المذابحُ نسورٌ تقتنصُ اللَّحظاتِ في رحيلٍ يباغِتُ الأحلامَ المركونةَ على رفٍّ تعفَّنَ وهو ينتظرُ أشعَّةَ الشَّمسِ، هناكَ حلم بجناحينِ بيضاويْنِ حلمٌ يرمقُ النِّهايةَ بعينينِ ذابلتينِ، الحلمُ كانَ وردةً تَشْكلُها فتاةٌ على ذؤابةٍ ملساءَ بارقةٍ والغدرُ كانَ جنازاتٍ ،يا لبخلِ الزَّمنِ وهو يقترُ بيدِ الشّحِّ عمرَ عروسٍ تعقدُ جديلتها بشريطِ الأماني! كم تأجَّلَ موعدُ عرسها ! وحينَ تصالحَ معَها الزَّمنُ ،غافلتْها النّيران فأحرقتْ شريطَ الأماني.
المذابحُ لغةٌ استثنتْ من معاجمِها حقولَ الفرح ومرابعَ القصائدِ وأساطيرَ البطولاتِ، لغةٌ لا تسدُّ رمق جائعٍ إلى أغاني الحياِة ولا تروي ظمأَ متعطِّشٍ يهتفُ أنا كائنٌ لغتي مُشْبعَةٌ بالحبِّ إلّا أنَّ الصَّمتَ جرَّدني من ذاتي فأمسيْتُ كتلةً صمّاءَ بكماءَ عمياءَ، لماذا ذبحوا فِيَّ اللُّغةَ ؟ لماذا أنا هنا في هذه البقعةِ لأكونَ بِلا هدفٍ كطابةٍ انزلقَتْ من يدِ رامٍ لمْ يُحكمِ التَّصويبَ.
المذابحُ تساؤلاتٌ لم تجدْ لها أجوبةً رغمَ أنَّ التَّحقيقاتَ ما زالتْ مستمرَّةً ،ما نفعُها وهي تتغاوى في مشيَتِها تواربُ الحقائقَ التي ما زالتْ تتنكَّرُ بالأكاذيبِ، فلماذا حينَ عُلِّقتْ مشنقةُ الإبادةِ في انفجارِ هيروشيما العصرِ الصَّدئِ لم تعلنِ النُّسورُ عن جرائِمِها ؟ أهي نسورٌ تتباهى بمناقيرَ حادَّةٍ فَحَسب؟ بل هي أشبهُ ببعوضٍ في هيئةٍ كواسرَ، أما مذابحُ اللُّغةِ الملغومةِ بأحكامٍ عُرفيَّةٍ فهي غارقةٌ في البحثِ عنِ الجثثِ المفقودة عساها يومًا تعثرُ على مصدرِ الغفواتِ .
سامية خليفة /لبنان