د.مريم المهدي تكتب : مصر المجهدة ... ومسار ما بعد الانتخابات الرئاسية 2024 ؟

د.مريم المهدي تكتب : مصر المجهدة ... ومسار ما بعد الانتخابات الرئاسية 2024 ؟
د.مريم المهدي تكتب : مصر المجهدة ... ومسار ما بعد الانتخابات الرئاسية 2024 ؟
كيف سيكون حال مصر المجهدة عند لحظة فتح باب الترشح وفي أثناء العملية الانتخابية , وعند حلف الرئيس الحالي او الجديد لليمين , لبدء ولايته التي ستستمر لست سنوات قادمة , من هنا لابد من السؤال هل نصل سالمين إلى لحظة الانتخابات الرئاسية المتوقع أن تبدأ بعد ثمانية أشهر من الآن بعد أن نال الإنهاك من مصر كلها كدولة ونظام اقتصادي وسياسي ومجتمعي . وما هو المسار المنشود لمستقبل مصر بعد الانتخابات في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي دفع ثمنها المصريين البسطاء ؟ .
 
اولا : ما يئن المصريين منه  الآن :
ادي تخفيض قيمة العملة نتيجة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في 2016 إلى زيادة نسب الفقر بين المصريين بحوالي 5% تقريبا اذ انها ارتفع من 8 .27% الى .5 32% بما يعني وقوع خمسة مليون مصري تقريبا في براثن الفقر والتي انتهت أحدث دراسة عن كيف يعيش الفقراء في ظل الغلاء ؟ إلى أن الفئات الأكثر فقرا هي التي تتأثر بارتفاع الأسعار ليس فقط لقلة دخلهم المادي ولكن لان اكثر السلع ارتفاعا للأسعار هي السلع الغذائية والتي وصلت نسبة زيادتها إلى 61.5 % , في فبراير الماضي وهي التي قادت زيادة المؤشر العام للاسعار الاستهلاكية, وشهدت معظم المنتجات الغذائية الرئيسية زيادة كبيرة على رأسها الحبوب والزيوت والخبز واللحوم والدواجن والألبان ومنتجاتها والبيض .
 
الاقتصار على ذكر ما آل إليه حال الغذاء فقط برغم ما تشهده الاحتياجات الاساسية الاخرى من تعليم وصحة ومن زيادات كبيرة في التضخم والذي من أسبابه  تراجع قيمة الجنيه امام العملات الاخرى واهمها الدولار مما سيجعل الدولة تزيد نسبة موازنة العام القادم من مخصصات برامج الحماية الاجتماعية والدعم بنسبة 50%, وبرغم من ذلك هذا التضخم المستمر الذي أثر على حياة المصريين   سيقلل من قيمة وفاعلية أثر زيادات موازنة الدولة.
 
  ثانيا : الرئيس القادم  وأثر الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 وهو من ثلاث نقاط اساسية وهي :
* دور اكبر للقطاع الخاص ببيع مزيد من أصول الدولة المصرية وانسحاب المؤسسات التي يطلق عليها مؤسسات سيادية من الاقتصاد سعر صرف مرن ! لكن استدعي التأخر في ذلك او بالحري عدم التوافق بين مؤسسات الدولة حول هذه البنود لإدراك تداعيها على الاستقرار الداخلي الذي هو اهم ركائز نظام الدولة مما ادي ذلك الي تأجيل المراجعة الدورية التي كان يعتزم ان يقوم بها صندوق النقد الدولي في مارس الماضي , لكن المهم أن الفجوة التمويلية التي كانت بإمكانها أن تملأ فراغ . بتطبيق هذه السياسات التي باتت محل شك , مما دفع احد مؤسسات قياس المخاطر ان تغير تصنيف مصر الائتمانى من مستقر إلى سلبي , مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض , الذي يعد أحد الارتكازات الأساسية التي تعتمد عليها السياسة الاقتصادية للدولة المصرية والتي بدون شك سيكون لها تداعياتها واثارها المستقبلية بغض النظر عن من سيكون الرئيس في الست سنوات القادمة .
* أن تخفيض قيمة الجنيه المصري أدت إلى زيادة تكاليف التصنيع المحلي مما أدى إلى التراجع العميق والمستمر لنشاط الأعمال على مدار الشهور الماضية .
*  يواجه بيع الأصول المصرية عقبات كثيرة أبسطها عدم الوصول إلى سعر عادل للجنيه من قبل المشترين.   
*  ايضا هناك مؤسسات داخل الدولة المصرية غير متحمسة لهذا البيع وبهذا الشكل أيا كانت دوافعهم , انحيازا للوطنية المصرية ام دفاعا عن مصالحهم الشخصية ؟ عامة أن توفير فجوات التمويل ستكون  معضلة أمام الرئيس القادم وبالتأكيد لن يكون من بينها مزيدا من الإنفاق على المشاريع الكبرى التي ستقلص طبقا لتصريح مدير صندوق النقد الدولي في أبريل الماضي. 
   
   *الرئيس القادم سواء كان الرئيس السيسي او غيره سيواجه ضعفا وتاكل في مؤسسات الدولة :
انه الميراث التاريخي الذي حكم الدولة المصرية على مدار عقود وهو قيام مؤسساتها بالحد الأدنى من وظائفها , وخاصة الهواجس الأمنية سيطرت علي عمل المؤسسات وهو ما كان مقبول في لحظة الخطر الذي هدد مصر عام 2013 لكن استمراره وتفشيه وتحوله إلى فائض قمع وهيمنة أضعف المؤسسات , واذا كان النظام لا يملك الا القليل ليستثمره في في معالجة الازمة الاقتصادية والتخفيف من حدتها فهو ايضا علي ما يبدو لا يريد أن يستثمر ما تبقى له من موارد سياسيه مستشعرا ان فتحه باب الحرية في المجال العام مثل حرية الإعلام وإطلاق سراح المساجين المعتقلين في قضايا حرية الرأي وتعديل بعض القوانين ستكون طريقا لتكرار احداث فوضي يناير 2011 .
 
*الانتخابات الرئاسية بداية لمسار جديد ام تكرار للقديم في ظل انقسام المعارضة  : 
كما نسمع ونشاهد ونقرأ , فان الحديث بصفه يوميه حول الترتيبات النهائية لانتخابات الرئاسة المقبلة في مصر مابين تسريبات وتوقعات او مطالبات او اعلانات ترشح ولاشك ان هناك شيئا مماثلا يجري في الكواليس وخلف الأبواب سواء في المؤسسات الحكومية المعنية أو في دوائر القوى السياسية المعارضة على اختلاف أطيافها وربما ايضا بين جهات رسمية وبين أطرااف في المعارضة التي 
ستظل مستقطبة علي ذاتها بل سيزيدها الانتخابات الرئاسية انقساما حول المشاركة من عدمها , وحول المرشح الذي يحسن اختياره ومن الاولي بالتأييد منهم ؟ الخ ..  والامر الاخطر انها لا تملك تصورا بعد الانتخابات ان فازت او خسرت . 
* انه من المؤكد كما نقول مرارا وتكرارا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيترشح للفترة الرئاسية الجديدة لكن من غير المؤكد ما اذا كان هو وجهاز الدولة سيقومون بإدارة  العملية الانتخابية المقبلة  وصفها بداية مسار سياسي طويل الاجل للتحول الديمقراطي أي الانتقال إلى دولة القانون المدنية الديمقراطية مع التسليم مقدما أنها ستسفرعن فوز مريح للرئيس الحالي ؟ أم أن هذه العملية الانتخابية ستدار على غرار القديم , ويعود كل شيء بعدها الي سيرته الاولي ؟ , فلا مشاركة ولا مسائلة , ولكن انفراد بصنع السياسات , واتخاذ القرارات , وإدارة الشأن السياسي بوصفه ملفا أمنيا  فقط لا غير بحيث اعتبار حقوق الإنسان وتفعيل الرقابة البرلمانية وحرية التعبير والتنظيم ادوات لهدم الدولة وضياع الوطن كما المتبع الآن ؟؟
 
* تحويل مسار الحوار الوطني إلى مسار آخر وهو تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة :
قبل فترة قليلة أصدرت الحركة المدنية الديمقراطية بيانا, طرحت فيه ما تري أنه ضمانات وشروط , يجب توافرها حتى تتحقق نزاهة الانتخابات الرئاسية , بما يجعل المواطنين المصريين على ثقة وطمأنينة بآلية الانتخابات الوحيدة الامنة , لتحقيق إرادتهم في الاختيار الحر ولضمان التداول السلمي للسلطة , وعدم تعريض البلاد لمخاطر العنف وعدم الاستقرار. وقد طرحت الحركة في بيانها             حزمة من المعايير المتعارف عليها في جميع نظم الحكم الديمقراطية , مطالبة بتفعيلها من خلال مجموعة من الإجراءات والقوانين الملزمة , وهي في حقيقة الامر لا يختلف عليها أحد , إذا كان  الهدف هو إجراء انتخابات حرة نزيهة , دون تدخل من جهاز او مؤسسة .      
* من الاجدي والاهم للبلاد حاليا ان يتم تحويل مسار الحوار الوطني بالكامل كما صرح  ضياء رشوان رئيس مجلس الحوار الوطني, الي مسار آخر وهو تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات الرئاسية  المقبلة وفق ضوابط ومعايير يتم الاتفاق عليها بين أطرافه المعنية من سلطة ومعارضة ممثلة في الحركة المدنية الديمقراطية .وأي حديث في ملفات أخرى خارج تهيئة المناخ  لإجراء انتخابات  رئاسية  تعددية تنافسية حرة ونزيهة هو لا يجدي , وعلى الحركة المدنية وغيرها من تيارات المعارضة السياسية المؤمنة بالتعبيرالسلمي عدم الانجرار الي حوالاات لا طائل من وراءها سوي  إضاعة الوقت وخسارة الفرصة لاعداد الاستحقاق الاهم والذي قد يكون فيه حلا ومخرجا لمصر المجهدة .