أصدرت دائرة الاثنين "د" – بمحكمة النقض - حكماَ ببراءة ذمة ورثة المتهم من الغرامة المحكوم بها على مورثهم فى جنحة مباني بدون ترخيص، وذلك بعد صدور حكم نهائي بتغريم المتهم مثلى قيمة الأعمال المخالفة وإلزامه بدفع غرامة قدرها 111240 مائة وأحد عشر ألف ومائتان وأربعون جنيهٱ إلا أن وفاة المتهم حالت دون تنفيذ ذلك الحكم، فطالبت جهة الإدارة ورثته بدفع تلك الغرامة فأقام ورثته دعوى ببراءة ذمتهم من دين الغرامة المحكوم به على مورثهم.
صدر الطعن المقيد برقم 16173 لسنة 77 القضائية – برئاسة المستشار يحيي جلال، وعضوية المستشارين عبد الصبور خلف الله، ومجدى مصطفى، وعلى جبريل، ورفعت هيبه، وبحضور رئيس النيابة عبد الجواد طنطاوى، وأمانة سر عادل الحسينى.
الوقائع.. تغريم شخص 111 ألف جنية ثم وفاته
على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم بصفتهم دعوى قضائية بطلب الحكم ببراءة ذمتهم من دين الغرامة المحكوم به على مورثهم المرحوم "جلال.ح" – مقدراه 111240 مائة وأحد عشر ألف ومائتان وأربعون جنيهٱ، وقالوا بياناَ لذلك إن مورثهم المذكور سبق وأن حكم عليه في قضية بتغريمة مبلغ 11340 جنية وغرامة إضافية تعادل مثلى قيمة الأعمال ليكون إجمالي المبلغ المقضى به 111240 جنيها، وقد صدر هذا الحكم بتاريخ 12 فبراير 1998 وتوفى مورثهم 27 يوليو 2001 قبل تنفيذ الحكم، وإذ قامت الجهة المطعون ضدها الثانية بتحرير محضر حجز إدارى ضد المورث بتاريخ 4 فبراير 2003 صدر حكم نهائي بعدم الاعتداد به في الدعوى ومن ثم سقط الحق في تنفيذ الحكم بالتقادم.
الغرامة تؤل للورثة لأنها مرتبطة بالبناء دون ترخيص
وفى تلك الأثناء، أقاموا الدعوى وبتاريخ 28 فبراير 2007 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث، وبرفضها بالنسبة للمطعون ضده الثانى، ومن ثم استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية – مأمورية دمنهور – وبتاريخ 19 يونيو 2007 قضت المحكمة بالتأييد، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة.
ومما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ قضى برفض دعواهم ببراءة ذمتهم من دين الغرامة المقضى بها على مورثهم بحكم نهائي رغم سقوط الحق في تنفيذها بالتقادم على سند من أن الحجز الموقع بتاريخ 4 فبراير 2003 قاطع للتقادم في حين أن الحكم الصادر في الدعوى القاضي بعدم الاعتداد بهذا الحجز يترتب عليه زوال ما كان له من أثر في قطع التقادم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
مدد سقوط العقوبات
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 582 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي 20 سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام، فإنها تسقط بمضي 30 سنة، وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنوات"، وفى المادة 529 منه على أنه: "تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيا...."، وفى المادة 530 من نفس القانون على أن: "تنقطع المدة بالقبض على المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية، وبكل إجراء من إجراءات التنفيذ التي تتخذ في مواجهته أو تصل إلى علمه".
وبحسب "المحكمة" - يدل على أن التقادم في المسائل الجنائية يتعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها، باعتبار أن المشرع الجنائى قرر ان مضى المدة التي عينها في المادة 528 سالفة البيان وراعى في تحديدها جسامة الجريمة على صدور الحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية دون تنفيذ يزيل من أذهان الناس أثار هذا الحكم وذكر الجريمة التي اقتضت صدوره بما يجعل انقضاء المدة مانعاَ من العقاب لحكمة أملاها هذا المنع هي انتفاء مصلحة المجتمع من العقاب على الجريمة المنسية بما يعيد ذكراها ويردد صداها بعد أن طال عليها الأمد وطواها النسيان وقرينة النسيان المبنى عليها ذلك التقادم لا يجوز نفيها لأن المشرع وضعها للمصلحة العامة، ومن ثم فإن مضى المدة المعينة في القانون دون تنفيذ الحكم الجنائى النهائي، يترتب عليه سقوط الحق في تنفيذ جميع العقوبات المقضى بها التي تتطلب تنفيذا مادياَ على شخص المحكوم عليه أو ماله بغير استثناء، بما يجعل الحكم السابق صدوره كأن لم يكن ويفقد مقومات وجوده كسند تنفيذى لتحصيل العقوبات المالية المحكوم بها كالغرامة والمصاريف.
لا يكفى لقطع سريان مدة سقوط العقوبات المالية إنذار المحكوم عليه أو التنبيه عليه بدفع الغرامة
ووفقا لـ"المحكمة" - ولا يكفى لقطع سريان مدة سقوط العقوبات المالية إنذار المحكوم عليه أو التنبيه عليه بدفع الغرامة، بل لابد لقطع التقادم من اتخاذ إجراء من إجراءات التنفيذ في مواجهة المحكوم عليه أو ثبوت اتصال علمه به كالدفع أو الحجز أو الإكراه البدني، والمقصود بالحجز الذى يقطع سريان مدة سقوط العقوبات المالية هو الذى يوقع وفقاَ للإجراءات التي رسمها قانون المرافعات او قانون الحجز الإداري بحيث يكون مستكملاَ لشرائط صحته، فإذا قضى ببطلان الحجز أو سقوطه أو عدم الاعتداد به فإنه يفقد كل أثاره القانونية ومنها ما كان له من أثر في قطع التقادم ومن ثم يعتبر قطع التقادم الذى مبناه ذلك الحجز كأن لم يكن.
لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه قد خالف القواعد المقضي بها بالحكم النهائي الصادر بتاريخ 12 فبراير 1998 من محكمة جنح مستأنف دمنهور، رغم أن الحكم الصادر في الدعوى رقم "......" لسنة "......" الذى صار باتاَ بعدم الطعن فيه – قد قضى بعدم الاعتداد بذلك الحجز وهو ما يترتب عليه زوال ما كان له من أثر في قطع سريان مدة سقوط عقوبة الغرامة المحكوم بها ويعد التقادم الذى بدأ من تاريخ الحكم النهائي سالف الذكر مستمراَ في السريان، وإذ لم يدع المطعون ضدهم طوال مراحل النزاع اتخاذ أي إجراء أخر من إجراءات التنفيذ في مواجهة المحكوم عليه وورثته من بعده من تاريخ صدور الحكم النهائي المشار إليه حتى اكتمال مدة سقوط العقوبة بمضي 5 سنوات على صدوره بغير تنفيذ، فإن هذا الحكم لا يصلح سنداَ تنفيذياَ لتحصيل الغرامة التي قضى بها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع