إبراهيم الديب يكتب : حوار مع صديقي الغاضب

إبراهيم الديب يكتب : حوار مع صديقي الغاضب
إبراهيم الديب يكتب : حوار مع صديقي الغاضب
اتصل بي صديق هل لديك وقت لتناول قهوة سويا ،؟فكانت الإجابة: بنعم لم يتأخر في الحضور ، وبعد تناول القهوة سألته  ماذا بك ولماذا  أنت غاضب بهذا الشكل ؟ قال:
- بعض أصدقائي الذين كنت أفضي لهم مكنون نفسي واعتبرهم المقربين لي ،وكنت أظن أن نجاح أيا منها  في مجاله يسعد الآخرين، فقد اكتشفت عكس ذلك تماماً، و بأنني كنت  مخطئا في تصوري لهم وتقديري للأمور، فلم أشعر أنهم سعداء بما حققته يوماً في مجال عملي في الفترة الماضية، فلم يهنئني أحد وما أحزنني أني انتظرت ذلك منهم وكنت اعتبره واجبا عليهم القيام به تجاهي،  ثم رمقني بنظرة ليرى أثر حديثه على ملامح وجهي فوجدني غير مبال  كأني لم أسمع  منه ،أو هو لم يقل شيئا ذا بال ورسمت الدهشة على وجهه قبل أن يقول يبدو أنك لم تندهش أو تعتبر ما سقته اليك من حديث من أمر أصدقائي أمرا عاديا:
- قلت:
- بالفعل هذا بالنسبة لي أمر عادي ، فأنا أعرف أصدقائك فقد جمعتكم صفات  وطبقة اجتماعية، وظروف مادية مشتركة فجعلتكم كما الكتلة الواحدة فأنتم تقتسمون الفقر وخمول الذكر وعدم تحقيق شيئا ذا بال يميز أحدكم عن صاحبه فلم تمتحن النفوس بعد، أما في الفترة الأخيرة التي تميزت فيها عنهم وحققت مالم يحققه أحد منهم فأنت بسعيك ومجهودك  أثبت تفوقا في مجالك ، وهم في حالة سكون محلك سر: لم يتقدم أحداً منهم خطوة واحدة لتحقيق مأرب كما فعلت ، فمن الطبيعي بما أنهم بشر بأن تشعر النفس الإنسانية بالغيرة, اصحابك ليسوا ملائكة هذا أمر طبيعي ،لأنك وأنت تمارس حياتك واضعاً هدفاً محددا أمامك من أجل تحقيقه واثبات نفسك في نفس الوقت،و دون شعور منك ، وبغير قصد حولتهم لفشلة أو شبه عاجزين  فقال:
-  ولكني لم أقصد كلمة معنى واحدة مما ذكرته ، فلم أقصد  اتعالى على أحد منهم وكنت احثهم على العمل وعلى الاستعداد لمساعدة من يرغب في ذلك فلم أجد إذنا صاغية فقلت لصديقي الحائر بعد أن فارقته علامات الغضب:
-  سيعتزلونك بعد ذلك لتكون أنت موضوع حديثهم ،وسيكون نجاحك من وجهة نظرهم سببه ضربة حظ وأنك لا تستحقه وأنهم كانوا أجدر بالنجاح منك ويملكون أسبابه، وأكثر استحقاقا له من دون الناس جميعاً وأنت منهم، وكما أن هناك أشخاصا مثلك يقتحمون الحياة بجرأة ، يأخذون بأسباب الاشياء، هناك أيضاً مثل أصدقائك ينسبون نجاحك للحظ وأنت من على شاكلتك، ويبررون فشلهم على أنه مسألة قضاء وقدر، على فكرة أنا لست مندهشا من موقفهم معك واعتبره رد فعل غريزي فكل له الحق الدفاع عن نفسه، سيكون نصيبك منهم التجاهل التام في الأيام المقبلة، و لكل خطوة تتقدمها في المستقبل  ، أو لأي نجاح جديد تضيفه لما سبق تحقيقه في السابق، لأن ذلك يساعد على اتساع  الفجوة والمسافة فيما بينكم، فلن تسلكوا بعد الآن طريقا واحدا ، هذه طبيعة النفس البشرية وحقها أيضاً، في الدفاع عن نفسها،  لعل أحداث التاريخ تخبرنا أكثر مما ذكرته، تجاه كل: فرد متميز يبرز من بين الاشباه ، سيحزنهم نجاحك مثل ما تسعد به أنت ،على فكرة عليك الآن بعد هذا التصرف منهم تجاه شخصك، وتجاهلهم لنجاحك أن تشعر بالسعادة لأنك على الطريق الصحيح بالفعل، فمشاعرهم السلبية لشخصك وتهميشهم لكل ما تقوم به هو شهادة لنجاحك واكبر اعتراف انتزعته منهم يتمثل في صمتهم، لن اطلب منك الابتعاد عنهم أو قطع علاقتك بهم، بل ما أنصحك به الآن هو أن تمارس حياتك كما أنت لا تأبه برأي أحد فيك ، وأكثر من ذلك أن لا تنتظر من أحد شيئا من تحفيز أو اعتراف بنجاح،  لأنهم بهذا السلوك ببساطة متصالحون مع أنفسهم كما أنك في توافق تام مع نفسك فقال صديقي الهادئ بعد أن زالت علامات الحيرة من على وجهه:
- اتنين قهوة بسرعة فليس لدي وقت..