"سعيد المتشائم " بقلم إبراهيم الديب

"سعيد المتشائم " بقلم إبراهيم الديب
"سعيد المتشائم " بقلم إبراهيم الديب
 
 
أخذت تداهم سعيد أفكار سيئة تخص مستقبله الغير واضحة معالمه، فهو مهدد بالسجن بسبب قضايا رفعت ضده من عدة دائنين له وقع لهم  شيكات على بياض ثمن أجهزة كهربائية قام بحرقها في السوق ليستثمر ثمنها بعد ذلك في عدة مشاريع مضمونه الربح مائة في المائة ثم أخذ يتحسر ويندب حظه ويسب النحس الذي يلازمه دوما، لولا كساد السوق ووقف الحال، ما خسر ثمن البضاعة الأصلي وأصبح مطالبا أن يسدد مقابل الشيكات فقد جاءه أكثر من إخطار بقضايا مرفوعة ضده ... سعيد دائماً ،وأبدا لم يخطئ ولو لمرة واحدة  في السابق ، السوق هو ,والحظ النحس, دائما السبب،  فهما ملازمان له، و يتربصان به،تسمعه يقول: أنا لست أول شخص يفشل في ١٩ مشروع ، حظ والله العظيم !!، أعمل إيه يعني !! ، يدور الحديث بينه وبين نفسه، بهذا المنطق.
 لم يعد البيت مكانا آمنا للبقاء فيه، بعد أن عرف مكانه جميع دائنيه، و أصبح الآن قبل أي وقت مضى معرضا أن تأتي إلي هنا الشرطة للقبص عليه في أي وقت ،  فاتخذ قرارا بأنه لابد في التو والحال أن ينتقل لمكان آخر ، للإقامة به فترة من الوقت ,قالها لنفسه، وهو يضع أغراضه على عجل من أمره في حقيبة سفر ، ليبتعد عن البيت في هذا الوقت العصيب، حتى لا تقبض عليه الشرطة، قبل أن يوفق أوضاعه المالية المتعسرة دوماً مع الدائنين ،هي ضربة حظ فقط ، سعيد ينتظر هذه الضربة منذ أربعين عاماً, سمع طرقا على الباب، فتح سعيد فوجد رجال الشرطة، فاستدار  في لمح البصر ،وقفز من النافذة هارباً منهم بنجاح يحسد عليه، أصبح في الحديقة الخلفية الذي سقط بها من الدور الأول العلوي يبدو أنه فعل ذلك أكثر من مرّة في السابق.
 لم يتوقف عن العدو بسرعة شديدة؛ وهو في حالة يقظة، في الطريق الذي لا تسلكه عادة سيارات الشرطة، إلا نادرا، ابتعد عن البيت مسافة كبيرة, أصبح الآن في أمان نسبياً أقترب أذان الفجر، لاح من بعيد شبح سيارة لم تتضح ملامحها  جيداً بدت أقرب لمن ينظر إليها قطعة من شبورة الشتاء الكثيفة التي يخنق الضباب إضاءة مصابيحها ، فيخرج النور منها على استحياء، لوح لها بعصبية ملفته كمن يستغيث ، من أجل أن يستقلها لموقف ركاب المدينة، يبتعد بعدها بالسفر  عن المحافظة بأكملها هذه الخطة التي؛ رسمها ذهنياً أقترب من تنفيذها بنجاح ؛تحت جنح الليل، توفقت السيارة  الشبح اكتشف سعيد أنها سيارة الشرطة، التي كان جميع أفرادها عنده في البيت قبل قليل ،نادى الضابط عليه  بهدوء شديد: اطلع يا سعيد، فرد عليه وهو يصعد السيارة قائلا: والله العظيم عارف ان: حظي نحس، ما هو قليل البخت يلاقي؛ العضم في الكرشة...