مقتطف من رواية " آية صوفيا " بقلم الشاعرة والروائية وفاء بوعتور

مقتطف من رواية " آية صوفيا " بقلم الشاعرة والروائية وفاء بوعتور
مقتطف من رواية " آية صوفيا " بقلم الشاعرة والروائية وفاء بوعتور

مقتطف من رواية " آية صوفيا " :

 

نزع جاكاته السّوداء الفخمة وبنطاله المكويّ ببراعة حادّة ، في لا مبالاة ، على سجّاد وبريّ نبيذيّ الدّكنة مطروح برخاء ناعم ومميت على الأرض الصّلبة .

لحقته نفحة جسارة متأخّرة وهو يتخفّف من أسمال الحضارة المكلفة ، فواصل طقس التّعرّي في عكوف متشنّج حتّى بلغ جلده .

أكاليل الذّكورة ناضجة ومستوية داخل قشرتها التّبنيّة اللّافحة . والدّودة العارية الضّخمة لم تعد تشبه دودة أخيها عمر حين كانت تسترق إليه نظرات فضوليّة وامضة من خرم باب الحمّام وهو يحتفي ككلّ العظماء الصّغار باندلاق الماء البارد ، ولزاجة الشّامبو الخبيث وهو يتناسل سلاسلا من جبال الرّغوة الفائرة المتراكمة على جسمه الباشّ .

تذكر جيّدا ملمح الدّودة العارية الصّغيرة حين ضجّ بيتهم العتيق المتلفّع بجنان الخوخ ، واللّوز ، والصّمت الاعتياديّ بجحافل الخلق الملوّنة تهنّئ والديها على خطب بدا جللا وفي غاية التكتّم والإثارة . فطربوش عمر الوبريّ الأحمر المدبّس بذيل السّمكة المجفّفة ، والودعة اللاّمعة ، والعملة النّحاسيّة المثقوبة قد انتفخ بالقطع النّقديّة البيض التّي غصّه بها الزّوار الوافدون . كانت ثروة مخيفة تكفي لشراء درّاجة بثلاث عجلات ومزمار سمين . لكن عمر لم يسرّ . ولم يتمكّن حتّى من عدّ كنزه المضيء . فلحمته الرّهيفة ملفوفة في ضمّادات عملاقة مخضّلة بالدّم الممتقع وعبق الأدوية التّطهيريّة المسكرة .

كانت النّساء تذعر في زغاريد مشوّشة من خلال السّتائر المرتعشة في أعماق القيلولة . وحسب التّحرّيات التّي تمّ جنيها من أطفال الحواري المجاورة الأكبر سنّا وفهلوة ، فالمسألة ترتبط بتلك اللّحمة المباركة التّي يبريها عمّي "الطهّار "، ويقدّد جلدتها النّجسة المقصوصة فتصير قلما سحريّا جميلا يرسم به عمر أحلامه الكبيرة .