المشاهير ورمضان.. الإمام الأكبر..لم يغير شقته ويخدم نفسه فى بيته ويصلى القيام بالمشيخة.. تنازل عن راتبه وجوائزه ويسافر إلى أسرته كل أسبوعين ويرى الطلاب الوافدين أكثر من أولاده ويصطحبهم معه إلى بلدته

المشاهير ورمضان.. الإمام الأكبر..لم يغير شقته ويخدم نفسه فى بيته ويصلى القيام بالمشيخة.. تنازل عن راتبه وجوائزه ويسافر إلى أسرته كل أسبوعين ويرى الطلاب الوافدين أكثر من أولاده ويصطحبهم معه إلى بلدته
المشاهير ورمضان.. الإمام الأكبر..لم يغير شقته ويخدم نفسه فى بيته ويصلى القيام بالمشيخة.. تنازل عن راتبه وجوائزه ويسافر إلى أسرته كل أسبوعين ويرى الطلاب الوافدين أكثر من أولاده ويصطحبهم معه إلى بلدته

كتبت زينب عبداللاه

فى شقته، التى لم يغيرها منذ سنوات طوال قبل أن يتولى منصبه، يعيش الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وحيدًا لا يرافقه سوى كتاب الله وأبحاثه ومكتبته العامرة، لا ينعم كغيره بلمة العائلة فى رمضان، يكتفى بعم عبدالرحيم، الذى يحضر إليه يوميا لتجهيز بعض متطلباته البسيطة من طعام أو رعاية بعض شؤون المنزل.

 

لا يقيم الإمام الأكبر فى شقته سوى ساعات قليلة بسبب كثرة مشاغله ومهامه، وخلال هذه الساعات يخدم نفسه، ويرد على هاتف المنزل بنفسه، ينشغل أغلب الوقت بالبحث والقراءة وقيام الليل.

 

نشأ فى القرنة بالأقصر بين عائلة ترأس الطريقة الخلوتية، إحدى الطرق الصوفية، المنتشرة فى صعيد مصر، وينتهى نسبها إلى الإمام الحسن بن على بن أبى طالب، وكانت وما زالت ساحتهم «ساحة الطيب» مقصدا للمريدين من كل مكان، وانتهت فيها نزاعات كثيرة وصلت إلى حد الاقتتال وتفتح أبوابها وتزدحم دائما بالمريدين والمحتاجين وطلاب العلم، حيث تضم مركزًا ثقافيًا ومكتبة وساحات لقراءة القرآن والإنشاد الدينى.

 

جاء الدكتور أحمد الطيب من بلدته ليدرس بكلية أصول الدين بالأزهر ونزل فى شقة بروض الفرج اتخذتها الأسرة مقصدًا لأبنائها، الذين يحضرون إلى القاهرة، ولم يستقل الإمام فى شقته الحالية بمدينة نصر إلا بعد تخرجه وعودته من فرنسا، التى درس فيها الفلسفة، حيث يجيد الفرنسية والإنجليزية وترجم العديد من المراجع الفرنسية إلى العربية.

 

تزوج الطيب من ابنة عمه وأنجب محمود وزينب، وظلت أسرته وأولاده فى بلدته بالقرنة، حتى بعد توليه منصب الإفتاء ورئاسة جامعة الأزهر.

 

لم يكن الطيب يريد أن ينشأ أبناؤه بعيدا عن قريته، أراد أن يبقى جزء منه فى بلدته وأن ينشأ أبناؤه وأحفاده فى ساحة الطيب، ليبقى موصولا بهذا المكان الطيب الطاهر دائمًا، يعود إليه مهما ابتعد ومهما بلغت مناصبه ومهامه.

 

أراد الشيخ المشبع بالمعانى والقيم الصوفية أن يبقى أبناؤه وأسرته بعيدا عن بريق مناصبه، وأن يتفرغ لمهامه، واكتفى بأن يسافر ليراهم ويتابع ساحة الطيب كل أسبوع ليقضى يوما أو يومين هناك، وبعدما زادت مشاغله أصبح يسافر كل أسبوعين أو ثلاثة.

 

يعمل ابنه المهندس محمود بعيدا عن منصب والده ولا يزوره هو وشقيقته زينب مطلقًا فى المشيخة.

 

يقضى الطيب أغلب أيام رمضان فى المشيخة لأداء مهام منصبه، وحضور الفاعليات الدولية والمحلية، ويفضل الإفطار فى منزله مالم يكن مشاركا أو داعيا أو مدعوا لإفطار رسمى، وغالبا يصلى القيام بالمشيخة.

 

طعامه بسيط جدا ووجبته قليلة ولا يطلب أصنافا معينة، بل يرضى بكل ما يعده من يتولى هذه المسؤولية فى منزله.

 

لا يتقاضى الشيخ أى أموال نظير عمله حتى أنه تنازل عن راتبه وعن كل الجوائز والهدايا، ومنها جائزة ملك الأردن، التى تقدر بـ 50 ألف دولار لطلاب الأزهر، وخاصة الوافدين، ويقضى أغلب أوقاته فى نظر حاجات الناس، وخاصة الطلاب المبعوثين والفقراء الذين يلجأون للمشيخة.

 

أعطى الطيب الذى يتسم بعفة اللسان وضبط النفس وطهارة اليد تعليمات لكل العاملين والموظفين بالمشيخة بألا يردوا فقيرا أو صاحب حاجة يلجأ إليه وأن يسمحوا له بالدخول لعرض مشكلته.

 

ويؤكد بعض العاملين بالمشيخة أنهم كثيرا لا يعرفون كيف قام بحل المشكلة لأنه دائمًا يعطى المحتاجين من ماله الخاص، ولا يتحدث عما فعله.

 

يحظى الطلاب الوافدون إلى الأزهر من دول أخرى باهتمام ورعاية كبيرة من الإمام الأكبر، يفتح لهم بابه دائمًا ويقضى حوائجهم ويعرف أن فيهم من يعجز عن سداد المصروفات أو تحمل تكلفة المعيشة، فيتولاهم كأب ويقدم لهم كل التسهيلات، التى تسمح لهم بالدراسة دون عوز.

 

يحكى آدم يونس، الطالب السودانى بالأزهر والمسؤول عن برلمان الوافدين عن مواقف الإمام الطيب الإنسانية، التى لا تعد ولا تحصى مع المبعوثين والطلاب الوافدين إلى الأزهر، وخاصة غير الممنوحين والذين يقيمون على نفقتهم، مشيرا إلى أنه يتولى رعاية العديد من الحالات على نفقته الشخصية، ويقيم لهم العديد من الموائد ويوزع عليهم المساعدات وخاصة فى شهر رمضان، حتى سماه الطلاب «أبو الوافدين»، كما أنه يصطحب الكثيرين منهم لقضاء أيام معه عندما يسافر إلى ساحة الطيب بالأقصر. 

 

يؤكد آدم أنه لمس بنفسه مئات الحالات التى قام برعايتها الإمام الأكبر على نفقته الشخصية، ولكنه يرفض الحديث عنها. 

 

ويحكى أنه وعددا كبيرا من الطلاب والطالبات الوافدين أقاموا لأيام فى ساحة الطيب بالأقصر واستقبلتهم أسرته وأبناؤه بكل ترحاب وعاشوا أياما بين عائلة الطيب وأحفاده.

 

لا يتخلى الطيب عن مهام منصبه ومسؤولياته وعهده، الذى قطعه على نفسه، ولو لساعات قليلة، حتى عندما يسافر لأسرته يومين كل شهر، فيرعى شؤون رواد ساحة الطيب ويجلس معهم لحل مشكلاتهم، ويستقبل زوار الساحة، بينما يقضى وقتا يسيرا مع أسرته وأحفاده السبعة.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع