هل يسحب بوتين "بساط" النفوذ من واشنطن.. محللون يحذرون: الخلاف بين ترامب وأجهزة الاستخبارات يصب فى مصلحة موسكو.. الرئيس الروسى يستغل "بذكاء" الفراغ على الساحة العالمية.. وبيونج يانج وكاراكاس أحدث ساحات المعركة

اهتمت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بتسليط الضوء على الخلاف بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وبين رؤساء أجهزة الاستخبارات الأمريكية وتأثير ذلك على نفوذ البلاد على الساحة العالمية لاسيما بالمقارنة مع روسيا، وقالت إن آخر خلاف علنى بين الرئيس وبين رؤساء استخباراته أوضح أن المسألة أكبر من كونها مجرد صدع داخلي.

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن هذا الخلاف يفتح المجال أمام هيمنة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ، الذي عكف على استعراض عضلات روسيا على الصعيد الدولي ليعود بذلك إلى أسلوب الحرب الباردة ، فى الوقت الذى تترك فيه الولايات المتحدة فراغًا كبيرًا على المسرح العالمي.

f0307db8a3.jpg

وكان ترامب هاجم الاستخبارات الأمريكية ووصف تعاملها مع الخطر الإيرانى بـ"السلبي والساذج" وأشار إلى أن سلوك إيران قد تغير منذ أن أصبح رئيسا. وقال ترامب عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر: "يبدو أن رجال المخابرات يتعاملون بسلبية وسذاجة مع الخطر الإيراني، هم على خطأ، عندما أصبحت رئيسا، كانت إيران تخلق المشاكل في الشرق الأوسط وخارجه، ومنذ أن أنهينا الاتفاق النووي الإيراني تغير سلوكهم ولكن...".

وأضاف الرئيس الأمريكي في تغريدة أخرى: "...بقوا مصدر خطر وصراع محتمل، إنهم يجربون الصواريخ (الأسبوع الماضي) والمزيد، وقد اقتربوا كثيرا من الحافة، فاقتصادهم يتدهور وهذا الأمر الوحيد الذي يعيق حركتهم، احذروا من إيران، ربما على المخابرات أن تعود للمدرسة".

وأوضحت "واشنطن بوست" أن تقارير الاستخبارات تناقض كل ما قاله ترامب حول روسيا وكوريا الشمالية والصين وداعش، بحسب ما قالته كاتلين كولينز فى شبكة "سى إن إن" الإخبارية.

53cffd1d6a.jpg

واعتبرت الصحيفة أن غضب الرئيس وهجماته العلنية ضد وكالات استخباراته بسبب تقييماتهم المختلفة للتهديدات الخارجية التى تواجه الولايات المتحدة يفتح المجال أمام بوتين ليكون لاعبا أكبر على الساحة العالمية، حيث يرى المحللون أن الرئيس الروسى يفكر ببراجماتية أكثر من تركيزه على إحياء السياسة الخارجية فى مدرسة الحقبة السوفياتية القديمة.

وقالت أنجيلا ستينت، مؤلفة كتاب "عالم بوتين" المتوقع نشره قريبا، فى تصريحات إعلامية "أعتقد أن ما رآه بوتين هو بالتأكيد أن الولايات المتحدة تنسحب، لقد قلنا إننا نخرج من سوريا وأفغانستان ، وهما قراران أثنا عليهما الروس إلى حد كبير ، حيث يرون أن هناك رئيسًا ينتهج سياسة خارجية غير متناسقة ويشكك فى كل التحالفات الرئيسية التي لدينا مع أوروبا وآسيا. ويستغل بوتين بذكاء الفرص التي تم تقديمها له من قبل الولايات المتحدة."

وأضافت ستينت: "يدرك بوتين أن هناك اختلاف بين ما يعتقده ترامب وكيف ينظر إلى العالم وما يراه فريقه التنفيذى ولكن الجديد هو كيف تعمل الصين وروسيا الآن بشكل أوثق لتقويض مصلحة الولايات المتحدة ضد الديمقراطيات الغربية."

7c6c9c0f92.jpg

ومن ناحية أخرى، قال جيفري مانكوف ، نائب المدير وكبير زملاء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في روسيا وأوراسيا ، "أعتقد أن معظم الروس الذين تحدثت إليهم يشعرون بالحيرة شأنهم شأن أي شخص آخر". وأضاف موضحا  "أعتقد أن حقيقة وجود هذا الخلاف العام حول طبيعة التحدي الذى تشكله روسيا ... يجعل من غير المرجح أن تكون لدى الولايات المتحدة رؤية موحدة لما ينبغي أن تكون عليه السياسة الأمريكية تجاه موسكو ، وهو ما يمنح بوتين بعض الفرص ".

ومن بين هذه الفرص – تضيف "واشنطن بوست"، الأزمة الفنزويلية، فمثلا يقدم بوتين الدعم للرئيس نيكولاس مادورو بعد أن اتهمت روسيا الولايات المتحدة بتدبير انقلاب في أعقاب اعتراف إدارة ترامب رسميا بزعيم المعارضة خوان جوايدو في منصب الرئيس الفنزويلي المؤقت.

وفاجأ وصول طائرة روسية مراقبو فنزويلا عندما هبطت في كاراكاس ليلة الاثنين ، "مما أثار مزاعم غير مؤكدة بأن إدارة الرئيس نيكولاس مادورو تتطلع إلى إخراج ما تبقى من احتياطيات الذهب المستنفدة خارج البلاد" ، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.

وقال المحلل العسكري ألكساندر م. جولتز لصحيفة نيويورك تايمز إن علاقة روسيا بفنزويلا "تعكس السياسة الخارجية  القديمة للاتحاد السوفييتي، حيث قام الكرملين بالإغداق بالأسلحة والمال على أي بلد ينبح ضد واشنطن".

أما كوريا الشمالية، فأفادت تقارير أن الروس عرضوا سراً على بيونج يانج محطة للطاقة النووية في موسكو مقابل نزع السلاح النووي.

أما عن الوضع فى الشرق الأوسط، فأفسح قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا المجال أمام موسكو لتتصدر المشهد السياسى، فى الوقت الذى يسعى فيه بوتين إلى توسيع النفوذ الجيوسياسي الروسي في الأماكن التي تهملها الولايات المتحدة فى إفريقيا.

 



 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع