د. محمد فتحى عبد العال يكتب: عاقبة التنمر

د. محمد فتحى عبد العال يكتب: عاقبة التنمر
د. محمد فتحى عبد العال يكتب: عاقبة التنمر

لقد بلغ مروان العاشرة من عمره وصار مسموحا له أن يخرج ويلعب مع الصبيان بمفرده ولكن وفق ساعات محددة من اليوم حددتها والدته واتفقت معه عليها.

 تحلى مروان بالسجايا الحسنة   فحفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة وصار لا يترك فروض الصلاة الخمسة ويصليها  في جماعة بقدر المستطاع .

اتفق مروان مع أقرانه أن يكون يوم الجمعة هو اليوم المخصص في الأسبوع للعناية بالمحتاجين يقضون حوائجهم ويدفعون لهم ما تيسر مما اقتطعوه  من مصروفهم على مدار الاسبوع.

تميز مروان بالذكاء والقدرة الفطرية على القيادة في محيطه الصغير فكان محور تقدير زملائه وموضع احترامهم وكان يمارس دورا ديموقراطيا متميزا فكان لا يقطع أمرا في أوجه الخير الا استشارهم وأخذ بأفضل اطروحاتهم  الصغيرة مثلهم.

أما قاسم فكان الوحيد الذي شذ عن الفريق فهو دائم الرسوب لا يقبل على الصلاة بشكل منتظم وإن صلى كان متلهفا أن تفرغ بسرعة حتى يجتمع بأقرانه   في محل للألعاب الإلكترونية ليشاركهم منافساتهم الحامية

كان من أكثر عادات قاسم الذميمة حبه للتنمر والسخرية من أقرانه وأشدهم كان الطفل حسان المصاب بمتلازمة داون، وهي حسب ما شرحت لهم مدرسة العلوم. أنه خطأ برمجي قد يحدث للجنين. لكنهم مخلوقات مختلفة الشكل قليلا طيبة القلوب كثيرا.. أشبه بالملائكة إنهم أحباب الله كما تقول الجدة.

حاول مروان مرارا وتكرارا أن يحسن من سلوكيات زميله و يحببه في عمل الخير ويبعده عن التنمر ولكن دون جدوى فقد كان قاسم شديد العناد والإعتداد برأيه.

في أحد دروس الاخلاق في المدرسة شكا حسان  للمعلم من مضايقات قاسم له وتنمره عليه فلم يشأ المعلم أن يفرض عزلة على قاسم أو يقرعه أمام زملائه فاختار يوما في الأسبوع للحديث عن التنمر وعاقبته في الدنيا والاخره.

بدأ المعلم سؤاله لتلاميذه :

ما معنى التنمر؟

رفع مروان يده للإجابة

-إيذاء لفظي يا استاذ

وماذا أيضا ووجه السؤال لقاسم

-لا أعلم يا أستاذ

-حاول أن تشاركنا الحوار يا قاسم بقدر ما تستطيع

-التنمر يا قاسم إضافة لما قاله مروان السخرية من الآخرين ولقد نهانا الله عن هذا لما في ذلك من إيذاء لمشاعرهم.

ظل قاسم على عناده يؤذي الناس ويقضى وقته في اللعب .

وفي إحدى الايام وبينما هو عائد من محل الألعاب الإلكترونية  صدمته سيارة مسرعة وسقط مغشيا عليه.

نزل سائق السيارة وحمله إلى أقرب مستشفى.

كشف الطبيب على قاسم فوجده سليما إلا من كسر في قدمه، فكان لزاما عليه البقاء في المستشفى لبعض الوقت.

علم مروان بما حدث  فاصطحب زملائه ومن بينهم حسان وزاروا قاسم محملين بالهدايا والورود.

لما رأي قاسم اقرانه بكى وقال : أنتم كنزي الحقيقي ومن اليوم سأتغير لقد شاهدت الموت بعيني والله قد منحني فرصة للنجاة والعيش وسأبدأ حياتي من جديد شكرا لكم أصدقائي وسندي الذي لا يتغير.

 

 

 

د. محمد فتحي عبد العال