حسن فتا، أو شابا لعله ؛ أو يقبع بين المرحلتين ،دون تحديد ممن ينظر إليه ؛في أي فترة منهما. استقبلته الحياة معاقا ذهنياً ترتيبه الثالث بين اخوته لأسرة متوسطة الحال؛ مكونة من خمسة أفراد ، يتصف والده بالبساطة، والطيبة وحسن الخلق، والمحافظة فروض العبادة ، لولا بعض العصبية التي تنتابه و يبديها أحيانا في الفترة الأخيرة عندما؛ يشكو أحد من الناس وهم كثير ولده المعاق قيامه بفعل يمثل خطورة على أولاد الجيران، فكان الأب يرد على الفور بعصبية قائلا: ليس على المريض حرج، ويستشهد بآيات قرآنية، وأحاديث نبوية وقصص من التاريخ، تحض على الرحمة ،والتسامح وأنه يجب على من يشكو تفهم حال الأسرة كلها التي تعيش في شقاء مستمر، حياة مختلفة دون بقية خلق الله، فهي حياة أقرب للخوف منها للاطمئنان . عيشة غير طبيعية لوجود حسن بيننا ، بل هو الأن أصبح محورها ، أصبح في مركزها ونحن ندور حوله خوفاً منه عليكم ،قبل أن يكون حرصا على حياتنا ، فهو كاد أن ينهي حياة أخته الصغيرة دون أن يدري عندما اجتاحته نوبة صرع مفاجئة ثم فترة صمت.
الجميع يغلق على نفسه غرفته قبل النوم، فليس هناك أحد من الأسرة يأمن على حياته إذا مسه الذي يجعله أقرب للجنون فيعيث في البيت فسادا وتخريبا , أو عندما يصحو مبكراً من النوم يتناول كل كميات الطعام التي في البيت بعد أن اخفتها والدته بعيدا عن أعين الجميع بعدها يبحث إخوته عن رغيف واحد يكون افطارا لهم، أمه التي أشفق عليها منه ولكنها لا تكف عن قول أننا نعيش ببركته ،وستحل علينا قريباً إن شاء الله عندما كان يسألها كيف واين هذه البركة التي تتحدثين عنها فأنا لا اشاهد إلا تخريبا وتهشيما لكل ما تطاله يده؛ على الدوام، قالت استغفر الله غدا سيعوضنا الله من فضله فهو من رزقنا به لحكمة هو وحدها يعلمها.
فأنا لم أعد أعمل في شئء على الاطلاق فوظيفتي الأساسية في الحياة انحصرت بالذهاب به للأطباء وصرف روشتات الأدوية لقد صرفت كل ما ادخرته من مال وما ورثته عن والدي من أين احصل بعد ذلك على نفقة وجوده الباهظة بيننا لم ينتبه والد حسن أن من كان يشكو له ولده حسن أنصرف من عدة ساعات أما هو فظل يهذي بينه وبين نفسه أنه تمنى موته قبل ذلك ثم كان يقوم بعدها للصلاة بعدها مباشرةً ويستغفر الله على هذه الخواطر التي تداهمه قسراً عنه ، والرجل على حالته هذه شاهد ابنه حسن من بعيد يشج رأس أحد أولاد الجيران بحجر، بعد أن استثاره هذا الولد . لم ير الحادثة غير والده الذي انطلق بعيدا عن المنطقة ليبعد عنه الشبهة حتي وصل أطراف المدينة بالقرب من الصحراء .
داهمت والد حسن فكرة من وحي الشيطان لو أن ابنه يغيب فترة طويلة عن البيت ؛لتكون فترة استجمام لكل أفراد الأسرة ,فاتخذ القرار وهو ما زال تحت سيطرة الفكرة الجهنمية ،بأن يذهب لداخل الصحراء ويتركه هناك ويعود هو وحده للبيت ، ليعيش ابنه في كون الله الفسيح معتقدا أن الله لن ينسى 'حسن" كما يرزق العباد, كان كلما ابتعدا عن المدينة أثناء سيرهما، وتوغلا في الظلام يقترب حسن من والده ويتأبط ذراعه من الخوف ويلقي برأسه على كتف والده ليستمد شعوراً بالاطمئنان، ولكن كانت هناك مفاجأة شاب ينطلق بسرعة بسيارة فارهة و تجلس على يمينه فتاة في حالة نشوى فهما أقرب للمغيبين عن الوعي، أعتقد والد حسن: أن السيارة تتعقبه لاكتشاف الجرم المقبل عليه في حق ولده المسكين فندم وأخذ يؤنب نفسه واتخذ قرارا بالعودة به مرة أخرى، أقتربت السيارة منهما حاول الوالد تفاديها ، في نفس الوقت يفعل ذلك الفتى الطائش ؛ بالابتعاد عنهما فيصدم والد حسن وهو يحاول تفاديه، الذي أصبح غارقا في دمائه وينطلق الشاب هارباً وحسن يصرخ في الصحراء القاحلة المظلمة فكان لا يسمع إلا صدى صوته يرده الأثير لأذنه مرة أخرى كرر ذلك كثيراً، ولا مجيب فيحمل والده على كتفه حوالي كيلو مترا ، وهو يبكي حزنا وخوفاً عليه، أوصلته أول سيارة قابلتهم في الطريق ،فكتب للرجل النجاة و حياة جديدة، بعد العملية الجراحية التي أجريت له على الفور .
بعد الخروج من المستشفى أصبحت حياة الأسرة أكثر استقرارا، لم يعد والده يشكو منه، بل أصبح يقضي معه أكثر وقته، فمن يشاهدهما سويا يعتقد أنهما اصدقاء, كانت والدة حسن تداعب زوجها و تقول له يبدو أن سبب تغير معاملتك له هو أن اشتهرت قصتكما، وعرف بها الجميع عندما كنتما في الصحراء ، و أنك بعد أن شاهدته ذاهب إلى هذا المكان الموحش انطلقت خلفه لتعيده مرة أخرى للبيت كما أخبرتني بسر وجودكما هناك فى هذه الليلة، وما فعله حسن حينها بعد أن صدمتك السيارة، أو بسبب المبلغ الضخم الذي تبرع به لنا رجل الأعمال الشهير, من أجل علاج حسن ومكافأة لصنيعه معك بحملك والذهاب بك للمستشفى، كانت تنتظر من زوجها جوابا صريحاً على سؤالها الذي كررته عليه كثيراً ولكنه كان يجيب عليها باحتضان حسن وتقبيله.

