بوابة صوت بلادى بأمريكا

تحركات واعية للدبلوماسية المصرية.. صادرات القاهرة للصومال ترتفع لــ66.3 مليون دولار.. القاهرة تتعاون مع مقديشو لمواجهة القرصنة وتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية.. والمركز المصري يسلط الضوء على علاقة مصر بالصومال

سلط المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات، الضوء على زيارة الرئيس الصومالى إلى مصر، موضحة أن هناك مرحلة من التفاعل المصرى مع دول إفريقيا لاسيما بعد غياب دام لسنوات، وهى الزيارة التي تأتي في إطار ترسيخ مبادئ التعاون والتعاطي الإيجابي مع التحديات المشتركة لكلا البلدين خاصة في منطقة القرن الأفريقي في ضوء الاستقطابات الإقليمية داخل هذه المنطقة.

وأضاف التقرير، أن العلاقات المصرية الصومالية تمتاز بوضعية خاصة منذ حصول الصومال على استقلالها، حيث كانت مصر من بين أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وهو الأمر الذي أوضحه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر المشترك الذي جمعه بنظيره الصومالي، ولعل العلاقات بين الجانبين تتضمن أبعادًا سياسية من بينها الوساطة المصرية لإنهاء الأزمة الصومالية التي اندلعت عام 1991، حيث استضافت القاهرة حينها مؤتمرًا للمصالحة الوطنية الصومالية عام 1997 لمعالجة مواطن الاضطراب والتصدع الداخلي، علاوة على الدعم الذي تقدمه مصر في المؤتمرات المعنية بحل الأزمة الصومالية، كما هو الحال بالنسبة لمؤتمر الخرطوم المنعقد عام 2006، ومؤتمر جيبوتي عام 2008.

ووفقا للتقرير، تحمل زيارة الرئيس حسن الشيخ إلى مصر جملة من الأهداف يأتي في مقدمتها، فك الارتباط بسياسة المحاور التي رسخها الرئيس الصومالي السابق محمد عبد الله فرماجو، والتي برزت بصورة كبيرة في انحيازه للجانب الإثيوبي فيما يتعلق بقضية المياه "سد النهضة"، كما برز في تحفظ الصومال على قرار جامعة الدول العربية، الذي طالب إثيوبيا بالامتناع عن البدء في ملء خزان سد النهضة دون التوصل لاتفاق عادل ومنصف مع كل من مصر والسودان، وكذلك فيما يتعلق بالملفين الليبي والسوري وتأييد التدخلات العسكرية فيهما، وهو الأمر الذي بات مختلفًا في ظل تولي "الشيخ" رئاسة الصومال رغبةً في تعدد الشركات الإقليمية وتصفير المشكلات العالقة، خاصة وأن مصر هي النافذة الداعمة للصومال حيال استعادة دورها وموقعها الاستراتيجي في القرن الأفريقي وخليج عدن.

وفي إطار التفاعل والتعاون الاقتصادي، نجد أن العلاقات التجارية والاقتصادية تشهد حالة من التقدم والتطور بين الجانبين، وانعكست في ارتفاع قيمة الصادرات المصرية إلى الصومال لتصل إلى نحو 66.3 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 60.1 مليون دولار خلال عام 2020 بارتفاع نحو 10.2%، بينما بلغت الواردات المصرية من الصومال نحو 1.3 مليون دولار خلال عام 2021.

وأشار التقرير أنه فيما يخص الصعيد الأمني، فإن كلا البلدين مرتبطتين بقضايا الأمن في تلك المنطقة نظرًا للأهمية الجغرافية والموقع الاستراتيجي الهام لمقديشيو على الطرق المؤدية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب، علاوة على حيوية الدولتين وأهمية التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب في القرن الإفريقي وفي منطقة الساحل والصحراء، خاصة وأن مصر تقوم بدور فعال في بناء المؤسسات الأمنية بالصومال، من خلال الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيًا، الذي تم إنشاؤه عام 1980 للمشاركة في الدورات التدريبية، في ظل الاستراتيجية المصرية لدعم المؤسسات الأمنية الصومالية.

وتعد مصر بالنسبة للصومال شريكًا استراتيجيًا في مواجهة أعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية، خاصة وأن مصر تنتمي إلى مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمكافحة القرصنة في ذلك النطاق الجغرافي، إلى جانب ترأسها مجموعة العمل الرابعة المنبثقة عن "مجموعة الاتصال الدولية"، لدعم الجهود الدبلوماسية لمواجهة وتصدي ظاهرة القرصنة.

وكشف التقرير أن زيارة الرئيس الصومالي إلى مصر تحمل أهدافًا متعددة، تتمثل أولها في رغبة مقديشيو لإعادة تمركزها في محيطها العربي والأفريقي وتنشيط دبلوماسيتها الإقليمية، عبر تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية والعربية والانخراط بصورة أوسع في التحديات التي تواجه دول القارة، وتنسيق الرؤى السياسية فيما يتعلق بالتهديدات القائمة والمحتملة، وعلى رأسها وضع الاضطراب داخل إثيوبيا والتوترات السودانية الإثيوبية، وكذلك ما يتعلق بالملف المائي في ضوء استمرارية أديس أبابا في النهج الأحادي تجاه التعامل مع قضية سد النهضة، مما يؤدي إلى اضطرابات إقليمية تُلقي بظلالها على الأمن والسلم الإقليميين.

فضلًا عن ذلك، فإن تزايد مؤشرات الإرهاب في القارة الأفريقية وتحديدًا إقليم شرق أفريقيا، الذي احتل المرتبة الأولى من حيث عدد ضحايا العمليات الإرهابية وتزايد نشاط الشباب في الصومال، والاضطراب الأمني في ضوء السياق الإقليمي للصومال، بات محفزًا نحو حتمية توسيع دائرة التفاعل الصومالي وتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية، لمواجهة تلك الضغوطات التي لم تقتصر أبعاد على فرض سيولة أمنية وضغط أمني على الدولة، بل تمتد تكلفتها إلى الجانب الاقتصادي الذي تٌعاني الصومال من تدهوره.

وتعانى الصومال من البيئة الجغرافية الصومالية الواقعة في منطقة مضطربة ومليئة بالجماعات المسلحة من ناحية، واستفادةً من الخبرة المصرية في مجال مكافحة الإرهاب من ناحية أخرى، وقد برز ذلك في أجندة الرئيس الصومالي خلال الزيارة والتي تطلع خلالها إلى أهمية مشاركة مصر في تدريب وبنا اءلمؤسسة العسكرية الصومالية، وتدريب العسكريين الصوماليين، وفتح المجال أمام الدورات التدريبية، وتبادل الخبرات والتجارب في مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية، لا سيما أن الصومال تعاني من تزايد وتيرة العمليات الإرهابية التي تضطلع بها حركة الشباب الصومالية.

وتهدف الزيارة أيضا إلى تعزيز الاستثمارات المتبادلة خصوصًا في ضوء ما تتمتع به مصر من استقرار اقتصادي، وقدرة استثمارية في البيئة الصومالية، خاصة فيما يتعلق بالربط التجاري عبر استغلال الموانئ البحرية وكذلك التعاون في مجال الثروة الحيوانية، وهو ما يبرهن الرغبة المصرية في تعزيز تواجدها بالصومال، وتجلى ذلك في الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي إلى الصومال لحضور حفل تنصيب الرئيس  الحسن الشيخ.

وفقا للتقرير فإن زيارة الرئيس الصومالي تبرهن بشكل كبير الرغبة الصومالية لإعادة ترتيبات الأولويات في سياستها الخارجية، وتغيير النهج القديم وسياسة المحاور المتبعة في عهد الرئيس السابق، مع توسيع دائرة العلاقات العربية والأفريقية، والتنسيق المصري الصومالي من شأنه أن يُعزز من المصالح المصرية في العمق الأفريقي، ويحقق مصالح القاهرة الاستراتيجية في البحر الأحمر من ناحية، واكتساب الدعم الصومالي فيما يتعلق بملف سد النهضة من ناحية أخرى. وعلى المستوى الصومالي، تُمثل الزيارة مرتكزًا حيويًا لإعادة بناء الدولة الصومالية، وتعزيز مجالات التبادل التجاري والشراكة الاقتصادية والأمنية بما يحقق قدرًا من الاستقرار النسبي في الداخل الصومالي، خاصة في ظل غياب الدور العربي هناك، وما تبعه من تغلغل لقوى إقليمية غير عربية لملء هذا الفراغ، وهو الأمر الذي يؤثر على مصالح مقديشيو


هذا الخبر منقول من اليوم السابع