سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 أكتوبر 1973.. مصر تفاجئ إسرائيل بإبطال عملية إشعال مياه القناة بالنيران أثناء العبور.. والمخابرات الحربية تكتشف مخطط العدو قبل بداية الحرب

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 أكتوبر 1973.. مصر تفاجئ إسرائيل بإبطال عملية إشعال مياه القناة بالنيران أثناء العبور.. والمخابرات الحربية تكتشف مخطط العدو قبل بداية الحرب
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 أكتوبر 1973.. مصر تفاجئ إسرائيل بإبطال عملية إشعال مياه القناة بالنيران أثناء العبور.. والمخابرات الحربية تكتشف مخطط العدو قبل بداية الحرب

عندما أشارت عقارب الساعة إلى الساعة الثانية وخمس دقائق ظهر 6 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1973، نشبت الحرب فجأة بمبادأة من مصر وسوريا ضد العدو الإسرائيلى، وبذلك اندلعت الشرارة فى الشرق الأوسط لتحرق الظلم والعدوان، الذى أصابتنا به إسرائيل منذ نشأتها فى حروب متتالية واعتداءات متكررة، كان آخرها حرب يونيو 1967، حسبما يذكر المشير محمد عبدالغنى الجمسى فى مذكراته «حرب أكتوبر 1973».

 

كان «الجمسى» رئيسا لهيئة عمليات الجيش المصرى، أثناء هذه الحرب، ويسجل شهادته عن بطولات العسكرية المصرية خلالها.. يذكر عن أول يوم، أنه من الملامح البارزة له فى القتال وطول مدة الحرب، أن القادة يضربون القدوة والمثل لرجالهم، يتقدمون جنودهم، ويقاتلون معهم فى الخطوط الأمامية، ويستشهدون بينهم، ويكفى أن نعلم أن الضباط قادة الفصائل والسرايا عبروا فى الدقائق الأولى، وقادة الكتائب عبروا خلال خمسة عشرة دقيقة من بدء القتال، وعبر قادة اللواءات خلال 45 دقيقة، وقادة الفرق خلال ساعة ونصف الساعة من بدء الحرب، ولذلك كانت نسبة الخسائر فى الضباط والقادة عالية عن المعدل، إلا أن الإصرار على تنفيذ المهام كان يتطلب منهم ذلك، وفى سبيل النصر تهون الأرواح.

 

يضيف الجمسى: «رفع جنود مصر علم مصر على أرض سيناء، فوق أنقاض وحصون ومواقع العدو فى خط بارليف رمز القوة والمناعة لإسرائيل، ورمز الإهانة لمصر، ويمكننا أن نتصور اندفاع قواتنا لتأدية مهامها القتالية، والتضحية بأرواحهم، بروح معنوية عالية، عندما أعادوا رفع علم مصر على جزء من أرضها المقدسة، ظل غائبا عنها ست سنوات».. يؤكد: «كنا نتابع الاقتحام والعبور أولا بأول فى مركز العمليات، وكانت فرحتنا شديدة عندما وصلنا نبأ رفع أول علم مصرى على الضفة الشرقية للقناة، وتوالت البلاغات من قيادات الجيشين عن نجاح قواتهما، وعندما اطمأن الرئيس السادات إلى النجاح الذى تم، أمر وهو داخل مركز العمليات بإذاعة البيان العسكرى الأول من الإذاعة المصرية فى الساعة الثانية وعشر دقائق، وكان نصه:

 

«قام العدو فى الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم بمهاجمة قواتنا بمنطقتى الزعفرانة والسخنة بخليج السويس، بواسطة عدة تشكيلات من قواته الجوية، عندما كانت بعض زوارقه البحرية تقترب من الساحل الغربى للخليج، وتقوم قواتنا حاليا بالتصدى للقوات المغيرة».

 

وتوالت البيانات العسكرية موضحة الموقف إلى أن صدر البيان الخامس فى الساعة الرابعة بعد الظهر، وكان نصه: «نجحت قواتنا فى اقتحام قناة السويس فى قطاعات عديدة، واستولت على نقط العدو القوية بها، ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة، كما قامت القوات المسلحة السورية باقتحام مواقع العدو فى مواجهتها، وحققت نجاحا مماثلا فى قطاعات مختلفة».

 

يكشف «الجمسى» عن عملية سرية بطولية أبطلت تخطيط إسرائيل لإشعال النيران فوق سطح مياه القناة أثناء العبور، يذكر: «جهزت إسرائيل مواقعها الحصينة على الضفة الشرقية للقناة بخزانات من الوقود ومواد الإشعال- مغطاة تحت سطح الأرض- يخرج منها مواسير إلى القناة، يتسرب منها البترول الذى يشعل كهربائيا من داخل الموقع، فتغطى النيران الشديدة تحت سطح المياه لتحرق الأفراد وقوارب الاقتحام المصنوعة من المطاط والخشب أثناء العبور، وتصبح فى هذه الحالة مفاجأة فنية ضد قواتنا لم نعمل حسابها»، يعترف الجمسى:  «الفكرة الإسرائيلية جيدة ومؤثرة جدا لعرقلة هجوم قواتنا فى بعض القطاعات، ومنعه تماما فى القطاعات الأخرى، بالإضافة للخسائر الجسيمة التى تتكبدها قوات الاقتحام».

 

يذكر الجمسى:  «حاولنا إبطال مفعول هذه الوسيلة أثناء التحضير للحرب بطرق مختلفة لم تحقق النتائج المرجوة، واستقر الفكر العسكرى المصرى على إبطال مفعولها بمعرفة المهندسين بوسائل حددوها، وقامت مجموعات من المهندسين ليلة 5/6 أكتوبر بالعوم تحت سطح المياه لتنفيذ هذه المهمة»، يضيف الجمسى: «تنفسنا الصعداء، عندما نجحت هذه المجموعات فى تنفيذ هذا العمل المهم ودون أن يشعر به العدو»، ويكشف: «لزيادة الاطمئنان والتأكيد، تسللت مجموعات من رجال المهندسين يوم 6 أكتوبر، تحت ستر نيران المدفعية، إلى الشاطئ الشرقى للقناة، للتأكد من أن مواسير نقل السائل التى أغلقت فى اليوم السابق لا تزال مغلقة».

 

يؤكد الجمسى: «أصيب الإسرائيليون بالإحباط، عندما حاولوا استخدام هذه الوسيلة أثناء عبور قواتنا، فوجدوها معطلة لا تعمل، وكانت إسرائيل قد أرسلت بعض المهندسين إلى المواقع الأمامية، للتأكيد من صلاحية وسائل إشعال النيران، وأنها تعمل بكفاءة، وكانت الحرب قد نشبت فوقعوا فى الأسر».

 

يعلق «الجمسى»: تجاهلت الكتب والمقالات والمذكرات الإسرائيلية هذا الموضوع تماما، ويبدو أن الإخفاق الإسرائيلى فى تنفيذ هذا المخطط جعلهم لا يتكلمون عنه، ومن المؤكد أن هذه الفكرة لو نجحت لظهر «سوبرمان إسرائيلى أو عبقرى نسجت حوله القصص».. يذكر:  «لا بد من تسجيل العمل الممتاز الذى قامت به إدارة المخابرات الحربية، حيث تمكنت من اكتشاف تجهيز العدو لهذه الوسيلة الخطيرة فى وقت مبكر قبل الحرب، وبالتالى أمكن وضع خطة التغلب عليها وإحباط مفعولها».


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع