د. مريم المهدي تكتب: فرنسا والاسلام السياسي الطامح بالتمكين التركي من حكم العالم

د. مريم المهدي تكتب: فرنسا والاسلام السياسي الطامح بالتمكين التركي من حكم العالم
د. مريم المهدي تكتب: فرنسا والاسلام السياسي الطامح بالتمكين التركي من حكم العالم

* أصبحنا أمام نذر موجة جديدة من الإرهاب قد تكون أعنف من سابقاتها ضمن مشروع التمكين لأردوغان في أطماعه التوسعية وليس خافيا أن فرنسا ستكون الأكثر استهدافا بعد اتساع حملات الكراهية.

لم يكن ذبح المدرس الفرنسي صامويل باتي (47 عاما) بتلك الطريقة البشعة على يد الطالب عبدالله أنزوروف (18 عاما) بالأمر المفاجئ، في ظل اتساع دائرة الكراهية التي سبق للرئيس إيمانويل ماكرون أن نبّه إليها منذ أيام في خطابه المثير للجدل، بمناسبة الإعداد لقانون “الانفصال الشعوري”، بهدف “مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية”.

 

 

- نشاة القاتل :

 القاتل نما وترعرع وتشكل وعيه في فرنسا، التي وصلت إليها أسرته ذات الأصول الشيشانية لطلب اللجوء، وهو لا يزال في السادسة من عمره، وفي هذا العام حصل على بطاقة الإقامة الفرنسية، وعندما ارتكب جريمته كان واقعا تحت تأثير حملة قادها عدد من أولياء الطلبة المسلمين عبر الإنترنت ضد مدرس التاريخ والجغرافيا، متهمين إياه بالعداء للإسلام.

يقول أحد الأولياء إن ابنته، وعمرها 13 عاما، روت له كيف طلب المدرس من الطلبة المسلمين رفع أصابعهم، ولما فعلوا دعاهم إلى مغادرة الفصل، لأنه كان  سيعرض على بقية الطلبة رسما في إطار حصة حرية التعبير، يذكّر برسوم صحيفة “شارلي إيبدو” المسيئة للنبي محمد، يقول الولي إن ابنته رفضت الخروج، ونقلت له ما حدث فنشر شريط فيديو عبر الانترنت وسرعان ما انتشر بين الجاليات المسلمة

 

 

     *  التاثير التركي العابر للقارت بالتمويل القطري للاحزاب والحركات والمليشيات والمرتزقة  والجماعات ووسائل الاعلام  الاسلاميه سواء كانت اخوانيه او جهاديه تكفيرية :

أثبتت محاضر التحقيق أن المدرس تعرض إلى تهديدات جدية بالقتل، قبل أن يغتاله الطالب أنزوروف، أمام إحدى المدارس الإعدادية بضاحية كونفلانس سانت أونورين، شمال باريس، وأن القاتل لم يكن طالبا لدى القتيل ولكنه تأثر بالحملة التي استهدفت المدرس

 أثارت الحادثة جدلا واسعا في فرنسا، المصدومة بواقعها المنذر بما هو أسوأ، في ظل ارتفاع منسوب العمليات الإرهابية على أراضيها، وبعجزها عن دمج فئات من المسلمين في مشروعها الثقافي والحضاري المبني على مبدأ الحرية، ومن ذلك حرية التعبير غير القابلة للحد من سقفها تحت أي مبرّر.

 

 

* صناعة  ثقافة الارهاب :

وبالمقابل، أثبتت أن لها الكثير من المؤيدين والمشيدين بها في البلاد العربية والإسلامية، فثقافة الإرهاب منتشرة بشكل غير مسبوق، وهي تتجاوز بكثير نسبة الممارسات الإرهابية، وزادت الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في تعميمها على نطاق واسع، وقربت المسافات بين من يتبنونها.

 الإرهاب تحول إلى صناعة تدار من قبل جماعات الإسلام السياسي الطامحة إلى حكم العالم، والتي لا تزال تفكر بمنطق الفتوحات والغنائم والسبي وتقسم العالم إلى ديار إسلام وديار كفر، وهي تشتغل في ذلك على الفئات الهشة من المجتمعات، وتعتمد على مظلومية كاذبة في الترويج لمشروعها، وتدرك أن الخطاب المتطرف أكثر جذبا من الخطاب المعتدل، خاصة لدى الشباب والفقراء وفاقدي الوعي النقدي والمصدومين حضاريا والمهزومين من الداخل، ممن يعكسون خيباتهم الشخصية على المجتمع، بزعم أن أزمة الأمة في عدم تطبيق الشريعة.

- كما أن دعم الإرهاب أصبح أداة لاكتساب شرعية شعبية لدى الراغبين في الوصول إلى السلطة في الدول التائهة تحت الانفلات بسبب الديمقراطيات الزائفة التي يدعمها الغرب، وتحول المتشددون إلى رصيد انتخابي لبعض القوى السياسية، يوصلها إلى البرلمانات والتغلغل في مفاصل الدول والحكومات.

 

 

* المشروع العثماني الجديد والتمويل القطري من جهة والقوي الدوليه الساعيه لتغيير توازونات الجغرافيه السياسيه العالمية من جهة اخري الدافع المحرضة لرفع منسوب الكراهية ضد فرنسا :

والمثال في تونس، عندما عبر أحد أعضاء نواب البرلمان عن مساندته الضمنية لجريمة ذبح المدرس الفرنسي، تدخلت السلطة القضائية للتحقيق معه. الأخطر في الموضوع ندركه عند النظر في التعليقات الداعمة لموقفه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والساخرة أو الرافضة لمواقف من اعتبروا الجريمة إساءة للإسلام والمسلمين.

لقد أصبحنا أمام نذر موجة جديدة من الإرهاب قد تكون أعنف من سابقاتها، وستكون ضمن مشروع التمكين لأردوغان في أطماعه التوسعية، وقد نرى بعد عام أو عامين من الآن حالة من الفوضى في دول عدة تغلغل فيها الإرهاب بشكل غير مسبوق، وأصبحت له حاضنة سياسية تدعم ارتباطه بوهم الخلافة، وليس خافيا أن فرنسا ستكون الأكثر استهدافا بعد اتساع حملات الكراهية ضدها.

 يجب الا  ننسي ونعي انه عندما وصلت عائلة أنزوروف إلى فرنسا في العام 2008 لطلب اللجوء تم منحها وثيقة إقامة مطولة باعتبارها معارضة للنظام الروسي، وكان عبدالله في السادسة من عمره، لكن حادثة الجمعة الماضي، أثبتت أن من فرّ من بلاده حاملا فكرة الإسلام السياسي لن يتخلى عنها، وحتى إن لم يفعّلها بنفسه، فقد يأتي من ذريته من يفعّلها، وهذا ما حدث.

إن جريمة قتل أستاذ التاريخ تمثل نقطة فاصلة في تعامل السلطات الفرنسية مع ظاهرة الإرهاب والتطرف والخطاب العنيف في البلاد.

 أن هذه العملية الإرهابية لم تكن كتلك التي تنفذها التنظيمات الإرهابية، مثل داعش الذي كان يهدد فرنسا، أن هذه العملية وقعت بفعل  الدعاية والفتاوي التي تأثر بها المنفذ  للجريمه .

 على أن فرنسا باتت واعيا بأن الخطاب المتطرف يمكن أن يكون شريك اساسي في عملية الإرهابية، ولا سيما في تجييش الشباب  لامن صوب الافعال الارهابيه والحس علي الكراهية ، وهو ما يمثل تهديدا  وهو ما يمثل تهديدا لامن وثقافة ومستقبل الاجيال بفرنسا .

 إن استدعاء 80 شخصا على خلفية كتاباتهم التي صفقت وأشادت بالعمليات الإرهابية، هي الخطوة الاولي  في إطار تجفيف منابع الخطاب الإرهابي والمتطرف.

  أن باريس وجهت رسائل للداخل والخارج، خاصة إلى تركيا وقطر اللتين تحتضان الجمعيات المتطرفة وتمولها ، والتي أخذت على عاتقها نشر الخطاب الديني المتشدد في فرنسا لدعم العداء والكراهية ضد فرنسا

وفي رد فعل ومؤازاة التحقيقات والتوقيفات، أعلنت باريس حل عدة جمعيات من بينها "التجمع ضد الاسلاموفوبيا  في فرنسا" مؤكداً أن "51 كيانا مجتمعيا سيشهد على مدى الأسبوع عدداً من الزيارات لأجهزة الدولة والعديد من بينها سيتمّ حلها في مجلس الوزراء

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن رجلا ذبح معلما للتاريخ عرض على تلامذته في المدرسة الإعدادية رسوما كاريكاتورية للنبي محمد  واصفا  الهجوم بأنه إرهاب للاسلاميين و  كان يستهدف بهذا الهجوم ضرب حرية التعبير

وقال "البلاد بأكملها تقف مع المعلمين. الإرهابيون لن يقسموا فرنسا.. الظلامية لن تنتصر"

 وتستعد فرنسا لطرد 231 أجنبيا مدرجين على قائمة المراقبة الحكومية، للاشتباه في أنهم يتبنون معتقدات دينية متطرفة، وذلك بعد يومين  من قيام الشاب الشيشاني بقطع رأس المعلم وتعرضت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون التي تتبنى نهجا وسطيا للضغط من الأحزاب  المحافظة واليمينية المتطرفة، لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه غير الفرنسيين الذين يُنظر إليهم على أنهم يشكلون تهديدا أمنيا..

لعل دول العالم تفيق وتوقع عقوبات شديدة لتدحر اطماع تركيا ودعم قطر للارهاب تحت ستار الدين والدين منهم براء .