أبو الغيط زيان يكتب : الوطنية ما بين الحقيقة والسراب

أبو الغيط زيان يكتب : الوطنية ما بين الحقيقة والسراب
أبو الغيط زيان يكتب : الوطنية ما بين الحقيقة والسراب
حينما يحلق الطير من مسكنه وموطنه الأصلي الذي يعيش، ويسكن فيه فوق عشش  الحياة المليئة بالأحداث، والمغامرات  إلى رحلة السفر البعيدة   ليبحث فيها  طوال رحلته السعيدة عن موائد للطعام ليطعم بها  أولاده الصغار وأسرته المحدودة ، فإنه حتما ولابد سوف يجئ ويحن  له وقت  الرجوع من تلك الرحلة الشاقة إلى موطنه ومسكنه الأصلي الذي تركه من أجل لقمة الحياة ،وحينما يظهر قمر الليل المضيئ فى وسط الظلام الدامس لينور لنا طريق الهداية ،والرؤية للوصول إلى ما نريد ،وتحقيق ما نحلم به جميعاً فإنه سريعا و قبل بزوغ النهار يرحل هذا القمر ويعود إلى مكانه وهذه" قدرة الله سبحانه وتعالى "،وهنا تأتي الشمس المشرقة هي الآخرى لتوقد لنا شمعة التفاؤل والأمل فى صباح النهار المتجرد من كل مشاكل البشر، وهمومهم ،ليبدأ معهم هو الآخر بميلاد أحلام، وطموحات جديدة تعلق على نوافذ وأبواب المستقبل حتى نرى تلك الشمس المضيئة  هى الآخرى سريعا ما يختفى شعاعها الأصفر الحار لتعود مطيعة إلى مكانها من ناحية الغروب وهذه أيضا قدرة "الله سبحانه وتعالى "،وعلى  مسرح الدنيا و أرض  الحياة ،والدول ،والأوطان ما نرى   هؤلاء  المسافرين، والمهاجرين من بلادهم، وأوطانهم  ،تنتظرهم أمجادهم وطموحاتهم السعيدة فى بلاد الآخرين ،فيمكثون جميعهم فيها سنوات وأزمنة ،ولكن لحن الوطنية،وسيمفونية بلادهم كثيراً ما كانت تدق كل يوم على أبواب  شريط الذكريات الخاصة بهم فسريعا ما تهب عليهم دموع الحنين لأوطانهم  فيعودون إلى بلادهم ،وهنا تأتى الوطنية لتقول للجميع أنها لا تشترى ولا تباع ،لا تهان ولا تستباح ،لا تنحني  ولا تنكسر ،لا تنسى ولا تترك،لا تسلب ولا تسرق ،لا تفرق بين غني ولا فقير ،بل جاءت لتقول أنها غريزة فطرية لا تنساق وراء الأموال ،ولا تنجرف وراء الأقوال الزائفة والشعارات الكاذبة التى قتلت ودمرت الأوطان ،تأتي الوطنية لتتحدث عن نفسها قائلة أنها ( كالتراب الصلب الذي لا يعرف طين النفاق الأسود )،فهى الأحلام البسيطة على أرض الواقع ،وهى التضحية والفداء الحقيقي من أجل الشعوب ،هى الحماية القوية المدفونة داخل القلوب العظيمة ،هى الضربة القاضية للفساد ،والسيف الحر  المدمر للإرهاب ،والرمح الذي يقطع روؤس الخونة لبلادهم وأوطانهم، وشعوبهم ،تأتي الوطنية لتتحدث للعالم بأنها المحبة، والسلام الحقيقي على أرض الدول بين جميع العقائد والأديان السماوية  وليس الصورة المزيفة على وجوه المتشددين والمتعصبين،ومرضى الفكر التكفيري  للأديان ،فهى الضمير الإنساني بين البشر ،وهى الولاء والأنتماء الذي سريعا ما يجري كالدماء الطاهرة النقية داخل شرايين وعروق الشرفاء من أبناء الوطن ،فهيهات هيهات ما بين الحقيقة والسراب ،ذلك السراب الذي جعل التزييف عنواناً للنفاق ،ومحل إقامة،ومسكن،ومرقدا للرياء ،والسلب ،والسرقة ،والفوضي بين بني البشر ،الذين تركوا  بلادهم وسلبت منهم أوطانهم بسبب أفكاراً هدامة ،وعقول مخربة لأفكار شبابها فتركوا البلاد ،وهجروا العباد ،حتى ساروا على طريق طويل ،نهايته نفق مظلم ليس به من بعيد إلا ماء على سطح الطريق كلما أقترب منه اللاجئين من بلادهم وأوطانهم فما رأوه إلا سراب زائل ،وحينما أرادوا العودة ،وغلبت عليهم الحنين لأوطانهم وبلادهم تذكروا الإرهاب الأسود ،والأحتلال ،والمستعمر فرسموا لأنفسهم صورة للوطنية على شكر السراب ،حفظ الله الأوطان .