سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 أغسطس 1964.. عبدالحليم حافظ يدافع عن أغنيته «بلدى يا بلدى».. ومؤلفها مرسى جميل عزيز يغضب من الهجوم عليها ويهرب إلى بلده الزقازيق

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 أغسطس 1964.. عبدالحليم حافظ يدافع عن أغنيته «بلدى يا بلدى».. ومؤلفها مرسى جميل عزيز يغضب من الهجوم عليها ويهرب إلى بلده الزقازيق
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 أغسطس 1964.. عبدالحليم حافظ يدافع عن أغنيته «بلدى يا بلدى».. ومؤلفها مرسى جميل عزيز يغضب من الهجوم عليها ويهرب إلى بلده الزقازيق

 غضب الفنان عبدالحليم حافظ من هجوم الكاتب الصحفى سعيد سنبل، ضد أغنية «بلدى يا بلدى»، التى قدمها فى حفل عيد الثورة بنادى ضباط القوات المسلحة بالزمالك، يوم 23 يوليو 1964، وحضرها جمال عبدالناصر، وقدمت فيها أم كلثوم أغنيتها «على باب مصر» كلمات كامل الشناوى، وتلحين محمد عبدالوهاب، «راجع، ذات يوم 8 و9 أغسطس 2022».

 

شن «سنبل» هجومه فى «أخبار اليوم» يوم 1 أغسطس 1964، مما دفع عبدالحليم إلى زيارة الكاتب والناقد الفنى جليل البندارى فى مكتبه بأخبار اليوم، للحديث معه حول ما ذكره «سنبل»، وكتب «البندارى» مقالا طويلا بعنوان «شاعر الفضاء، وشاعر البطيخ، ونزمر لك كده هه»، «فى أخبار اليوم، 8 أغسطس 1964»، الذى شمل أيضا رأيه فى قصيدة «على باب مصر».

 

كشف «البندارى» الأسرار، التى أحاطت بكتابة أغنية «بلدى يا بلدى»، قائلا:  «رأيت عبدالحليم حافظ بعينى وهو يكتب الأفكار، ويضعها على مائدة السفرة أمام مرسى جميل عزيز فى بيت مجدى العمروسى، كما رأيته يناقش شاعر الزقازيق فى كل كلمة وكل حرف، ورأيت مرسى يمضى ثمانية أيام لا ينام فيها سوى بضع ساعات، فكتب ما يزيد على ديوان شعر، لتنتقى منه اللجنة المكونة من عبدالحليم وكمال الطويل ومجدى العمروسى وعلى إسماعيل ما تشاء من الشعر وتخفف ما تشاء، وأشهد أن مرسى على فرط غروره، كان متواضعا وهو يكتب أغنية «بلدى» إلى أقصى حدود التواضع، ولقد ولدت أغنية «بلدى يا بلدى» على يدى كلمة بعد كلمة، وكنت أبدى رأيى فيها وفى النغم، الذى يخرج من صدر كمال الطويل أولا بأول، ورأيى فى الكلمات واللحن معروف لكمال الطويل ومرسى ولعبدالحليم، ولكنى لم أسمح لنفسى بنشره على صفحات الجرائد، حتى يولد اللحن فى هدوء، وتبدو ملامحه كاملة فى أعين وآذان الناس».

 

يضيف «البندارى»: «ما كاد يصدر العدد الماضى من أخبار اليوم «1 أغسطس 1964»، الذى كتبه سعيد سنبل بعنوان «لسنا هذا الشعب» حتى ثار مرسى وماج، وقرر أن يعتزل كتابة الأغانى، فقلت له: إنك تخسر دائما معركتك مع الصحافة والنقاد بسبب هذه الحماقة، لماذا تهرب من الميدان وأنت قادر على الرد، ونصحته أمام الكثيرين بأن يرد على مقال سعيد سنبل كلمة بكلمة ورأى برأى، ورد مرسى بأنه سيرد، ولكنه هرب إلى الزقازيق «بلده» فى آخر دقيقة، وقال لى عبدالحليم، أنا المسؤول عن كل ما جاء فى هذه الأغنية وليس مرسى جميل عزيز».

 

يذكر «البندارى» مقطعا من مقال سعيد سنبل، ثم تعليق عبدالحليم عليه، يقول: «قال سعيد سنبل إنه أصيب بخيبة أمل وبألم، عندما استمع إلى كلماتها التى تخاطب المهملين والفنانين والعاملين من أجل مصالحهم الشخصية وتهددهم قائلة: يا عديم الاشتراكية/ يا خاين المسؤولية/ ونزمر لك كده هه/ ونطبل لك كده هه».. ثم تساءل «سنبل»: هل أٌلغى قانون الإهمال.. هل أٌلغيت العقوبات الواردة فيه، التى تصل إلى حد الإعدام، لتحل محلها عقوبة أخرى جديدة هى الطبل والزمر».

 

يعلق عبدالحليم:  «أنا لا أنكر وجود هذا القانون، ولكن هذه الأغنية لا تطالب بأعناق المتهمين، وإنما تشير إليهم فقط، فالشعب لا يتولى تطبيق القوانين، وأنت حين يداهمك لص فى البيت، فإنك لا تقبض عليه بيديك، وإنما تصيح بأعلى صوتك وتنادى الشاويش ليتولى هو القبض عليه، هل كان يطلب منى سعيد سنبل أن أقول: ح نشنقهم كده هه/ ح نضربهم كده هه/ ح ندبحهم كده هه».

 

يضيف عبدالحليم:  «وإذا عملت بنصيحة سعيد سنبل، وقلت هذا فعلا، فماذا أكون قد تركت للنيابة والسلطات أن تفعل. إننا كشعب لا نملك محاكمة المخالفين والمهملين فينا، وإنما نملك الإشارة إليهم وتحذيرهم فقط، وقد جاءت عبارة «ح نطبل لك كده هه/ ونزمر لك كده هه» بالأسلوب الشعبى الساخر، الذى توارثناه جيلا بعد جيل، فقديما قال المصريون عندما ضرب الإنجليز مدينة الإسكندرية: يا سيمور يا وش القملة/ مين قال لك تعمل دى العملة.. والمصريون هم الذين قالوا: يا عزيز يا عزيز كبه تاخذ لنجليز»، وقال عبدالحليم: يقول سعيد سنبل إن كلمات الأغنية لا تتصل بالنقد الذاتى، وهو مخطئ فى هذا الرأى، لأن النقد الذاتى جاء فيها للشعب وبلسان الشعب، وليس بلسان عبدالحليم كما يتصور، وقال عبدالحليم: لقد قامت فيما مضى حملة ضد الأغانى العاطفية، وكنت أنا أول المتحمسين ضد الالتزام فى الفن، وأنا أزال عند رأيى، وسوف أظل عند هذا الرأى، ويكفى أننا استطعنا أن نقدم أغنية تتضمن التحذير من التورط فى أى تصرف يثير الريبة والشكوك. إن هذه الأغانى جديدة فى كلماتها وفى معانيها على الأذن».

 

يختتم «البندارى» المقال برأيه قائلا:  «فى لقاء عبدالحليم والطويل وشاعر الزقازيق والبطيخ «مرسى جميل عزيز»، لم ترتفع الكلمات إلى مستوى الأداء واللحن الشعبى الفلكلورى إلا فى الجزء الأخير من الأغنية الذى يقول: يا سهرانين ع الحدود/ ومسهرين الشوق لدير ياسين والفالوجا».

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع