بوابة صوت بلادى بأمريكا

عايدة محمود تكتب: أدب الطفل وإنعكاسه علي سلوكياته ...

في السنوات الأخيرة تراجع أدب الطفل وشهدت قلة إنتاج في الأعمال الفنية الأدبية الموجه للأطفال وكذلك الطفل لم يعد يهتم كثيرا بالقراءة وإقتناء الكتب وأصبح الطفل يقضي ساعات طويلة من يومه أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية في عالم الألعاب الذي أصبح هو عالم الطفل المعاصر

وسنعرض في هذا المقال أدب الطفل وتعريفه وأهم رواده وكيف أنه وسيلة تربوية تساهم في تهذيب سلوكيات الطفل وليس فقط للترفيه وخطر إدمان الألعاب الإلكترونية والتي كانت من الأسباب الأساسية وراء عدم إقبال الطفل حاليا علي القراءة وغيرها من أعمال أدبية موجه له.

 

* تعريف أدب الطفل وخصائصه...

هو الإنتاج الأدبي الذي يقدم للطفل سواء كان مقروء أو مسموع أو مرئي وتعود بدايات أدب الطفل إلي القصص المحكية والأغاني قبل وجود الطباعة وأدب الطفل هو جزء من الأدب موجه للأطفال ويراعي فيه مستوي إدراكهم وقدرتهم علي الفهم ومراحل أعمارهم ومستواهم العقلي وأيضا مراعاة الألفاظ والتعبيرات الموجه إليهم ويخاطب الأطفال منذ المراحل الأولي من حياتهم حتي مرحلة المراهقة وهذه المرحلة هي أهم فترة في حياة الطفل حيث يحتاج في تلك الفترة ما يصقل شخصيته ويغرس فيه الصفات الحميدة والأخلاق النبيلة فهو يحتاج في هذة المرحلة إلي إرشادات ونصائح تساهم في بناء شخصيته.

 

* دور أدب الطفل كوسيط تربوي .....

يعتبر أدب الطفل وسيط تربوي وأداة تعليمية وتربوية يمكن عن طريقه توصيل رسائل وقيم ومعاني ونصائح للطفل بشكل غير مباشر والتي قد تؤثر تأثير إيجابي علي سلوكه.

ويعتبر أدب الطفل وسيلة وأداة تساعد علي النهوض بالمجتمع من خلال النهوض بالطفل الذي سيصبح رجل المستقبل وأن التربية التي يمكن أن يتلقاها الطفل عن طريق الأدب الذي يمكن أن يتجسد في شكل كتاب أو مسرحية أو أغنيه وغيره ليست بأقل أهميه مما يتلقاه في المدرسة وبذلك يكون لأدب الطفل وظيفة تعليمية بجانب البعد الترفيهي.

 

* رواد الكتابة في أدب الطفل .....

أدب الطفل في أدبنا العربي لم يتبلور إلا في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين وهو كفن أدبي متميز لم يجد طريقه إلي الأدب العربي قبل أحمد شوقي وهو أول من اهتم بهذا الأدب كلون أدبي مميز فبعد عودته من فرنسا دعا إلي إيجاد أدب خاص بالطفل وذكر هذة الدعوة في مقدمة

" الشوقيات " وقد قدم أحمد شوقي حكايات شعرية تحمل معاني أخلاقية للطفل مثل " فأرة الغيطان " وكذلك نشيد "المدرسة" للأطفال ولابد أن نذكر الكاتب كامل كيلاني والذي يعتبر رائد من رواد كتابة القصص للأطفال قدم من سنة ١٩٢٩م إلي ١٩٥٩م الكثير من القصص كما أعاد صياغة القصة الشهيرة السندباد السحري.

وكذلك قدم الكاتب يعقوب الشاروني الكثير من مؤلفات موجه للطفل سواء أعمال روائية وقصصية ومسرحية وقد فاز بجائزتين عالمتين جائزة معرض بولونيا الدولي للأطفال عام ٢٠٠٢م وبجائزة من المجلس العالمي لكتب الأطفال ٢٠١٦م وقد ترجمت العديد من كتاباته للطفل إلي الإنجليزية.

ومن بين رواد الكتابة للطفل الكاتب أحمد محمود نجيب والذي تعد قصة " مغامرات الشاطر حسن " من أشهر مؤلفاته وحديثا الدكتورة عفاف طبالة كاتبة مميزة في مجال أدب الطفل في مصر وقد حصلت في عام ٢٠٠٧م علي جائزة مصر لأدب الطفل وجائزة الشيخ زايد في نفس المجال عام ٢٠١١م

وبالنسبة للأدب العالمي للطفل هناك العديد من الرواد نذكر منهم "شارل بيرو" من عام ١٦٢٨م إلي ١٧٠٣م وهو كاتب فرنسي كتب ضمن كلاسيكيات أدب الطفل العالمية القصة الشهيرة " سندريلا والجميلة النائمة " وكذلك نذكر الكاتب دانييل ديفو ولويس كارول وغيرهم قد ساهموا بمؤلفات قيمة في الأدب العالمي للطفل.

والكتابة للأطفال تتطلب مهارات وأدوات فكرية تفوق الأدوات التي يحتاجها الكاتب للكبار لأنه يعرض للطفل موضوعات وقيم ومعاني ونصائح أخلاقية معقدة بأسلوب روائي وقصصي بسيط ربما يقترب من الفكاهة واستخدام الرمزية في بعض الأحيان لكي يقدم النصيحة بشكل غير مباشر والتي تقي الطفل من الملل فيستطع أن يتقبلها فتؤثر فيه إيجايبا.

 

* خطر إدمان الألعاب الإلكترونية .....

إتجاه الأطفال إلي الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية أبعدهم كثيرا مؤخرا عن القراءة والرياضة وغيرها من الأنشطة المفيدة فقد غزت تلك الألعاب كل بيت تقريبا والطفل أصبح يهدر ساعات طويلة يوميا مع تلك الألعاب ولهذا النوع من الإدمان الإلكتروني أضرار كثيرة علي الطفل منها :

 

_أضرار جسدية :

مثل ضعف الإبصار والصداع ومشاكل في الأعصاب بسبب التعرض فترات طويلة للأشعة الضارة الصادرة من شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية والسمنة وتراكم الدهون بسبب ان الطفل يقضي ساعات طويلة مع الألعاب الإلكترونية بدون حركة.

 

_أضرار نفسية : 

عدم شعور الطفل بالسعادة والرفاهية الإ أثناء ممارسته لهذة الألعاب وقد يؤدي أيضا بالطفل إلي الفشل في الحياة العملية بسبب عدم رغبته القيام بمهام حياته العملية من دراسة وغيره وتضيع وقت طويل أمام الألعاب الإلكترونية والتي أعتبر إدمانها خطر حقيقي يهدد أطفالنا وكذلك تؤدي إلي أن يكون الطفل أكثر عصبية وعدوانية لأن أغلب تلك الألعاب تجسد حروب وضرب ومعارك وعنف كما تجعل الطفل يفقد قدرته علي التواصل مع الأخرين ويميل للعزلة.

 

 

* دراسة اسبانية حديثة عن الألعاب الإلكترونية....

أظهرت تلك الدراسة والتي أجرها حديثا الباحث خيسوس بوجول بمستشفي ديل مار في برشلونه وشملت الدراسة ٢٤٤٢ طفل تترواح أعمارهم بين ٧ إلي ١١ سنة وقد أظهرت الدراسة أن ممارسة الأطفال للألعاب الإلكترونية لأكثر من ٩ ساعات أسبوعيا تشكل خطر عليهم وتظهر مشكلات سلوكية لديهم وصراع مع زملائهم وميل للعدوانية وكذلك تقل مهاراتهم الإجتماعية ويفضلون الوحدة.

 

* إعادة جذب الطفل لكل الإنتاجات الأدبية الموجه إليه....

_ لابد من مشروع قومي موجه للطفل في محاولة لإعادة جذبه للقراءة خصوصا وكل إنتاجات أدب الطفل بوجه عام فلابد أن تتعاون القطاعات الحكومية والمتمثلة في وزارة الثقافة وما يتبعها من قصور الثقافة والمكتبات والمسارح ودور عرض سينمائية وغيرها ووزارة التعليم والمجلس القومي للأمومة والطفولة وكذلك القنوات الإعلامية والصحفية الموجه للأسرة والطفل وكذلك الجمعيات الأهلية المهتمة بالأسرة والطفل.

فالطفل هو أحد مكونات الأسرة الأساسية الذي يجب رعايته وتنشأته علي المثل والقيم حتي نضمن أجيال قادمة رشيدة وصالحة وكذلك علماء النفس التربوي والإجتماع والكتاب المتخصصين في الكتابة للطفل في إنتاج أدب طفل مميز في ثوب جديد ومتطور وأكثر حداثة لا يهدف الربح بقدر ما يهدف تقديم أدب يحمل رسالة ومعاني وأخلاقيات راقية للطفل.

_ فلابد أن تتظافر كل الجهود للإرتقاء بمستوي أدب الطفل المقروء والمرئي والمسموع وجعله أكثر حداثة وجاذبية بإصدارات جديدة الشكل والمضمون بإستخدام التقنية والأدوات الحديثة لجذب الطفل وتنافس إبهار الألعاب الإلكترونية.

_ العمل علي تجديد إصدارات أدب الطفل وخاصة الكتب لتكون بشكل جديد جذاب ومبتكر في الألوان والتصميم يجذب الطفل للعودة للقراءة ويحمل مضمون أخلاقي ومعاني وقيم وإرشادات ترتقي بفكر وسلوكيات الطفل.

_ تفعيل مهرجان القراءة للجميع وعودة المكتبات المتنقلة لتكون متواجدة طوال العام لأن الطفل خاصا في المحافظات والقري والريف والصعيد بحاجه أن يصل إليه الكتاب بإصدار جديد وأكثر تطور وأن يكون القائمين علي المشروع متخصصين في التعامل مع الأطفال.

_ لابد أن تكون هناك مسابقات وجوائز ليس فقط لتشجيع الطفل علي القراءة أو مشاهدة مسرح أو سينما للأطفال لكن أيضا لابد من عمل مسابقات لإكتشاف طفل مبدع في الكتابه أو التمثيل أو الغناء أو غيرها من مجالات الأدب والفن لخلق جيل من المبدعين حتي لا تتوقف عجلة الإبداع في المستقبل.

وأخيرا الطفل هو الثروة التي يجب أن تلقي إهتمام وعناية وهو نبته لابد أن تروي بالقيم وتشبع بالاخلاق الحميدة حتي يصبح فيما بعد إنسان صالح يفيد نفسه ويفيد المجتمع.

أخبار متعلقة :