صانع الأمل لقب جديد استحقه السير مجدى يعقوب ملك القلوب وأسطورة الطب الفارس العازف على قلوب المرضى ممن أنقذ حياتهم ليصبح «مشرط يعقوب» الذى أجرى به آلاف العمليات الجراحية أداة لإعادة الحياة بشريان صغير فى القلب يعيد إليه الحياة وينبض بالأمل من جديد.. هذا ليس بشهادة المصريين وحدهم لكن بشهادة العالم أجمع.. بعد رحلة شاقة قضاها فى إجراء آلاف العمليات الجراحية.
لم تكن حياة مجدى يعقوب العملية كجراح قلب تختلف عن رحلته كإنسان له قلب ينبض بالحب والخير والجمال، فدائماً كانت له مواقف إنسانية مع من يعالجهم ومع من حوله وأبناء بلده بل مع أى إنسان يقابله لابد أن يترك لمسته الخاصة عليه ونفحات الخير التى تشبه نفحات القديسين.
هبة من الله.. مجدى يعقوب إنسان عظيم وهبه الله لمصر المحروسة ليظل رافعاً اسمها عالياً.. ولكن هل فكرت فى رحلة حياة هذا الرجل وكيف وصل لهذه المكانة بل وكيف وصل بقلبه ويديه الماهرتين وعقليته النابغة ليصبح أفضل جراح قلوب فى العالم.. إذا كنت من محبى هذا الرجل أكمل القراءة سوف أصطحبك فى رحلة قصيرة فى حياة الإنسان مجدى يعقوب..
ولد مجدى يعقوب فى 16 نوفمبر عام 1935 فى بلبيس بمحافظة الشرقية، وتنحدر أصوله من المنيا، ودرس الطب فى جامعة القاهرة وتخرج عام 1957 وكان ترتيبه الخامس على الدفعة وتعلم فى شيكاغو ثم انتقل لبريطانيا ليبدأ رحلة العمل والعطاء الإنسانى.
حبيب يعقوب.. جراح شهير وهو والد السير مجدى يعقوب والذى شرب منه سر مهنة الطب وهو الإنسانية قبل كل شىء، وهو الذى ألهمه لاختيار هذا التخصص ويحمل أحد شوارع العجوزة اسم حبيب يعقوب.
لم يكن والده فقط هو الذى ألهمه للعمل كجراح قلب، ولكن قصة أخرى دفعته لاختيار جراحة القلب.
العمة أوجينى
من رحم المحنة تولد المنحة.. هذا ما يستحقه هذا الحدث فى حياة يعقوب، حيث كانت مأساة وفاة شقيقة والده «عمته» «أوجينى» التى توفيت فى عمر الـ23 سبباً فى اختياره لدراسة جراحة القلب، بعد أن أصيبت بحمى روماتيزمية تسببت فى إضعاف صمامات القلب.
وعندما كان «يعقوب» فى السابعة من عمره حكى له والده أنه كان من الممكن إنقاذ «عمته» بإجراء عملية جراحية لإصلاح صمامات القلب، وقال له إن هذا يدخل ضمن مجال جديد فى الطب حينها يسمى «جراحة القلب».
هذه المأساة والأزمة التى عاشها مجدى يعقوب كانت بمثابة دافع وحافز له ليتخصص فى هذا المجال الطبى وينقذ حياة البشر الذين يموتون بسبب أمراض القلب.
حياته العاطفية
ماريان يعقوب.. حب حياة السير مجدى يعقوب، فقد استطاعت أن تخطف قلب السير فى ثانية.. وهى امرأة ألمانية تزوجها يعقوب فى السبعينيات من القرن الماضى وكانت تعمل طبيبة أيضاً.
لم يحب السير يعقوب أن يتحدث كثيراً عن زوجته، فقد كانت أحاديثه عن حياته الشخصية «مقتضبة» بعض الشىء، فهو يحب فقط أن يتحدث عن عمله الطبى، وهذا كان واضحاً فى اللقاءات التليفزيونية القليلة التى أجراها.
وفى حديث سابق مع الإعلامية منى الشاذلى كشف يعقوب بعض الأشياء عن زوجته ماريان وعن حزنه على وفاتها وقال: «أنا فقدت زوجتى وكان لها وجود كبير فى عائلتنا.. كانت جزءًا ضخمًا من العيلة بتاعتنا..عشت معاها رحلة عمر امتدت لمدة 45 سنة.. مش ممكن الواحد ينسى».
عائله مجدى يعقوب
وأضاف قائلا عنها: «هى سيدة ألمانية، من ألمانيا الشرقية، لكنها انتقلت لألمانيا الغربية ثم إنجلترا وتزوجنا فى الولايات المتحدة الأمريكية»، واصفاً رحلته معها بـ«رحلة العمر».
لم يختلف يعقوب الزوج عن يعقوب الطبيب والإنسان، فقد كان زوجاً محباً وفياً لا ينسى زوجته ويتذكرها بالخير بعد أن عاشت معه طيلة 45 عاماً، وبعد وفاتها قرر أن يفعل ما كانت تطلبه منه هو وأولاده، وبعد فقدان زوجته نفذ وصيتها التى طلبتها منه هى وأولاده، وقال: «حزنت لكن عملنا الحاجات اللى كانت عاوزاها أنا والأولاد، مقعدناش نعيط ونقول سابتنا، لكن كملنا عشان ننجح».
الأبناء والأحفاد
أنجب مجدى يعقوب 3 أبناء من زوجته ماريان وهم: أندرو وليزا وصوفى، ومع انشغال يعقوب بعملياته الجراحية قررت ماريان أن تتفرغ لتربية أبنائها الثلاثة.
أندرو هو الابن الأكبر ليعقوب، ويعمل «طيار»، حيث كان يحلم بالعمل فى مجال الطيران منذ صغر سنه، وبالفعل حقق الأمنية وترك له والده حرية الاختيار للمهنة التى يرغب فيها، ولم يجبره على استكمال مسيرته فى عالم الطب وجراحة القلب.
الابنة «ليزا» فهى كاتمة الأسرار لوالدها، تعرف كل شىء عنه وتنظم معه أعماله فهى بمثابة «الجندى المجهول» الذى ينظم له وقته وتحركاته بمنتهى الدقة وكانت تحضر معه كل حفلات التكريم حول العالم.
وكانت ليزا تقول عن والدها دائماً أنه كان حريصا على ممارسة الرياضة خاصة رياضة المشى والسباحة، وكذلك أنه كان يفضل الإكثار من أكل الخضراوات والفاكهة والابتعاد عن تناول اللحوم إلا بكميات بسيطة، وبالتأكيد أنه يطبق كل الأشياء المفيدة لصحة القلب.
سلاسل الأمل.. مؤسسة أنشأها مجدى يعقوب فى لندن لعلاج الأطفال الفقراء بالمجان وكانت ابنته ليزا تعمل منسقا بالمؤسسة، فقد وهبت حياتها لخدمة المجتمع والناس».
وقالت ليزا، فى تصريحات صحفية عديدة، إنها تحب مصروتعشقها، وإنها عاشت فى لندن ولكن قلبها فى مصر.
الابنة الصغرى صوفى الوحيدة من بين أبنائه التى اختارت الطب وتتخصص فى طب المناطق الحارة، حيث تعمل فى قارات أفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية، حيث تعمل طبيبة أمراض مستوطنة وقد فازت بمنحة من الاتحاد الأوروبى، وتعمل على صحة 500 مليون شخص حول العالم فى البلدان الحارة وتنافس والدها فى أعماله الإنسانية.
لدى الدكتور مجدى يعقوب 3 أحفاد يعملون أطباء فى سنغافورة، حيث يعيشون هناك، وهم أمايا وليتى ونيكولاس، وأمايا هى الأكثر شبهاً له فى الشكل والشخصية.
قصة تبنى يعقوب لطفل إثيوبى
تبنى يعقوب طفلا إثيوبيا يتيما بعد أن أجرى له عملية جراحية بالقلب فى مركز القلب فى أسوان، ولكنه لم يجد له أهلا ليسلمه لهم، فأخذه معه وأصبح يعيش معه فى منزله بإنجلترا، كما تولى تعليمه والإنفاق عليه وهو موقف إنسانى رائع من ملك القلوب.
الطفلة فرح وقلب فى شنطة على ظهرها
فرح أحمد طفلة صغيرة كانت مريضة بالقلب وتبحث والدتها عن طبيب أطفال شاطر لتفسير حالتها، ومن تخصص لآخر أجمع الأطباء على ضرورة خضوعها لعملية استئصال «الزائدة»، إلا أن جسدها الصغير رفض البنج لينقذها من التشخيص الخاطئ الذى كاد أن يتسبب فى استئصال جزء من جسدها ثم طلب الطبيب «أشعة على القلب»، وقال لها إنها تحتاج لعملية زراعة قلب صناعى، وهى لا تجرى فى مصر، ثم اقترح أحد الأطباء على الأم أن تذهب لملك القلوب مجدى يعقوب.
وفى 11 يناير 2018 التقت فرح بالدكتور مجدى يعقوب، وطمأن الأم وقال لها «متخافيش»، وأجرى للفتاة عملية جراحية دقيقة، وأنقذ حياتها بقلب صناعى تحمله على ظهرها فى حقيبة، وهو متصل بأسلاك تخرج متصلة بجسمها.
يعقوب والإرهابى
فى قصة ذكرها الدكتور صبرة القاسمى فى «البوابة»، وقال إن إرهابيا فى التسعينيات، أدين بقتل أقباط وسرقة محلاتهم، عقب صدور حكم بإعدامه، واكتشفت وزارة الداخلية إصابة الإرهابى بمرض فى القلب، تزامن ذلك مع زيارة مجدى يعقوب لمصر وقتها، وطلبت الداخلية من الدكتور مجدى يعقوب، علاج الإرهابى المدان، مع توضيح التهمة المدان فيها وهى قتل أقباط وسرقة ممتلكاتهم، مع تأكيدها تحمل تكاليف العلاج كاملة، وتفهم رغبته كاملة إذا رفض أن يعالج المريض، إلا أن يعقوب أصر على علاج الإرهابى على نفقته الشخصية.
وقال يعقوب حينها: «أنا رجل علم.. أعالج الناس جميعًا.. لا أحاسبهم على ما فعلوا أو ما سيفعلون؟ مهامى فى الحياة أن أعمل على شفاء الناس.. ولا يوجد مثل هذا الكلام فى العلم.. وأنا رجل علم.. وسأعالج الرجل على نفقتى الشخصية».
وبالفعل عالجه على نفقته وأعطاه شنطة الأدوية تكفيه 6 أشهر، وخففت محكمة الاستئناف حكم الإعدام إلى خمسة عشر عامًا.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع