تعلمنا في الطب ان علاج العلة المزدوجة زي الاسهال والكحة بيكون بعلاج لكل منهما على حدة. مش ممكن مضاد حيوي يعالج الاثنتين.
التربية والتعليم
شقان مختلفان تم دمجهما في مصر فقط، وابدا لم ترتكب اي دولة في العالم المتحضر هذه الحماقة، وتجدها فقط في دول العالم التاسع حيث تبنى السياسات على دمج التعليم والتربية تحت نظام مؤسسي ومنهج موحد، ظنا بان التلميذ في هذه المرحلة العمرية يلزمه تلقي المعارف، وبالمرة تلقي اساليب التربية، وعصفورين بحجر نخفض التكاليف !!
طيب ماهو برضو التلميذ محتاج تاسيس صحي، خليها بقا التربية والتعليم والصحة!!
يا عقلاء النفس
لا تتشابه ادوات التعليم مع ادوات التربية سواء في المناهج، ولا بيئة التلقي، كما ان مقدم الخدمة التربوي مختلف عن المعلم المعرفي.
كيف عالج العالم المتحضر هذه الاشكالية؟
بداية، نحن نفهم التربية وكانها احترام الكبير والصوت الخفيض وطاعة الوالدين وغسيل الايادي قبل الاكل وبعده، وحب الوطن، وحب الله والبشر ... الامر ليس كذلك،
ينصب تعريف التربية على تنميط السلوك وضمان جاهزية الطفل للاتيان بردة فعل منطقية تتفق مع الاخلاق، مع عدم تجاهل الاستثناءات.
لذلك، كل ما سبق يتأتي عبر التعليم بشكل غير مباشر، فمثلا يتعاظم حب الوطن باستحضار فضائله، ويترسخ حب الوالدين استنادا للفهم الانساني لمعني الابوية والاسرة والمجتمع وليس بسبب صلة الدم وحدها. ولا تنس ان التعليم يتضمن تدريس العلوم والفنون والهوايات.
لي تجربة خاصة مع ابنائي، حيث اكتفوا بتحصيل المعارف بعيدا عن المدارس (امقت بشدة ازدواجية التعليم مع التربية) ولاحظت ان التعليم الانجليزي ضمن لهم القدرة علي التحصيل البحثي للمعارف (تحصيل المعارف عندنا بالتلقين) اما الصحيح فهو تهيئة الدارس للبحث الصحيح بنفسه عن المعارف، وبذات الوقت كانت مناهجهم كفيلة بتحسين المدرك السلوكي (التربية) وهم الان مرموقين.
الخلاصة:
عسكرة التعليم (وليس عسكرة المناهج) وليس المقصود استدعاء الرتب العسكرية، بل نسخ الانضباط والصرامة والغاء الغياب والغاء القناعات الشخصية لدي اليافعين (لا يقرر الطفل وفق قناعاته، بل يقرر وفق العقد الاجتماعي وهو مزيج الاخلاق والقيم والانسانية)، وقتل الاستثناءات، وهو النمط الذي انتهجه مهاتير محمد لدي اعادة بناء دولته.
لما مثقف يكلمك، اياك تبقئ "فاغر فاه"
سابدأ مع حضرتك بأشهر مصطلحين يتشدق بهما المثقفون وهما الذاتية (Subjectivity) والموضوعية (Objectivity)
تعال نفهم
عندما يتدرب الرياضى وتنتفخ عضلاته وتزداد مهاراته وتتعاظم قدراته وانت تتفرج عليه وهو يستعرض مكاسبه من التدريب، انت لم تستفد شيئا سوى انك تستمتع بما يقدمه، ولكن ابدا لن تقوى عضلاتك، ولن تضيع الام عمودك الفقري لان المكسب هنا ذاتي يخصه وحده.
كذلك رجل الدين (دعنا نمرر المصطلح فليس للدين رجال) او قل دارس الشرائع، عندما يتبحر في دراسته وتتعاظم مداركه وتتوطد علاقته بربه، كل هذا وانت جالس تحت اريكته وهو يعتلى رؤوس جالسي القرفصاء فلن تصبح متدينا ولن يرتفع بالضرورة ايمانك لأن ما حصده يصب في خانه علاقتة هو مع ربه لأن الايمان امر ذاتي فالإيمان بالله لا ينقل ولا ينسخ، وجل ما ينقله لك هو الأحكام والشرائع وفق فهمه وحده.
اما مع رجل العلم الحقيقي فالامر مختلف، لان حصاده العلمي والمعرفي ليس مرهونا بقناعاته أي انه ليس امرا ذاتيا بل هو امر موضوعي مرهون بحقيقة العلم، فلا قوانين الطاقة رؤى شخصية، ولا حسابات الجاذبية الأرضية امور نسبية، ولا قانون الطفو لارخميدش قناعة ذاتية، لذلك وجودك في معيه هذا العالم سوف ينسخ لديك بعضا من معارفة لانها كلها موضوعية.
تاخد مثال اوضح؟
* انا "حاسس" ان الجو برد.
الاحساس هنا عبارة عن تلقي مادي حقيقي عبر احدئ الحواس يعكس حقيقة الاشياء.
* انا "شاعر" ان الجو برد.
الشعور هنا عبارة عن انفعال ذاتي غير حقيقي ويؤكده او ينفيه ميزان الحرارة.