ما أن تطأ قدماك قرية كفر ميت العز التابعة لمدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، يجذبك ثلاثة أشقاء، يزهرون سويا بصمت وهدوء فى خيمة مبهجة ببساطة تفاصيلها، يتسابقون فى إعداد عصير القصب بابتسامة دافئة وروح راضية تحيا بالإرادة والعزيمة والأمل، ونظرة لامعة يكسر بريقها الجمود، ينثرون بصمت حروفهم أحلامهم وآمالهم التى لا تعرف حدودا أو قيود، يسعون وراء رزقهم بهمة ونشاط وعزيمة بأيديهم "الشقيانة" التى تشق الصخر بعزم وقوة ولا تبالى، متخذين من لغة الإشارة ومشروع عصارة القصب وزبائنهم الذين يتهافتون عليهم من مختلف المحافظات متنفسا لهم ولأسرتهم ومأمنا لمستقبلهم.
محمد ورضا وسعيدة، أشقاء ولدوا من الصم والبكم، فقرروا أن يتحدوا كل الصعاب ويبحثوا عن عمل يكافحوا من خلاله، بحثا عن الرزق الحلال، فعمل الشقيقان محمد ورضا باليومية فى مصانع الطوب الأحمر بمدينة ميت غمر وعمرهما لا يتجاوز الـ10 سنوات، وبعدها قررا أن يؤسسا مشروعهما الخاص الذى يوفر لهما دخلا أكبر يعينهم على نفقتهم ونفقة أسرتهم، ويوفر لهم حياة كريمة، ليضربوا أروع الأمثلة فى الصمود والكفاح والتحدى، بعد أن تحدوا الصمم وأسسوا مشروع عصارة قصب متنقلة على طريق ميت غمر- المنصورة؛ بحثا عن لقمة العيش.
الأشقاء-الثلاثة
"ولادى بيشتغلوا ليل نهار بكفاحهم ومجهودهم، هما روحى وحياتى، شقيت أنا وأبوهم عليهم لحد ما كبرناهم وعلمناهم وخدوا الشهادات وزوجناهم".. هكذا بدأت عزيزة عبد العال والدة الأشقاء الثلاثة حديثها لـ"اليوم السابع"، فقالت إن محمد ورضا يكافحان فى الحياة منذ طفولتهما، حيث اعتمدا على ذاتهما لسنوات طويلة بالعمل فى مصانع الطوب، فكانا يحملان الطوب على ظهورهما يوميا لساعات طويلة بحثا عن الرزق الحلال، مشيرة إلى أنهما تحملا المسؤولية وتخطا كل المصاعب والتحديات وصمدا معا فى وجه الشدائد بالكفاح والعمل والعرق الطاهر.
إعداد-عصير-القصب
لم تدم رحلة محمد ورضا فى مصانع الطوب طويلا، فكانت لمشقة العمل وصعوبته عائقا أمامهما لمواصلة حمل الطوب الأحمر ودافعا لهما للبحث عن وسيلة عمل أخرى يكملا فيها كفاحهما سويا، وتوفر لهما دخلا أكبر يعينهما على أعباء الحياة: "ولادى تعبوا من شيل الطوب، مقدروش يتحملوا ويكملوا فقرروا يشتروا عصارة قصب يدوى يشتغلوا عليها مع بعض وقالوا "ربنا هيرزقنا بالحلال"، ولكن لم يستطيعوا أن يتحملوا صعوبة العمل بأيديهم فى الحر، وذهبت بهم فى المستشفيات هنا وهناك، فاستغنوا عن العصارة اليدوى واستبدلوها بعصارة قصب حديثة تعمل بالماطور بعدما أعانهم الله وجمعوا ثمنها مع بعض بتعبهم ومجهودهم، ولهم 6 سنوات مع بعض هنا على الطريق، يساعدون بعض فى تجهيز عصير القصب، محمد ورضا ينظفوا القصب ويعصروه فى العصارة وسعيدة تساعدهم فى صب العصير فى الأكياس للزبائن، والحمد لله ناجحين والناس تحبهم وتحب عصيرهم".
الأشقاء-الثلاثة-ووالدتهم
"الناس كلها بتحبهم ومبسوطين منهم جدا، وبيقولوا مبنشربش عصير قصب واحنا مسافرون إلا من عند محمد ورضا، واليوم الذى نمر فيه على الطريق ولم يكونوا موجودين نحزن، ويسألوا عنهم ويطمئنوا عليهم".. بهذه الكلمات تابعت والدة الأشقاء الثلاثة حديثها، حيث قالت إن محمد ورضا، يقفان يوميا على الطريق منذ ساعات الصباح الباكر، يجهزان أعواد القصب بتنظيفها وتقشيرها، ومن ثم إعداد أكواب العصير للمارة والمسافرين على الطريق حتى الساعة السادسة مساءا، مشيرة إلى أن شقيقتهم سعيدة صاحبة الـ16 عاما، تقف معهم بعد عودتها من المدرسة لتساعدهم فى صب العصير فى الأكياس البلاستيكية وبيعها بخمس جنيهات مع إضافة الثلج أو الليمون.
ثلاثة-أشقاء-يكافحون-بالعمل-في-عصارة-قصب-على-الطريق
"سعيدة وفخورة بأولاى وبنجاحهم وحب الناس لهم"، هكذا ختمت والدة محمد ورضا وسعيدة حديثها، مؤكدة أن قوة وعزيمة أبنائها الثلاثة سر نجاحهم وصمودهم ومحبة الناس لهم، مشيرة إلى أنه بالرغم من بساطة مشروعهم وإمكانياته إلا أنهم سعداء به وبكفاحهم وراضين برزقهم.
حب-الزبائن-للأشقاء-الثلاثة
رضا-يهزم-الصمم-بإعداد-عصير-القصب
سعيدة
عصارة-قصب-الأشقاء-الثلاثة
عصارة-قصب-محمد-ورضا-وسعيدة
عصير-الأشقاء-الثلاثة
كفاح-الأشقاء-الثلاثة_1
محمد-ورضا
محمد-ورضا-وسعيدة-ثلاثة-أشقاء-هزموا-الصمم-بعصارة-قصب-على-الطريق-بالدقهلية
هذا الخبر منقول من اليوم السابع