كانت حفلة كوكب الشرق أم كلثوم في الخميس الأول من كل شهر تجمع الأسر حول جهاز الراديو وشاشة التليفزيون وكان يحضر حفلات أم كلثوم عشاق فنها والطرب الأصيل سواء من داخل مصر أو من الدول العربية الشقيقة والمتابع يلاحظ حرص أحد الأشخاص على حضور حفلات أم كلثوم ويردد (عظمة على عظمة على عظمة ياست) وأيضا يطلب منها تكرار الكوبليه قائلاً : (تانى والنبى يا سـت ده أنا جايلك من طنطا) وما زال صوته في الحفلات المسجلة حتى الآن وهو الحاج سعيد الطحان أحد أعيان مدينة طنطا حيث كان يمتلك الكثير من الأعمال ما بين زراعة القطن والأرز المطاحن مصانع المنتجات الحيوانية بالإضافة إلى الأراضي الشاسعة من الخضراوات والموالح الفواكه وغيرها لكنه كان يترك كل التزاماته وأعماله عندما يتم الإعلان عن حفل أم كلثوم ويتوجه مع أسرته للاستماع لها أينما كانت وكان يظهر في الحفلات وهو يرتدي الجلباب المصري الشهير وعرف بعشقه لأم كلثوم ولم يكن مسموحا دخول حفلات كوكب الشرق أم كلثوم إلا بالملابس الرسمية سواء كانت بدلة كاملة لرجال الدولة والجمهور أو الجلباب العربي المصري للأعيان وعندما غاب عن حفلة ذهبت أم كلثوم لزيارته في منزله وأطلق على الحاج سعيد الطحان عدة ألقاب منها: (مجنون ثومة) و (متيم كوكب الشرق) و (مهووس أم كلثوم ) ويرجع عشق الحاج سعيد الطحان لأم كلثوم إلى نهاية الأربعينيات فقد كان في طريقه بسيارته إلى أحد البنوك لصرف مجموعة من الشيكات النقدية وأثناء مروره بجانب مقهى سمع صوت أم كلثوم تغني في الإذاعة أغنية (جددت حبك ليه) فترك السيارة في منتصف الطريق العام ومعه الشيكات ليستمع إلى الأغنية وخلال انشغاله واستمتاعه ضاع منه شيك بـ 30 جنيها وكان مبلغا كبيرا في ذلك الوقت وقام ضباط المرور بحجز السيارة بعد أن وجدوها في منتصف الطريق
أما ميري ميشيل فقد جاءت برفقة عائلتها من الشام إلى مصر في فترة الثلاثينيات وتعرّفت على زوجها شفيق السندي بعد ذلك في فترة الأربعينيات وتم الزواج ورزقهما الله عام 1947 بالابن رؤوف وخلال السنوات التالية أنجبت ميري ولدا وفتاة وكانت ميري تُنهي عملها كمترجمة في إحدى شركات وسط البلد ثم تعدو نحو منزلها الواقع في شارع قصر النيل حيث تتأنق مُرتدية أبهى الفساتين وبعدها يصطحبها زوجها الطبيب شفيق السندي ويمشيان سويًا حتى الوصول إلى دار سينما الأوبرا التي لم تكن تبعد كثيرًا عن منزلهما لحضور حفلات كوكب الشرق أم كلثوم وفي عام 1956 توفى زوجها شفيق في سن صغيرة وكانت ميري حينها في الثامنة والعشرين من عمرها فتحملت مسئولية تربية ثلاثة أطفال وحدها وفى حفل أم كلثوم التي غنت فيه أغنية هو صحيح الهوى غلّاب كلمات الشاعر بيرم التونسي ولحن الموسيقار زكريا أحمد كانت تجلس ميري ميشيل ضمن الجُمهور وعلى وجهها يظهر التأثر الشديد وتُغمض عينيها وتمسح وجهها بالمنديل أثناء غناء أم كلثوم مقطع :
يا قلبي آه الحب وراك
أشجان وألم وأندم وأتوب
وعلى المكتوب ما يفدش ندم
يا ريت أنا أقدر أختار
ولا كنت أعيش بين جنة ونار
نهاري ليل وليلي نهار
يا قلبى .. آه
ظلّت ميري ميشيل أيقونة الحفل ورصدتها كاميرات التليفزيون وعندما رحلت أم كلثوم عام 1975 حزنت ميري حزنا شديدا وعصر أحد أيام عام 1979 انتظرها أبناؤها أمام سينما مترو حيث اتفقوا على مشاهدة فيلم سينمائي لكن الأم ميري ميشيل لم تأتِ فقد أحسّت بالتعب في عملها فأخذتها زميلاتها لتُجري رسم قلب لكن الموت أدركها سريعًا دون تعب في عمر الواحدة والخمسين .

