فى عيده.. مئات الأقباط يحتفلون بعيد الشهيد مرقوريوس أبو سيفين المحارب الذى قتل الإمبراطور الوثنى.. الأنبا صموئيل يطيب رفاته المقدسة.. وباحث قبطى يكشف: روايات أسطورية أحاطت بالقديس لا علاقة لها بالواقع

"تعالوا نتهلل بالألحان ونرتل للفادى الديان، فى عيد الشهيد بطل الإيمان فيلوباتير مرقوريوس"، على هذه المدائح القبطية، اختتم الأنبا صموئيل أسقف طموه ورئيس دير الشهيد فلوباتير عيد القديس أبو سيفين الذى احتفل به آلاف الأقباط أمس، بثلاثة أديرة قبطية تحمل اسم الشهيد الملقب بالبطل، هى دير الشهيد أبو سيفين بطموه، ودير أخر بمصر القديمة، ودير ثالث للراهبات.

القديس مرقوريوس هو قديس وشهيد مسيحى، ولد باسم فيلوباتير وتعنى (محب الأب) وقد ولد فى مدينة إسكنتوس فى مقاطعة قبادوقية فى شرق آسيا الصغرى فى حوالى عام 244 م، ويعرف أيضًا بلقب أبو سيفين، فى إشارة إلى السيف الثانى الذى يُروى أن الملاك ميخائيل أعطاه إياه.

2

ووفقا للرواية المسيحية الشائعة والمسجلة فى سير شهداء الكنيسة القبطية، فعندما بلغ فيلوباتير دور الشباب انتظم فى سلك الجندية أيام الإمبراطور ديكيوس (الذى كان وثنيًا)، فاكتسب رضا رؤسائه لشجاعته، فدعوه باسم مرقوريوس، وكان من المقربين لدى الملك، ولكنه تغير عليه فيما بعد بسبب إيمانه المسيحى وأمر بقتله، وتنتشر بالكنائس القبطية أيقونة تمثل القديس أبا سيفين وهو يقتل الإمبراطور الرومانى يوليانوس الجاحد وفقا لتلك الرواية الكنسية.

يعد مرقوريوس أبو سيفين قديسًا فى عرف كل من الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنائس الأرثوذكسية المشرقية، وتحتفل الكنائس الشرقية بعيده فى ديسمبر من كل عام.

5

رغم شيوع هذه الروايات الكنسية التى تؤكد إن القديس مرقوريوس قتل الملك يوليانوس، إلا أن ماركو الأمين الباحث فى التراث الكنسى قد نفاها استنادًا إلى بحث أعده عن هذا القديس.

وقال الأمين لـ"اليوم السابع": خلال هذه الأيام تحتفل الكنيسة بعيد مرقوريوس وهو قديس محبوب جدا لدى المسيحيين وقد كان جنديا فى الجيش الأمبراطورى استشهد فى عصر الأمبراطور ديسيوس وفاليريان فى الفترة من 250 إلى 255 م ومعروف عند الأقباط باسم أبو سيفين قاتل جوليان أو يوليان أو يوليانوس الملقب بالمرتد أو الجاحد وهو أخر إمبراطور وثنى للإمبراطورية الرومانية العظمى حكم فى الفترة من 360 لـ363م وقتل أثناء انسحابه فى معركة سامراء أثناء حملته الطموحة ضد الفرس.

وأوضح الأمين: بالعودة إلى تاريخ القديس، فإن سنة 364 أى بعد سنة واحدة من موت جوليان أعلن المؤرخ ليبانيوس إن من اغتال جوليان هو أحد رجال الحرس الإمبراطورى المسيحيين لكن لم يقر أى من المؤرخين المعاصرين أمثال اميانوس مارسلينوس أو غيره تلك المعلومة، بل إن هناك مؤرخا أخر يدعى يوحنا مالالاس قال إن من حرض على اغتيال جوليان ودبره هو باسيل رئيس أساقفة الكبادوك دون أن يقر أحد ذلك أيضا.

وأضاف: لكن بناء على رواية الطبيب الذى عالج جوليان واسمه اوريباسيوس قال إن السهم الذى اخترق كبد جوليان كان من الأسهم التى تستعملها الفرقة العربية اللخمية التابعة لجيش الفرس وهو الرأى المتوافق عليه حتى الآن فى تحليل اغتيال جوليان.

وحلل الأمين سبب شيوع تلك الأسطورة بين المسيحيين قائلا: المؤرخ الكنسى سوزومين الذى كتب تاريخه بعد موت جوليان بأكتر من 80 سنة، هو من أشاع ذلك منفردا وبعدها انتشر الأمر بين المسيحيين وأقرته الكنائس الشرقية باعتباره حقيقة رغم إنها رواية ضعيفة تاريخيا.

4

 

كنائس وأديرة تحمل اسم الشهيد أبو سيفين

أشهر كنيسة تحمل اسم الشهيد العظيم أبى سيفين تقع بمصر القديمة ويرجع تاريخ إنشائها غالبا إلى نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس؛ وتهدمت هذه الكنيسة وأعيد بناؤها فى عهد البابا أبرآم بن زرعة البطريرك الـ62 من باباوات الكنيسة القبطية؛ ويرى البعض أن هذه الكنيسة كانت مقرا للكرسى البابوى فترة من الزمن، بينما يرى البعض الآخر أنها لم تكن مقرا بالمعنى المعروف، ولكنها كانت استراحة للأب البطريرك فى الفترة التى كان فيها مقر الكرسى المرقسى هو الكنيسة المعلقة.

وبجوار كنيسة مصر القديمة يقع دير أبو سيفين للراهبات، وكان يعرف قديما بدير "أبى سيفين للبنات بحارة البطريرك بدرب البحر "ويرجع السبب فى هذه التسمية أن الدير منذ إنشائه حتى أوائل القرن التاسع عشر كان مطلا على شاطئ النيل، ثم انحسر النيل رويدا رويدا، وأصبح يبعد عن النيل نحو 600 متر تقريبا.

3

وقد تعرضت المنطقة إلى حملات كثيرة من التخريب والتدمير، فيذكر التاريخ أنها احرقت فى حريق الفسطاط فى القرن العاشر. وقد أعيد بناؤها مرة أخرى فى عام 1168م.

أما دير الشهيد العظيم أبو سيفين بطموة، فقد قال عنه المؤرخ القمص عبد المسيح المسعودى البراموسى فى كتابه "تحفة السائلين فى ذكر أديرة رهبان المصريين"، " دير القديس مرقورويوس أبو السيفين بناحية طموه بمديرية الجيزة غربى النيل وليس فيه رهبان بل كنيسة يصلى فيها قساوسة وعلمانيون.

ولقد تدهورت حالة الدير كثيرا إلى إن جاء عصر البابا كيرلس الخامس وشاهد الدير فقرر أن يقوم فيه بنهضة عمرانية شاملة فقام ببناء ما تهدم من كنيسة الدير الأثرية؛ كما بنى فيه بيتا لخلوته الشخصية خلال زياراته المتكررة للدير؛ كما أنشأ كنيسة علوية على أسم رئيس الملائكة ميخائيل، كما اهتم بتزويد الدير بمجموعة كبيرة من كتب الصلوات الطقسية لضمان استمرار الصلوات به.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع