استطاع أن يجعلها تنمو في غير وقتها أو يتحكم في حجمها ، لكنه لم يستطع أن يكسبها المذاق الطبيعي الذي خُلقت عليه ، ولعل كلمة "  ORGANIC " التي نقرأها على بعض المنتجات الغذائية والتي تمتاز بارتفاع سعرها عن الأخرى يوضح لنا الفرق من أن التي تُنتج طبيعيا من حيث التغذية والإنبات الطبيعي في أوقاتها وخلافة أفضل من تلك التي تدخل فيها الإنسان بما يسمى الهندسة الوراثية أو التحكم في موعد نضجها . قد تكون ملاحظة بسيطة فقط أردت أن أوضح بها أنه مهما تدخل الإنسان في إسلوب انتاج أي شئ فأنه لن يصل إلى المستوى الذي خلقه الله طبيعيا ، أيضا أقول استطاع الإنسان أن يصل بفكره إلى القمر والمريخ لكن هل يستطيع أن يضع في الفضاء نجمة واحدة تتبع النظام الكوني الفريد الذي وضعه الخالق ؟ بالتأكيد لم ولن يحدث فحتى الأقمار الصناعية التي تدور في السماء القريبة التي صنعهاالإنسان تفنى بمرور الوقت وتحترق وتتحول إلى رماد .  أما إذا ارتفعنا بمستوى الفكر لأعلى إلى فكرة الحياة والموت ، فيتضح أنه توجد قوة كبرى لا يستطيع العقل البشري أن يحاول حتى لمس هدب ثوبها هي المتحكمة ، نعم الله أعطى للإنسان قدرة العلاج والدواء وهذا من كرمه ولطفه على الإنسان ، لكي لا يعيش أيامه المحددة يُعاني من الألم . موضوع الحياة والموت أنظر إليه كنفق طويل يستطيع البشر أن يسير خلاله بعض الشئ لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصل إلى نهايته أو يعرف أسراره ويقول السيد المسيح في هذا الشأن  " متى 6 ع 27 " ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة  " لا أريد أن يكون حديثي عن الله حديثا فلسفيا ، لأنني أكتب لكل الناس وليس للفلاسفة أو الذين يسوقون من العبارات ما يعجز بسطاء الفهم عن فهمها ،  أريد أن يفكر الجميع في الله ببساطة تامة  ويعرفوه من خلال أبسط الأشياء وأبسط المشاهد في يومياتهم ، من كل شئ في الطبيعة ، أريد أن يراه الجميع بصورة واضحة في كل مخلوقاته ، أريد أن يراه الجميع في صورته المحبة للبشر وليس في صورة الجلاد المخيف الذي ينتظر أي هفوة ليجلد ويعاقب ويميت ويقتل ، إن وجودية الله يستطيع أي إنسان سواء كان بسيطا أو متعلما ان يدركها ببساطة تامة من اتحاد القلب والعقل معا ، فهناك أشياء قد يدركها القلب أكثر من الفكر ، وأمور يدركها الفكر أكثر من القلب فمن مسيرة الحياة ندرك كيف أن هذا الكون يدار بخالق أو إله عظيم يدبر للبشر كل خطواتهم واحتياجاتهم بمحبة فائقة تعجز أكبر المخترعات العلمية من أن تصل إليها . إن الذين ينكرون وجود الله ليس سوى بعض البشر الذين أعمتهم العجرفة العقلية وسحبتهم إلى بؤر اللا فكر غير المنضبط عن سر الحياة كلها ، الله يُدرك من كل نفس يسحب من الهواء ليدور دورته داخل جسم الإنساء في نظام رائع ومذهل . لن يعرف أي إنسان الله ، إلا  إذا آمن به أولا ومن خلال هذا الإيمان يلزمه كما قلت سابقا أن ينظر حوله ويتأمل كل ما يقابله في الطبيعة من حيث الظواهر الكونية أو المخلوقات أو النباتات أو توالي الفصول ، بعدها سيدرك أن كل هذا من الاستحالة أن يكون قد أتى بمحض الصدفة أو بيد بشر أو أي مخلوق على الإطلاق ، لا يأتي به سوى خالق عظيم يعرف كل العلوم التي نتباهى بدراستها الآن ويُسير كل شئ بقدرة غير محدودة وأن الذين وصلوا إلى القمر والمريخ ذهبوا من خلال دراستهم للقدرات الكونية المخلوقة بواسطته ، مثال من ملايين الأمثلة ، سر الجاذبية الأرضية التي اكتشفها العالم نيوتن من خلال مشاهدته لسقوط تفاحة من الشجرة إلى الأرض ،  ليست سوى اكتشاف لخاصية وضعها الله في الأرض وهي " خاصية الجاذبية الأرضية "  فليس من المعقول أن يخلق البشر ليظلوا معلقين في الهواء في حركات بهلوانية ، لا يستطيعوا أن يزرعوا أو يفلحوا أو يعملوا أي شئ في حياتهم ولنقس على ذلك كل المخترعات أو الاكتشافات لندرك أنها ليست سوى تأملات للمخترعين في القوى الموجودة أصلا ووضعها الله بحيث تكون متوارية عن أنظار الجميع ولا يصل إلى اكتشافها سوى البعض نتيجة الدراسات والاكتشافات العقلية التي سمح الله بوجودها في عقول البعض ولا توجد في العقول الأخرى ، وهذه هي حكمة الله حتى يتنوع البشر في أعمالهم . معرفة وجود الله متاحة لكل البشر كما قلت بالإيمان أولا الذي سيفتح الطريق بعد ذلك للوصول إلى معرفته سواء للمتعلم أو بسيط الفهم.
 
 
لماذا خلق الله العالم ؟
******************
سؤال حائر ، لماذا خلق الله العالم ؟! ، إله لا حدود لقدراته ، عقل غير محدود ، لا يُعرف له بداية ، و ليس له نهاية ، له أجناده السماوية وقواته وملائكته ، لماذا فكر في خلق هذا العالم بأرضه ومياهه وسمواته ومخلوقاته التي كللها بخلق الإنسان ، بالتأكيد نستطيع بشيء من التفكير أن نحدد ملامح ولو طفيفة شخصية الإله المنزهة وغير المحدودة :                                                                             
  1- إله غير أناني . ففي البدء خلق السموات والأرض كما يقول الكتاب ، كانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة . هذا هو شكل الكون في ذلك الوقت ، وكمهندس إلهي بدأ في وضع الشكل العام للعالم ، ففي اليوم الأول خلق النور ، ورأى الله النور أنه حسن . كيف خلقه لا أحد يعلم سوى كلمة نطق بها من فمه القدوس الطاهر " كن فيكون " فكان النور ، لكن يمكن أن نستنج أنه إله نور فابتدأ بصفة من صفاته ، وهو خلق النور ليس من أجل نفسه لكن ليبدأ به خطة عمل كمهندس لما يليه ، وعندما خلق النور وأنار الكون استحسن الرؤية " رأى أنه حسن " بالضبط كما نصنع أي شيء الآن ، ونقف أمامه نستحسن ما عملناه ، سواء كان هذا العمل لأنفسنا أم لأجل الغير ، لكن الله استحسن العمل من أجلنا لأنه هو نور . أكمل الله خلق العالم بمياهه وأنواره ومخلوقاته من الطير والزواحف والحيوانات ، ووقف ينظر إلى عمله كله فإذا هو حسن ، إذاً فليخلق الإنسان ليتمتع بهذا كله . كأب حنون يعد منزلاً لابنه أو ابنته ، يحاول أن يكون على أكمل وجه ، لا تنقصه أي كماليات ، كلما أضاف شيئاً جديداً يقف ويتأمل ويستحسن ، إلى أن ينتهي من كل شيء ويصبح المنزل كاملاً ومجهز بكل ما يلزم ، فيقول لإبنه أو ابنته ، كل شيء معد لكي يستقبلكم ولأن يكون لكما نسل ومعيشة هنيئة . في اليوم السادس خلق الله الإنسان ، كل شيء معد أمامه ، النور والدفء والماء والطعام والأرض ، المنزل مجهز بكل ما يلزم ، إله لا يعرف الأنانية خلق الإنسان بعد ان خلق كل الأشياء اللازمة له بل لتعطيه رفاهية أيضاً ، ولم يختم على شئ إلا بعد أن رآه حسنا والحسن في عين الله هو الأفضل للبشر منذ البداية وحتى النهاية .                                                                         
 2_ إله إجتماعي .. ولماذا لا ؟!، هل لأني أستخدم صفة من صفات البشر ، ومن الذي خلق البشر ، أليس هو ؟! ، نعم إله إجتماعي ، فهو له قواته وأجناده السمائية  لكنه أحب أن تكون له رعية صالحة على الأرض ، شعوب تسبح بحمده على عطاياه ، فهو خلق لهم كل شيء ، كل شيء يلزم لحياتهم ، ويلزم لمعيشتهم ، نعم بالتأكيد لديه قواته وأجناده ، لكن كل هؤلاء هم جيشه ، فأين شعبه ، أحب أن يكون له شعبه ، يرعاهم فيعبدوه ، يحبهم فيقدسوه ، ينعم عليهم بكل الخيرات فيسبحون بحمده ، الإله القوي الذي يأمر " كن فيكون " يريد أن يكون له شهود على مقدرة بلا حدود ، ولاهوت أزلي أبدي ، شهود من صنع يده ليكون لهم رب فيمجدون ربوبيته ، يكون لهم أباً ينعمون بحنانه الأبوي ، فيدينون له بالطاعة جسداً وفكراً .
3_ إله محب جداً ، غيور جداً .. لا يقبل الحلول الوسطية ، يأمر فيُطاع ، يقول فيُستمع لكلمته ، لا يُعَاند ، ومن المستحيل أن يقترب من قامته أحد ، هو جبل آدم ومنه خلق حواء ، الاثنان خليقته ومن صنع يديه ، وكانت لهما حقوق وعليهما واجبات ، لكن للأسف الواجب الوحيد الذي كُلفا به لم يفعلاه ، وكانت البداية لمتاعب البشر .     كلمات بسيطة وسهلة أُهديها لكل من ولد وهو ينظر إلى الأرض فقط ليرفع رأسه نحو السماء ويتأمل . كلمات كتبتها عن الله وأنا غير المستحق أن أكتب عنه .