بوابة صوت بلادى بأمريكا

الخصوصية أمام مواجهة كورونا.. حكومات العالم تخترق بيانات الملايين للسيطرة على الفيروس.. أمريكا وبريطانيا وألمانيا وروسيا تتتبع الهواتف لمعرفة أماكن الانتشار.. وخبراء بريطانيون: نخشى إساءة الاستخدام

لجأت مؤخرا العديد من دول العالم إلى طريقة جديدة تعتمد على الحصول على البيانات الشخصية الخاصة بالموقع الجغرافي الخاص بالمستخدمين، مبررة ذلك بأنه وسيلة لمحاولة احتواء انتشار فيروس كورونا المنتشر حول العالم، من خلال تتبع المصابين وتتبع المخالطين لهم، لكن على الجانب الآخر وقف المدافعون عن الخصوصية، موضحين خطورة الموافقة على مثل هذا الأمر، وما يمكن أن يمثله من كارثة تتعلق بتتبع المستخدمين.

 

دول آسيا نقطة الانطلاق

لعل السبب وراء اندفاع الحكومات لمثل هذا الأمر هو ما قامت به العديد من الحكومات الآسيوية الأكثر نجاحًا في احتواء الوباء، بما في ذلك في الصين وتايوان وهونج كونج وكوريا الجنوبية وسنغافورة، فعلى سبيل المثال نجد أنه في كوريا الجنوبية، يفرض التطبيق الإلزامي العزلة الذاتية على أولئك الذين أمروا بالحفاظ عليه، ويمكن لأي شخص ينتهك الحجر الصحي أن يواجه غرامة قدرها 8،400 دولار أو ما يصل إلى عام في السجن.

فيما تستخدم تايوان وسنغافورة أيضًا تطبيقات الهواتف الذكية لفرض وحدات العزل عبر "الأسوار الإلكترونية" التي تنبه السلطات عندما ينتقل شخص ما خارج الحجر الصحي، بينما تستخدم سلطات الصحة في هونغ كونغ الأساور الإلكترونية لمراقبة جميع المسافرين الأجانب الذين أمروا بالعزل الذاتي.

 

أوروبا تستكمل المسيرة

أصبحت جمهورية التشيك أول دولة أوروبية تعلن عن خطط لنشر أداة قوية تتبع الموقع الجغرافي الخاص بالمواطنين لمكافحة فيروس كورونا، إلا أن هذه الخطوة أثارت القلق، حيث يعتبر البعض أن خطوات مماثلة من شأنها أن تضع الصحة العامة في صراع مع الخصوصية الفردية، وذلك بحسب موقع TOI الهندى.

 فيما ستستخدم الجهود التي أعلن عنها رئيس فريق الأزمات الحكومي التشيكي بيانات الموقع الجغرافي للهاتف في الوقت الفعلي لتتبع تحركات حاملي الفيروس والأشخاص الذين يتواصلون معهم، والهدف من ذلك هو تحديد مكان انتشار العدوى، وكيفية انتشارها ومتى تحتاج السلطات الصحية إلى طلب الحجر الصحي وتدابير الاحتواء الأخرى للحد من انتشار COVID-19.

وقال مسئولون تشيكيون أنهم سيستخدمون البيانات من شركات الاتصالات اللاسلكية لتطبيق تطوعي يتم فيه تحديد حركات الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس، وسيتم الاتصال بالأشخاص الذين احتكوا بهم في الأيام الخمسة السابقة من قبل الهاتف حتى يتمكنوا من اختبارها.

وقال مسئولون إنهم يتوقعون الإطلاق في منتصف أبريل، وتمثل الأداة الجديدة خروجًا كبيرًا عن الجهود الأوروبية الحالية لمراقبة الأمراض، والتي ركزت على تتبع تحركات الأشخاص من خلال بيانات مجمعة عن موقع الهاتف مصممة لعدم تحديد الأفراد.

 

بريطانيا تحصل على الموافقة

كما حصلت حكومة المملكة المتحدة على الموافقة لاستخدام البيانات الشخصية من الهواتف المحمولة للمواطنين للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا، حيث سمح مكتب مفوض المعلومات البريطاني (ICO)، وهو هيئة مراقبة الخصوصية البريطانية، للسلطات باستخدام المعلومات الخاصة لتتبع ومراقبة سلوك الجمهور، لكن خبراء الخصوصية يصفون الخطوة بأنها "مقلقة للغاية".

وبحسب موقع "ديلى ميل" البريطاني فيأتي ذلك بعد الكشف الأسبوع الماضي عن اهتمام الحكومة باستخدام الهواتف المحمولة لمعرفة ما إذا كان الناس يلتزمون بالمبادئ التوجيهية للعزلة الاجتماعية، ويُعتقد أن هذا سيسمح لسلطات إنفاذ القانون بالعثور على النقاط الساخنة للأشخاص الذين ينتهكون الحظر، ويكتشفون مدى التزام الجمهور الكامل بالإرشادات الجديدة.

 

الولايات المتحدة تدخل السباق

كشفت مصادر صحيفة وول ستريت جورنال أن الحكومات الفيدرالية الأمريكية (عبر مراكز السيطرة على الأمراض) وحكومات الولايات والحكومات المحلية تتلقى بيانات الموقع الجغرافي الخاص بالمستخدمين من خلال إعلانات الموبايل للمساعدة في التخطيط لاستجابتها للوباء.

 وبحسب موقع engadget الأمريكى، تساعد المعلومات المجهولة المصدر المسئولين على فهم المكان الذي لا يزال فيه الأشخاص يتجمعون بأعداد كبيرة (وبالتالي المخاطرة بنشر فيروس كورونا، ومدى احترامهم لمطالب البقاء في المنزل وكيف أثر الفيروس على البيع بالتجزئة.

 وبحسب ما ورد، فإن الهدف هو إنشاء بوابة تحتوي على بيانات الموقع لما يصل إلى 500 مدينة أمريكية، حسبما قال أحد الأشخاص، ومن المفهوم أن مركز السيطرة على الأمراض يحصل على البيانات من خلال مشروع شبكة بيانات الاتصالات COVID-19 بتنسيق من خبراء في هارفارد وجون هوبكنز وبرينستون ومدارس أخرى.

 

رغم قوانين الخصوصية الصارمة.. ألمانيا تراقب المستخدمين

فيما اقترحت ألمانيا استخدام البيانات الضخمة وتتبع الموقع الجغرافي لعزل الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، وذلك لإبقاء الوباء تحت السيطرة بمجرد أن تبطئ إجراءات التباعد الاجتماعي السارية الآن من انتشاره، حسبما ذكرت وسائل الإعلام، حيث توصي ورقة استراتيجية من وزارة الداخلية الألمانية باتباع سياسة كوريا الجنوبية، والتى نفذت اختبار صارم لـ COVID-19 واستخدام بيانات موقع الهاتف الذكي للمساعدة في تتبع الأشخاص الذين اتصلوا مع المصابين بمرض يشبه الإنفلونزا.

وبحسب موقع TOI الهندى، فستكون هذه الإجراءات حاسمة لمنع تجدد الاحتجاجات بمجرد نجاح الإجراءات المعمول بها حاليًا - مثل إغلاق المدارس والقيود المفروضة على الحركة - في إبطاء فيروس كورونا، وذلك وفقًا لتقارير في Der Spiegel وSueddeutsche Zeitung.

وتعد المراقبة الحكومية موضوعًا حساسًا في ألمانيا، حيث لا تزال ذكريات الشرطة السرية الألمانية الشرقية المرعبة Stasi وشبكتها الواسعة من المخبرين جديدة في أذهان الكثيرين، كما أن ألمانيا لديها بعض من قوانين الخصوصية الأكثر صرامة في العالم بسبب تجربتها مع أنظمة المراقبة الحكومية التي استخدمها النازيون وStasi، وقد نظرت الدراسة الألمانية، التي تحمل عنوان "كيف نضع فيروسCOVID-19 تحت السيطرة"، في سيناريو واحد حيث سيتم زيادة الاختبار في الأسابيع المقبلة، مع محطات اختبار متنقلة وعزل صارم للمصابين.

ونقل التقرير:"لجعل الاختبار أسرع وأكثر كفاءة، فإن استخدام البيانات الضخمة وتتبع الموقع أمر لا مفر منه على المدى الطويل" وإذا تم اتباع النموذج، فحسب العلماء الذين عملوا في الدراسة فإن حوالي مليون شخص في ألمانيا سيصابون بالعدوى، لكن 12.000 فقط سيموتون.

 

روسيا ضمن المشاركين

كشف تقرير سابق أن رئيس وزراء روسيا ميخائيل ميشوستين، طلب من السلطات تطوير نظام لتعقب الذين خالطوا أى شخص أصيب بفيروس كورونا وذلك باستخدام بيانات تحديد الموقع الجغرافى بالهواتف المحمولة، وبحسب النظام الجديد سيستقبل الناس معلومات إذا خالطوا شخصا مصابا بالفيروس وستمرر المعلومات ذاتها إلى مقر إقليمي خاص انشئ لمكافحة الجائحة.

وقال الكرملين إن الإجراء قانوني وجزء من إجراءات تتخذها روسيا لمحاولة وقف انتشار الفيروس، وسيتعقب الإجراء "المواطنين الذين على صلة بمرضى مصابين بفيروس كورونا المستجد بناء على معلومات من شركات تشغيل الهواتف المحمولة عن الموقع الجغرافي للهاتف المحمول لشخص معين".

وقالت وزارة الاتصالات في بيان إن هذا "سيتيح تنبيه للمواطنين (عبر الهاتف) إذا خالطوا شخصا يعاني من فيروس كورونا المستجد، ويبعث لهم برسائل بضرورة اتباعهم العزل الذاتي".

 

المدافعون عن الخصوصية:

مع لجوء مختلف دول العالم لتطبيق هذه السياسة، فإن هذا يقلق المدافعين عن الخصوصية، الذين يخشون من أن مثل هذه المراقبة المنتشرة في كل مكان يمكن إساءة استخدامها في غياب إشراف دقيق، مع عواقب وخيمة محتملة على الحريات المدنية، فعلى سبيل المثال وقالت مجموعة من النشطاء البريطانيين في رسالة مفتوحة إلى الخدمات الصحية الوطنية في البلاد: "هذه أوقات اختبار، لكنها لا تدعو إلى تقنيات جديدة غير مجربة"، وأشارت الرسالة إلى أن هذه التدابير يمكن أن تعرض حقوق الإنسان للخطر وقد لا تنجح.

فيما قال راى والش، خبير الخصوصية الرقمية في ProPrivacy: "الكشف عن أن ICO قد وافق على استخدام بيانات الهاتف في المملكة المتحدة في مكافحة فيروس كورونا أمر مقلق للغاية فيما يتعلق بالخصوصية الشخصية"، وأضاف: "تمنح القواعد المعتمدة حديثًا الحكومة الإذن ليس فقط لاستخدام البيانات المجمعة للتحقق من النقاط الساخنة حيث يتجمع الأشخاص وينشرون Covid-19، ولكن أيضًا لاستخدام البيانات الشخصية على مستوى الجهاز التي يمكن أن تكشف عن موقعهم بالضبط".

وأكد والش: "ستغير إجراءات المراقبة هذه الطريقة التي نعيش بها إلى الأبد ما لم يتم وضع حدود زمنية محددة لضمان أن الحكومة لا يمكنها الاستمرار في التجسس على الناس بمجرد انتهاء الوباء"، ولا يزال مدى استخدام الحكومة للبيانات الشخصية غير معروف، لكن دولًا أخرى اتخذت إجراءات مماثلة بدرجات متفاوتة.

فيما نفذت الصين وكوريا الجنوبية وهونج كونج إجراءات مراقبة صارمة بما في ذلك جعل المرضى المصابين ينزلون تطبيق الهاتف الذكي للكشف عن تحركاتهم واتصالاتهم، وقد يكون للاندفاع لمكافحة COVID-19 عواقب غير مقصودة إذا تم التعامل مع البيانات بشكل خاطئ، خاصة إذا بقيت بمجرد انتهاء الوباء.

ويقول المدافعون عن الخصوصية إن هذه الخطوة مثيرة للقلق جدا، ودعوا إلى تحديد حدود زمنية واضحة للسلطات، لمنع الحكومة من التجسس على الأفراد.


هذا الخبر منقول من اليوم السابع