د. ماري ملاك تكتب: الجواهر الثمينه داخل النفوس المريضة

د. ماري ملاك تكتب: الجواهر الثمينه داخل النفوس المريضة
د. ماري ملاك تكتب: الجواهر الثمينه داخل النفوس المريضة

 يوجد بداخل كل واحد فينا شخصًا يصعب التعامل معه في بعض الأوقات,ولكن هناك أشخاص يصعب التعامل معهم بصورة عامة.. الشخصيات المتعبة هي شخصيات تحتاج إلى قواعد خاصة من أجل التعامل معها، فمن الواضح أنه تختلف شخصيات الناس بشكل كبير، فهناك الشخصية المرحة وهناك الشخصية القائدة وهناك الشخصية المكافحة وغيره من التصنيفات التي قام بها علماء النفس في علم الشخصية، ولكن كما يوجد شخصيات إيجابية فهناك أيضاً شخصيات سلبية متعبة في التعامل معها وهي تفتقر للنضج النفسي، وهذا الأمر يجعل حياة هذه الشخصية صعبة كما أنها تجعل حياة من حولها أصعب، ولكن ما الحل في هذا الأمر ؟ هل نترك تلك الشخصيات كما هي ؟ أم يجب أن نتعامل معها بشكل مختلف ؟ هل الأمر يحتاج إلى العلاج النفسي.. سنرى، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن بعض أنواع الشخصيات السلبية مثل الشخصيه المعترضه( الشريك المخالف)و الشخصيه الشاكيه الباكيه و الشخصيه الغيوره  الاضطهاديه والشخصيه العدوانيه..وسنعرض بعض النقاط التي تمكّننا من التعامل مع هذه الأنواع بشكل أفضل.

أنواع الشخصيات المتعبة وطرق التعامل معها

المعترضون دائما( الشريك المخالف)

 

يعارضك على طول الخط.. تشعر كأنه لا يعرف من الكلمات غير: "لا".. "ممنوع".. "لا يجوز".. "أرفض".. من يطلق عليهم الناس تعبير "الشريك المخالف".... من يستمتعون بتعطيل المراكب وإبقائها في مرافئها بلا إبحار!

كلنا صادفنا هؤلاء الأشخاص الذين نعرف أن الحصول على موافقتهم ليس بالأمر الهين.. يميلون إلى الرفض أكثر من الموافقة.. يستفزنا هذا الرفض ويغضبنا وقد نتسرع برد فعل غير محسوب فتزداد مشاكلنا معهم.. وتسوء علاقتنا بهم!

من الحكمة أن نحاول التحكم في مشاعرنا في كل الأحوال وتحت كل الظروف.. ومما أجده مفيداً جداً في هذا الصدد :

  • مقاومة النزعة الطبيعية في النفس إلى "الرد" الفوري.. والرغبة في الانتصار على الشخص الآخر.. أو إفحامه.. أو إحراجه.. اسأل نفسك ما أهمية ذلك؟ وما جدواه؟ .. اسأل نفسك ما أسوأ ما قد يحدث إذا تجاهلت استفزازه؟.. ما أسوأ ما سيحدث لو فعلت كذا أو كذا ردًّا على الاستفزاز؟..
  • في معظم الأحوال أفضل رد فعل في المواقف المشحونة بالانفعال هو ألا تفعل شيئاً!.. أجل تصرفك حتى تهدأ .. وإذا أمكن انسحب من الموقف وتريض دقائق قليلة سيراً على الأقدام.. ستهدأ أعصابك.. وسترى الموقف بهدوء..
  • اجتهد في البحث عن شيء يعجبك في هذا الشخصوامدحه فلعل ذلك يحسن من العلاقة بينكما.. لكن احذر أن تمدحه كذباً.. ابحث عن شيء يعجبك فعلاً فيه..
  • لا تسمم حياتك وتقع في فخ الشكوى مراراً وتكراراً من هذا الشخص وما يسببه لك من مشاكل.. سيضاعف ذلك حجم المشكلة في ذهنك.. وسيضاعف أثرها السيئ عليك.. تناساه..
  • فكر في الموقف وربما علاقتك كلها بهذا الشخص كتجربة.. لا شيء يحدث عبثاً.. كل شيء يحدث لحكمة.. ما الدرس من هذه العلاقة الصعبة؟ ..
  • نفث عن غضبك وضيقك بالكتابة.. عدة دقائق من الكتابة صباحاً أو مساءً كفيلة بإزالة آثار معاركنا اليومية، وترك نفوسنا أنقى وأرواحنا أزكى وأقدر على مواجهة الحياة.. كما أن كتابة الأفكار تجعلها أكثر وضوحاً وربما ساعدت أن نكتشف أموراً غابت عنا..

إضافة إلى ما سبق من المهم أن تفهم لماذا يعارضك هذا الشخص؟

تختلف تصرفات الأشخاص باختلاف دوافعهم.. وبحسب فهمك لدوافع الرفض ستحتاج أن تجرب مقترحاً أو أكثر من المقترحات التالية حتى تصل إلى مفاتيح هذا الشخص وتنجح في التعامل معه:

  • تعامل معه بود.. أشعره بالقول والفعل أنكما في نفس الخندق.. تبحثان عن "الحل" أو "أفضل فكرة".. ولا تتعامل معه على أنه عدوك..
  • أطلب رأيه واستطلع وجهة نظره مبكراً على قدر استطاعتك.. حاول كسبه في صفك.. لا تسفه من اعتراضه وما يراه.. أشعره أنك تأخذ كلامه بعين الاعتبار واطلب منه أن يساعدك على إيجاد حلول وبدائل..
  • عبر عن تقديرك لوجهة نظره وثقتك في أن هدفه الصالح العام والنصيحة المخلصة..
  • تذكر أن رفضه واعتراضه قد يكون سبباً في تحسين الفكرة وتلافي أخطاء لم تلتفت لها.. أو تلافي مخاطر لم تنتبه لها.. ربما ستصبح فكرتك أقوى وأنجح لو أخذت اعتراضاته في الاعتبار وفكرت فيها..
  • إن كان هذا الشخص فرد من مجموعة منوط بهم اتخاذ القرار.. تواصل مع الآخرين المؤثرين في اتخاذ القرار مبكراً.. واكسبهم في صفك .. ولا تستهن برأيه حتى لو كسبت موافقة الجميع.. لا تزرع عداوات بلا داعٍ..
  • في المناقشات تكلم بهدوء وبلا شخصنة ولا تندفع في محاولة هزيمته.. فسيجعله ذلك أكثر ضراوة وأشد حرصاً على إثبات صحة رأيه..
  • إذا أصبحت في موضع قوة في النقاش.. وأصبح من الواضح أن اعتراضه بلا قيمة.. اعرض بعض التغييرات أو الاقتراحات -الطفيفة أو السطحية- واطلب أن يعيد النظر على ضوئها.. امنحه فرصة للتراجع عن رأيه دون خسارة ماء وجهه.. هناك من يقدرون مثل هذا التصرف.. وقد يتحول بسببه عدوك إلى صديق..

في أحوال نادرة قد يكون التجاوب معه والمزايدة عليه في إبراز السلبيات سبباً في أن يأخذ اتجاهاً مخالفاً!.. فيتحقق لك ما تريد!

 الشخص الشاكي الباكي

هو الشخص الذي يهوى الشكوى من كل  شئ وأي شئ لعدم رضائه عن كل شئ وهو بذلك يشيع جوا من السلبية تنفر منه الآخرون وتبعدهم من حوله.

 

دائما تكون المثالية هي محور حياة الشاكي وربما كان الكمال المطلق هدف لا يمكن الوصول إليه ولذلك فهو غير راض على الدوام. ومن المتوقع أن تدفعك شكوى الآخرين إلى أن تبدأ بالشكوى معه او‌ أن تعترض على ما يقول كذلك قد توافق على ما يقول فيتمادى في الشكوى ايضا محاولتك حل مشكلته او- أن تتساءل لماذا اختارك أنت بالذات ليشكو إليك

 مما لاشك فيه افضل طريقه للتعامل مع الشخص الباكى الشاكى ان تتحالف معه بهدف حل مشكلاته بطريقة إيجابية  كالاتي:-

 

1-الاستماع إلى القصة مع محاولة تحديد نقطها الأساسية.

2- مقاطعة سرد القصة في بعض المراحل مع  طرح أسئلة توضيحية.

3- إعادة توجيهه إلى الاهتمام بالحلول الممكنة

أ‌-     سؤاله عن نقطة معينة : ماذا أنت فاعل في هذا الأمر؟

  ب- إذا قال لا أعرف , قل له : اقترح عدة حلول وسنحاول – معا – المفاضلة بينها.

جـ-   لو طرح حلولاً غير منطقية قل له :"هذا مستحيل ووضح له الأسباب , واسأله أن يقترح حلولاً أخرى

د- عند تكرار اقتراحه للحلول غير الممكنة اطلب منه إثبات فاعليته في تطبيق هذا الحل.

4- تحدث معه عن المستقبل :

كأن تحدد له مدة زمنية محددة للمناقشة فإن توصلت للحل حدد جدولا زمنيا لتنفيذ الحل.

  •  اخيراإذا لم تفلح جميع محاولاتك لإنهاء حالة الشكوى فيجب أن تضع حدا  للشكوى وذلك عن طريق إخباره بحقيقة كونه يفكر دائما في طرح المشكلات ولا يفكر أبدا في طرح الحلول

3الشخصية الغيورة الاضطهادية

الشخصية الغيورة من الشخصيات المتعبة وأهم سمات هذه الشخصية هو الشك، وتوقع الإيذاء من الناس وسوء الظن بالآخرين، أما في حالة الغيرة فقط، فغالباً هذا الأمر ينبع من عدم ثقة بالنفس وعدم تصالح الشخص مع نفسه، والغيرة لا تدل على الحب وهي ليست حب، لأن الإنسان الواثق من نفسه يثق في صديقه أو شريكه ولا داعي للغيرة على أتفه الأسباب، ولكن طبعا هناك الغيرة المعتدلة وهي صحية ولكنها لا تسبب مشاكل أو أذى لأي من الطرفين، وقد تكون انت الشخص الغيور فلا تستطيع التعامل مع الأمر أو تحمله، وقد يكون من تتعامل معه هو الشخصية الغيورة فيجب عليك أن تتعلم كيف تتعامل معها.

إذا كنت انت هذه الشخصية فيجب عليك أن تهدئ من نفسك وتفكر في سبب هذا الشعور وبعد أن تفهمه يجب عليك أن تتقبله، إن لم تتقبله لن يسعك تغييره والتعامل معه، إذا وصلت إلى أسباب الشعور بالغيرة فسيمكنك ذلك من تخفيف الشعور والإحساس بالهدوء قليلاً، ثم تحدث مع نفسك بشكل عقلاني، لماذا انت تشعر بالغيرة من أحدهم، هل هو أفضل منك في العمل؟ هل هي أجمل منكِ؟ هل يحب الجميع هذا الشخص أكثر منك ؟ حاول أن تحلل الإجابات. واعرف أنه لا يوجد شخصاً أفضل من الآخر ، كما أنه بدلاً من الشعور بالغيرة وهذا وسواس مرضي، يمكنك أن تمتدح الشخص الذي تغار منه وتجعل ذلك يحثك على التنافس الصادق النبيل. تحدث مع صديق مقرب لك عن مشاعرك، وحاول ألا تلوم أحداً ولا تظلم أحداً في حديثك، واعترف بأنك أخطأت عندما شعرت بالغيرة وأنك ستغير من نفسك.

أما إذا كنت تتعامل مع الشخصية الغيورة

  • احسم الأمر مع هذه الشخصية وضع حدوداً للحديث معها، لا تستمر بالحديث معها لمدة طويلة لأنها غالباً ستظل تكرر نفس الأسئلة وستكون منفعلة، وإذا قام الشخص الغيور بالتحدث بأسلوب غير لائق وبانفعال زائد فاقطع معه الحديث إلى أن يهدأ، وإذا كنت مخطئاً فأول ما يجب عليك فعله هو الاعتراف بخطئك.
    2- أما إذا كانت الشخصية الغيورة هو أحد أطفالك، فيجب عليك ألا تفاضلي بين الأخوات أبداً لأن هذا يزيد من الغيرة، شجعيهم بالتساوي على تأكيد ذاتهم واجعليهم يثقون بأنفسهم دائماً، وقومي بتحفيزهم على التواصل مع الوالدين ومع الأصدقاء والأقارب، ودعيهم يفعلون ما يريدون ولكن راقبيهم وتدخلي إذا قاموا بخطأ ما.

 

الشخصيه العدوانيه

كيف يتصرف الشخص العدائى؟

يتصرف الشخص العدائي بأسلوب فرض حقه على حساب الاخرين ويتم التعبير عن ذلك بأشكال لفظية اوغير لفظيه  فيكون

عابس الوجه، يشد على شفتيه بقوة، لا يكشف عن اسنانه بسهوله  غير قادر على الجلوس  ساكناويجلس بمقربه من الاشخاص ومتوتر يميل إلى رفع صوته في نهاية العبارات يميل إلى أن يقاطع حديثك ويستخف بك سريع الغضب، وكثير الانتقاد يميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين، صريح جداً مع الآخرين.
الشخص العدائي سريع الرد لأنه يعزز نمطه العدائي، وتؤدي هذه العدائية إلى التصرف بحماقة، لأنه يدافع عن حقه، ويتجاهل حقوق الآخرين، المهم أن هذه الطريقة تشعر الشخص العدائي بالتفوق على من حوله فهو يريد السيطرة والفوز فيما يشعر من حوله بالإحباط والنفور من التعامل معه.

لا شك أن التأقلم مع هذه الفئة صعب، لكن كن مثابراً لتوجيه الشخصية العدائية لذا عند مواجهة أحد من هذه الفئة ابق هادئاً، وتنفس ببطء، وأصغ لكلامه؛ لأن هذا يشعره باحترامك له، ابحث عن نقاط في كلامه لموافقته، كن موجزاً لرفض أفكاره(بلا) لا تصبح دفاعياً أو عدائياً، استخدم تقنية التشويش فلست مجبراً على التراجع أو الموافقة على الهجوم، اضحك والعالم يضحك معك... إبكِ وستبكي لوحدك

تاماً وللتذكرة: التعامل مع الأشخاص الصعبة أمر مرهق، وله آثار نفسية وصحية مدمرة.. فلا تترك مشاكلك معهم تلتهم حياتك.. لا تكثر من التفكير فيهم.. والتحدث عنهم.. واشغل نفسك بما يجلب لك البهجة والسعادة.. وفر وقتك وفكرك ومشاعرك لمن تحبهم وتثق بهم.. تعلم أن تضع الموقف السام في صندوق مغلق.. لا يفتحه طواعية أبداً.. واترك أبواب روحك مفتوحة على مصراعيها لمن يمنحوك وتمنحهم الدعم والحب والمساندة.

التكمله العدد القادم