أمل جمال تكتب: في رثاء الثقافة ومحبتها

أمل جمال تكتب: في رثاء الثقافة ومحبتها
أمل جمال تكتب: في رثاء الثقافة ومحبتها

فعاليات ثقافية كثيرة شاركت فيها وغيري، بأوراق وتوصيات، في جلسات وموائد مستديرة ومحاضرات.. أمل ورجاء وانتظار، والنتيجة؟ نجح المؤتمر وسقطنا نحن، هكذا في كل مرة، حبر كثير ننزفه ثم ننكفئ، لأننا ببساطة لا نقيم الأمور من مختلف اتجاهاتها، وبالتالي لا تتوفر لنا الرؤية البانورامية للمشكلات بشكل علمي يخلو من الرومانسية والعجز التي نعلق عليها فشلنا وانعزالنا عن الشارع حتى صرنا جزرًا في نسيج المجتمع وجماعات مفتتة لا يربطها هدف واحد.
 مَن منا لم تستفزه دماء الشهداء؟، مَن منا لم تُخجِل إنسانيته ألفاظ التحرش؟، مَن منا لم يتابع على الشاشة جحافل البشر الذين امتلأ بهم ميدان رابعة والنهضة ومَن قاموا ببناء حمامات عامة أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، من أين جاءت الباصات؟ مَنْ هؤلاء؟ وكيف انفجرت تلك الدانة المجتمعية فأصابتنا الشظايا؟، أمور معقدة متراكمة تداخلت فيها ثقافة العولمة مع الهجرة لبلاد النفط مع الوضع الاقتصادي مع غياب المسرح وتدهور التعليم والاحتقان السياسي منذ سنوات بعيدة، ما كان له بالغ الأثر في ضرب دور الثقافة ومؤسساتها فانزوت في ركن وانحسرت عنها الأضواء، لعلني الوحيدة التي لا تظلم الثقافة ولا تتهمها، بنفس قوة غضبي من غيابها وبنفس قدر رجائي أن تعود لتتصدر المشهد من جديد.. تحارب ونحن معها في ظل منظومة حكومية دافعة وداعمة لها، الفرق الوحيد هنا هو أن يتم التطبيق على أرض الواقع، وأن تتجه بشكل محدد إلى الفئة المستهدفة، نخاطبها بما يتناسب مع أفكارها بشكل غير صادم، ناتج من دراسة المكان والشريحة الديموجرافية التي نخاطبها ونوع المشكلة التي نتعامل معها، فعادات أهل الشمال تختلف عن عادات أهل الجنوب وقضايا المرأة غير مشكلة المخدرات وعادة الثأر غير مبدأ المواطنة.
علينا أن نسأل أنفسنا عن آليات التنفيذ ونحن نخطط، علينا أن نذهب إلى عمق المجتمع إلى القرى والنجوع والعِزب والعشوائيات ولا ننتظر منهم أن يذهبوا بأنفسهم إلى أماكن تقديم الخدمة الثقافية، ربما كان الذهاب رفاهية لا يملكون ثمنها، من هنا أنادي بوقفة جادة نغربل فيها أدواتنا وطريقة تنفيذنا، كجَراح ماهر في العلاج أو البتر إن استدعى الأمر، لدينا قصور ثقافة منتشرة في أنحاء مصر معظمها خفت أداؤه، لدينا مدارس في القرى لدينا بروتوكولات، لدينا خطط للموهوبين وعلينا أن نذهب لأداء دورنا في حرب التغيير، علينا الكثير من الواجب ولدينا الكثير من المحبة لنحقق الكثير من الأمنيات ونجبر الكثير من الأحلام لهذا الوطن.