د.بهي الدين مرسي يكتب : تأملايه: ثقافة الإعلان لدى المصريين

د.بهي الدين مرسي يكتب : تأملايه: ثقافة الإعلان لدى المصريين
د.بهي الدين مرسي يكتب : تأملايه: ثقافة الإعلان لدى المصريين
 
 
لا أدري لماذا لم تستفد صناعة الإعلان في الميديا المصرية من خبرة أساتذة الإعلام وعلماء التسويق والفنون الجميلة وجهابذة الاخراج في اتباع المنهج العلمي لصياغة الإعلان.
المدقق في الاعلانات السلعية او الخدمية المصرية يكتشف ان معظمها يركز على مخاطبة غرائز المشاهد الحسية مثل الاغراء البصري بمشاهد الفتيات الراقصات، او رص عشرات الاطباق على المائدة لخامات الطهي، او الخطاب المسموع بعبارات الشفقة والاستجداء مثل اعلانات التبرع، او حتى إثارة الغرائز كما في اعلانات القطن المصري.
صناعة الإعلان في مصر يقوم عليها هواه لا يفهمون طبيعة المنتج، ولا طبيعة السوق ولا العميل المستهدف.
الإعلان المصري لا يفرّق بين صاحب القدرة الشرائية وصاحب القرار الشرائي وهما ليس بالضرورة نفس الشخص:
1- صاحب القدرة الشرائية هو الطرف الحائز على المال او يملك وسيلة الشراء سواء كان المرتب او امكانية التقسيط عن طريق العمل او امكانية الحصول على القرض.
2- صاحب القرار الشرائي، وهو الذي يقرر شراء المنتج ويقنع صاحب القدرة الشرائية باتمام عملية الشراء. طبعا من الممكن ان يكون صاحب القرار الشرائي هو الزوجة، او الاطفال اذا تعلق الامر بافضلية مطعم او مكان للعب.
اذن، يجب ان يستهدف الاعلان صاحب القرار الشرائي وليس صاحب القدرة الشرائية. في اعلانات دور المسنين ورعاية العجزة، لا يجدى توجيه الإعلان للنزلاء المحتملين، بل لذويهم.
بعض الاعلانات التي تخص السلع الوسيطة لا تفرق بين الزبون والمستهلك، فعندما تروج شركة الدواء لعقار يجب ان تخاطب الطبيب (الزبون) وهو صاحب الوصاية او النصح للمريض (المستهلك) الذي سيبتاع الدواء، وطبعا لا جدوى من الاعلان عن جهاز الرنين المغناطيسي لدى المريض، فالبرغم من انه المستهلك، الا ان هناك زبونا لهذا الجهاز وهو الطبيب الذي يوجه باختيار هذه التقنية تحديدا.
النهم الشرائي:
هو خلق حالة العوز لدى العميل "المحتمل" او العميل الكامن وتحويله الى عميل حقيقي، واوضح مثال هو تحريك غريزة الجوع لك اثناء التسوق لتبتاع طعاما او اطعمة لم تكن بحاجة اليها قبل دقائق، وتتم هذه اللعبة في المتاجر الكبرى بتوصيل عادم فرن المخبوزات مع التكييف المركزى، فتنساب رائحة المخبوزات التى تحرك وفق الانعكاس الشرطي غريزة الجوع لدى المتسكع بالمحل، ومعها يتحول مزاج المتبضع الى ما يعرف بالنهم الشرائي.
لا تتسوق وانت جائع، فستقع فريسة للنهم الشرائي وتبتاع اصنافا واشياء قد لا تحتاجها.
يعتمد سوق الاعلان في مصر على عدم دراية المستهلك بخصائص السلعة، ومواصفاتها، والفرق كبير:
١- خصائص السلعة (Specifications) هي سمات المنتج التي تحدد وظيفته وملائمة الوظيفة للاستخدام، فثلاجة التبريد المنزلية المستخدمة للخضروات والفاكهة والمشروبات والعصائر حرارتها 10 مئوية وتضمن نسبة تشبع بالرطوبة هي التي تجعل الخضروات تحتفظ بنضارتها اسبوعا كاملا، ولكنها لا تصلح لحفظ الاطعمة المطهية. 
وهناك ثلاجة الحفظ عند 5-8 مئوية المخصصة لحفظ الاطعمة المطهية والادوية. 
وهناك اجهزة التبريد العميق لحفظ اللحوم والاسماك عند درجة سالب (18- 26) مئوية 
٢- مواصفات السلعة (Features)، وهي استكمالا للمثال السابق السعة الليترية للثلاحة، ترتيب الارفف والادراج، نظام التبريد بتوزيع الهواء ام بالحث الحراري، مع خاصية مانع الثلج ام بمذيب الثلج، وغيرها من المواصفات التي يتغير معها السعر واستهلاك الطاقة. 
وازعم ان الكثيرين لا يدركون الفرق بين نوعي دهانات طلاء الجدران، وهما النوع العادي والاخر المعروف بخلوه من الرصاص Lead-free paint .
وبالرغم من فرق السعر الباهظ، الا ان فرق الخطورة بالغ ايضا، فالنوع العادي يفرض عليك طبقة من الطلاء مشبعة بعنصر الرصاص وهو ذو سمية تراكمية خاصة على الأطفال