حنان فهيم تكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (96- وظيفة بمؤهلات خاصة)

حنان فهيم تكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (96- وظيفة بمؤهلات خاصة)
حنان فهيم تكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (96- وظيفة بمؤهلات خاصة)

لقد وضعت على الأرض ليكون لك دور ولكي تكون لك بصمة. إنك لم تخلق لكي تأكل وتشرب وتتزوج وتعمل ثم تموت، فقد صممك الله لكي يكون لك تأثير من خلال حياتك. لقد خلقت لتضيف إلى الحياة على الأرض، وليس لتأخذ منها فحسب.

لقد خلقت كي تخدم الله، تلك الاعمال الصاحة هي خدمتك. فعندما تخدم الأخرين بطريقة ما فإنك في الواقع تخدم الله وتتمم أحد مقاصد حياتك. فإن لديك مكانا وهدفا ودورا ووظيفة لإتمامها، وذلك يعطى معنى وقيمة عظيمين لحياتك. إننا لا نخدم الله بدافع من الذنب أو الخوف أو حتى الواجب، بل بدافع الفرح والامتنان العميق لأجل ما فعله لأجلنا.

لقد دعيت كي تخدم الله بغض النظر عن وظيفتك أو مجال عملك.

ليست هناك خدمات تافهة وخدمات عظيمة كلها ذات قيمة. فكثيرا ما تصنع الخدمات الصغيرة أو الخفية أكبر الاختلاف. إن أهم ضوء في منزلي ليس هو أكبر نجفة بغرفة الطعام لكنه المصباح الليلي الصغير الذييمنعني من إصابة إصبع قدمي عندما أستيقظ ليلا، ليس هناك ارتباط بين الحجم والأهمية. فكل الخدمات تشكل أهمية لأننا نعتمد جميعا على عمل بعضا لبعض.

ماذا يحدث إذا فشل جزء من جسدك في عمله؟ سوف تمرض، وسوف يعانيباقي جسدك. تخيل إذا قرر الكبد أن يبدأ في العيش لنفسه ويقول: "لقد تعبتلم أعد أريد أن أخدم الجسم أريد أن أخذ إجازة لمدة عام حتى أتغذى. يجب أن أفعل ما هو أفضل بالنسبة لي ليأخذ عضو أخر مكاني" ماذا يحدث؟ سوف يموت جسدك. فكثير من الناس يجلسون في الصفوف الجانبية كمتفرجين بينما يعاني الجسد.

لا يكفي أن نظل نتعلم أكثر وأكثر، بل علينا؟ أن نعمل بحسب ما نعرفه ونمارس ما ندعى أننا نؤمن به. فنحن نتوقع أن يخدمنا الاخرون وليس العكس.

 

 

الإعداد للأبدية

بعد نهاية حياتك على الأرض ستقف أمام الله الذي سوف يقيم كيف قمت بخدمة الاخرين في حياتك. سوف يقارن الله يوما ما بين كم الوقت والطاقة اللذين أنفقناهما على أنفسنا وما استثمرناه في خدمة الاخرين.

يريد الله أن يستخدمك ليحدث بك أثرا. إنه يريد أن يعمل من خلالك. لا تهم مدة حياتك، وإنما ما تقدمه، وليس كم من العمر عشت، وإنما كيف عشت.

فكل منا مصمم بصورة فريدة
يسأل المهندسون أولا قبل تصميم مبنى جديد، ما الهدف منه؟ كيف سيتم استخدامه؟ إذ أن الوظيفة المستهدفة تحدد دائما شكل المبنى. فقد قرر الله، قبل أن يخلقك، الدور الذي يريدك أن تلعبه على الأرض، وخطط بالضبط كيف يريدك أن تخدمه، ثم شكلك للقيام بتلك المهام. إنك على ما أنت عليه لأنك خلقت لخدمة معينة. إنك لست منتجا على خط تجميع، تم إنتاجه بكثرة دون تفكير. إنك قطعة نادرة أصلية، مفصلة وفق الطلب،ووحيدة من نوعها. لقد شكلك الله وكونك بتأنيكي تخدمه بطريقة تجعل خدمتك متفردة.

إن الله لم يشكلك فقط قبل ميلادك، لكنه خطط أيضا لكل يوم من حياتك حتى يدعم عملية تشكيله. هذا يعنى أن لا شيء مما يحدث في حياتك بدون معنى، لكن الله يستخدم كل الأشياء ليشكلك في مجال خدمتك للآخرين.

إن الله لا يضيع شيئا أبدا ‘فهو لم يكن ليعطيك قدرات،واهتمامات ‘ومواهب،وخبرات حياتية ما لم يكن ينوى استخدامها لمجده.

كيف يشكلك الله لأجل خدمتك؟ عندما يكلفنا الله بمهمة، فهو دائما ما يجهزنا بما نحتاج لإنجازها. هذه التركيبة المتعارف عليها من القدرات (مواهب روحية – قلب – قدرات – شخصية – خبرة)

المواهب الروحية: فهي هبات الله التي وهبها لك بالنعمة، الله يريدنا أن نكون مميزين، فإنه لا يعطى موهبة بعينها للجميع، لم تعط المواهب الروحية لك لأجل منفعتك الشخصية بل لمنفعة الاخرين، تماما كما يعطى الاخرون مواهب لمنفعتك.

 

 

2 الاستماع إلى قلبك

يمثل قلبك المصدر لكل دوافعك – أي ما تحب أن تفعل وما تهتم به أكثر.

ومن الناحية الجسدية لكل منا دقة قلب فريدة من نوعها، فكما أننا جميعا واحد فينا بصمة مختلفة وحاليا ليست بصمة الاصبع فقط ولكن بصمة العين وبصمة الاذن وبصمة القدم للطفل الصغير فمن المدهش أنه من بين مليارات الناس الذين عاشوا من قبل، لم يكن لأحد دقة قلب تشبه دقة قلبك بالضبط. لقد أعطانا الله، (دقة قلب) عاطفية فريدة تتسارع عندما نفكر في الموضوعات، أو الأنشطة، أو الظروف التي تهمنا. فإننا نهتم بالفطرة ببعض الموضوعات ولا نهتم بأخرى.

الشغف هي كلمة أخرى تشير إلى القلب. هناك بعض الموضوعات تشعر بالشغف تجاهها، بينما توجد أخرى لا تعيرها التفاتا، كما أن بعض الخبرات تثيرك وتأسر انتباهك بينما أخرى تطفئك وتضجرك جدا. وتلك تظهر حقيقة قلبك.

ربما تكون قد اكتشفت، أنك مهتم جدا ببعض الموضوعات التي تهتم بها عن شخص أخر بعائلتك. من أين تأتى تلك الاهتمامات؟ إنها تأتى من الله فقد كان لدى الله هدف من إعطائك هذه الاهتمامات الفطرية. إن دقة قلبك العاطفية هي المفتاح الثاني لفهم طباع شخصيتك بالنسبة للخدمة. فلا تهمل اهتماماتك، بل فكر كيف يمكنك أن تستخدمها لمجد الله. هناك سبب في أنك تحب فعل تلك الأشياء.

أن الله يريدنا أن نخدمه بشغف، وليس بدافع الواجب. يريدك الله أن تستخدم اهتماماتك الطبيعية لخدمته وخدمة الاخرين. كما أن الاستماع إلى الدوافع الداخلية يمكنه أن يشير إلى الخدمة التي يقصدها الله لك.

كيف تعرف أنك تخدم الله من كل قلبك؟

1 هي الحماس: فعندما تعمل ما تحب أن تفعله، لن يكون على أحد أن يحفزك أو يتحداك أو يفحص عملك، إذ أنك تفعله لمجرد الاستمتاع. لن تكون محتاجا إلى مكافئات أو تصفيق وذلك لأنك تحب أن تخدم بتلك الطريقة. والعكس صحيح أيضا: عندما لا يكون لديك ولع بما تفعله، فسوف تحبط بسهولة.

2 التميز: حينما تفعل ما صممك الله لتحب أن تفعله، فسوف تكون ماهرا فيه، إذ أن الشغف يؤدى إلى التميز. إن كنت لا تهتم بإحدى المهام، فلن تبرع فيها.

فكل واحد منفرد في أكثر من حاجة فقد صمم الله كل واحد منا بحيث لا يكون هناك تكرار في العالم. وذلك يعنى أنه لا يوجد أحد يلعب الدور الذي خططه الله لك. فانت صممت من اجل عمل خاص يخصك انت وحدك.

استعمل قدراتك: بعض الناس لديهم قدرات طبيعية بخصوص الكلمات فقد خرجوا من البطن وهم يتكلمون، وآخرون لديهم قدرات طبيعية رياضية، وهم بارعون في التناسق الجسدي. بينماآخرون ممتازون في الرياضيات أو الموسيقى أو الميكانيكا.

كل قدراتنا تأتى من عند الله: لقد أظهرت العديد من الدراسات أن الإنسان المتوسط يمتلك من 500 إلى 700 قدرة ومهارة مختلفة- وذلك هو أكثر كثيرا مما تعتمد. يمكن للمخ أن يخزن 100 تريليون حدث، كما يمكن للذهن أن يتعامل مع 15000 قرار في الثانية كما هو الحال بالنسبة لعمل الجهاز الهضميوباقي الأجهزة. إنك باقة من القدرات المذهلة، يمكن لكل القدرات أن تستخدم لمجد الله. مثال القدرة المعمارية، الإدارة، الطهي، صناعة القوارب، صناعة الحلوى، التصميم، صناعة العطور، التطريز، النقش، الراعي، صيد الأسماك، فلاحة البساتين، القيادة، التدبير، البناء، التأليف الموسيقى، شغل الإبرة، الرسم،الفلاحة، التأليف، النجارة، الإبحار، البيع، الجندية، الحياكة، التدريس، كتابة الأدب والشعر.

كيف تستخدم قدراتك لمجد الله؟

أولا: افهم أن قدراتك تأتى من عند الله واعترف بفضله.

ثانيا: استخدم عملك لخدمة احتياج آخرين.

ثالثا: قدم على الأقل العشور

رابعا: اجعل هدفك بناء للملكوت بدلا من مجرد بناء للثروة.

إن الله يريدني أن أفعل ما أنا قادر على فعله، يجب أن تفحص بجدية ما تجيده وما لا تجيده من أعمال، وذلك حتى تكتشف إرادة الله لحياتك. أن الله لا يضيع القدرات، لكنه يوفق بين دعوتنا وقدراتنا.

لقد تشكلت عن طريق خبراتك في الحياة، حيث كان معظمها خارج نطاق سيطرتك. لكن الله سمح بها من أجل قصده في صياغتك. يجب أن تفحص على الأقل سته أنواع من الخبرات من ماضيك، وذلك لتحديد طابع شخصيتك من أجل خدمة الله:

  • خبرات عائلية: ماذا تعلمت خلال نموك في عائلتك؟
  • خبرات تعليمية: ماذا كانت موضوعاتك المفضلة في المدرسة؟
  • خبرات وظيفية: ما هي أكثر الوظائف التي كنت فعالا فيها واستمتعت بها أكثر؟
  • خبرات روحية: ما هي أكثر أوقاتك التي كانت ذات معنى مع الله؟
  • خبرات خدمة: كيف خدمت الله في الماضي؟
  • خبرات مؤلمة: ما هي المشاكل، والجروح، والأشواك، والتجارب التي تعلمت منها؟

إن الله يستخدم الخبرات المؤلمة، لإعدادك للخدمة. لا يضيع الله جرحا أبدا، ففي الواقع إن أعظم خدماتك سوف تخرج من أعظم جروحك. من يمكنه أن يقدم خدمة لأسرة طفل معاق أكثر من زوجين لديهما طفل متضرر بنفس الطريقة؟ من يقدر أن يساعد مدمن أفضل من شخص متعافي؟

إن أكثر الخبرات التي سببت لك ألم في حياتك هي تلك الخبرات التي يريد الله أن يستخدمها لخدمة الآخرين وحتى يستخدم الله خبراتك المؤلمة يجب أن تكون مستعدا للمشاركة بها، يجب أن تكف عن إخفائها وتقبل بصدق أخطاءك ومخاوفك. أن الناس تتشجع أكثر عندما نشارك معهم كيف ساعدتنا رحمة الله في ضعفنا أكثر مما نتفاخر بقوتنا. لا تهدر ألمك بل استخدمه لخدمة الآخرين.

إن سر نجاح خدمتك في تحقيق الثمر والإشباع يكمن في أن يستخدمك الله وفقا للطابع الخاص الذي شكلك عليه. سوف تكون أكثر فعالية عندما تستخدم مواهبك الروحية وقدراتك في منطقة شوق قلبك وبطريقة أفضل عن شخصيتك وخبراتك. فكلما كانت خدمتك أقرب لهذا المجال كلما ازددت نجاحا.

اتمنى للجميع حياة سعيدة مع مهارات التنمية البشرية التي من خلالها تقدر تغير حياتك عندما تكتسبها

ولدروسنا من التنمية البشرية بقية .........