أحمد غريب يكتب : يوم قتلت الحقيقة بجنين

أحمد غريب يكتب : يوم قتلت الحقيقة بجنين
أحمد غريب يكتب : يوم قتلت الحقيقة بجنين
لم تكن الصدفة يوما ما أحد عناصر اللعبة للكيان الصهيوني الذي عرف عنه التنظيم والتخطيط لكل ما هو قادم وعندما تقتل الصحفية شرين أبو عاقله بقناصة أحد جنوده فليعلم الجميع ان هذا الامر مقصود ولم يكن بالخطأ فشيرين ابو عاقله كانت معروفه للجنود اليهود اكثر من قادتهم  ويكفي انها وطاقم عملها بالكامل كانوا يرتدون الملابس الخاصة بالصحفيين من سترات مضادة للرصاص وخوذات واقية للرأس ناهيك عن العبارات المميزة للعمل الصحفي ومسألة اطلاق الاعيرة النارية تجاهها وصديقها  علي السمودي تؤكد انه كان يوجد سبق اصرار وترصد لاتمام الجريمه    والصحفية شرين نصري أبو عاقله  فلسطينية تحمل الجنسية الامريكية عن ابويها وتبلغ من العمر ٥١ عاما حاصلة على درجة البكالريوس من جامعة اليرموك في الاردن وحصلت ايضا علي شهادة الدبلوم في الاعلام الرقمي من جامعة بيرزيت في فلسطين عادت بعد التخرج الي فلسطين وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الاونروا واذاعة صوت فلسطين وقناة عمان الفضائية ثم مؤسسة مفتاح واذاعة مونتوكارلو ومراسلة لقناة الجزيرة وتعتنق شيرين الديانة المسيحية وكان لها مواقف ايجابية كثيرة في الدفاع عن المسجد الاقصي اولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يذكر ان ابو عاقلة قدمت الي مخيم جنين وذلك للقيام بتغطية عملية امنية للجيش الاسرائيلي وهو نفس المكان الذي اغتيلت فيه يذكر انها قد لاقت مصرعها عندما استقرت رصاصة بين اذنيها ورقبتها رغم انها كانت ترتدي الخوذة الصحفية وفي هذا الشأن ذكرت صحيفة هارتس الاسرائيلية ان الصحفية قتلت برصاصة يبلغ قطرها ٥.٥٦ مم وحددت الصحيفة ذاتها ان الرصاصة اطلقت من بندقية M16 وهو نفس النوع الذي يستخدمه الجيش الاسرائيلي وذكر حسين الشيخ  عضو اللجنه التنفيذيه لمنظمه التحرير الفلسطينيه ان  تل ابيب طلبت من السلطة الفلسطينية التعاون في تحقيق مشترك اشترطت فيه ان تسلم السلطة الفلسطينية لها الرصاصة التي قتلت بها الصحفية الا ان السلطة الفلسطينية رفضت هذا التحقيق شكلا وموضوعا وقال الشيخ في تغريدته "كل المؤشرات والدلائل والشهود تؤكد أن اغتيال ابو عاقله جاء من وحدات خاصة اسرائيلية" وفي الوقت الذي تؤكد فيه السلطة الفلسطينية مسئولية اسرائيل عن الحادث  تنفي الاخيرة ذلك الا ان السمودي وهو الصحفي المرافق لابو عاقله وقت مقتلها اكد ان الجيش الاسرائيلي هو من قتل زميلته  حيث ذكر ان الجيش الاسرائيلي اطلق في اتجاههم ثلاث رصاصات استقرت الثانية في ظهره وقتلت الثالثة زميلته  ومن جانبه اعتمد مجلس الامن الدولي بيانا يدين بشدة اغتيال الصحفية الفلسطينية والتي لاقت مصرعها برصاصة احد قناصة جيش الاحتلال ولقد كان لموقف الشرطة الاسرائيلية وهي تهاجم من يحملون نعش شيرين أبو عاقلة ردود فعل غاضبة وفي حديثها قالت المتحدثة بإسم البيت الابيض جينساكي ان العنف شوه ما كان ينبغي ان يكون حدثا سلميا ومن ناحيته اعرب الاتحاد الاوروبي عن شعوره بالصدمة لموقف القوات الاسرائيلية من مشيعي جنازة ابو عاقلة ووصف المتحدث بإسم وزارة الخارجية المصرية احمد حافظ بأن تلك الاعتداءات غير مقبولة وغير مبررة اذ انها تؤدي الي زيادة الاحتقان ومن جهتها ادانت قطر وقناة الجزيرة سلوك الشرطة خلال الجنازة ولقد اتهمت قناة الجزيرة التي كانت تعمل المجني عليها مراسلة فيها ان القوات الاسرائيلية عمدت الي مقتلها ولقد كان لخبر قتل ابو عاقلة ردود فعل واسعة النطاق فيما نظم صحفيون ونشطاء في تونس والاردن والعراق ولبنان احتجاجات واعتصامات تندد بقتلها ولم تكن شيرين ابو عاقلة حديثة العهد بهذا المجال اذ انها كانت صاحبة شعبية جارفة ومنذ انضمام شيرين الي قناة الجزيرة في عام ١٩٩٧ وهي تخطو خطوات واثقة كانت تنبئ بمولد نجمة في مضمار الصحافة العربية وفي الجانب الآخر كانت السلطات الاسرائيلية تحسب لوجودها الف حساب وحساب بل كان الجنود الاسرائيليون يقلدون كلامها من خلال مكبرات الصوت ولقد كانت شيرين ابو عاقلة دائما في قلب الاحداث الدائرة بين جيش الاحتلال والشعب الفلسطيني الاعزل  ورغم كل الاحداث الجسيمة والمواقف الخطيرة التي كانت  تضع فيها حياتها علي كفيها لم تكن يوما تظهر الا والابتسامة تملأ وجهها ولم تكن تغطيتها الاخيرة بمخيم جنين في الضفة الغربية هي الاولي من نوعها اذ سبق لها تغطيات مماثلة من قبل ٢٠ عاما وفي الوقت الذي كانت تجتهد لنقل كل ما يحدث من انتهاكات للجيش الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بجنين اصبحت ابو عاقلة هي الخبر الرئيسي الذي يتصدر كل عناوين الصحافة العالميه  وأشارت احصائيات مرصد اليونسكو للصحفيين المغتالين الي حدوث 79 عملية قتل طالت الصحفيين ما بين 2020حتى منتصف 2021 من بين 1452 جريمة تم رصدها منذ عام 1993 وتعتبر ابو عاقله الصحفية العربية الوحيدة التي سمحت لها السلطات الاسرائيليه  بالدخول لاحد سجنها حيث سمح لها بدخول سجن عسقلان عام 2005 واجراء مقابلات لها مع المساجين  الذين  صدر بحقهم أحكام طويله من قبل محاكم جيش الاحتلال و بمقتل الصحفيه شرين أبو عاقله تكون اسرائيل بذلك قد أغلقت احدى صفحات الكفاح تلك التي استمرت قرابة ربع قرن الا ان عليها ان تعلم ان للقصة باقية .بالتأكيد لن تكون أبو عاقلة أحدى بطلاتها الا انها وبكل تأكيد ستظل  احد رموز النضال في وجه هذا العدو الغاشم .