رولا صبيح تكتب: ماذا لو انقرض العرب

رولا صبيح تكتب: ماذا لو انقرض العرب
رولا صبيح تكتب: ماذا لو انقرض العرب

ماذا لو أصاب  العالم العربي وباء أباد العرب أجمعين، مخلفين وراءهم  كنوز من الثروات والمصادر الطبيعية، وماضي سحيق ممتد لبداية الإنسان الأول، وحضارات تتلوها حضارات، وتاريخ طويل للأجداد، ولكن السؤال كيف سيتأثر العالم أن انقرض الجنس العربي؟ هل ستتأثر الصناعات الثقيلة منها أو الخفيفة، ماذا عن الأبحاث العلمية هل ستتوقف؟ أيعقل أن  يلتفت العالم لعدم وجودنا، أما أن الشعوب ستسير في طريقها السالكة من غيرنا، سيكملون نجاحاتهم، بل ستتوقف الحروب التي يفتعلها الغرب ليسيطر على ثرواتنا، ويستخرجون من أرضنا الكنوز المخزونة، ويسافرون أفواجاً هرباً من الجليد الى الشمس المشرقة والشواطئ الدافئة، سيقيمون في قصورنا المنتشرة في كل المدن،  سيدخلونها ليجدوها عامرة بكل ما هو ثمين، وستجد نسائهم أن خزائن الملابس مليئة بأخر الصيحات الفرنسية، وافخر أنواع السجاد والأثاث، بل سيعتقدون أن كل العرب أغنياء، ولكنهم سيكتشفون الفقر والمرض والجهل عندما يزورون مساكن البسطاء، سيعرفون أن هؤلاء كانوا يعيشون اليوم بيومه، ويوكلون أمر الغد الى خالقهم، وأن معشر الفقراء لم يخسروا أي شيء بموتهم، بل أنهم فارقوا الحياة الظالمة الى حياة أبدية عادلة.

ستهرول الشعوب الى مصانعنا ومعاملنا لعلهاتنهل من ابتكارتنا، سيفاجؤون بعلب السمن، ومعلبات الفول والحمص والطماطم، سيظنون أننا نخدعهم، ليفتحوا مخازننا ليجدوا أن كل ما فيها صنع في الصين، حتى مسابحنا وسجاجيد صلواتنا وفوانيس أعيادنا مصنوعة بأيدي صينية. سيذهبون الى مخازن الاسلحة والذخيرة سيتعرفون سريعاً على أنواعها فهي جاءت من عندهم وعادت إليهم. سيعقدون الاجتماعات تلو الاجتماعات متسائلين، ما الذي كان يفعله العرب في تلك العقود الطويلة التي كان العالم يتسابق فيها على التقدم والاختراعات؟ سيبحثون في كتبنا  عن الأجابات ليجدوا تلك الكتب بيضاء لا حروف فيها،  الا بعض من المجلدات مرصوفة على الرفوف عنوانها تاريخ العرب الحديث، سيفتحونها ليجدوا أن فصولها تنزف دماء غزيرة، ولكل فصل عنوان، فصل الحروب الطائفية، وفصل الحروب المذهبية، وفصل الحروب الأهلية، وفصول للحروب بين الدول الشقيقة،  غير الحروب التي قامت ولم تقعد بين الفاسدين والشعوب، وفصول طويلة تحمل اسماء الاضرابات والاعتصامات والاحتجاجات.

 سيضحكون طويلاً من سذاجتنا، وسيحمدون الله أنهم تمكنوا من أرض قدسها الله بأنبياءه وقديسيه وأولياءه، ولكنها كانت مملوكة لشعوب أجسادها بلا عقول لم يحافظوا علىأوطانهم، بل أنهم اقترفوا فيها كل الموبقات، فلم تعد  تحتمل تلك الارض نجاستهم، فسلطت عليهم  حشراتها وجراثيمها وأمراضها ليفنوا وتبقى هي تنتظر من يستحق أن يعيش عليها.