سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 1 يونيو 1962..«جاهين» يرد على «الغزالى» بستة كاريكاتيرات وطلاب الأزهر يحاصرون «الأهرام»

«لقد طالبت حق الرد على الشيخ محمد الغزالى بعد كل الذى قال فى اجتماع «المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية».. وليس لى اعتراض على مهاجمة الشيخ الغزالى لشخصى، ولا على أسلوب الهجوم، ولا على الألفاظ، التى رضى لنفسه بأن يتفوه بها.. لى اعتراض واحد.. إنى أعترض على أن يخلط الشيخ الغزالى بين خلاف الرأى وبين قداسة الدين، إن ملابس الشيخ الغزالى لا تعطيه حصانة تجعل آراءه فوق مستوى النقد».

 

هكذا قدم «صلاح جاهين» رسومه الكاريكاتورية الست ضد «الغزالى»، بصحيفة «الأهرام» فى عددها يوم 1 يونيو «مثل هذا اليوم» عام 1962، فى سياق المعركة، التى تفجرت بينهما بسبب تعليق «الغزالى» على كلام جمال عبدالناصر عن «حقوق المرأة» أمام المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية يوم 27 مايو 1962 «راجع ذات أمس 31 مايو 2017»، وكان المؤتمر يناقش وثيقة «الميثاق الوطنى».

 

فاجأت «الأهرام» القراء بنشر هذه الرسومات تحت عنوان: «تأملات كاريكاتورية فى المسألة الغزالية»، وكان عنوان الكاريكاتير الأول: «الغزالى واعتراضه على اشتغال المرأة»، والرسم لشيخ يوجه سؤاله لفتاة تحمل فى يدها كتاب: «أنت ياست أنتى.. مين اللى سمح لك تشتغلى؟»، أما الكاريكاتير الثانى فكان لجموع من الشعب المصرى يحملون لوحة كبيرة عليها: «أهداف الميثاق.. الخبز للجميع.. المسكن للجميع.. الكساء للجميع. الكساء للجميع.. الدواء للجميع.. العمل للجميع.. الفرصة للجميع..الثقافة للجميع.. التأمين للجميع.. الحكم للجميع.. وفى مواجهة هؤلاء يقف شيخ تلف عمامة وجهه بعينيه رافعًا يده وموجهًا إصبعه إليه قائلا: «أما عن الميثاق.. فإنى أرى..».

 

 

 

 

وكان عنوان الكاريكاتير الثالث: «أبوزيد الغزالى سلامة»، ويتضمن: «رسم لشيخ يركب فرس بالمقلوب ويمسك ذيله ويحمل حربة مكتوب عليها: «الإرهاب باسم الدين»، وتحتها تعليق شعرى ساخر: «هنا يقول أبوزيد الغزالى سلامة/وعينيه ونضارته يطقو شرار/أنا هازم الستات ملبسهم الطرح/أنا هادم السينما على الزوار/نا الشمس لو تطلع أقول إنها قمر/ولوحد عارض.. يبقى من الكفار/ويا داهية دقى لما أقول ده فلان كفر/جزاؤه الوحيد الرجم بالأحجار/فأحسن لكم قولوا «آمين» بعد كلمتى/ولو قلت الجمبرى يبقى ده خضار»، أما الكاريكاتير الرابع فكان لإرهابى يقف وظهره لإرهابى آخر يجلس أمام آلة كاتبة، والاثنان يغطيان رأسهما بالكامل وعلى ثيابهما «OAS «ويملى الواقف على الجالس: «أكتب: السيد الأستاذ محمد الغزالى.. بالقاهرة.. بعد التحية.. تعلمون سيادتكم أننا فقدنا زعيمنا الإرهابى الكبير الجنرال.. ويسرنا بعد اطلاعنا على مواهبكم أن ندعوكم خلفا له وشكرا»، إمضاء: «التنظيمات الإرهابية بالجزائر ««كانت الجزائر تخوض ثورتها المسلحة ضد الاحتلال الفرنسى» أما الكاريكاتير الخامس، فعنوانه: «الغزالى يلفق للعبدلله أقوال باطلة عن الحجر الأسود»، وكان الرسم لشيخ يقف متحدثا أمام المؤتمر وأمامه «العبدلله» يعترض قائلا: «تراهن يا أستاذ غزالى من جنيه لعشرة.. إن عمرى ما جبت سيرة الحجر الأسود.. وإن المسألة لو فيها أى حجر يبقى داخل رأس سيادتك بس».

 

وفى الكاريكاتير السادس، استثمر «جاهين» حدثًا كرويًا مهمًا وهو إقامة مباراة «الأهلى وبنفيكا البرتغالى» فى نفس اليوم «1 يونيو 1962»، فرسم «ستاد القاهرة»، وأمامه يافطة إرشادية عليها: «مباراة الأهلى وبنفيكا»، وفى الجهة الأخرى مسجد وبجواره يافطة عليها: «المؤتمر الوطنى مغلوق الجمعة»، وشيخ يسرع الخطى فى اتجاه المباراة، والتعليق: «الغزالى: النهادرة مفيش جلسة ميثاق، لما أروح أغلوش على مباراة الأهلى وبنفيكا»، وكانت المباراة وطبقًا لموقع «أنا أهلاوى»، بعد شهر واحد من حصول بنفيكا على كأس بطولة أندية أوروبا بهزيمته لريال مدريد الإسبانى 5 - 3، وحضر «بنفيكا» بكامل نجومه، وأبرزهم إيزيبو أحسن لاعب فى أوروبا، وفاز الأهلى 3 - 2، واستعان الأهلى بنجم الترسانة بدوى عبدالفتاح وسجل هدفين، ونجم المصرى محمد بدوى، وسجل «طه إسماعيل» هدفًا.

 

نقل «جاهين» المعركة إلى المسجد، وفى نفس اليوم وكان يوم «جمعة» خطب الجمعة بالأزهر وتحدث عن الموضوع بقوة أثرت فى تلاميذه من الأزهر، فخرجوا بعد الصلاة حاملين شيخهم، وحسب «بهاء صلاح جاهين» فى مقاله «الأستاذ.. وصلاح جاهين - الأهرام - 19 فبراير 2016»: «التفوا حول مبنى الأهرام القديم بشارع مظلوم وحاصروه، مطالبين بدم المارق صلاح جاهين، وكان جاهين وهيكل ساعتها فى مبنى الجريدة»، وفى مقال «صلاح جاهين رسام بدرجة مقاتل» عن «روز اليوسف 20 أبريل 2102» ينقل محمد بغدادى عن «جاهين»: «بدأت المساعى تتدخل لإنهاء الأزمة، جمعنى أحمد بهاء الدين بالشيخ الغزالى فى مكتب هيكل وتصالحنا»، وعن موقف عبدالناصر فى هذه الأزمة يقول «جاهين»: «قال، لا أريد أن تتدخل باقى الصحف فى هذا الموضوع، والحوار يقتصر على الأهرام فقط باعتبارى صحفيًا فيه، حتى لا تبدو المسألة غوغائية».

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع