من البرلمان إلى الاستاد.. أذرع إخوان تونس تساند الدوحة.. الألتراس يرفع لافتات مسيئة للدول المقاطعة لقطر فى وجود الرئيس.. الجزيرة تستغل المشهد لاستعطاف الغرب.. والسبسى يأمر بتحقيق فى مصادر تمويل الجماهير


كتبت آمال رسلان

تعدد الأوجه سمة معروفة عن الإخوان أينما وجدوا، ففى الوقت الذى التزمت فيه حركة النهضة الإسلامية – إخوان تونس – الحياد حيال أزمة قطر مع محيطها الخليجى والعربى جراء سياستها الداعمة للإرهاب خشية أن تلقى نفس المصير، تعمل الحركة فى الخفاء على استغلال أذرعها الأخرى فى المجتمع التونسى خاصة على المستوى الشعبى للضغط على الحكومة التونسية لتبنى موقف منحاز للدوحة.

حركة النهضة التى تحاول تعبئة الشارع التونسى لمساندة قطر، قامت باستغلال مجموعات الألتراس لمهاجمة حكام الدول التى قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، حيث فوجئ التوانسة فى استاد كرة القدم خلال نهائى كأس تونس أمس بجمهور الألتراس يرفعون لافتات مسيئة للحكام العرب مما وضع الحكومة التونسية فى مأزق.

الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى، والذى حضر شخصيا فى مقصورة استاد "رادس" بالعاصمة التونسية المباراة النهائية للكأس التونسى، تعرض للإحراج جراء ما حدث، حيث أظهر أنصار النادى الأفريقى التونسى، فى وجهه لافتة كبيرة تضامنا مع قطر، وأساءوا بالعبارات والسباب للحكام العرب، فى الوقت الذى تلتزم فيه الدولة التونسية موقف محايد من الأزمة ودعت الى الحوار لحل الخلافات.

هذا الإحراج الذى تعرضت له الحكومة من مجموعات الألتراس المعروفة بانتماءاتها للإخوان، دفع الفرقة المركزية للبحث فى القضايا الإجرامية فور انتهاء المباراة لفتح تحقيقا فى اللافتة التى تم رفعها خلال مباراة النادى الافريقى واتحاد بنقردان، وقال مصدر قضائى إن التحقيق سينطلق من النيابة العمومية.

تلك اللافتة تم استغلالها اعلاميا من قبل قناة الجزيرة والأذرع الإعلامية للإخوان فى داخل تونس حيث روجوا الى صور وفيديوهات للألتراس خلال المباراة ودعمهم لقطر، ونشروا تقارير توحى بأن الشعوب العربية ليست مساندة لقرار مقاطعة قطر، وتاجر حكام قطر بتلك المادة الإعلامية التى تمت فى وجود الرئيس التونسى لتصدير تلك الفكرة للخارج بحثا عن معونة أوربية وغربية لهم فى الأزمة الطاحنة التى يواجهوها.

وقد عبّر عدد كبير من متابعى المباراة عن استياءهم من رفع مثل هذه الشعارات التى تتضمن تهكما على الدولة التونسية ومساندة لقطر، واعتبر الصحفى التونسى منير منستيرى الذى غطى أحداث المباراة ان هذه اللافتة تعبّر عن حضور قطر فى ملعب رادس.

وتساءل فى تدوينة له على صفحته فيسبوك "من خطط ومن دفع، وبأى ثمن اللافتة المعلقة فى ملعب رادس والداعية الى رفع الحصار عن قطر ؟"، وقال "ابحثوا عن الجواب من خلال عرض هذه اللافتة واستغلالها فى قناة الجزيرة والقنوات الرديفة لها من المصطفين وراء قطر"، وتسائل "الا يشوش هذا الفعل على حياد السياسة التونسية ؟، يبقى من الغباء ان نتصور ان فعل كهذا هو نتاج لعب عيال من شباب يحب الرياضة فقط، ابحثوا عن المال الفاسد أيضا فى دعاية سياسية مدروسة بعناية فائقة كهذا الذى حدث اليوم فى نهائى الكأس، والدعوة موجهة بقوة للسلطة المعنية للضرب على أيادى العابثين".

وتعيش حركة النهضة فترة اضطراب داخلى لعدم تمكنها من توقع ما سيحمله المستقبل فى ظل تزايد الدعم الدولى للموقف العربى من قطر، وبدأ مجلس شورى الحركة يدرس التطورات الإقليمية ليحدد موقفه ويبدو أن خيار التخلى عن الدوحة مطروحا على الطاولة لتنجو الحركة من الطوفان المقبل، وهو ما بدا من تصريحات المتحدث الرسمى باسم الحركة عماد الخميرى، والذى أعلن فيه إن النهضة لن تعلن اصطفافها إلى جانب قطر، وستلتزم الحياد.

وقال الخميرى: إن موقف الحركة لن يخرج عن الموقف الرسمى للدولة، وسيظل منسجما تماما مع منطق حماية المصالح العليا للدولة التونسية، قائلا: "نحن حزب مشارك فى الحكم ونعتقد أن السياسة الخارجية لا يجب أن تكون موضع خلاف بين الأحزاب السياسية"، مشيرا إلى أن الحركة اكتفت بالتعبير عن انشغالها بالخلافات فى الخليج العربى، وأكدت أن ما يحدث يضر بالمصالح العربية ودعتهم للحوار وتغليب منطق العقل والتهدئة، وأبرز الخميرى أنه "فى الديمقراطية لا يوجد خلاف فى علاقة بالموضوع الدبلوماسى والقضايا الخارجية".

وبعدها بساعات خرج رئيس الحركة راشد الغنوشى عن صمته ليغازل الرياض ويستجديها لإنهاء الخلاف مع قطر، حيث وجه نداء إلى خادم الحرمين الشريفين، العاهل السعودى، سلمان ابن عبد العزيز، «أن يجمع كل أبنائه مجددا على طريق واحد»، بما يؤدى إلى حل الأزمة الراهنة مع قطر، مؤكدا على متانة العلاقات التونسية السعودية قائلا: «كان للمملكة علاقات جيدة مع تونس قبل الثورة وبعد الثورة وهى مركز قبلة كل المسلمين».

وإلى جانب الموقف الرسمى تُحرك حركة النهضة أذرعها فى الشارع التونسى لدعم الدوحة، وهو ما ظهر جليا فى مواقف فردية لعدد من النواب البرلمانيين المحسوبين على الإخوان الذين أعلنوا تضامنهم الكامل مع إمارة الإرهاب، وكذلك موقف الرئيس التونسى السابق المنصف المرزوقى والمحسوب على الإخوان والذى أكد صراحة دعمه لقطر واعترافه بأنها كانت أحد الفاعلين على الساحة التونسية عقب الثورة وأنه لابد من رد الجميل لها.

وتحاول حركة النهضة عبر تلك التحركات الشعبية أن تُرضى بعض أنصارها الذين غضبوا من موقفها المتخاذل مع حليفتها الأولى قطر والتأكيد أنها تعمل على تكوين قاعدة شعبية تضغط على الحكومة لتبنى موقف موالى لقطر، وكذلك تحاول الحركة الإخوانية توجيه رسائل الى حكام الدوحة مفادها ان الحركة ستظل حليف وفى لها.

ومثلت تونس البوابة الأولى لانتشار ظاهرة الألتراس فى شمال أفريقيا، وتُعدّ مجموعة "أفريكان وينّرز" المشجعة للنادى الإفريقى الذى حصل على الكأس فى مباراة أمس، التى ظهرت عام 1995، أول مجموعة فى تونس والعالم العربي، ثم اشتركت فى الأحداث التى صاحبت الثورة التونسية الى أن تم استغلالها سياسيا من قبل الإخوان لتأجيج الشارع.

وما يؤكد علاقة الألتراس بحركة النهضة والتنظيم الدولى للإخوان إعلان رئيس المرصد التونسى للشباب محمد الجويلى أن ما بين 30 و35 شاب من قادة مجموعة التشجيع الرياضى "الألتراس" من كل الفرق التونسية لكرة القدم التحقوا ببؤر التوتر من 2011، وأشار الجويلى فى تصريح لإذاعة شمس اف ام التونسية إلى امتلاكه لقائمة اسمية لهم، مبينا أنهم انتقلوا من الحد الأقصى فى كرة القدم إلى سجل آخر"، وفق قوله.

لافته مسيئة للدول المقاطعة لقطر
لافته مسيئة للدول المقاطعة لقطر
استاد رادس بالعاصمة التونسية
استاد رادس بالعاصمة التونسية

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع