بوابة صوت بلادى بأمريكا

يوسف أيوب يكتب: من الرمال السوداء إلى الكوارتز.. إدارة أفضل لثروات مصر التعدينية.. إعادة اكتشاف كنوز مصر المخفية واستخدامها فى توطين الصناعة وسد الفجوة بين احتياجات السوق والاستيراد وتصدير الفائض

بالأمس القريب «19 أكتوبر الماضى» كانت مصر على موعد مع افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى مجمع مصانع الشركة المصرية للرمال السوداء بمدينة البرلس فى محافظة كفرالشيخ، وهو أحد المشروعات التعدينية الجديدة الواعدة الذى أعيد اكتشافه مرة أخرى بإرادة سياسية واعية، مؤمنة بمقدرات بلدها وقدرات أبنائها ورؤية وطنية ثاقبة نحو استشراف المستقبل، والرمال السوداء عبارة عن رواسب شاطئية تكونت عند مصبات الأنهار بفعل ظاهرة المد والجزر على مر العصور، وهى تحتوى على نسب عالية من المعادن الاقتصادية التى تدخل فى العديد من الصناعات الاستراتيجية المهمة، وتمتلك مصر أحد أكبر الاحتياطيات من الرمال السوداء على مستوى العالم.

 

وينتج المشروع العديد من المعادن الاقتصادية المهمة والتى تدخل فى العديد من الصناعات الاستراتيجية مثل معدنىّ الألمانيت والروتيل، وهما مصدران رئيسيان لإنتاج معدن التيتانيوم، والذى يدخل فى الصناعات الاستراتيجية المهمة مثل صناعة هياكل الطائرات والصواريخ والغواصات ومركبات الفضاء والأجهزة التعويضية، وإنتاج ثانى أكسيد التيتانيوم، والذى يستخدم فى تصيين الدهانات والأصباغ والورق والجلود والمستحضرات الطبية، كما ينتج المشروع معدن الزيركون، الذى يدخل فى صناعة: «السيراميك، والأدوات الصحية، والزجاج، والسبائك، والمواتير، وتركيبات الأسنان، وتبطين الأفران».

 

وفى مداخلة خلال الافتتاح، دعا الرئيس السيسى القطاع الخاص والشركات المحلية إلى المساهمة والاستثمار فى المشروعات المتعلقة بتعظيم القيمة المضافة من الرمال السوداء فى ضوء حجم الاحتياطى الكبير وكذلك حجم الطلب العالمى المتزايد على هذه المنتجات التى تدخل فى العديد من الصناعات.

 

وأمس الخميس 25 مايو، واصلت الدولة المصرية مسيرتها نحو تحقيق نهضة صناعية وتنموية جديدة، تعتمد على إدارة أفضل لثروات مصر التعدينية، بإعلان تدشين الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات لمجمع إنتاج ألواح «الكوارتز» بالعين السخنة، حيث تعد مصر الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى تمتلك المقومات الكاملة لإنتاج «الكوارتز» من حيث «المنجم والمصانع»، منجم كوارتز، وهو من أجود وأنقى أنواع الكوارتز على مستوى العالم فى مدينة مرسى علم بالبحر الأحمر، بجانب مجمع المصانع «5 مصانع» بالسويس.

 

و«الكوارتز» من الخامات المهمة التى تتميز بالعديد من الصفات، فهو مضاد للبكتريا والفيروسات والأشعة تحت الحمراء والبنفسجية ودرجات الحرارة العالية وجميع أنواع الأحماض، كما أنه أكثر صلابة من ألواح الجرانيت بأنواعه، لذلك تستخدمه المستشفيات وغرف الرعاية المركزة.

 

وفى السابق، كنا نقوم بتصدير المادة الخام، لكن اليوم - وبتوجيهات واضحة وحاسمة - من الرئيس السيسى، تم العمل على تصنيع «الكوارتز» فى مصر بدلا من تصديره كمادة خام، حفاظا على القيمة المضافة له، أخذا فى الاعتبار عاملين رئيسين، الأول أن الكوارتز المصرى يتميز بدرجة نقاء تفوق الـ99%، والثانى أنه يدخل فى العديد من الصناعات العالمية، منها الشرائح الإلكترونية لأجهزة الكمبيوتر والسيارات، والخلايا الخاصة بالطاقة الشمسية، لذلك كان القرار الاستراتيجى بتوطين هذه الصناعة وتعظيم فرص الاستفادة منها.

 

ومجمع إنتاج الكوارتز، يعد المشروع الأول من نوعه بجمهورية مصر العربية والدول العربية والأفريقية، ويعتبر نموذجا لتكامل العملية الإنتاجية بجميع مراحلها بدءا من استخراج خام الكوارتز وتكسيره ثم طحنه إلى حبيبات بأحجام ومواصفات معينة إلى إدخال جزء من الناتج فى صناعة ألواح الكوارتز وطرح الفائض للتصدير أو إدخاله فى صناعات أخرى، ويستهدف استغلال الخامات الطبيعية المتوافرة فى مصر، بما يسهم فى تعظيم القيمة المضافة لخام الكوارتز وزيادة الدخل القومى، تلبية لاحتياجات السوق وبما يوفر العملة الصعبة، كما يحقق احتياجات السوق المحلى من ألواح الكوارتز اللازمة لتجهيز المستشفيات والفنادق وغيرها بدلا من استيرادها من الخارج.

 

ما حدث فى موضوع الرمال السوداء وتحويلها إلى قيمة مضافة بعدما كانت مهدرة، وما يتحقق اليوم فى خام الكوارتز، وما يحدث أيضا فى مواد أخرى مثل النحاس فى جنوب سيناء التى تجرى الآن حولها دراسات فنية متعددة لكيفية استغلالها، هو تأكيد على الإدارة الاستراتيجية الأفضل لثروات مصر التعدينية، والتى تأخذ فى حسبانها العديد من الأمور لعل أهمها على الإطلاق توطين مثل هذه الصناعات فى مصر، بدلا من تصدير المواد الخام لنعيد استيرادها مرة أخرى فى صورة منتجات وسلع وبضائع، وهو ما يحقق مزايا نسبية عديدة منها توفير العملة الصعبة وأيضا فرص عمل، والأهم أن يكون لنا وجود ملموس فى مجال التصنيع، لمَ ولا ونحن لدينا القدرة والإمكانيات لتحقيق ذلك، ولم يكن ينقصنا سوى الإرادة السياسية والرؤية المستقبلية الطموحة، وها هى موجودة اليوم.

 

وتبقى هنا نقطة مهمة، وهى القطاع الخاص، فهو كما قال الرئيس السيسى مدعو للمشاركة فى هذه القطاعات الاستراتيجية المهمة من التصنيع، وهى قطاعات جاذبة للاستثمار عالميا، كما أن الدولة وفرت كل الإمكانيات، وليس أمام المستثمرين سوى أن يقرروا، فكما أكد الرئيس السيسى أكثر من مرة وكررها أمس فى العين السخنة، أن كل المشروعات متاحة أمام المستثمرين المصريين والأجانب، سواء أرادوا ذلك بالشراكة مع شركات ومؤسسات الدولة، أو بشكل فردى، وهى مشاريع استثمارية تحقق عوائد مستقرة وأرباحا مضمونة.

 

فى المجمل، نحن اليوم أمام استراتيجية وطنية واضحة وضعها الرئيس السيسى بإعادة اكتشاف كنوز مصر المخفية أو المنسية، فلسنوات طويلة، بل لعقود، ظلت ثروات مصر المعدنية منسية، ولم تستخدم، لكنها اليوم وجدت من يقدر أهميتها ويعيد اكتشافها لسد الفجوة بين متطلبات السوق والاستيراد، وتصدير الفائض.


 

 


هذا الخبر منقول من اليوم السابع