حكايات مضيئة من قلب "الخانكة للصحة النفسية".. مرضى أمضوا بالمستشفى عشرات السنين والإدارة تحتويهم لرفض ذويهم عودتهم.. مدير المستشفى: الوصم المجتمعى سبب رفضهم وتغلبنا على أزمة التكدس بواسطة العلاج بالطب المجتمعى

نزيل: «حبونا لأننا بنحبكم وعدم الخوف والحذر منا وتقبلونا بينكم»

شاب عشرينى: تعلمت العديد من المهارات لم أتعلمها خارج أسوار هذا المكان

كانت لهم حياتهم وأعمالهم، ويعيشون بين أسرهم آمنين، لكن دوام الحال من الحال، لم تتحمل أعصابهم الحياة وصخبها والظروف وتقلباتها، فتبدلت بهم الأحوال والديار، وتحولوا إلى نزلاء فى مستشفى الصحة النفسية، يراقبون الحياة من خلف جدرانها.

 

هنا فى مستشفى الخانكة للصحة النفسية، والذى يعد من أكبر دور الصحة النفسية فى مصر، حيث تبلغ مساحته 179 فدانا، عشرات القصص التى تستحق أن تروى لاستخلاص الحكمة والعبر منها، فالمستشفى ليس جدرانا وطرقات ومبانى موزعة على مساحة شاسعة، بل إنه أشبه بصندوق الدنيا، يضم العديد من القصص المختلفة، ومنها حكايات المرضى الذين أمضوا بداخلها عشرات السنوات للوصول لرحلة التعافى، وبعد اكتمال الشفاء والاستعداد لاستئناف حياتهم مجددا فوجئوا برفض أهلهم عودتهم من جديد، سواء خوفا من الانتكاسة الصحية لهم، وعدم القدرة على تصرفاتهم، أو الخشية من الوصم المجتمعى، فلم يجدوا إلا العودة مجددا للمستشفى الذى احتضنهم ووفر لهم المأوى والعلاج، بجانب اكتسابهم حرفة للتكسب منها.

 

 فى هذا الملف سنتعرف على قصص هؤلاء النزلاء، ودور المستشفى فى إعادة تأهيلهم، من خلال العلاج بالعمل، ونجاح إدرة الخانكة فى التغلب على أزمة تكدس المرضى، بعد رفض بعد أسرهم استلامهم.

 

ينقسم يوم نزلاء مستشفى الخانكة إلى العديد من الأنشطة وفقا لمواعيد محددة بدقة، فبحسب ما يذكر الدكتور أحمد شرف، نائب مدير مستشفى الخانكة، فهو يبدأ من وقت الاستيقاظ فى السابعة والنصف صباحا، ثم تعقبها وجبة الإفطار، ثم تناول العلاج، ليبدأ وقت التريض والأنشطة الرياضية المختلفة، كما تتخللها مباريات لكرة القدم، ثم وجبة الغداء، بجانب جلسات الدعم النفسى المستمر من جانب الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين المدربين، فالعمل يكون على شقين علاجى والدعم النفسى.

 

«الحكيم»، هو اللقب الذى يشتهر عم «ص»، وهو اسم مستعار لأحد النزلاء داخل مستشفى الخانكة، والذى يحظى بحب واحترام الجميع، خاصة أنه من أقدم نزلاء المستشفى، حيث إنه أمضى أكثر من 20 عاما كنزيل، على أحجار المستشفى نقش العديد من ذكرياته وبين طرقاته رافق العديد من النزلاء ومضت عليه السنوات.

 

يتذكر عم «ص» سنوات شبابه، فيقول ولدت لأسرة بسيطة فى صعيد مصر، وتحديدا فى أسيوط، وبدأت العمل فى سن صغيرة فى تجارة الفاكهة التى يصفها بأنها «أحسن شغلانة لأنها طعام أهل الجنة» بحسب وصفه، وعن طريقها تنقل بين العديد من المحافظات حتى صار تاجرا معروفا له اسمه، واستطاع من خلاها تكوين ثروة طائلة، وبسبب ضغوط وتقلبات العمل وخلافات عائلية فقد أغلب أمواله وتجارته، وتحول إلى فقير معدم، فلم تحتمل أعصابه ذلك وتحول إلى أحد نزلاء مستشفى الخانكة للصحة النفسية.

 

ويضيف: جئت لمستشفى الخانكة وأنا فى حالة سيئة رافضا الحديث أو التجاوب مع من حولى، فلم أكن أتصور أن يتبدل بى الحال من حياة التجارة والأموال إلى التحول لأحد النزلاء بمستشفى الخانكة واستمررت على ذلك الحال عدة أشهر، ولكن بعد مدة من الزمن وجدت الراحة والسكينة فى ذلك المكان وارتبطت به، خاصة بعد المعاملة الطيبة التى وجدتها من الجميع، والخصوصية التى شعرت بها هنا، لدرجة أنه بعد خروجى من المستشفى بناء على التقارير الطبية التى أثبتت التعافى واستعادة القدرة العقلية والاتزان، عدت مرة أخرى بإرادتى الحرة لنفس المكان، خاصة بعد رحيل أغلب أسرتى وعائلتى، إما بسبب الوفاة أو السفر أو عدم تقبل الجزء الآخر منهم لعودتى مجددا، باستثناء شقيقى الذى يحرص على زيارتى، ولكن بسبب ظروفه المادية لا يملك استضافتى معه فى المنزل.

 

مبديا سعادته بعودته للمستشفى مرة أخرى، قائلا: هنا تجد كل إنسان على طبيعته بدون زيف، يتصرف بتلقائية الجميع هنا يتعاملون كأسرة واحدة، نشترك فى أنشطة عديدة، وكل ما نحتاجه موجود، بجانب العلاج وجلسات السمر ومشاهدة التليفزيون والتريض، مبديا رفضه لبعض التصرفات التى شاهدها خلال فترة وجوده خارج أسوار المستشفى، ومنها التنمر على أو مطاردة بعض الأشخاص الذين يعانون من عدم الاتزان النفسى، مطالبا بالمعاملة الكريمة من قبل المارة، لأنك لا تعلم ماضي،ه فمن الواراد أنه كان من أصحاب الأموال والتجارة، ولكن تبدلت به الأحوال، بجانب حث الأسر على زيارة ذويهم داخل دور الرعاية النفسية، وعدم الانقطاع عنهم أو رفض استلامهم مجددا بعد عودتهم للتعافى.

 

20 عاما هى المدة مضت على عم «م» منذ أن وطأت قدماه طرقات مستشفى الخانكة للعلاج من آثار الصدمة النفسية نتيجة مشهد مصرع شقيقته أمام عينيه تحت عجلات سيارة مسرعة، منذ أكثر من 20 عاما، والتى لا تزال حاضرة بكل قوة، لدرجة انه لم يستطع إخفاء دموعه خلال حديثه عنها، بسبب تعلقه الشديد بها والذى لم يجد سوى العمل والانخراط داخل ورشة النجارة للتغلب على تلك الذكريات.

 

وهو ما يعبر عنه بقوله: كنت متعلقا بشقيقتى لدرجة كبيرة، فكانت لى الأخت والصديقة والمعين فى هذه الحياة، والتى اختطفها الموت منى فى لحظة وهى تسير بجوار نتيجة اصطدامها بسيارة سرفيس طائشة، لفظت أنفاسها فى الحال ولم أستطع خلالها استيعاب ما حدث، لكن ما أعيه جيدا أننى قضيت نتيجة هذا الحادث أكثر من 20 عاما فى مصحة الخانكة، ولا أزال أتذكر الحادث بكل تفاصيله، كيف كنا نسير معا وفجأه سمعت صوت ارتطام عنيف ووجدت جسدها النحيل يطير فى الهواء عدة مترات وتسقط أمامى بلا أى حراك، مضيفا: «هرولت بها لأقرب مستشفى ولكن الأطباء أخبرونى بوفاتها».

 

وتابع: ظللت فترة طويلة أعانى آثار تلك الحادثة، وأتجنب الحديث مع من حولى، أو المشاركة فى أى نشاط، إلى أن بدأت فكرة العلاج بالعمل، فشعرت بسعادة ما، خاصة مع المساهمة فى صناعة شىء مفيد، وتحويل الخشب إلى شىء مصنوع، سواء كان مكتبا، أو منضدة خشبية، أو دولابا، لافتا إنه خلال 20 عاما لا يتذكر وجود زيارات له أو سؤال عنه من جانب أهله، فبحسب وصفه كانت شقيقته كل عائلته.

 

فى المستشفى، التقينا شابا عشرينيا، نحيل الجسد خفيف الروح، يتسم بالمرح الدائم وتزين ملامحه ابتسامة لا تفارق وجهه،  هذا هو «أ» أحد نزلاء مستشفى الخانكة والتى أمضى بها بها أكثر من 10سنوات، لأسباب لم يشأ أن يذكرها، مكتفيا بالإشارة بقوله «حاجات وعدت خلينا فى الجديد».

 

ويقول: خلال وجودى بالمستشفى تعلمت العديد من المهارات وتعملت أشياء لم أكن لأتعلمها خارج أسوار هذا المكان، وتعاملت مع أفراد صاروا بمثابة الأهل والأسرة لى، فيكفى القول بأنى تعلمت الكسب نتيجة عملى الخاص، بعد اكتساب مهارة صناعة الأحذية والمشاركة فى معارض يتم تنظيمها لعرض منتجاتنا، وعند النظر إلى نفسى، ومقارنة حالى قبل عشر سنوات، هى مدة بقائى داخل المستشفى، هناك فارق كبير، تحولت لشخص إيجابى، قادر على الكسب واستطعت من خلال ذلك تعويض عدم الزيارات أو رفض عودتى مجددا من جانب أسرتى.

 

مضيفا: «عاوز الناس تحبنا وتتعامل معانا على إننا أسوياء ولا تتذكر الجانب المرضى فقط، خاصة أن المرض النفسى يمكن التعافى منه، وهو ما حدث بالفعل، وكل مريض نفسى يحتاج لمزيد من الحب والرعاية والاهتمام، ونطالب الآخرين بتقبلنا وعدم الخوف والحذر منا، فنحن لا نؤذى أحدا، وكل ما نطلبه فقط هو الحب والاهتمام، مختتما بقوله «حبونا لأننا بنحبكم».

 

من جانبه، قال الدكتور وائل فؤاد، مدير مستشفى الخانكة: «يعد مستشفى الخانكة ثانى أقدم مستشفى على مستوى الجمهورية، حيث تم بناؤه فى أوائل القرن الـ19، وهو أكبر مستشفى للصحة النفسية وعلاج الإدمان فى مصر والوطن العربى، حيث تبلغ مساحته فى الوقت الحالى قرابة 179 فدانا، ويشتمل على العديد من الخدمات العلاجية».

 

وأضاف: «وعلى الرغم من مساحة المستشفى الهائلة، وقوته السريرية الضخمة، إلا أننا كنا نعانى من أزمة حقيقية، وهى عجز المستشفى عن استيعاب النزلاء أو المترددين عليها، ويرجع ذلك لعدة أسباب، نتيجة تكدس الحالات، خاصة من المرضى الذين وصلوا لمرحلة التعافى.

 

ويرجع ذلك إلى رفض الأهالى خروج ذويهم وإعادتهم للاندماج بينهم، بعد وصولهم لمرحلة التعافى، سواء بسبب الخشية من الوصم المجتمعى، أو التخوف من انتكاسة المريض، وعدم القدرة على التحكم فى انفعالاته وتصرفاته».

 

وتابع: «كل ذلك تسبب فى عدم قدرة المستشفى على استقبال حالات جديدة تحتاج للرعاية الطبية، فى ظل وجود حالات مر على وجودها من 20 إلى 30 عاما داخل المستشفى، ووصلت لمرحلة التعافى، ولذلك بالتفكير مع الأمانة للصحة النفسية تم الوصول لحلول لمواجهة هذه الإشكالية، من خلال عدة محاور، مثل الطب المجتمعى، والعلاج بالعمل.

 

ويقصد به توفير الرعاية الصحية للمريض النفسى فى منزله، أو محل إقامته، من متابعة وعلاج كامل من خلال فريق طبى جاهز ومتكامل ومدرب على أحدث مستوى، ومزود بأخصائيين اجتماعيين ونفسيين، وعمل ملفات تتضمن كل التفاصيل عن الحالة، مدون بها كل تطوراتها، وهو ما ساهم فى تخفيف الضغط على المستشفى.

 

وقال «فؤاد»: «بجانب العمل على إيصال حالات المتعافين نفسيا لأسرهم بعد التأكد من شفائهم ومحاولة إقناع ذويهم باستقبالهم مع التأكيد على متابعة من قبل إدارة المستشفى للحالات، ورغم ذلك هناك العديد من الأسر كانت ترفض باستماتة إعادة استقبال ذويهم، وكنا نعود بهم للمستشفى».

 

وأوضح «فؤاد»: أن خطورة الرفض تمثل أزمة نفسية كبرى، فكان علينا معالجة هذا الأمر وإيجاد رد فعل قوى، يؤكد على أهمية الشخص ودوره المجتمعى، وأن له قيمة حقيقية، وهو ما كان يتضح من خلال الاستراتيجية التى تعرف «العلاج بالعمل»، ويقصد بها تأهيل المرضى وإكسابهم المهارات الحرفية من خلال الورش الموجودة فى المستشفى، ومنها ورش النجارة والأحذية، بعد تدريبهم واختيارهم من من قبل لجان مختصة، يتم ترشيح النزلاء الذين يتم التأكد من سلامتهم واتزانهم النفسى، وأنهم لا يشكلون خطرا على أنفسهم أو على زملائهم عند التعامل مع الآلات، ومن خلال هذه الورش المتوافرة بها المعدات والخامات والمدربون، ويتم إكساب النزلاء حرفة يستطيعون بها كسب المال، بجانب وجود مصدر دخل للمستشفى، حتى ولو بسيط، من خلال بيع منتجات النزلاء عبر معارض، مع وضع هامش ربح بسيط.

 

واختتم قائلا: «طبعا الموضوع ده فرق كتير جدا، بالإضافة إلى إننا ابتدينا نعمل لجان للخروج، بتقييم المريض، ومناظرته، ومخاطبة الأهالى، وابتدينا نعمل لهم تعليم وتثقيف». 

 

د. مِنن عبدالمقصود الأمين العام للصحة النفسية لـ«اليوم السابع»: متاحون للمريض النفسى بكل السبل والوسائل.. الشخص المتنمر مريض ويحتاج لعلاج نفسى

هناك أمراض نفسية تصيب الأطفال فقط.. وأخرى تظهر فى الكِبَر لكن بدايتها من الطفولة

1

 

أكدت الدكتورة منن عبدالمقصود، الأمين العام للصحة النفسية، أن الأمراض النفسية غير مرتبطة بسن معينة، لافتة إلى أن هناك أمراضا نفسية تصيب الأطفال فقط، ولها فصل منفصل فى كتب الطب النفسى يكون موضح بها الأمراض النفسية التى تصيب الأطفال، وأضافت فى حوار لـ«اليوم السابع»، أن من تلك الأمراض: «التوحد، فرط الحركة، نقص الانتباه، التبول اللاإرادى»..

وإلى نص الحوار:

 

هل هناك علاج إلزامى للشخص المدمن؟

نحن كجهة علاج للصحة النفسية، وعلاج الإدمان، نقدم العلاج فقط ونتابع حالة المرضى، ولذلك من الأفضل أن يتم ترك تلك الجزئية للقانونين للحديث فيها ولكن بشكل عام مادة القانون التى تتحدث عن العلاج الإلزامى تشترط أن تكون هناك خطورة لمريض على نفسه، أو على الآخرين.


ما هى الإشارات - أو الأعراض - الدالة على ضرورة زيارة الطبيب النفسى؟

أى متغير طارئ فى طبيعة حياتك أو ميولك أو تفكيرك٫ خاصة لو التغيير يؤثر على أدائك أو على قدراتك فى التواصل مع محيطك، أو مع من حولك، هذه تكون أعراض ودلالات مهمة على ضرورة الإسراع بزيارة أو اللجوء للأستشارة النفسية.


البعض يعتقد بصعوبة التواصل مع الطبيب النفسى، إما لصعوبة الوصول إليهم أو لارتفاع الأسعار؟

غير صحيح على الإطلاق، الأمانة العامة للصحة النفسية عملت على توفير الخدمة النفسية وتقديم الدعم النفسى من خلال عدة جهات ومحاور، فالأمانة العامة للصحة النفسية عملت على تفعيل التواصل المباشر مع الجمهور، سواء من خلال مقرها الموجود بالعباسية، وهى تقدم الخدمة بالمجان، أو من خلال المنصة الوطنية للصحة لنفسية التى تتيح التواصل عن طريق «الفيديو كول»، مع استشارى أو معالج نفسى أو أخصائى وجها لوجه، أو عبر الهاتف خدمة الخاط الساخن، ويستطيع التواصل والحصول على الجلسة النفسية.

هناك اعتقاد بأن المرض النفسى مرتبط بسن معينة.. فهل من الممكن أن يعانى الأطفال من أمراض نفسية مثل الاكتئاب وغيره؟

الأمراض النفسية غير مرتبطة بسن معينة، وعلى ذلك هناك أمراض نفسية تصيب الأطفال فقط، ولها فصل منفصل فى كتب الطب النفسى، موضحة بها الأمراض النفسية التى تصيب الأطفال ومنها التوحد، فرط الحركة، نقص الانتباه، التبول اللاإرادى.

 

وهناك أمراض تصيب الكبار، لكن بدايتها تكون من سن الطفولة ومنها الخجل الاجتماعى، بعض أنواع الاكتئاب، والقلق، بعض أنواع القلق والتوتر.


هل التوحد يصنف ضمن فئة الأمراض النفسية؟ أم أنه جينى؟ بمعنى هل هناك جين معين يسبب ذلك؟

لم يُكتشف الجين المسبب للتوحد حتى هذه اللحظة، وهذا طبقا لمعلوماتى، حيث إنه لم يتم التوصل - علميا - إلى أن الإصابة به نتيجة جين معين، لكن التوحد فيه جانب عضوى، لأن الخلايا المخية تتعرض لخلل ما، خاصة الموصلات العصبية، لكن لا يوجد تفسير علمى قاطع يوضح سبب الإصابة بالتوحد.


إذن كيف يُصنف على أنه ضمن الأمراض النفسية التى تصيب الأطفال؟

لأن الأعراض المميزة له كلها نفسية، سواء كانت متعلقة بالتواصل، أو عدم القدرة على التواصل المباشر مع المحيطين، علاوة على التأخر فى الكلام، وعدم القدرة على التعبير عن الذات، والأعراض الوسواسية، واتباع روتين معين لو حدث أى تغيير فى ذلك الروتين والنظام يصاب بالتوتر، بجانب العنف، والتوتر، والقلق، وعدم القدرة فى التواصل مع الناس وصعوبات التعلم، وكلها أعراض نفسية.


ما علامات إصابة الطفل بالاكتئاب؟

فى الفترة الماضية لم يكن الأطفال يدركون معنى الاكتئاب، لكن مع بداية العولمة، وتداخل المعلومات، وشيوع وسائل الاتصالات الإنترنت، الموبايلات، والتابات، فى يد الأطفال أصبحت لديهم دراية بما تعنيه كلمة «اكتئاب»، بل بدأوا فى استخدام الكلمة بشكل مبالغ فيه، والحقيقة أن الاكتئاب موجود لدى الأطفال، لكن يتم التعبير عنه بشكل مختلف، وبمقولات مختلفة، مثلا الشكوى من عدم اعتدال الحالة المزاجية، أو الشكوى من آلام فى البطن، ورفض الذهاب للمدرسة، والصداع، وعدم القدرة على الاستذكار، والعنف، عدم النوم بشكل جيد، عدم الرغبة فى التمرين، عدم الصراحة،

والحقيقة أن الأمر يحتاج إلى وعى وتثقيف من جانب الوالدين ومراقبة سلوك أبنائهم، والقرب منهم، حتى لا تتفاقم معهم هذه الأعراض، وعند بلوغ السن المراهقة تكون النتيجة التوجه للمخدرات أو محاولة التخلص من الحياة، أو الدخول فى علاقات غير محسوبة، كل ذلك نتيجة أنه كان فى الطفولة لديه أعراض اكتئاب لم يتم اكتشافه أو علاجه.


ما العوامل التى تساعد على دخول الطفل دائرة الاكتئاب؟

من أهم احتياجات الطفل هى حاجته للشعور بالأمان، فأى مخاطر تهدد هذا الأمان، تكون سببا أو عاملا من العوامل المسببة للاكتئاب، مثل الخلافات العائلية أو الزوجية التى تتسبب بالقطع  فى اكتئاب الطفل، ويكون الاكتئاب شديدا لو الخلافات مستمرة، والطفل طرف فيها، لذلك دائما ما ننصح الوالدين بإخفاء الخلافات عن الأطفال، سوء المعاملة أو التنمر سواء من المجتمع أو العائلة الموجود فيها الطفل، كلبيت أو المدرسة، أو النادى، من العوامل التى تجعل الطفل يفقد ثقته فى نفسه، ما قد يتطور لاحقا لعدم قابلية الطفل لنفسه «كراهية الذات واحتقارها».

 

أيضا هناك العوامل الاجتماعية الصعبة، كالازدحام فى المنزل، ما يفقد الطفل خصوصيته، فالأسرة التى بها عدد الأطفال كبير، يكون كل أفرادها مرشحين للاكتئاب، ولو كان أحد الوالدين لديه اكتئاب، يكون الأطفال أكثر عرضة للاكتئاب، بجانب بعض التصرفات الأخرى ومنها إساءة المعاملة، الانتقاد المستمر للأطفال من جانب الأم والأب، الضرب، إهانة الطفل.


هل المذاكرة واستغراق عدة ساعات فيها من مسببات الاكتئاب لدى الأطفال ؟

لا.. إلا لو المذاكرة تتم بطريقة خاطئة، بمعنى ترك الطفل أمام موضوع لا يستوعبه، لأن ذلك سيشعره طبعا بالإحباط، والعكس صحيح، فلو أنه كان مجتهدا فى الدراسة، وينهى واجباته بسرعة، سيتعزز شعوره بالثقة فى نفسه، واحترام ذاته، بسبب التفوق الدراسى، فالمذاكرة نفسها سلاح ذو حدين، وعلى الآباء توفير المناخ المناسب لأبنائهم بعيدا عن الضغط النفسى والعصبية تجاههم وإهانتهم ومقارنتهم بالآخرين خاصة الأكثر تفوقا منهم فى محيط الأسرة أو المدرسة أو النادى، فكل ذلك يحبط الطفل ويدفعه لاحتقار ذاته وكراهية الآخرين، ومن ثم  يؤدى للاكتئاب.


هل من الأفضل البقاء مع الطفل خلال المذاكرة؟ أم تركه بمفرده؟

حسب احتياجه.. كل طفل مختلف عن الآخر، فقد يوجد طفل يفضل المذاكرة بمفرده، وهناك طفل آخر يحتاج بقاء أحد والديه بجانبه ومساعدته فى أداء الواجب والمذاكرة.


فى حال كان الطفل مجتهدا لكنه يفضل بقاء أحد والديه خلال المذاكرة.. هل يصنفه الطب النفسى بأنه «شخصية اتكالية»؟

حسب السن، فلو كان الطفل صغيرا، يكون ذلك عاملا تشجيعيا ومحفزا له، وهناك طفل لديه شخصية مستقلة منذ الطفولة، وآخر يفضل جلوس الأب أو الأم بجواره حتى سن المراهقة، الموضوع مختلف من أسرة لأسرة، ومن طفل لآخر، وكلما زادت قدرة الطفل على الاستقلالية، سيصل بسلام لمرحلة المراهقة، التى يحب أن يشعر بها بالاستقلالية يكون أفضل.


هل من الممكن استخدام الحدة فى المذاكرة؟

فارق كبير بين الحدة والجدية، بين الصرامة والإهانة بالضرب وسوء المعاملة والتوبيخ والمقارنة بالغير، والتسفيه من قدرات الطفل وإمكانياته ومواهبه، فالجدية والصرامة مطلوبان فى التربية والعقاب يكون بحرمان الطفل من شىء يحبه، لكن ليس بشكل مفاجئ، بل يشترط فى استخدام الحرمان كأسلوب عقاب، أن يكون هناك اتفاق مسبق بين الطرفين، «الأب/ الأم، والطفل».


 ما الحد الأقصى للعقاب؟

الأصوب هو الاتفاق، أو العلاج التعاقدى، بمعرفة قواعد للسلوك والجزاء، أما المدة فهى تحتسب بدقيقة لكل عام من عمر الطفل ولتكن مثلا الجلوس فى غرفة مفتوحة وبها أنوار بعيدا عن الوالدين.


يعانى بعض الأطفال من التنمر.. كيف أحمى طفلى من التنمر؟

أمنحه الثقة بنفسه وقدراته وأن هناك حكمة لخلقه بشكل معين وأن به مواضع قدوة أو قدرات معينة لا بد من اكتشافها واستثمارها، هذه هى النقطة الأولى، بناء الثقة بالنفس، مع منحه القدرة على التعبير عن نفسه بشكل سليم وواضح للجميع، ومحبب بدون عنف، أو صراخ، أو تجهم فى وجهه، وأن يكون صوته مسموعا بشكل محبب.

 

أيضا شىء آخر مهم، تعليم الطفل كيفية الدفاع عن نفسه عند تعرضه للتنمر، وذلك بتوقيف المتنمر، دون اعتداء عليه، فالتعامل  بشكل حيادى سيفقد الرغبة فى الاستمرار، لأن المتنمر مريض يحتاج لعلاج نفسى.


التنمر سلوك؟ أم مرض؟

التنمر سببه الأساسى أن الشخص المتنمر معنف فى المنزل، أو تعرض للتعدى عليه فى المنزل، وهو بحاجة للعلاج.


ما هى الروشتة التى تقدمينها لأولياء أمور ذوى الهمم؟

لا بد أن تكون هناك قناعة كاملة لدى الوالدين بأن هناك حكمة إلهية فى ذلك، وأن طفلى طبيعى، والبحث فى الملَكات والقدرات التى يتمتع بها، والبحث عن شىء موهوب فيه ومحاولة تنمية ذلك وهناك العديد من الأمثلة التى كانت تعانى من الإعاقات المختلفة وتحولوا إلى نماذج مبدعة وملهمة مثل الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى، وستفين هوكينج عالم الفيزياء.


ماهى الخدمات التى تقدم لأطفال التوحد؟

نحن حريصون على تقديم كل سبل الدعم لأطفال التوحد، ليس هم فقط، بل ولذويهم أيضا، كما أن هناك مبنى متكامل تم تصميمه على أحدث النظم العلمية، كما أن هناك أطباء على أعلى مستوى، منهم الدكتورة إيمان جابر المسؤولة عن برامج الأطفال، كما أن هناك برامج وورش عمل مستمرة لكامل المنظومة، من موظفين وإداريين وأخصائيين، بهدف التعريف بالتوحد واكتشافه مبكرا، من عمر سنة إلى سنتين.

نحن نعلم الأب والأم وندربهم على التعامل مع مرض التوحد، لو قدر الله أصاب طفلهما التوحد، يتم التواصل مع مراكز التميز الموجودة.


ما هى المبادرات والأنشطة الجديدة للأمانة العامة للصحة النفسية؟

هناك مبادرات عديدة للصحة النفسية ومنها المبادرة الرئاسية المبنية على أربعة محاور، الأول البحث والرصد، وهو قائم على ثلاثة أنشطة رئيسية، أولا المرصد الوطنى للإدمان، وهى لجنة مكونة لمكافحة الإدمان، المسح القومى للأمراض النفسية وهو مشروع قائم حاليا مع منظمة الصحة العالمية بهدف معرفة الأمراض النفسية فى مصر، وتوزيعها وأنواعها بالتفصيل، والجزء الثالث من هذا المحور وهو البحثى والرصد ويقصد بها خريطة الإدمان فى مصر، بهدف التعرف على المدمنين وأماكنهم فى مصر، والأنواع التى يتم تعاطيها واستخدامها.

 

والمحور الثانى

، المحور الإعلامى وهى حملة إعلامية مسؤولة تهدف للتوعية بالصحة النفسية ووسائل العلاج، والمحور الخدمى ويقصد به الانتشار فى المدارس والجامعات وهى من الأماكن التى يسهل جدا تنشئة الطفل تنشئة سوية برنامجين الصحة النفسية المدرسية أو البرنامج الآخر اسمه فواصل بيكون المهارات الحياتية للمراهق أو الطفل بهدف تعليمهم كيفية التعبير عن أنفسهم، ومقاومة المغريات الجاذبة لتعاطى المخدرات.

 

أما المحور الثالث

، وهى الرعاية الأساسية والمقصود بها الوحدات المنتشرة فى كامل أنحاء الجمهورية، بحيث تكون الخدمة قريبة من الجميع، كما يتم تدريب العاملين بهذه الوحدات على التعامل مع الشكاوى البسيطة المبدئية، أما غير ذلك فيتم التحويل للمستشفيات النفسية المتوافرة فى 16 محافظة، ولدينا خطة طموحة للانتشار فى الـ27 محافظة، أما عن المحور الأخير وهو الخط الساخن للصحة النفسية، وذلك بهدف التواصل عن بعد مع لأى شخص لديه أزمة أو مشكلة نفسية وقريبا سوف يكون جزء من الخط الساخن للوزارة، وأخيرا وهى المصحة الوطنية للخدمة النفسية من خلالها يمكن التواصل بشكل مباشر مع معالج نفسى يساعده على حل مشاكله غير المعلومات بذلك بخلاف المعلومات المتوافرة عن الإدمان، الزهايمر، مشاكل المرأة، آلام الحيض بمعنى آخر: «سوف نكون متاحين للمريض النفسى بكافة السبل والوسائل يعنى هننزل للمريض النفسى من الحنفية».
p

 

حقائق وأرقام

 

179 فدانا مساحة مستشفى الخانكة

1403 إجمالى عدد العاملين بالمستشفى

 

1361 عدد دخول الحالات بالأقسام النفسية

 

847 عدد دخول حالات الإدمان

 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع