كتاب أمريكى يكشف تفاصيل تعاون عالم سورى بارز مع CIA.. أيمن الكيميائى قدم أسرار إنتاج مواد كيماوية فتاكة للمخابرات الأمريكية طوال 14عاما.. اعتقلته المخابرات السورية لتلقيه رشاوى فاعترف بالتجسس وأعدم عام 2002

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقتطفات من كتاب يكشف عن تعاون عالم سورى بارز مع السى أي إيه، فى كشف أسرار برنامج الأسلحة الكيماوية فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، الكتاب الذى يحمل عنوان: "الخط الأحمر: تفكك سوريا وسباق أمريكا لتدمير أخطر ترسانة فى العالم"، ألفه الصحفى بواشنطن بوست جوبى واريك ويتناول قصة الأسلحة الكيماوية فى سوريا.

وقالت الصحيفة، إن هذا العالم، الذى لم تنشر قصته من قبل وأطلق عليها فى الكتاب اسم "أيمن" كان معروفا لدى الخدمة السرية للسى اى أيه باسم "الكيميائى"، ولم يعرف اسمه الحقيقى سوى عدد قليل من العاملين فى وكالة الاستخبارات الأمريكية.  وكان هذ العالم المرموق فى وضع مثالى للعمل فى التجسس، حيث عمل فى وظيفة تمنحه امتيازات لا تمنح للسوريين العاديين، بما فى ذلك مجال واسع للسفر واللقاء مع الأجانب فى الأسواق المزدحمة والمقاهى المبيئة بالدخان فى المدينة القديمة.

وأشارت الصحيفة، إلى أن هذا العالم قضى بداية حياته فى الولايات المتحدة، قبل أن يعود إلى وطنه ويصبح خبيرا فى صنع المواد الكيماوية المصممة لقتل البشر، مشيرة إلى انه هو من عرض التعاون مع السى أي إيه، وكان فخورا جدا بعمله لدرجة أن المحللين بالوكالة شكوا أحيانا أن عمله فى التجسس لم يكن مدفوعا بكراهية النظام او الجشع بقدر ما كان مدفوعا بالتباهى.

66d4b29650.jpg


وحدث أول اتصال فى مؤتمر علمى فى أوروبا حيق طلب من صديق أن يقدم ملاحظة طويلة لأمريكى فى أقرب سفارة أمريكية، ومرت أشهر طويلة قبل أن يتواصل معه السى اى إيه، لكنه لم يندهش عندما اقترب شخص غربيب منه  بعد واحدة من حاضراته المسائية فى جامعة دمشق، وقال للزائر، وهو ضابط فى السى أي إيه يصبح مسئولا عن سر عسكرى استثنائى، "نادينى بأيمن"، ولم ينشر مؤلف الكتاب الاسم الحقيقى للعالم خوفا من أن يتعرض أفراد عائلته الباقين للانتقام.

ويكشف كتاب "الخط الأحمر" الصادر حديثا"، أن مسئولى السى أي إيه خشوا عند اندلاع الحرب الأهلية فى سوريا من ان تفقد دمشق السيطرة على مخزونها من غاز السارين وغازات الأعصاب وتعززت هذه المخاوف بتقارير سرية على مدار أكثر من 14 عاما لوكالة السى أي إيه من قبل العالم الذى يعتبر من أكبر العلماء العسكريين فى سوريا.

وتقول واشنطن بوست، إن أجهزة المخابرات الأجنبية تعرف جيدا مركز الأبحاث والدراسات العلمية فى سوريا،  وهو المكان الذى يقدم القوى الهندسية لصواريخ روسيا المتواضعة لنقل الرؤوس العربية إلى تل أبيب أو القدس، لكن داخل هذا المركز كانت هناك وحدة سرية  تسمى معهد ،3000 وكان أيمن واحدا من قادته ومن كبار الباحثين فيه، وكان عملها ينصب على تصنيع خط من السموم القاتلة لوضعها داخل الرؤوس الحربية، وأطلق العلماء على مشروعهم اسم "الشاكوش"، وقدم هذا البرنامج مساهمات كبيرة، وبدأ فى تصنيع غاز الأعصاب فى مصنع سرى خارج العاصمة، وكان هذه الأسلحة كابوسا، من بينها غاز السارين الذى يعد الأكثر فتكا، وغاز أخر يمسى VX، وهو أشد فتكا من السارين ويستمر لفترة أطول.

7869a0f425.jpg

وكان العالم الكيمائى فخورا بعمله فى غاز السارين الذى يهاجم النظام العصبى ويسبب على الفور شللا للعضلات ويموت الضحية بسبب موتا مؤلما بالاختناق. وابتكر "أيمن" طريقة عمل ذكية حيث صنعت مختبراته شكلا من أشكال السارين الثنائية لضمان استمرار فاعليته، وعندما طلب الامريكيون دليلا على صحة ما يقوله، أجرى العالم مقابلة مع ضابط السى أي إيه فى دمشق وأعطاه ما قال له إنه هدية بمناسبة اقتراب عيد الميلاد، وأرسل الضابط الخبراء الفنيين لفحص الهدية وتحليلها، وتم إرسالها داخل طرد دبلوماسي إلى الولايات المتحدة حيث تم تحليلها فى مختبر عسكرى، ليتبين لأجهزة المخابرات الغربية أن العالم الكيميائى أنتج سلاح بسيطا وفعالا بشكل مذهلا يعد تحفة كيمائية قاتلة.

389f9b6956.jpg

وبعد 14 عاما من العمل مع السى أي إيه، وجنى ثروة ضخمة، ألقت أجهزة المخابرات الروسية فى أواخر عام 2001، القبض على أيمن فى مقر عمله، وأخبروه بأنه تعرض للخيانة وأنهم يعرفون كل نشاطه السرى ومن الأفضل أن يعترف. فاعترف بكل شى وأخبرهم بسنوات تعامله مع السى أى إيه واجتماعاته مع من يتعامل معه والأسرار التي كشفها والأموال الكبية التي اخذها ووضعها فى بنك فى الخارج. ولم يكن أحد يعرف أي شيء عن نشاطه سواء زملائه فى العمل أو مقربين منه او حتى زوجتيه.

وكانت المفاجأة، أنه عندما استمع رجال الآمن لاعترافات أيمن أصابهم الارتباك والذهول. فقد كان رئيس المخابرات آصف شوكت قد قرر استجواب العالم بعد أن علم بخطة رشوة طالب فيها أيمن بجشعه مكافآت من الشركات الأجنبية مقابل عقود لبيع الإمدادات لمعهده. وكان هذا هو السبب الوحيد لاعتقاله. ولم تكن المخابرات الروسية تعلن عن الخيانة الأكبر، وهى بيع أسرار بلده لوكالة الاستخبارات المركزية الأريكية.

أدين أيمن بتهمة الخيانة، فى حكم بعيدا عن أعين الجمهور لكنه حمل تحذير للعلماء. وعادة ما يتم إعدام السجناء المدانين بجرائم يعاقب عليها بالإعدام في سوريا شنقاً، لكن أيمن، الذي كان "بطلاً قومياً" وخائناً، كان يعامل معاملة خاصة، سُمح لزوجتيه وأطفالهما بمغادرة البلاد لبدء حياة جديدة في الخارج.

وفى السابع من أبريل عام 2002، تم إيقاظه في زنزانته وقتل بالرصاص.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع