والأهم من ذلك أن مقتله قد يُحقق انخفاضًا فى مؤشر العمليات الإرهابية التي يقوم بها التنظيم، على الأقل على المدى القريب، كما يمكن أن يتسبّب في فقدان التنظيم بعضًا من مليشياته، ورغم هذا، فإن مقتله لا يعني انتهاء التنظيم بشكل كامل، فالتنظيم لا يزال موجودًا بالفعل رغم ضعفه وتراجعه خلال الفترة الماضية؛ بسبب الضربات المتوالية التي تعرض لها، والتى أنهكته وقضت على سيطرته الميدانية، وسيطرت على آخر معاقله في "الباغوز" السورية، وحولته من تنظيم يسعى إلى السيطرة على مزيدٍ من الأراضي، وإقامة دولة، وتحقيق السيادة عليها، إلى تنظيم إرهابى لا مركزى، يفتقد التواصل بين قادته وقاعدته.
من هو أبو بكر البغدادي؟
اسمه الحقيقي "إبراهيم عواد إبراهيم البدري"، ولد عام 1971 في مدينة "سامراء" العراقية، على بُعد 50 ميلًا شمالِ بغداد، وينحدر من عائلة فقيرة وقد اشتُهر بأسماء عديدة، منها "أبو دعاء"، و"الدكتور إبراهيم"، و"الشيخ المخفي"، و"بن لادن الجديد"، تخرج البغدادي في الجامعة الإسلامية في بغداد عام 1996، وأتم دراسة الماجستير، والدكتوراه فى نفس الجامعة.
اعتُقل البغدادي عام 2004، وأُودع في سجن "بوكا"، الذي كان به العديد من عناصر تنظيم القاعدة، وخرج منه عام 2006 ويُقال إنه إن لم يكن قد تحول إلى التشدد قبل دخوله السجن، فإنه من المؤكد قد صار مُتطرفًا خلال فترة اعتقاله، والتي اقترب فيها بشكل كبير من عناصر تنظيم القاعدة، وقد أبدى إعجابه بهم بعد خروجه من المعتقل، وخصوصًا "أبا حمزة المهاجر".
هل سيؤثر مقتل البغدادى على تنظيم داعش الإرهابى؟
منذ تلك الفترة وحتى الآن تصدّر البغدادي المشهد الإعلامي للتنظيم، سواء بحديثه الصوتي، أو المرئي، أو حتى بالحديث عنه في المقاطع المرئية الأخرى، مثل سلسلة "العاقبة للمتقين"، التي كانت كلها حديثًا عنه، وعن بيعته، وعن وجوب طاعته. هذا بالإضافة إلى أن مقتله قد جاء في مرحلة تكوين جديدة للتنظيم بعد انهياره المكاني في "الباغوز"، ودائما ما تتبع داعش في هذه المرحلة خطابًا إعلاميًا وإفتائيًا قائما على إبراز ولي الأمر الذي هو البغدادي، وتلميعه، والحديث عن وجوب طاعته، ووصفه بأفضل الصفات، الأمر الذي يدل على أن البغدادي كان قبل مقتله قد اقترب من أن يُصبح شخصية معنوية لتنظيمه، شأنه في ذلك شأن "أسامة بن لادن بالنسبة لتنظيم القاعدة، وهذا الأمر يجعل من الصعب توقع شكل "داعش" بعد فقدان زعيمهم، هل سيضعف التنظيم، أم سيزدادُ قوة؟ لكن من المؤكد أنه لن ينتهي، وهذا ما ستسفرُ عنه الأيام المُقبلة.
هل سيقوم التنظيم بأخذ الثأر للبغدادي؟
من المستبعد أن يقوم تنظيم داعش الإرهابي في الوقت الحالي بعمليات انتقامية للردِ على مقتل زعيمه "أبو بكر البغدادي"، وإن حدثت فستكون عمليات على نطاقٍ ضيق تتسم بالفردية، وعدم إحداث تأثير كبير؛ لأن من سيُلقى نظرة تاريخية على الجماعتيْن الأشهر في العراق "القاعدة" و"داعش"، سوف يجد أنهما لم يُحاولا القيام بعمليات انتقامية للرد على مقتل أحد زعمائهما من أصحاب الأسماء المشهورة. فقد قُتِل "أبو مصعب الزرقاوي"، و"أبو عمر البغدادي"، و"أبو حمزة المهاجر" وقُتل "حذيفة" ابن البغدادي، ولم تقم هذه الجماعات بعمليات انتقامية لمقتل أحد من هؤلاء.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع