لم تتوقف جهود الدولة المصرية على مدار السنوات الثمانى الماضية فى سبيل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة ووضع حلول جذرية لتراكمات ومشكلات الماضى، بما يضمن إحداث نقلة نوعية وتحولات على مختلف المحاور والاتجاهات، سواء اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو صحيًا أو تعليميًا، فى ظل الحرص على الاستغلال الأمثل لكافة المقومات والموارد المتعددة، من أجل تهيئة الظروف الملائمة لتطبيق الاستراتيجيات والإصلاحات التى تسهم فى الارتقاء بالمستوى المعيشى للمواطن المصرى وجودة الحياة وتعزز من المشاركة المجتمعية فى مسيرة التنمية، فضلًا عن دعم قدرة الدولة فى التغلب على التحديات والمتغيرات التى تواجهها فى طريقها نحو تحقيق مستهدفاتها التنموية، وقد انعكس صدى هذه السياسات بشكل إيجابى على مكانة مصر فى التقارير التى تصدر عن المؤسسات الدولية على مدار السنوات السابقة.
وفى هذا الصدد، نشر المركز الإعلامى لمجلس الوزراء تقريرًا تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على ما حققته مصر من نجاحات وتحولات إيجابية بمحاور وقطاعات التنمية البشرية خلال 8 سنوات، وضعتها بين الدول العربية والأفريقية الأكثر تقدمًا بتقارير التنمية البشرية التى تصدر عن الأمم المتحدة، وهو ما يمثل إشادة دولية جديدة بالسياسات التنموية للدولة المصرية.
وقد أبزر تقرير المركز الإعلامى التغير الإيجابى للتعليقات المتعلقة بمصر فى تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة، والذى يعرض تحليلًا متعمقًا لمجموعة من قضايا التنمية البشرية التى تؤثر فى تحقيق أجندة التنمية المستدامة الأممية، بحيث يتناول مراجعة للسياسات التى تم تنفيذها فى مصر خلال العقد الماضى ومدى تأثيرها فى حياة المواطن المصرى، حيث أكد التقرير أن مصر استطاعت أن تتقدم فى مؤشر التنمية البشرية على بعض الدول ذات الدخل المتوسط، مضيفًا أنه لأول مرة يعد المؤشر بالنسبة لمصر أعلى من المتوسط للدول العربية.
وأظهر التقرير التباين فى وضع البطالة فى مصر، حيث ذكر تقرير التنمية البشرية لعام 2021 أن نتائج تطور الأداء الاقتصادى مع تطبيق برنامج الإصلاح تشير إلى تراجع معدل البطالة حتى وصل إلى أقل من 7.5% خلال الأعوام الأخيرة، فيما أوضح التقرير قبل عام 2014 أن معدل البطالة قد تزايد من 9% عام 2009/2010 إلى 12% عام 2010/2011، حيث لم تتمكن الحكومة من تخفيض البطالة إلى معدلات معقولة تستوعب الزيادات السنوية فى الداخلين الجدد إلى سوق العمل خاصةً من الشباب.
وفيما يتعلق بالفجوة التنموية، ذكر التقرير فى عام 2021، أن مصر بذلت العديد من الجهود فى تعزيز إدماج المرأة وقضاياها فى السياسات المختلفة وتعزيز دورها السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وحققت الدولة نتائج جيدة فى ضوء صعوبات وتحديات ليست باليسيرة، وذلك انطلاقًا من مبدأ الحق فى التنمية، مضيفًا أنها قامت بتنفيذ المشروع القومى لتطوير قرى الريف المصرى وتنميتها من خلال مشروعات فى شتى المجالات.
بينما أكد التقرير فيما يخص الفجوة التنموية أيضًا أنه قبل عام 2014 ما زالت هناك فجوات ليس فقط فيما بين المحافظات وبين المناطق الريفية والحضرية فى مصر، ولكن علاوة على ذلك ما زالت فجوة النوع الاجتماعى واضحة فيما يتعلق بالفرص المتاحة والمؤشرات رغم الجهود المبذولة لرفع مستوى التنمية البشرية.
يأتى هذا فيما ذكرت رنده أبو الحسن "الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي" عام 2021 فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادى، أن مصر شرعت فى تنفيذ برنامج وطنى جرىء للإصلاح الاقتصادى أواخر عام 2016، نجح فى تحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلى، حيث وضعت مصر التنمية البشرية نصب أعينها وفى بؤرة اهتمامها، وطورت الفلسفة الحاكمة لنظم الحماية الاجتماعية، كما أولت اهتمامًا كبيرًا للحفاظ على أصولها الحيوية وإصلاح منظومة الطاقة.
هذا بخلاف ما تم تقييمه قبل عام 2014، بأن هناك حاجة لوضع سياسات واستراتيجيات محددة لتخفيض الفقر، حيث أن هذا ينعكس على الاقتصاد والتماسك الاجتماعى، كما أن هناك أيضًا حاجة لأن تركز السياسات على القطاعات الاقتصادية التى تعمل بها الفئات الأكثر احتياجًا.
وفى سياق متصل، أضاف تقرير التنمية البشرية لعام 2021، أن السنوات الماضية شهدت التزامًا من جانب الدولة المصرية بإدخال إصلاحات فى مجالات الصحة والتعليم والبحث العلمى والسكن اللائق.
وعلى صعيد ملف الصحة ذكر التقرير أن مصر نفذت برامج عدة لعلاج الأمراض ومكافحتها وذلك بهدف خفض معدلات الانتشار والوفيات بسببها، كما أن التجربة المصرية فى التعامل مع فيروس سى تعد من التجارب الرائدة التى يحتذى بها على مستوى العالم، بينما أوصى التقرير فيما قبل عام 2014 بأنه يتعين على مصر أن تتخذ خطوات جادة لتجنب أخطار العديد من الأمراض، كما أشار إلى أن فيروس سى يمثل تهديدًا صحيًا خطيرًا فى مصر.
وبجانب ذلك، أشاد تقرير التنمية البشرية لعام 2021، بما تبذله مصر من جهود كبيرة فى تعزيز الحق فى السكن اللائق، مشيرًا إلى أن هذه القضية حظيت بدعم سياسى كبير أدى لتطوير عدد من المناطق العشوائية وإطلاق برامج طموحة للإسكان الاجتماعى تضع فى اعتبارها الفئات منخفضة ومتوسطة الدخل، أما فيما يتعلق بالوضع قبل عام 2014، فقد ورد فى التقرير أن أعداد قاطنى العشوائيات زادت بصورة كبيرة، مشيرًا إلى أن تلك المناطق العشوائية والأحياء الفقيرة هى التى تولد السلوكيات العشوائية والخطيرة نظرًا لغياب الحد الأدنى من معايير الأمان والانضباط مما يؤدى لانتشار المخدرات وغيرها من مختلف أشكال الجرائم.
وبشأن التعليم، أبرز تقرير التنمية البشرية عام 2021، تحسن أداء قطاع التعليم فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ ارتفعت معدلات القيد لجميع المراحل التعليمية، وانخفض معدل التسرب كما تم تطوير المناهج بما يواكب متطلبات سوق العمل، وذلك مقارنة بما ذكره التقرير بشأن التعليم قبل عام 2014، حيث رأى أن النظام التعليمى يواجه تحديات تتعلق باستمرار انخفاض القيد فى التعليم وارتفاع الأمية ومعدلات التسرب من التعليم، وأن مستوى جودة التعليم ما زال بالنسبة لمتطلبات السوق يمثل مشكلة.
ورصد التقرير التطور فى وضع البنية التحتية حيث لفت تقرير التنمية البشرية لعام 2021 إلى أن رؤية مصر التنموية تمثلت منذ 2014 بصفة خاصة فى تطوير بنية تحتية قوية تدفع بالتنمية وتوفر خدمات أفضل للمواطنين، وأن من سمات التجربة التنموية المصرية التركيز الكبير على تطوير قطاعات النقل والطاقة والإسكان الاجتماعى، وذلك مقارنة بما شدد عليه قبل عام 2014 بأنه يجب أن تقترن برامج التطوير الخاصة بالمناطق العشوائية بعلاج تدنى البنية التحتية وصعوبة الوصول والانتقال من المناطق السكنية، حيث تسهم صعوبة التنقل فى المشكلات اليومية التى تساهم فى تكدس المرور.
هذا وقد سلط التقرير الضوء على تأكيد استراتيجية مصر للتنمية المستدامة أن الارتقاء بالإنسان المصرى وتحسين معيشته الهدف الرئيسى لكل سياسات التنمية وبرامج عمل الحكومة.
وتطرق التقرير إلى ما ذكره تقرير التنمية البشرية لعام 2021 عن استحداث الدولة المصرية آليات جديدة لمشاركة الشباب، يأتى على رأسها مؤتمرات الشباب التى يحضرها الآلاف من جميع المحافظات بمشاركة قيادات الدولة للاستماع إلى المشكلات والآراء المختلفة، بينما شدد التقرير قبل عام 2014 على أن هناك وعيًا متزايدًا لدى الشباب بأنهم مستبعدون من المشاركة فى المجتمع والحياة العامة، وأنه من الضرورى التوسع فى كل برامج الشباب.
كما أوضح التقرير التطور فى نظرة تقرير التنمية البشرية لعام 2021 لريادة الأعمال، حيث أشار إلى إطلاق مبادرة رواد النيل عام 2019 والتى تسهم فى توفير آليات التدريب والتحفيز من أجل جذب الشباب لتبنى ثقافة ريادة الأعمال وبناء مشروعات صغيرة ناجحة، وذلك على خلاف ما ذكره قبل عام 2014، بأن مفهوم ريادة الأعمال بين الشباب ليس معروفًا معرفة كاملة فى الثقافة المصرية، ولم تترسخ بعد أساليب التوعية بأهمية ريادة الأعمال لدى الشباب التى تعززها آليات فعالة.
وأظهر التقرير كذلك إشادة تقرير التنمية البشرية لعام 2021 بجهود الاستدامة البيئية، حيث أصبحت مصر من بين الدول الناشطة فى النظام العالمى للمناخ بالإضافة إلى سعيها لبناء قدراتها للتصدى لتهديدات تغير المناخ للاستدامة البيئية، وعلى الخلاف من ذلك فقد ذكر التقرير قبل عام 2014، أنه ما زالت كفالة الاستدامة البيئية فى مصر تمثل تحديًا كبيرًا، إلى جانب التحديات التى يفرضها تغير المناخ ونقص المياه.
وكشف التقرير عن أن مصر ضمن عدد محدود من الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة على مستوى القارة الأفريقية عام 2021، وتعد ثانى أكثر الدول العربية تحسنًا بمؤشر التنمية البشرية، الصادر بتقرير التنمية البشرية الذى يقدم مراجعة ومنهجًا للنهوض بحياة الإنسان ورفاهيته وهو لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط ولكن يشتمل على تقييم الفرص والخيارات المتاحة للمواطنين، حيث تقدمت 11 مركزًا فى المؤشر، محتلة المركز 97 عام 2021 لتأتى ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة مقارنة بالمركز 108 عام 2014، ضمن الدول صاحبة تنمية بشرية متوسطة.
وأشار التقرير أيضًا إلى تقدم مصر 0.041 نقطة بمجموع نقاط المؤشر حيث سجلت 0.731 نقطة عام 2021، مقابل 0.690 نقطة عام 2014، علمًا بأنه كلما اقترب الرقم من 1 كلما كان أفضل، بالإضافة إلى زيادة متوسط سنوات الدراسة حيث سجلت 9.6 سنة فى 2021، مقابل 6.6 سنة فى 2014.
ولفت التقرير إلى انخفاض مؤشر عدم المساواة فى التعليم، حيث بلغ 36.9% عام 2021، مقارنة بـ40.9% عام 2014، علمًا بأن تناقص النسبة يشير إلى التحسن بمستويات المساواة، هذا إلى جانب زيادة نصيب الفرد من الدخل القومى الإجمالى (بمعادل القوة الشرائية بالدولار) ليبلغ 11732 دولار عام 2021، مقارنة بـ10512 دولار عام 2014.
واستعرض التقرير بعض مؤشرات المساواة بين الجنسين، مشيرًا إلى التحسن فى دليل التنمية حسب الجنس والذى سجل 0.882 نقطة عام 2021، مقابل 0.868 نقطة عام 2014، علمًا بأنه كلما اقترب الرقم من 1 كلما كان أفضل.
يأتى هذا فيما تقدمت مصر 22 مركزًا فى مؤشر الفوارق بين الجنسين، محتلة المركز 109 عام 2021 بمجموع نقاط 0.443، مقارنة بالمركز 131 عام 2014، بمجموع نقاط 0.573، علمًا بأن تحسن الترتيب/تناقص القيمة يشير إلى التحسن بمستويات المساواة.
وإلى جانب ما سبق، فقد ارتفعت قيمة مؤشر التنمية البشرية للإناث، مسجلًا 0.666 نقطة عام 2021، مقابل 0.633 نقطة عام 2014، علمًا بأنه كلما اقترب الرقم من 1 كلما كان أفضل، بجانب زيادة متوسط سنوات الدراسة للإناث حيث بلغت 9.8 سنة عام 2021، مقابل 5.4 سنة عام 2014.
وأظهر التقرير زيادة نسبة الإناث الحاصلات على جزء من التعليم الثانوى على الأقل (من الفئة العمرية 25 سنة أو أكثر) ليصل إلى 81.6% عام 2021، مقارنة بـ 43.9% عام 2014، علمًا بأن المؤشر يعكس أحدث بيانات خلال الفترة من 2005 إلى 2014.
وأشار التقرير إلى أن النسبة المئوية التى تشغلها النساء من المقاعد البرلمانية شهدت زيادة حيث سجلت 22.9% عام 2021، مقابل 2.2% عام 2014، علمًا بأن المؤشر يعكس بيانات عام 2013، علاوة على انخفاض وفيات الأمهات بمعدل أم لكل 100 ألف ولادة حية، لتسجل 37 حالة وفاة عام 2021، حيث يعكس المؤشر بيانات عام 2017، مقابل 45 حالة وفاة عام 2014، علمًا بأن المؤشر يعكس بيانات عام 2013.
كما استعرض التقرير التحسن فى مراكز عدد من الدول العربية بمؤشر التنمية البشرية، حيث تحسنت الإمارات 15 مركزًا، بينما تحسنت البحرين 10 مراكز، وفلسطين 7 مراكز، والسعودية 4 مراكز، وكل من المغرب وجزر القمر 3 مراكز، فيما شهد وضع العراق فى مؤشر التنمية البشرية استقرارًا.
ووفقا للتقرير، فقد تراجعت تونس مركزًا واحدًا، وكل من الكويت وعمان وموريتانيا مركزين، وجيبوتى 3 مراكز، والسودان 5 مراكز، والجزائر 8 مراكز، وكل من قطر وليبيا 10 مراكز، وسوريا 16 مركزًا، والأردن 22 مركزًا، واليمن 23 مركزًا، ولبنان 45 مركزًا.
جدير بالذكر أن تقرير التنمية البشرية تضمن عددًا من الدول الأفريقية ذات التنمية البشرية المرتفعة، ومن بينها مصر إلى جانب الجزائر، وتونس، وجنوب أفريقيا.
هذا وقد أشار التقرير إلى أبرز الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة، ومنها المغرب، وغانا، وأنجولا، وكينيا، والكونغو، وزامبيا، وموريتانيا، وكوت ديفوار، والكاميرون.
يأتى هذا فى حين جاء من بين الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة كل من تنزانيا، والسنغال، والسودان، ونيجيريا، وإثيوبيا، ومالى، والنيجر، وتشاد.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع