أمل جمال تكتب: جيوش الشمس لشادى عبدالسلام.. شفرة الهوية وأكتوبر الانتصار

أمل جمال تكتب: جيوش الشمس لشادى عبدالسلام.. شفرة الهوية وأكتوبر الانتصار
أمل جمال تكتب: جيوش الشمس لشادى عبدالسلام.. شفرة الهوية وأكتوبر الانتصار

وكأن الفن الحقيقي مسلة فرعونية منقوش عليها تاريخ لا يمكن محوه. تاريخ باق للأجيال. يذكرهم بهويتهم. بملامح روحهم الوثابة التي تأبى الخنوع والركوع والاستكانة. وكأن مصر تصر أن تثبت للعالم أن سلالة عظمائها من الفنانين لا تنقطع أبدا. أولئك الذين يصلون الماضي بالحاضر ليضيؤا المستقبل ويتركوا أثر خطواتهم على الدرب ليكمل من بعدهم المخلصون من أبنائها الذين يزيدون حبة في عقد بهائها المتلألىء عبر الأزمان. من هؤلاء العظماء الفرعون المصري شادي عبد السلام بروائعه التي يقدمها من أعماق تاريخ مصر، من حضارتها القديمة، وكأن مهمته الأولى هي تذكيرنا كمصريين بهويتنا بحضارتنا بجمالها وقوتها وقوة من صنعوها وحافظوا عليها مثل فيلم المومياء 1968 وفيلم شكاوى الفلاح الفصيح عام1970. احتفى شادي عبد السلام في المومياء بقصة اكتشاف المومياوات في معبد الدير البحري بعد سنوات. وفي فيلمه الثاني قدم قصته من بردية كتبت قبل أكثر من أربعة آلاف سنة. وغيرها من الأفلام التسجيلية التي وضعته ضمن أفضل مائة مخرج على مستوى العالم. فهل كان لهذا الفرعون أن يغفل حرب أكتوبر، وهو الغارق في عشق مصر والمحتفي دائما بأبطالها؟!الإجابة ستكون بلا شك لا. لم يفوت شادي عبد السلام تلك اللحظة التاريخية. بل هب ليسجل انتصار أكتوبر وشجاعة الجنود الأبطال، روحهم الوثابة وبأسهم الشديد وتضحياتهم كي تخرج مصر من ظلمة الانكسار والهزيمة إلى شمس النصر في رسالة وجهها من جبهة القتال إلى التاريخ وإلى الأجيال القادمة من بعده، بفيلمه "جيوش الشمس" ليقول لنا انتبهوا. لا تنكسروا هذا هو معدنكم الحقيقي وقت الشدائد. أنتم تستطيعون دائما النصر لا تفقدوا الثقة أبدا في أنفسكم أو في وطنكم مهما تعالت أصوات الأعداء أو الكارهين. أطلق شادي عبد السلام على الفيلم اسم – جيوش الشمس– وهو الاسم الذي كان يطلق على الجيش المصري قبل أكثر من سبعة آلاف عام"، وكأنه يصل انتصار أكتوبر73 بانتصارات جيوش أجدادهم من الفراعنة. جسد الفيلم انتصار الروح المصرية بعد انكسار الهزيمة ومرارة سنواتها، وكأنه يؤكد على معدن روحناالصلب الأصيل أصالة أجدادنا ويثبت لنا بالكاميرا التي انتقل بها إلى ميدان القتال في الأيام الأولى من المعركة في اليوم الثالث على وجه التحديد. ليرصد طلقات المدافع وهجوم الطائرات والكباري والجسور العائمة وأصوات الأسرى وتكبيرات الجنود من أبنائنا وأخواتنا وأعمامنا وأخوالنا وجيراننا كلهم افراد الجيش. كلهم مصر. كلهم نحن. رصد شادي عبد السلام في جيوش الشمس شهادات للجنود على الجبهة كيف انتظروا سنوات وسنوات هذه اللحظة وكيف كان الجندي يحمل مدفعا يحتاج إلى أكثر من فرد لحمله ليؤدي مهمته القتالية. تجلت عبقرية شادي عبد السلام وفريق العمل في تجسيد أحداث المعركة وتصوير اقتحام خط بارليف وعبور الدبابات المصرية إلى الجانب الآخر من القناة. ولم ينصرفوا – كما قرأت- إلا بعد أن التقطوا صورة لجنودنا وهم يرفعون العلم على أرض سيناء. لم ينس شادي عبد السلام المرأة والدور الذي لعبته وقت الحرب في الجبهة الداخلية الذي تمثل في تطوع السيدات والآنسات كممرضات ليساعدن في إنقاذ الجرحى والمصابين من الجنود والسهر على رعايتهم، ومنهم على سبيل المثال الفنانة نادية لطفي التي استعان بها في فيلمه لتؤدي نفس الدور الذي تقوم به في مستشفى المنيل بالفعل وقت الحرب ليؤكد على أهمية دور المرأة وفي تاريخ مصر دورها المحوري،تماما كأجداده الفراعنة، الذين لم يغيبوها في بردية أو مسلة أو جدران المعابد. شاهدوا جيوش الشعبفي أكتوبر مع أبنائكم. والتقطوا شفرة جيوش الشمس ورسالة شادي عبد السلام.