باسم أحمد عبد الحميد يكتب: أين السعادة؟!

باسم أحمد عبد الحميد يكتب: أين السعادة؟!
باسم أحمد عبد الحميد يكتب: أين السعادة؟!

- يظن البعض أن السعادة في كثرة الأموال، والثروات ،ولو كانت هكذا لكان (قارون) أسعد إنسان خُلق على الأرض.. فلقد كان من قوم موسى ،ورزقه الله رزقاً  كثيراً بما تنوء عُصبة من  أولي القوة عن حمله..

لقد قال له قومه :

لا تفرح وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا ،وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغِ الفساد في الأرض ..

قال قارون :

إنما أوتيته على علم عندي ،فخرج إلى قومه،متباهياً فخوراً، فخسفنا به ،وبداره الأرض ...

فهل نفع قارون ماله ؟!!

ويرى آخرون أن السعادة في الملك ،والسيادة ،والسيطرة ،والنفوذ .. بينما حكام العالم لا يهنأون بالسعادة ،ولا الراحة ،ولا حتى الاستقرار ..

والخليفة العادل( عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، كان لا ينام الليل ،وكان يحاسب نفسه كل يوم ،وكل ليلة ويقول :

لو تعثرت ( بغلة) في العراق لسُئلت عنها!!

* (تعثرت ربما في الولادة ،أو الطريق غير ممهدة، لها في السير ) ..

- يروى أن أحد الباشوات كان له ضيعة كبيرة ،تبلغ آلاف الأفدنة، وبينما كان يتنزه،في حقوله ،رأى فلاحا يأكل خبزا جافا فقط ،ثم يمد يديه إلى مجرى مائي ،ليشرب ويحمد الله كثيرا على نعمتيّ الطعام والصحة ،وهنا قال الباشا :

تمنيت لو تأخذ نصف ضيعتي، وتعطيني نصف صحتك !!!

فالسعادة إذن ليست في المال والجاه ...

-يروى ايضا ان هارون الرشيد طلب نصيحة ،من أحد الحكماء ،وكان بيده كوب من الماء   ..فقال له الحكيم

يا أمير المؤمنين :

لو كنت بالصحراء ،وكدت أن تموت من العطش ،فبكم تشترِ شربة ماء ؟!

قال بنصف ملكي ...

فرد عليه الحكيم قائلا، ولو أن هذا الماء احتبس بداخلك، وعجز الأطباء عن إخراجه، فكم تدفع ؟!

قال النصف الثاني!!!

فكم تساوي الدنيا كلها ،وملك هارون الرشيد ،لا يساوي شربة ماء !!!

فما السعادة إذن؟!

السعادة في رأيي هي القناعة التامة بالرزق، والإيمان بالقضاء والقدر ،والصبر على الملمات، والرفق عند النوازل ،وبه نزل القرآن الكريم والسنة النبوية  المطهرة 

يقول المولى عز وجل في سورة آل عمران

يا أيها الذين آمنوا اصبروا، وصابروا، ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون)

والاحساس الدائم بالرضا ،يوفر لك السعادة ،وراحة البال، وفي الحديث القدسي

يا ابن آدم ان رضيت بما قسمته لك ،أرحت قلبك ،وان لم ترض بما قسمته لك ،فوعزتي، وجلالي ،لأسلطن عليك الدنيا ،تركض فيها كركض، الوحوش في البرية ،ولا ينالك، منها ،الا ما قسمته لك ،وكنت عندي مذموما..   

قال رجل :

كاد القلق يوزعني أشتاتا حسرة على (نعلي) الذي داب إلى أن رأيت منذ يومين ،رجلا بلا ساقين فقلت الحمد لله .. الحمد لله...

وحدثوا ان رجلاً قال لزوجته:

والله لأشقينك!!

فقالت الزوجة في هدوء

والله لا تستطيع ،ان تشقيني، كما لا تستطيع، ان تسعدني !!

فقال الزوج غاضبا كيف ؟!

فقالت لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني ،أو في حُليٍ لحرمتني منها ،ولكنها في شيئ لا تملكه، ولا الناس ايضا !!

انني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد  عليه سوى الله ..