تأتي قضية تغير المناخ على رأس التحديات التي تواجه العالم فى الوقت الحالى، بعد أن ثبت بالدليل العلمي أن النشاط الإنساني منذ الثورة الصناعية وحتى الآن تسبب، ولا يزال، في أضرار جسيمة تعاني منها كل الدول والمجتمعات وقطاعات النشاط الاقتصادي، ما يستلزم تحركًا جماعيًا عاجلًا نحو خفض الانبعاثات المسببة لتغير المناخ مع العمل بالتوازي على التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ ومن المعروف أن مشكلتى الاحتباس الحرارى وتغير المناخ حدثتا بسبب الاستخدام السلبى للوقود ، لذلك وضعت مصر قضية تغير المناخ في مقدمة جهودها، نظرًا لموقعها في قلب أكثر مناطق العالم تأثرًا بتغير المناخ ؛لذلك ظهر فى الآونة الأخيرة عبارة تتردد بقوة ، وهى " الهيدروجين الأخضر" علينا أن نتوقف قليلًا لفهمها والتركيز عليها،علميا : من المتعارف عليه أن الهيدروجين الأخضر نوع من الوقود الناتج عن عملية كيميائية يستخدم فيها تيار كهربائي ناتج عن مصادر متجددة لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، وبالتالي تصبح طاقة ناتجة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي والمسبب للاحتباس الحراري. وتشير الدراسات إلى أنواع الهيدروجين، منها الأزرق، الناتج عن طريق إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار، ولكن يتم التقاط جزء من انبعاثات الكربون، بحيث يتم عزله أو استخدامه مرةً أخرى، " الهيدروجين الأخضر"، نجده ناتج عن استخدام الطاقة الكهربائية المولدة من الطاقات المتجددة، "مثل الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة الهيدرومائية" لتقسيم الماء إلى مكوناته "الهيدروجين والأكسجين"، وفي هذه الحالة تكون عملية إنتاج الهيدروجين خالية من الكربون وأي ملوثات للهواء.
وقد تبنى الاتحاد الأوروبي عام 2020 استراتيجيته الخاصة بالهيدروجين في إطار ما عرف بـ" الصفقة الخضراء الأوروبية"، وهي خطة تقترح التحول إلى الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، من خلال الإنتاج المحلي وإنشاء إمدادات ثابتة من إفريقيا. فيما أعلنت العديد من الدول حول العالم بما فيها الدول المتقدمة، مثل أستراليا وفرنسا، وأيضا الأسواق الناشئة، مثل الهند والبرازيل، عن مبادرات للهيدروجين الأخضر. وقد انضمت مصر أيضا لتلك الأسواق كجزء من المبادرة الوطنية، كما تهدف إلى دمجه في استراتيجية الطاقة 2035، والاهتمام بالانتقال إلى الطاقة النظيفة، والعمل على خفض الانبعاثات الصادرة عن استخدام الوقود الأحفوري.
لذلك، كثفت الحكومة من جهودها واتجهت بقوة مشجعة للقطاع الخاص على المشاركة في هذه المشروعات، حتى تم الاعلان مع عدد من الأطراف والشركات العالمية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره، من خلال عدة محاور :
- توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين.
- توقيع اتفاقية التطوير المشترك لمشروع إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاواط، في المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
- توقيع اتفاقية الشروط الرئيسة لعقد شراء الهيدروجين، بين كل من: "صندوق مصر السيادي"، وشركات سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، وأوراسكوم للإنشاء، وفيرتيجلوب.
- توقيع مذكرة تفاهم بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة ميرسك العالمية؛ لإقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن والوصول للحياد الكربوني كل هذه الجهود من شأنها تحويل مصر إلى ممر أخضر لعبور الطاقة النظيفة إلى أوروبا والعالم.
مصر الان تستهدف أن تنتج سنويا كميات من الهيدروجين الأخضر تصل إلى مليون 500 الف طن سنويا بحلول عام 2030، من المخطط أن يتم إنتاج 5 مليون 800 ألف طن سنويا بحلول 2024 و سيكون متاح للتصدير 3 مليون 800 الف طن وهو ما يمثل 5% من سوق انتاج الهيدروجين الأخضر عالمي و خلال الأشهر القليلة المقبلة سيتم البدء فى تنفيذ عدد من محطات الشمس والرياح بقدرات كبيرة باستثمارات أجنبية ضخمة ، نحتاج إلى تكاتف جهود كل المؤسسات المعنية لجذب مزيد من الاستثمارات لمشروعات التحول الأخضر حتى تتحقق خطة تصدير كامل إنتاجنا لأوروبا وتصبح مصر ممرًا أخضر يعبر به العالم إلى الطاقة النظيفة . لكن تبقى بعض التساؤلات المطروحة التى تحتاج إلى إجابة من خبراء الطاقة: هل سنتمكن من إيقاف التقدم في مجال الطاقات المتجددة بعد إنشاء محطات الهيدروجين الأخضر أم سيظل وجودها مستمرًا واستخدامنا لها ضروريا، خاصة إذا كان أرخص من الطاقة الخضراء؟ إلى أي مدى يجب زيادة وتيرة الاستثمار في الطاقات المتجددة في النظام العالمي من أجل الحد من التغيرات المناخية ذات العواقب الطبيعية الكارثية التي حذر منها الخبراء و نرى تباعتها الأن فى التغيرات المناخية القاسية و ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة إلى الحرائق المندلعة فى عدة مناطق بالعالم ؟.