سلطت صحيفة جارديان البريطانية الضوء علي الاضطرابات العرقية والاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إثيوبيا، مشيرة في تقرير لها السبت إلى تحذيرات مراقبين دوليين من أن أديس أبابا تواجه حلقة خطيرة من المعارضة السياسية الداخلية المتزايدة والاضطرابات العرقية والقمع الأمني.
وقالت جارديان في تقريرها إن حكومة آبط أحمد، كانت في بدايتها محل ترحاب العديد من القوى الغربية لتبنيها آنذاك برنامج إصلاح جذري بعد عقود من حكم الحزب الواحد إلا أن الأمور اختلفت سريعًا.
ووقعت أكثر الاضطرابات قوة في ولاية أوروميا، حيث اندلعت موجات من الاحتجاجات منذ مقتل فنان وناشط شهير من الأورومو هااكالو هونديسا، في العاصمة أديس أبابا الشهر الماضي.
وقتل ما يقدر بنحو 180 شخصًا في أعمال العنف بعضهم قتل برصاص قوات الأمن. وأضرمت النيران في المنازل والمصانع والشركات والفنادق والسيارات والمكاتب الحكومية واعتقل عدة آلاف من الأشخاص بمن فيهم قادة المعارضة.
وأدت احتجاجات أخرى الأسبوع الماضي إلى موجة جديدة من القمع وخلفت 11 قتيلاً على الأقل، وقال آرون مااشو، المتحدث باسم المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان: "أوروميا لا تزال تعاني من العبء الكئيب لعمليات القتل المأساوية هذا العام لا ينبغي السماح باستمرار هذه الأنماط الخطيرة من الانتهاكات".
ولطالما شعر مجتمع الأورومو بأنهم مستبعدون من السلطة ومزايا اقتصاد إثيوبيا المزدهر، فبحسب الجارديان، اكتسبت حركة احتجاج الأورومو دفعا منذ عام 2015 وساهمت في تعيين أبي وهو من الأورومو من الحزب الحاكم والذي وعد بالديمقراطية والازدهار للجميع.
وأضاف مااشو: "نشهد استمرارًا لتلك الحركة، كما أننا نشهد دلائل على أن رد الحكومة سيكون بنفس القوة"، بينما قال ويليام دافيسون ، المحلل المقيم في أديس أبابا لمجموعة الأزمات الدولية "بمجرد إطلاق النار على الأشخاص واعتقالهم، يصبح ذلك بمثابة صرخة حاشدة"
وأثار قرار تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى بسبب فيروس كورونا الذي تسبب في وفاة 600 شخص في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون حتى الآن قلق الدبلوماسيين والمراقبين الدوليين الآخرين.
وبدأت الاحتجاجات في أوروميا الأسبوع الماضي وسط مزاعم بأن جوار محمد وهو سياسي معارض من أورومو وأحد أكثر منتقدي أبي صراحة حرم من الرعاية الطبية في السجن.
قي نفس السياق، وصف المتظاهرون الشباب مطاردتهم وإطلاق النار عليهم في الشوارع في بلدة أوداي في أوروميا، حيث قال احدهم وهو يدعى قادر: "أطلق الجنود النار علينا فركضت وشاهدت أشخاصًا يُصابون في ظهورهم أثناء فرارهم".
ونقل عليي محمد (22 عامًا) من بلدة هيرنا الى المستشفى بعد إصابته برصاصة في يوم الاثنين، وأكد أقاربه أنه لم يكن بالقرب من الاحتجاجات عندما أصيب قائلين: "هناك شرطة تنتظر خارج المستشفى.. سمعنا أنهم يريدون اعتقاله بمجرد شفائه".
كما روي أقارب فرحان علي للجارديان أنه قتل على أيدي قوات الأمن بعد أن غادر منزله لزيارة أحد الجيران، قال ابن عمه: "قتله الجنود بدم بارد لم يخالف القانون. أطلقوا عليه الرصاص عدة مرات في ظهره".
على الجانب الآخر نفى المسئولون مثل هذه المزاعم، وقال جيتاشيو بالشا من مكتب شئون الاتصالات بمنطقة أوروميا انه قد وقعت أعمال عنف لكن لم تؤكد بعد تقارير عن وقوع أي عمليات قتل على يد القوات الحكومية.
لكن مزاعم سوء المعاملة من قبل قوات الأمن تغذي الاضطرابات في أوروميا، حيث انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا قاسية لدوراسا لولو البالغ من العمر 21 عامًا بعد أن ادعى أقاربه أنه تعرض للتعذيب على أيدي جنود سألوه عن اسمه.
وتقول الحكومة إن هاكالو قُتل على يد مسلحين قوميين من أورومو كجزء من مؤامرة أوسع لعرقلة أجندتها الإصلاحية، كما أشار الحزب الحاكم إلى أن منافسه في منطقة تيجراي الشمالية هو العقل المدبر للمؤامرة.
سيطرت الجبهة الشعبية لتحرير تيغري على الائتلاف الحاكم حتى تولى أبي منصبه ومنذ ذلك الحين انضمت إلى المعارضة متهمة رئيس الوزراء بالتخطيط لاستبدال النظام الفيدرالي القائم على العرق بدولة أكثر مركزية.
وتنكر الجماعات القومية الأورومو مثل جبهة تحرير أورومو التورط في القتل أو الاضطرابات.
كما أدت سياسة الحكومة إلى تداعيات داخل الحزب الحاكم، حيث طرد وزير الدفاع ليما ميجرسا حليف تحول إلى منتقد لأبي الأسبوع الماضي ووضعه رهن الإقامة الجبرية وذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن إقالة ليما من الحزب الحاكم كانت بسبب مخالفته ما اطلقوا عليه للانضباط الحزبي.
يقول المحللون إنه كان من المهم الاعتراف بأن الاضطرابات الأخيرة اقتصرت على أوروميا وأن هناك أدلة موثوقة تشير إلى أن العنف على مدى الأشهر السابقة لم يكن مجرد من وقع على المتظاهرين من قبل قوات الأمن، بل حدث أيضًا بين المجتمعات العرقية.
قال أبيل أباتي ديميسي، المحلل المقيم في أديس أبابا في تشاتام هاوس بلندن، إن الاستقطاب السياسي في إثيوبيا له جذور عميقة ومع مشاكل هيكلية لم يتم التعامل معها بشكل كافٍ في عهد أبي احمد فان الروايات المتضاربة حول تاريخ إثيوبيا ومشروع فيدرالي غير مكتمل وتوترات حول تقسيم بين المركز والمناطق يتحول الوضع إلى كارثي.
وأضاف: أنه بعد عامين على تعيينه وجد أن كل مجموعة سياسية رئيسية تشعر بخيبة أمل من أبي أحمد.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع