محب غبور يكتب: رحله فوق السحاب

محب غبور يكتب: رحله فوق السحاب
محب غبور يكتب: رحله فوق السحاب

تلقيت دعوة من الصديق الكابتن ايمن عبد الله الفلسطينى الاصل لرحله فوق مدينتى نيويورك ونيوجرسى على متن طائره خاصه صغيره بمروحه واحده حمولتها اثنين الكابتن وراكب اخر وبقدر ماقررت تلبية تلك الدعوه الا ان شعورى كان مختلطاً بين الرهبه والخوف وبين شجاعه مهتزه خوفاً على حياتي بالطبع "فالعمر مش رخيص" اسبوع افكر هل أتراجع والجبن سيد الأخلاق ام اخوض التجربه والأعمار بيد الله الافكار تضارب والاحلام والكوابيس كل ليل وكأنني مقبل على رحله أخر العمر خصوصاً وبعد البحث والقراءة من خلال الانترنت اطلعت خلالها على المخاطرة المحسوبه فى تلك الرحلات والطائرات التى سقطت وعدد الضحايا الا ان الكابتن والصديق ايمن عبد الله طمأنني كثيراً من خلال عدد الطلعات التي قام بها ومدى خبرته وقوه ارادته ونجاحه فى قيادة هذه النوعية من الطائرات طبعا قدرت كلامه ليس من حب إظهار الذات وبراعته فى قيادة الطائرة بقدر ماكان يبعث الطمأنينة فى قلبى ومرت الأيام والمسافة تضيق والرحله على الابواب والقلق يزداد ففقدت شهية الاكل وانعكس هذا على تصرفاتى على افراد اسرتى لدرجة شعورهم وإحساسهم بانى مقبل على شئ واخفى عليهم شئ استعد له وحاولت مراراً ان أخفي عليهم هذه المهمه الانتحاريه وخصوصاً لهم تجربه من قبل حيث ذهبت الى المستشفى بالاتفاق مع الدكتور المعالج واجريت عمليه وبعد نجاح العمليه كلمت الدكتور الصديق بابلاغ ابنى للحضور الى المستشفى لينقلنى الى المنزل لقضاء فترة النقاهه المهم قررت الا اخبرهم وذهبت بلحمى وشحمى الى المطار فى الميعاد الذى حدده الكابتن الصديق ايمن عبد الله وفى بادئ الامر كنت متخيل ان الامن سيرفض ركوبى الطائرة وفوجئت ان ادارة المطار وجهاز الامن قاموا باداء عملهم الروتينى ودون ادنى مضايقات او شئ يبرهن على عنصريتهم كما هو مشاع وهنا سألت الكابتن عن الاجراءات البسيطه التى اتبعت معنا قبل دخولنا فاشار وبكل ثقه انهم اناس محترمون تعاملوا معنا بكل تقدير واحترام حتى نثبت من خلال جريدتكم ان الشخص بعمله وكيانه وليس باصله وديانته وان المهاترات والافكار التى يروجها البعض فى الجرائد او المقاهى ماهى الا اكاذيب ومهاترات بغرض الاساءة للولايات المتحده والمسئولين بها.

اخذنا طريقنا الى داخل المطار المملوء بنوعيات كثيرة من الطائرات الخاصة منها بمروحتين واخرى بمروحة منها الصغير لراكبين وأخرى تتسع لاربع ركاب والاكبر تتسع لاكثر من تسعة افراد واتجهنا الى الطائره التى سنستقلها وهى من الحجم الصغير بمروحة واحده وبابين فقط وبدأ الكابتن القيام بمهام عمله من فحص الطائره والتأكد من سلامتها من الناحيه الميكانيكيه وبدأنا ركوب الطائرة وبدأ عملية التشغيل والتسخين ومتابعة عمل كل الاجهزة من خلال العدادات الكثيره فى التبلوه الامامى للتشغيل وربطنا احزمة الامان استعدادا للانطلاق وتحدد الممر الذى ستنطلق منه الطائرة بواسطة شخص مهمته توجيه الطائره حتى الانطلاق وبدأت الطائره تسير ببطئ على الممر ثم اخذت سرعتها تزداد تدريجيا واخذت دورتها وانطلقت واخذت طريقها فى الارتفاع عن سطح الارض وبدأ برج المراقبه يتابع الطائره وتوجيهها من خلال السماعه الكبيره التى يضعها الكابتن حول اذنيه لتحديد مسار الطائره وتحديد المسافات بينها وبين الطائرات الاخرى من كافة الاتجاهات وبدأنا فى الحديث عن الاجواء ودرجات الحراره وسرعة الريح وسرعة الطائرة وبُعد المسافة بينها وبين الطائرات الاخرى ومن لحظة لاخرى يسألنى الكابتن ايمن عن شعورى واحاسيسى وكأننا فى رحلة حب وانا بداخلى خوف رهيب وخصوصا عندما تتهاوى الطائره من لحظه لاخرى بالارتفاع او بالانخفاض او تتجه يميناً أويساراً او مع المطبات الهوائية وكأنك تقود سيارتك على طريق ملئ بالمطبات ومع كل لحظة تزداد دقات قلبى بين الارتفاع والانخفاض حسب سير الطائرة وتقلباتها وكنت اخفى شعورى وخوفى باغلاق عينى حتى لايصيبنى الرعب وخصوصا ونحن فوق نهر الهادسون وهذا النهر الجميل يفصل بين مدينتى نيويورك ونيوجرسى وبدأت التقط انفاسى واجمع شجاعتى بحيث اتفاعل واتعامل مع الحدث ويحدث مايحدث خلاص الواحد مسلم امره لله وبدأت انظر واتعجب للمناظر الخلابه الجميله والخضره الرائعه والطرق والكبارى العجيبه والعديده والسيارات وهى تخترق الطرق والكبارى وسبحان الله فى خلقه للانسان المبدع الذى وهبه الله العقل والفكر الذى به صمم هذه الطرق والانفاق والكبارى بطريقه رائعه جذابه.

والملاحظ لنوعية هذه الطائرات كانها سياره خاصه تقودها وانت مستمتع بها وتشعر بأنك فوق الكل لا اشارات مرور ولاعربات لنقل ولا زحام ولاضوضاء تتحرك بسهوله ويسر تخترق الطرق والكبارى والانهار تشاهد المبانى وبمنتهى الكبرياء السيارات اسفل الطائرة تتصارع وتتشاجر بالوانها الزاهية المختلفة لتخترق الطرق والكبارى وكأنها سلحفاء ومابين الطرق والممرات ترى الاشجار والازهار والانهار ومابين ضفاف النهر تشاهد على الجانب الاخر مدينة منهاتن وناطحات السحاب بالوانها البراقه والبواخر العملاقه ترسو على شاطئ النهر كأنها قطع من اللؤلؤ تابلوهات جميله مرسومه بريشة بيكاسو الفنان العظيم والغريب أن الكابتن حاول أن يوهمني بسهولة قيادة هذه الطائرة وبدأ يشجعنى فى قيادة الطائرة وتوجيهها من خلال عجلة القيادة وهى شبيهة بعجلة القيادة الموجودة بالسيارة وهو لا يعلم ما بداخلي من خوف ورعب وكأن العمليه ناقصه ان امسك بيدى المرتعشه واعصابى المهتزه عجلة القياده وخصوصا ونحن على مقربة من كوبرى جورج واشنطن الذى يفصل بين مدينتى نيويورك ونيوجرسى واحسست باحساس غريب باننا سنصطدم به طبعا اعتذرت بكل عزه وكبرياء وشجاعة الفرسان بانه لا يليق ان اتعدى على دوره وقيادته للطائرة وبعد نصف ساعة من التحليق فوق المدينتين قرر العودة الى قواعده سالمه فاخبر برج المراقبه بالعوده وفجأه انحرفت الطائره يميناً دون ان اعلم فاغلقت عينى وحجبت بصرى بسرعه من الخوف بعد ان وجدت نفسى اسفل اليمين والكابتن اعلى منى احسست ان الطائره فى طريقها للسقوط فلم اجد غير اغلاق عينى مره اخرى فكانت اصعب اللحظات الى قلبى وعمرى فسألته سؤال عابر عن وسائل الامان والانقاذ ومدى توافرها وطبعاً سؤال غريب وليس له مكان من الإعراب فعندما يحدث الحدث لا يفكر الانسان فى اى شئ غير الاستسلام للقدر ومشيئته وجاءت لحظة الهبوط فلم اشعر باى شئ لمهارته الفائقه وذكاؤه الحاد فى التعامل مع الطائره اثناء عملية الهبوط وهبطنا الى الممر المحدد والمخصص لنا عن طريق برج المراقبه ولم اصدق نفسى اننا عدنا الى قواعدنا سالمين واول شئ قمت به اتصلت بالاسره عن المغامره التى قمت بها المهم بدأ الكابتن فى تأمين الطائره ووضعها فى الممر المحدد لها وتأمين سلامتها ثم خرجنا من المطار رافعين الرؤوس لنجاح المهمة على الاقل بالنسبه لى لاننى اعلم يقينا ان الكابتن ايمن متمرس على هذه الرحلات وعلمت ان هذه الطائرة والتحليق بها فوق نيويورك ونيوجرسى هى احدى مشروعاته فى قيادة الطائره لراغبى التنزه والرحلات وعلمت منه انه يقود هذه الطائره والقيام باكثر من ثلاث طلعات مع بعض الزبائن لمشاهدة نيويورك فوق السحاب.

وللحديث بقية مع الكابتن ايمن عبد الله عن حياته ونشأته واماله واحلامه وتوجيهاته لابناء الجاليه والنصائح التى يطلقها لتحقيق احلام وامال ابناء الجاليه.