بوابة صوت بلادى بأمريكا

صفوت عطا الله يكتب: الشرح والتفصيل لنظريات العلامة ابن بهلول

في  كل زمان وعصر يخرج علينا العلماء والباحثين بالنظريات والتفاسير والشرح لسلوكيات البشر وتوضيح الغموض وفك الألغاز لتصرفات الخلق في حياتهم الخاصة والعامة مستعينين بعلوم النفس والاستطلاعات والفحص والتمحيص لما يحدث حولهم من ظواهر ومحاولة تحليل وتعليل تلك الأفعال وقد نشرت مؤخراً وكالة أنباء شخاليل نيوز بحثاً مطولاً في هذا المجال عن أحد العلماء العلامة الجهبذ والباحث الفذ فلتة زمانه وعصره الذي لا يقل شهرة عن كافة العلماء المشهورين البارزين في العالم ألا وهو العلامة " أبن بهلول"  ذلك العالم المغمور الذي لا يعرفه أحد أو تمنح له جائزة ولم يكن مشهوراً ولم ينل تقدير من الأوساط العالمية ولكنه مع تعاقب الأعوام اكتفى هذا العلامة برضا المولى القدير ومحبة الأصحاب والخلاّن عن طريق مقالاته وأبحاثه التي ينشرها تباعاً بصورة هزلية ساخرة تبعث في النفس البسمة والفرفشة وترسم على الوجه الضحكة خاصة ونحن نعيش في عالم وزمن مقفر رديء شح فيه الانبساط وراحة البال وقلت فيه القفشة والمزحة والضحكة الصافية في قلوب راضية مؤمنة.

نستهل هذا المقال بذكر أهم نظريات العلامة أبن بهلول خلال مشوار حياته:

 

 

أولاً نظرية الأصبع الأعوج:

في منهج حياة الإنسان منذ وجوده على الأرض ويتضارب بسلوكياته وتصرفاته وأفعاله حسب الصفات الموروثة من السابقين من أهله أو الصفات المكتسبة من المحيط والمعايشة والمخالطة مع الآخرين وتتفاوت درجات التأثير حيث يتحرك المرء من أقصى ناحية الاعتدال والاستقرار إلى ناحية الانحراف والتذبذب وبعد التأمل والتدقيق أكتشف العلامة المذكور أمرا عجيباً وغريباً بمجرد النظر على كف يدك بسهولة ويسر دون الخوض في التفاصيل والتعقيد وبدون بذل مجهود يلاحظ أن أصابعك الخمسة مكونة من أربعة هم الخنصر والبنصر والوسطى والسبابة بينما الأصبع الخامس وهو الإبهام مائلاً قليلاً في الكف وهذا الإبهام أثار فضول العلماء منذ سنين طويلة نظراً لاختلافه وانعزاله عن باقي أصابع اليد وبعد اجتهاد ومثابرة تمكن البعض في حل اللغز الشائك والغامض بتفاسير وتحليل بأهميته وضرورياته في اليد ولكن العلامة أنفرد وحده في تفسير مختلف تماماً عنه  موضحاً الآتي:

لو افترضنا رسم خطوط مستقيمة مماسه قمة كل صباع فإننا نجد لدينا أربع مستقيمات متوازية بينهم مسافات تكبر أو تصغر حسب أطوال تصغر حسب أطوال الأصابع الأربعة وهي إثبات لوجود نوعيات مختلفة من البشر الأسوياء حيث تكون بينهم فوارق حسب درجة التعليم أو المستوى المادي  أو الحالة الاجتماعية والثقافية ولكن بالنسبة للخط المماس للأصبع الإبهام فإننا نجده مائلاً بزاوية حادة قمته العليا تتجاوز الخطوط الأربعة بمسافة كبيرة ملفته للنظر بينما طرفه السفلي ينخفض بشدة عن الخطوط الأربعة وهنا جاء تفسير العلامة العلامة باعتباره الأصبع الأعوج نسبة للنفس المنحرفة المزاج أو الغير سوى التصرفات وهذا الشخص له صفات ومواصفات مختلفة عن باقي أخوته الأسوياء نجده دائماً في صراع مع النفس ذات سلوك متباين مرة تراه في حالة إحساس كبرياء وتعالى وتكبر وأخري متناقضة وأحساسة بالتدني وصغر النفس ومتقلب المزاج متذبذب السلوك دائم الصدام والاختلاف والصراع يميل هذا النوع إلى التظاهر الكاذب والشكليات دون التعمق إلى الجوهر والحقيقة والواقع يشبه موج البحر في العلو والهبوط السريع، سريع الانفعال والغضب والكراهية الشديدة وبين الضعف والخنوع صعب الاعتذار عن أخطائه الكثيرة المتكررة يميل إلى حالة الخوف من الأيام والمستقبل وتقلبات الزمان نتيجة للتظاهر يرتكب دون أن يدري خطأ التجميل والكذب وقد برزت تلك الظاهرة بشكل واضح على المستوى الفردي في حياتنا ولكن عقب ثورة 30 يونيو 2013 انطبقت على جماعة الإخوان وبعد ضياع السلطة والصولجان اتخذوا شعاراً لهم وهو أشارة رابعة بإظهار الأربعة أصابع ودون أن يدروا حاولوا إخفاء صباعهم الأعوج بضمه على الكف تغطيه أفعالهم وتصرفاتهم وسلوكياتهم وأفكارهم المشوهة وإرهابهم المقيت وقدر أن ينفضح أمرهم وينكشف ملعوبهم وهدفهم الهدام وأيضاً ينطبق الأصبع الأعوج على الكثيرين خاصة من رجال ونساء الإعلام الفاشل الساقط الذي سلط الضوء عليهم الرئيس السيسي أخيراً ومحاولاته بالفرز واستبعاد وطرد تلك النوعية الغير سوية عن المجتمع.

 

ثانياً: نظرية حنا حنا وعكشة:

ظواهر غريبة وعجيبة انتشرت في المجتمع المصري خلال عدة السنوات السابقة فإذا كان الإنترنت أعطى للإنسان أن يعيش في عالم افتراضي فإن المصريين عاشوا في عالم اللاوعي أو اللامنطقي وصل لحالة التوهان والخبلان والاعتماد على الغيبيات والأقدار فظهرت شخصيات كان من المستحيل ظهورها أو تكون لها مكان أو كرسي أو منصب على كافة المستويات تسلقت مثل نبات اللبلاب تشعب وتفرع وأنتشر في غفلة من الزمن وللأسف وجد قبول وترحاب من كثير من المغيبين منهما على سبيل المثال من وصل إلى أعلى سلطة تشريعية في البلاد ومن تسلق المنابر  ومن سيطر على قنوات وإعلام وأبرز تلك الأشخاص وبعد حصولها على أعلى الأصوات على مستوى الجمهورية كلها في انتخابات مجلس النواب الأخير بفارق كبير عن المحترفين والمخضرمين من نواب الشعب سلط الضوء عليها وأصبحا نظريات تدرس في الكليات والجامعات نظرية حنا حنا نسبة إلى مستشار وقاض وعضو مجلس نواب يتميز باستخدام أفظع الشتائم والسباب لأي شخص مخالف له أو معارض وأشتهر بمقولة ومصطلح شائع الخاص بالأم ولم يسلم لسانه عن فنان أو سياسي أو أديب أو مثقف أو رياضي أو رجل دين حتى أصغر فتاة مريم صاحبة الصفر المشهور في الثانوية العامة ومن صفاته وسلوكه وصل إلى حد رفع الحذاء فكانت طريقته متدنية وأسلوبه منحرف خلال فترة قصيرة أنطلق كالصاروخ إلى النجومية ورياسة أكبر نادي رياضي في مصر ومجلس النواب وأي متابع لتاريخه مجرد على الضغط على زر اليوتيوب ووضع أسمه سوف يجد الكم الهائل والشتائم والسباب والتهديد بالسديهات المسجلة وأعداد الأشخاص الذين يتطاول عليهم والمدهش والعجيب أن نجده قد حقق إنجازات مذهلة وبطولات غير مسبوقة للنادي وطفرة تصل إلى درجة المعجزة بكل المقاييس وأصبح وحده نظرية تنطبق في أنحاء العالم ومن أبرز الذي أستخدم تلك النظرية السحرية "حنا حنا" هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء ترشحه  في انتخابات الرئاسة وفعلاً نجح بتفوق منقطع النظير لأكبر دولة في العالم وهي أميركا.

أما النظرية الأخرى "عكشة" نسبة إلى إعلامي هلامي قامت والدته بشراء قناة خاصة به  وأصبح صاحبها ومذيعيها الأوحد من الصباح وحتى نهاية الإرسال يجلس أمام الكاميرا مستخدما أسلوب المصاطب والتعبيرات الشعبية البسيطة التي يحبها المستمع البسيط الساذج بكلمات معسولة متلونة وتخمينات يسهل تأويلها وتحريفها حسب هوى المستمع مستغلاً حالة الفلتان والفوضى والمشاكل والأحداث التي مرت بالبلاد عقب يناير 2011 وخلال فترة وجيزة كون له شعبية متزايدة وبضربة زهر صدق في احدى المرات كلامه وظهر كأنه بطل ومنقذ وهيرو قادم من السماء لإنقاذ البلاد من طغيان الإخوان وتوهم أنه يقوم بمليونيرات ولحصوله على بعض المعلومات المسربة من قبل العارفين ببواطن الأمور استخدمها في الرغي المطول الممل ولكن المتأمل المتأني سوف يكتشف من أول وهلة قلة خبرته وفقره الفكري وضحالة ثقافته ولكن الزن على الودان أمر من السحر مما جعله يحصل على أعلى الأصوات في مجلس النواب ولكن لا تسلم الجرة كل مرة وكما صعد إلى عنان السماء هبط وسقط بنفس السرعة وانفضاح أمره وأنكشف ستره وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان تم طرده من مجلس النواب بطريقة مهينة وباع قناته وتوارى عن الأنظار واختفى ولكنه عاد على استحياء على قنوات ببرنامج لم يحظ  بأي نجاح أو نجومية مثل السابق وتتخلص نظرية عكشة في استغلال سذاجة الناس ودغدغة مشاعرهم بأسلوب معسول وقد تم تطبيق نظرية عكشة على المرشحة الأمريكية السيدة هيلاري كلينتون التي كانت على ثقة تامة بالفوز لرئاسة أميركا ولكنها سقطت بنفس طريقة عكشة بتغرير من وسائل الإعلام المضللة التي أوهمتها بتفوقها على المنافس باستطلاعات وهمية كاذبة.

 

ثالثاً نظرية دعدوش والفرعون:

من المعروف أن الدولة المصرية القديمة كانت قائمة على ثلاثة أضلاع مثلث في تناغم وانسجام مزيد سلطة الفرعون وطبقة الأمراء وسلطة الكهان ورجال الدين وطبقة عامة الشعب وكان كل ضلع له حدوده وعمله وأسلوب تعامله داخل أطار تنظيمي دقيق متعارف عليه لكل فرد يعرف دوره بالضبط وتتسم بالاحترام والطاعة وآداب الحوار وقناعة تامة لهذا وصل الفرعون إلى أعلى المراتب وصلت إلى تقديسه باعتباره الإله بمساعدة ومعونة وتعضيد سلطة الكهنة والاحترام والطاعة من قبل الشعب وكل وظيفة في تلك المنظومة مكلف بها شخص يعمل بإخلاص وأمانة واجتهاد وضمير والنتيجة الحتمية كانت ممتازة وجيدة وصلت الدولة المصرية الفرعونية أعلى درجة الرقي والازدهار والحضارة كذلك أدت إلى ظهور فئات متميزة في كافة الأعمال والوظائف وحرفية وصناع في غاية الدقة والخبرة استمرت عدة قرون محتفظة بالتفرد والتخصص تدهورت بعد ذلك حتى كادت تنتهي بقدوم العثمانيين وعصور التخلف والظلام ولكن مع انحلال وانهيار العصر الفرعوني والقبطي تحولت إلى سلطة دينية يحكمها الخلفاء والأمراء أغراب عن مصر لهم أهدافهم ومصالحهم الشخصية ومآربهم ونتيجة الصراعات والخلافات انفصلت طبقة الشعب وتحولت إلة فئة مهملة مهمشة مطحونة مغلوب على أمرها ظهرت شخصية الدراويش التي يبث روح الخضوع والطاعة الجبرية للسلطة الدينية والخليفة وينشر روح التواكل والخنوع بين أفراد الشعب ومع الأيام وتبدل الأحوال وتغير الأشخاص ظهر الدرويش في ثوب جديد في صورة دعدوش معتمد على المال والسلاح يقود الرعاع وضعاف النفوس والمأجورين في السيطرة على مقدرات الناس والويل لمن يعترض وإلا نال العقاب الإلهي وتنفيذ الأحكام والإعدام ورأينا داعش تبسط نفوذها على مساحات كبيرة وفي مناطق العراق وسوريا وليبيا وسيناء المصرية حتى وصلت إلى تشاد والنيجر ونيجيريا مروراً بأفغانستان وباكستان ووصولاً لجنوب الفلبين فإذا كان الفرعون يمثل السلطة الدينية ورمزها المقبول من الشعب وأصبحت دولة قوية وفكر مستنير تحول دعدوش هذا الزمان إلى رمز السلطة الدينية الطاغية الغاشمة وفكر متطرف يعصف بكل حضارة أو تنوير وتقدم أيهما تختار يا عزيزي دعدوش أم الفرعون ؟

 

رابعاً نظرية التبرير والتأويل:

هذه النظرية والظاهرة انتشرت في بلادنا المصرية عقب أحداث يناير 2011 وبعد الانفلات العام والفوضى الشاملة وانقلاب الأوضاع وانهيار سلطة القانون المتمثلة في وزارة الداخلية وتسلق طبقات لا تعترف بقانون أو مواثيق وسطوة الإخوان والسلفيين على مقادير ومفاصل الدولة وضياع هيبة الدولة المدنية ظهر فكر غريب مستهجن نتيجة الأحداث المريبة وارتكاب أفعال غريبة والدخول في دوائر اللامنطقي واللاعقلي والتركيز على التخاريف والخزعبلات وتحليل الأشياء والأعمال الخاطئة السيئة واستحلال الممنوع والحرام بدأت تظهر فكر شاذ غريب في عقول الكثيرين وهو منطق التبرير والتأويل والتحوير والتحليل على سبيل المثال لو افترضنا أن الشمس ساطعة في كبد السماء أمام الخلق واضحة وظاهرة للعيان نكتشف أن هناك فئة تشكك وتكذب وتنكر وتزعزع في الحقائق مستندين إلى أقوال وفتاوى وأسانيد الأولية السابقين ونتيجة كثرة العقول الخالية الخاوية تجد آذان صاغية ومصدقة وتقبل تلك الخرافات والخزعبلات وترددها في تحدي سافر لكل الحقائق والنواميس الطبيعية والقوانين بل زاد الطين بله زيادة على ذلك قبول بعض المتعلمين والمثقفين بل تنساق خلفها لإثباتها وتبريرها وتأويلها حتى يقف الإنسان في حيرة من أمره والقليل يقف صامتاً وإلا سيتعرض للمساءلة والمحاكم وازدراء الأديان لهذا فقدت المصداقية والمنطق والعقل كفتها وانجرفت البلاد ناحية التخلف والانهيار والانحدار فالمخطئ له حجة والمجرم له تبرير والسارق له منقذ والمرتشي له الغدر والفاجر له مبرر والإرهابي له مكافأة والعاهرة لها ثواب والكاذب له ثمره والمنافق له وسيله وقوة القانون إلى قانون القوة نتيجة تلك النظرية الهدامة في التبرير والتأويل انقسم المجتمع إلى صراع دائم وخلاف حاد وقتال بغيض وجدال عقيم فئة تؤمن بالواقع والحقائق والعلم والمنطق وفئة تميل إلى إعطاء الأخطاء المبررة والحجة والتأويل وللأسف الإعلام والميديا ومواقع التواصل الاجتماعي ساعد على تعميق هذا الخلاف بل وصل إلى أن أصبح هو أساس التعامل ضاعت فيها الحقيقة والأخلاق والمبادئ وحلت مكانها التشكيك والتعليل والتبرير فهي أول طريق التخلف والردة والميوعه والتحلل للمجتمع لو استمر بنا  الحال هكذا.

 

  

 

أخبار متعلقة :