د.إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : دروس حارس العدل

د.إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : دروس حارس العدل
د.إبراهيم خليل إبراهيم يكتب :  دروس حارس العدل
العدل أساس الملك وقضاء مصر الشامخ نعتز به ونجله ونقدره وقد توقفت بالإجلال والتقدير والإعجاب للرسائل الهامة التي وجهها القاضي المستشار بهاء الدين خيرت المري رئيس الدائرة الرابعة بمحكمة جنايات المنصورة الذي ينظر الجناية رقم ١١٤٠٩ لسنة ٢٠٢٢ جنايات قسم أول المنصورة بمحافظة الدقهلية والمتهم فيها الطالب محمد عادل محمد إسماعيل بقتل المجني عليها نيرة أشرف ابنة المحلة الكبرى وطالبة كلية الأداب جامعة المنصورة حيث قتلها أمام الجامعة ٠
قال المستشار بهاء الدين المري كلمة المحكمة قبل الحكم في قضية طالبة جامعة المنصورة :
قبلَ النُطقِ بما انتهـت إليهِ المُداولة تُقدمْ المَحكمةُ بكلمَةٍ إلى المجتمعْ تَـراها في هذا المَقامِ واجبة : ( دُنيا مُقـبلةٌ بزخَارفِها وإنسانٌ مُتكالبٌ على مَفاتِنها ٠٠ ماديةٌ سَيطرَت فاستلبَت العُقولَ وصارَ الإنسانُ آلة ٠٠ يَـقينٌ غابَ وباطلٌ بالـزَّيف يَحيَا وتَفاهاتٌ بالجَهر تَتواتَـر وبَيتٌ غابَ لسببٍ أو لآخر والمؤنسِاتُ الغالياتُ صِرن في نظر المَوتُورينَ سِلعة والقواريرُ فَـواخير ونَـفـسٌ تَـدثـَرت بـرداءِ حُـبٍ زائفٍ مَكذوب ٠٠ تأثرت بثقافةِ عَـصر اختَـلطت فيه المَفاهيم ٠٠ الـرغبةُ صَارت حُبًا والقتلُ لأجلهِ انتصارًا والانتقامٌ شَجاعةً والجُرأةَ على قِـيَم المُجتمع وفُحشِ القَـولِ والعلاقاتُ المُحـرَّمةُ تُسمَّى حُـريةً مَكفولة ٠٠ ومن هذا الرَّحم وُلدَ جَنينًا مُشوَهًا.  
وَقُـودُ الأمَّةِ صارَ حَطبَها ٠٠ باتَ النشءُ ضَحيةَ قُــدوةٍ مُشوهة وثقافاتٍ مَسمُوعةٍ ومَرئيٍّةٍ ومقروءة هذا هو حالُها. 
ومن فَـرْطِ شُـيوعهِ واعتباره من قبلِ كثيرين كشفًا لواقع زُيِّـنَ لهم فَـرأَوهُ حَسنًا فكان جُـرمِ اليوم له نِتاجَا.  
 أفَـتذهبُ نَـفسُنا عليهم حسَـرات؟! إنَّ هذا الخَللَ إنْ لم نأخذ على أيدي المَوتورينَ ومُروِّجيهِ استفحَلَ ضَرَرُه وعَـزَّ اتقاءُ شَـرِّه واتسَع الـرَّتقُ على الـراتق. 
 ولكلِّ ما تَقدمَ تُطلِـقُ المَحكمةُ صَيحَة : يَا كُلَّ فِـئاتِ المُجتمعِ لابُـدَّ مِن وَقفَـة ٠٠ يا كُلَّ مَن يَقْـدرُ على فِعلِ شَيءٍ هَلُمُوا ٠٠اِعقدوا مَحكمةَ صُلحٍ كُبرَى بين قُـوَى الإنسانِ المُتابينةْ لنُنَـمِّيَ فيهِ أجـملَ ما فيه.       
 أعيدُوا النَشءَ المُلتوي إلى حَظيرةِ الإنسانية ٠٠ عَلِموهُم أنَّ الحبَّ قَـرينُ السلامْ ٠٠ قَـرينُ السَكينةِ والأمانْ لا يَجتمعُ أبدًا بالقتلِ وسَفكِ الدماء.
أنَّ الحبَّ ريحٌ من الجَنةِ وليس وَهَجًأ من الجَحيم ٠٠ لا تُشوهوا القُـدوةَ في مَعناها فـتَنحلَّ الأخلاقْ ٠٠ عَظِمُوها تَنهضُ الأمَّة.  
 هكذا يكونُ التناولَ، بالتربيةِ ٠٠بالموعظةِ الحَسنَةِ بالثقافةِ بالفَـنِون بمنهجٍ تكونُ الوَسَطَيةُ وسيلتَه والتَسامُحُ صِفتَه والـرُشدُ غايَتَه. 
 وإلى الآباء والأمهات نقول : لا تُضيِّعوا من تَعُـولون ٠٠ صَاحِبُوهم ٠٠ ناقِـشُوهُم ٠٠ غُوصُوا في تفكيرهم ٠٠ لا تتركُوهُم لأوهامِهم. اغـرسُوا فيهم القِـيَم. 
 وإلى القاتلِ نقول : جـئتَ بفعلٍ خَسيس هــزَّ أرضًا طيبةً أَسَرَت لويس ٠٠ أَهـرَقتَ دَمًا طاهرًا بطعَـناتِ غَـدرٍ جَـريئة ٠٠ ذبَحتَ الإنسانيةَ كلها يومَ أنْ ذبَحَتَ ضَحيةً بريئة. 
إنَّ مَثَلَكَ كمَثلِ نَـبتٍ سامٍ في أرضٍ طيبة كُلما عَاجَلَهُ القَطعُ قبلَ أن يَمتدَ كان خيرًا للناسِ وللأرضِ التي نَـبتَ فيها.
 ونعودُ إلى الدعوى : 
 بعد مُطالعة الأوراقِ وسماع المرافعةِ الشفويةِ والمُداولةْ فقد اطمأنَّ وجدانُ المحكمةِ تمامَ الاطمئنانِ وبالإجماع إلى إعمالِ نصِّ الفقرةِ الثانيةِ من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية.
لذلك قررت المحكمةُ إرسالَ أوراقِ القضيةِ إلى فضيلةِ مفتي الجمهورية لأخذ الرأي في إنزالِ عقوبة الإعدام بالمتهم وحددت للنطق بالحكمِ جلسة يوم الأربعاء الموافق السادس من شهر يولية 2022 ).
بقى أن تعرف عزيزي القارىء أن المستشار بهاء الدين المري عضو اتحاد كتاب مصر فتحية إلى حضرته وإلى هيئة المحكمة والمستشار حماده الصاوي النائب العام وإلى القضاء المصري العظيم وصدق الله العظيم حيث قال في كتابه الحكيم ( ولكم في القصاص حياة ) ٠