وعد جرجس يكتب : أدونيس بقلمي وشهادة كبيرة منه للتاريخ

وعد جرجس يكتب : أدونيس بقلمي وشهادة كبيرة منه للتاريخ
وعد جرجس يكتب : أدونيس بقلمي وشهادة كبيرة منه للتاريخ
 
 
 
أدونيس الجميل من أنت !؟
لقد كان هذا السؤال الذي طرحته على عملاق عظيمِ القدر والفكر والروح والقيمة والمقام وأنا أعيد تصفُّح ما مسحت من أفكاره الجميلة في ذاكرتي المنهكة الصّامدة ممحاة الزّمن الطويل الأرعن الذي استحوذ على أكثر من ثمانية عشر عامٍ من عمري الذي لاأعرف متى سينتهي ومتى سيبدأ من جديد كنت حينها في المرحلة الأعداديّة والصف التّاسع بالتّحديد تلك الفتاة المفكرة الباحثة العاشقة لاكتشاف كل ماهو جديد عليّ وغير مُكتشف بالنسبة لي في دُنيا الفكر والأدب والشعر والفلسفة فتراني لاأفارقُ رفوف المكتبة المدرسية المكتظة بمختلف أنواع الكتب والدواوين فمن نجيب محفوظ إلى أدونيس إلى نزار إلى جبران فلا ألبث أن أنتهي من قراءة كتاب حتى أركض لا هثةً لانتقاء الكتاب التالي حتى أصابني هوس القراءة فما عدت أعير اهتماماً للمنهاج الدراسي المقرر ولا للسنة التي شارفت على الانتهاء وأنا في عالمٍ آخر تماماً حتى أتى ذاك الصباح الذي وقفت فيه أمينة المكتبة في وجهي قائلةً أنت ممنوعة من الدخول إلى المكتبة لقد أكلت الكتب ها هنا وتوقيعك الجميل ملأ سجل الاستعارة بينما منهاجك الدراسي أكاد أجزم أنك متبرئة منه تماماً (وكأنها كانت تعلم مافي نفسي !) وكأنها في تلك اللحظة التقطت قلبي بيدها وعصرته بكل قوتها فشعرت أنّهُ لم يتبقى به قطرة دم واحدة وأدرت ظهري خائبةً وروحي تود الرجوع ومحايلتها لاستعارة كتاب جديدٍ بأي طريقةٍ فتجرَّأت واستدرت إليها متقدّمةً ببضعٍ خطواتٍ حذرة ومتناسقة جداً لأقول لها كتاب أخير لأدونيس أرجوكِ اختاريه أنت لي فردت علي قائلةً أدونيس وجبران لن يحضرا الفحص النهائي وينجحا بدلاً عنكِ اذهبي وذاكري لكنها لم تكُن تدرِي أنَّ الزمن سيمرُّ وسألتقي بأحد هذه الأسماء العظيمة وأُهدى بكلماتهِ وشهادته الكبيرة بي نجاحاً أكبر من الذي حثَّتني على الوصول إليه هي في ذلك الوقت ومابعده أيضاً .
مساء الثاني عشر من شباط /فبراير يلفتني ما قام بنشره أحد الأصدقاء الأعزاء في خاصية الستوري أو اليوميات لديه على حساب فيسبوك ويدعى أديب حميد وهو شاعر شاب يهتم دوماً بنشر كل مايخص الشاعر والمفكر الكبير أدونيس بل هو حقيقةً وصدقاً وهذا ما لمسته من الحديث معه لاحقاً أنه يعشق إنساناً يسمَّى أدونيس فلفتني عنوان كتاب جديد بدا وكأنه قد صدر حديثاً للأستاذ الكبير يدعى أدونيادا فتركت تعليقاً عفوياً خرج بشكلٍ تلقائيٍّ لإعجابي الشديد بهذا العنوان قائلةً عنوان مثير ليتني أستطيع الحصول على نسخة من هذا الكتاب ليرد علي الصديق المحترم نعم حقاً هو كذلك هل تودين أن أوصل رسالة ما لأدونيس ؟ فصعقتُ بدايةً وظننت أنه يسخر منّي فقلت له وهل تعرف أدونيس شخصياً فأجابني بنعم حينها حاولت صف بضع كلمات مليئة بالتقدير والمحبة لفكره العريق وبأنني سأسعد لو حظيت بنسخة من الكتاب مع توقيعه لو نلت شرف الالتقاء به شخصياً يوماً ما معرفة عن نفسي بأنني شاعرة وكاتبة سورية وأنا في حالة شكٍّ في الموضوع كلّه لأتفاجاً صباحاً برسالة من أديب فحواها أن أدونيس طلب رقمي للتواصل معي عبر الواتس وهنا كانت الفرحة الكبيرة والرعب الحقيقي من هذا التواضع المخيف في ذات الآن فأرسلت رقمي له وأخذت رقمه أيضاً وجلست منتظرة اتصاله مرَّ أسبوع كاملٌ ولم يتّصل وأنا منشغلةٌ في خضم المعارك الحياتية اليومية مع طفلتّي والمسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتقي لكنه لم يغب عن بالي أبداً وأنا أراقب هاتفي بين الحين والآخر وأقتنص أوقات الفراغ القليلة لدي لأسترجع قراءاتي لكتاباته وتلك الأيام الجميلة المليئة بالشغف لنهل مياه العلم والمعرفة والجمال وعادت ذاكرتي لتستحضر ماقد فات عليه مايقارب الثمانية عشر عاماً وذلك الموقف الذي حصل مع أمينة مكتبة المدرسة فتملكني شوق ورغبةٌ جامحة للتعرف على أدونيس مرة أخرى بطريقة أعمق والبحث فيما وراء تلك الكلمات التي قرأتها في صغري وأنا أجاهد لأفهم ماكتب بمعناه المحض وفقط فسابقاً كنتُ أقرأ الكلمات والآن أنا أقرأ أدونيس بذاته بين الحرف والآخر واللا شعور يسوقه الفضول حول كينونةِ هذه الروح المتجسدة في هيكلٍ مليءٍ بالنور والطاقة الغير محدودينِ مردِّداً أدونيس من أنتَ؟! هل أنت أحد الأنبياء الذين دوّنوا تاريخهم على مزاجهم وصنعوا من أنفسهم الأسطورة التي يبتغون ولفوا حولهم المؤرخين والشعوب المتناسلة التي تردد أسماءهم بالتناوب وهم في الحقيقة ليسوا سوى أسطورة وهمية في حياة وهمية ليست سوى محض خيالٍ تبدأ بصرخةِ طفلٍ وتنتهي بزفرة تكادُ لا تُسمَعُ لتنتهي اللعبة وتعود إلى الصفر وربما ماقبلهُ أم أنت حقاً إله الشعر والفكر المتجسد في قصيدةٍ أي أنت الحق والحقيقة وما يستحق أن يكون ويبقى ويزيد في كلّ حياةٍ أكثر .. وأنا أعيد قراءته تملّكني العشق والإيمان المطلق بحقيقة هذا الفكر المسلّمة ففي كلِّ ثانيةٍ يقول أنا هو الكون والكون أنا متَّحدٌ لدرجة الانعدام ومنعدمٌ لدرجة التجلي والوجود متمرّدٌ على القيود حرٌّ كالإلهِ فلم أجد نفسي إلا وأنا مع قصيدةٍ كتبتها من وحي ماشعرتهُ وأنا أتصفحُ هذا العظيم بما تيسر لي من وقت ضئيلٍ في تلك الأيام فكانت هذه القصيدة شحنةً زادت من لهفتي لمحادثته فاستجمعت قواي وأرسلتها له على رقمه مع رسالة قصيرة فحواها التحية وأنني انتظرت محادثته مقدرة انشغالاته مع تمنياتي بأن يحدثني إن وصلته هذه الرسالة وافق ذلك في عشرين شباط /فبراير مساءً فما كان بهذا القدير إلا أن رن على هاتفي في محادثة قصيرة لم أستوعبها لصدمتي الشديدة فما أذكره أنني سألته هل أعجبتك القصيدة فضحك بكل جمال ونقاء قائلاً نعم أعجبتني لأنها لي فرددت عليه يسعدني أنها أعجبتك لكن يحزنني أنها أعجبتك فقط لأنها لك وليس لأهميتها فرد قائلاً أحتاج أن أقرأ لك المزيد لكن الرعب من رأيهِ وكبرياء البدايات فأنا. أعد نفسي في البداية مقارنة بهكذا قامة فكرية كبيرة ذلك منعني من إرسال الدواوين المطبوعة لي إليه واكتفيت بارسال قصيدتين حديثتي الكتابة واحدة تفعيلية وواحدة أخرى بعنوان فديتُ الشام كتبتها مجاراتاً في قرارة نفسي للشاعر الكبير نزار قباني في عشق دمشق وألقيتها صوتاً وصورة في أحد المهرجانات الشعرية المرئية التي ترأستها سابقاً دون الإفصاح عن غايةكتابتها تاركةً للمتلقي تقييم مستواها وذلك رغبةً منّي للإثبات لشريحة معينة أن كل عصر يستطيع أن يخلق شاعراً بأهمية من سبقه من الشعراء الكبار أي بكل بساطة إثباتاً لمستوى قدراتي الشعرية خلدت بعدها إلى النوم وأنا مخدّرة الفكرِ سعيدة وقلقة في ذات الآن لأستيقظ صباحاً وألاحق متطلبات ومسؤوليات حياتي اليومية الدائمة وبعد أن ذهبت إلى التسوق مع طفلتي وعدت إلى المنزل واضعةً كمية كبيرة من أكياس الطعام واللوازم المنزلية على الأرض و طفلتي الجميلة الشقية لاتهدأ وأنا في حالة منهكةٍ بين إخراجِ المشتريات وترتيبها وبين القطة التي تقوم بتخريب كل شيء من ورائي يرن هاتفي على الساعة العاشرة صباحاً في اليوم الموافق 21/2/2023 نظرت إلى الهاتف لأتفاجأ بأنّه أدونيس فسارعت إلى الرد دون أي تردّدٍ والعرق يتصبب من جبيني أهلاً أيها القدير لأسمع صوت موسيقى كلاسيكية جميلة قادمة إلى أذني بتناغمٍ مع صوت أدونيس وهو يلقي التحية الصباحية علي ليكمل كلامه بكل هدوءٍ وأنا أحاول أن ألتقط أنفاسي وأهدأ قدر الإمكان :قرأت ما أرسلته لي أهنّئك شاعرة بمستوى كبار الشعراء الذين مرقوا نزار قباني محمود درويش إلخ.. وفي قصيدتك فديت الشام رأيتُ نزار قباني وقد كان هذا الكبير محقاً فهذا ما وددت أنا إيصاله أصلاً فقاطعته بسعادةٍ هذه شهادة كبيرة من حضرتك لي فعاد ليكمل لغتك الشعرية العربية قوية جداً تمتلكين قوة لغة شعرية عربية لايمتلكها كبار الشعراء العرب في هذا العصر
ولكن لماذا هذا الانفصام بالشخصية لماذا تكتبين مالاتشعرين به
ولكن لماذا تكتبين مثلهم ؟!
فرددت عليه كم قصيدة قرأت لي : فأجاب هما القصيدتان اللتان ارسلتيهما لي فقلت له لدي الكثير من القصائد التي كتبتها للتعبير عني وعن كينونتي أنا أما ما قرأته أنت فهو للفت النظر وإثبات القدرات الشعرية التي امتلكها بمجاراتي كبار الشعراء العرب الذين سبقوا وليس لأنني لا أملك خطي وأسلوبي الخاص ولو بحد أدنى هذه إجابتي السريعة أما إذا رغبت بإجابة عميقة فأنا أحتاج لأن أتأمل أكثر مع نفسي .. وهذا ماكان أدونيس العزيز يدعوني إليه بطريقة غير مباشرة لأن أكون أنا حتى أكون ذاتي وتكون ذاتي الكون وهذه أروع نصيحة حصلت عليها من هذا الإنسان العظيم وأنا دائماً في حالة بحث دائم والتقاءٍ مستمر بداخلي إنما جاء هذا الكلام تأكيداً ودعماً لما أحاول أن أكونه وعاد ليكمل كلامه :اخلقي لنفسكِ خطّاً شعرياً خاصاً بك لاتكرّري من سبقوا كوني أنت لاتكتبي مالاتشعرين به لكل إنسانٍ بصمة يد تميزه عن غيره والشعر كذلك .
طبعاً لم يخلو حوارنا من تعبيري بأعجابي الشديد بما خطه قلمه في مجال الشعر والنقد والأدب فأسلوبه المتمرّد الحر الخلاق النقي الصادق مع ذاته والكون ورسالته الحياتية جعله حقاً متفرداً ومميزاً عن باقي الشعراء والكتاب الذين سبقوا سواءً شعرياً أم أدبياً كما بحت له بكل صدق عما شعرته عند قراءة قصائده ألا وهو أنه الشاعر الأهم من بين شعراء الحداثة وقد تفوق على نزار قباني وهذا برأيي الخاص والمحض بكل إصرار فالحميمية والحقيقة الذاتية المطلقة التي وجدتها في حروفه لم أجد بقدرها في قصائد نزار قباني وهو من أهم الشعراء العرب وبرغم تأثري وإعجابي الشديد بما جاده لكن أدونيس جعل الحرف مرآتاً لداخله بشفافية مرعبةكما أبديت عن إعجابي الشديد بكتابه العبقري أول الجسد آخر البحر وختمت معه قولاً الأنبياء كثر وأنت إله الشعر المتجسد في قصيدة
اتهم أدونيس من بعض الشعراء والنقاد خلال رحلته إلى السعودية ودول الخليج في الفترة التي تلت تواصلنا وبعد المحاضرات التي ألقاها هناك من أجل التنوير بالنرجسية بعد تصريحه بأنه لايوجد شاعر عربي حديث قدم ما هو جديد للشعر والأدب يعني بهذا المعنى بعده بغض النظر عن قوة هذا التصريح وإلى أي درجة يستطيع العالم المحيط تقبله في الوقت الذي يجاهد بعض الشعراء لرفع راية الشعر عالياً عن صدق ومسؤوليةٍ حقيقة وتقديم حقاً ماهو جديد إلا أنني أرى أن
هناك فرق كبير بين الإيمان بنفسك وحجم استحقاقك وبين أن تكون نرجسياً أنا لا أرى أدونيس نرجسياً بل مدركاً لقيمة فكرته الحقيقية فهو سكب كل مياه حقيقته في كأس الشِّعرِ تعرّى بكل شجاعة ولم يخشى إظهار نفسه كما هي قرأت شعره وآمنت به حدَّ الألوهية الشعريّةِ لأنه كان حقيقياً وفقط . قال لي يوماً كوني فقط انت لاتكتبي مثلهم ذات العبارات ذات المواضيع ذات الأسلوب وقد صدق وأنا أعتقد أن ماصرح به يصب في ذات فكرة التكرار والتقليد والبرمجة الشعرية المستنسخة بين غالبية الشعراء والمتوارثة فيما بينهم لا أعتقد أنه أغمض عينيه عن الآخر بقدر ما أنه أراد أن يعبر عن شعوره بالخيبة لعدم رؤية ما سعى ثائراً طامحاً لرؤيته متجسداً جليّاً في عالم الشعر المنشود بداخله على مساحات الشعر العربي الحديث فهناك وقتٌ يصل فيه المفكر الحقيقي لتقديس الفكرة البناءة لتكون له رسالةً حقيقية في الحياة يسعى جاهداً لأن يتم تبنيهاعلى أرض الواقع بأكبر قدر وأوسع نطاقٍ وليس تقديساً لنفسه هو ومن هذا المنطلق أكرر أن أدونيس لم يلغ الآخر بتصريحه بل بحث عن الذات الشعرية الحقيقية المنشودة في الآخر التي يجب أن تكون في كل شاعر ولا يشبه أحدها الآخر راجياً أن يجدها لكنه لم يجدها بالقدر الذي اشتهى ختاماً أقول : أدونيس كم يجب على الشاعر العربي بالتحديد أن يكون صادقاً ليصل إلى حقيقته المطلقة ويكتب بجلده ونفَسِهِ عارياً من ثياب التقمص والتناقض بين الداخل والخارج كما خلقته القصيدة وفقط ! يحتاج عالمنا العربي لبعضٍ من الوقت وإلى ذلك الحين وإلى مابعده تبقى فكرتك الحرّة سيّدة الموقف!
أما ما سأقوله عن نفسي أنني أثبت في مكان أو قصيدة ما كمن ومن ومن أستطيع أن أكون أما الآيام فستثبت من أنا سأكون !
كان هذا العملاق الكبير أدونيس وهذه كانت قصيدتي المهداة له للمرة الثانية شاكرة له نقاء وعظمة روحه وتواضعه متمنية له دوام الصحة والنجاح وإتمام رسالته الحياتية على أكمل وجه والشكر من القلب للشاعر والصديق الشاب أديب حميد لأنه كان السبب الجميل لهذا التواصل أما الآن فأترككم مع القصيدة :
 
أدُنيس
 
أدُنِيْسُ ياروحَ التُّرابِ
أيا حروفَاً سرمدِيّهْ
ما إنْ شَهَقتُكَ إذ وُلِدتُ
حَلَلْتَ بيْ وَغَدوْتُ حَيَّهْ
 
ياسيْفَ فكرٍشقَّ صدْرَ
الجَهْلِ مُغتالاً دَوِيَّهْ
تحيَا بجسْمِ الأرضِ لنْ تفنَىْ
لأنَّكَ في حشَاهَا جُلْتَ
تخشَاْكَ المنيَّهْ
جسدٌ تلاهُ الشِّعرُ آياتٍ
فقدَّسْنَا رويَّهْ
 
مظلوْمُ حرفٍ أنتَ كيفَ
لهَمْ تجاهُلُ معجزاتِكَ
لسْتَ للمعنَىْ نبيَّا
شهِدَتْ ألوهتَكَ القصيدَةُ
في عيونِ المجدليَّهْ
 
جسدٌ طغَىْ عشقَاً سرَىْ
لاموْتَ يدرِكُهُ فَفِيْهِ الكونُ
يجتاحُ الملامِحَ والخليَّهْ
 
يا مَنْ لمحتُهُ جالسَاً
وسَطَ التفاصيْلِ الخفيَّهْ
كالنَّارِ كالنَّورِ المقدَّسِ فِكرةً
فغدَتْ جَليَّهْ
 
ولمحتُ طفلاً مفعَمَاً بالحبِّ يحكِيْ
عَنْ أبيهِ بشهوةِ الشَّوقِ الفتيِّهْ
ويضمُّ طيفَهُ في ثقوْبِ عباءةٍ شتويَّةٍ
ويعانِقُ السُّحْبَ النَّديَّهْ
ويقدِّسُ الطّينَ الذيْ
في جبهَةِ الرّجلِ الأبيَّهْ
وأراهُ فيهِ بدَا هُدَىً
ويراهُ نجمَاً في ثُريَّا
 
دَعنِي أيا كلَّ الجمَالِ أُزَجُّ فيْكَ بِلاْ قضيّهْ
فأنا سليلَةُ دمعِكَ المهدوْرِ
والفِكرِ المخضَّبِ بالهويَّهْ
والشِّعرُ مَاؤُهُ مُهلكٌ وبخبزِهِ جوعٌ
أبَى إشباعَ آهاتي الشقيَّهْ
والشِّعْرُ نفسِيَ صرخَتِيْ
وصدىً يزلزِلُنِي ويرمينِي بقيَّهْ
بَلْ قاتِليْ يأتي إليَّ ممزِّقاً
والحَرْفُ في كفَّيْهِ ذبّاحٌ ودِيَّهْ
 
دعنِي أعانقُ فكرَكَ المجنونَ عانِقْ
فكرتِي الحرَّة الغنيَّهْ
فبكَ الجذورُ لما يعيشُ بداخليْ
وبيَ الكمالُ لمَا سيولَدُ لاحقَاً
وأنا وأنتَ وشِعرُنَا طفْلانِ
من ذاتَ الضحيَّهْ
 
أدُنيسُ يا سِرَّ الحكايَةِ
كلِّهَا والأبجديَّهْ..